الاسكندرية كمان وكمان ليه


لم أكتب عن المدينة الحبيبة الإسكندرية منذ فترة طويلة وقد زرتها الجمعة الماضيةوغادرتها السبت لبعض المهام..
الإسكندرية مدينة تشعرك أنك انتقلت من مكان لا تحبه إلى أمان تعشقه رغم مشاعر الاغتراب بأني أحل ضيفا على فلان وفلان، وهذا ما يكدّر الصفو، وإلا  فالجو يختلف في الإسكندرية أو كما يقول  صديقي المهندس ذكي:أشعر أني انتقلت إلى أوروبا حين تطأ قدماي الإسكندرية ..

نزلت في بيت سكندري لصديق قاهريّ عزيز على المهندس عبد المعطي إبراهيم أحبه وإذا به يبدأ فاصلا من المديح في "عيون الثغر الباسم" و" ست الحسن " الإسكندرية جوها، وأهلها التي يخيل إليك أنهم يستمتعون باللحظة فقط، ولا هموم لديهم .


لم يدرك صديقي القاهري الوافد على الإسكندرية ثقل الأعباء التي يعيشها غالب الشعب السكندري في الجري وراء لقمة العيش، ولم أحب أن أكسر خاطره الذي جبره التواجد على شاطئ "العروس" بعدما كان يأتي إلى هذا المكان مع زوجته التي رحلت عنه منذ أشهر فقط.

لقد تركت زوجته الراحلة ذكرياتها ولمساتها على أركان البيت السكندري الذي لم يتعود أن يكون فيه وحده، أحببت أن أنسيه ذكريات الفراق فصحبته إلى الشاطئ ، إلى ممشى الاسكندرية الجميل، وجدنا الزحام لا يزال يخيم على المدينة الهادئة تسبب فيه التضارب الذي أطلقته "وزارة التجهيل" هل سيبدأ العام الدراسي عقب عيد الأضحى في 11أكتوبر أم سيتأكد الموعد في20 سبتمبر .

وأمام التضارب قرر"أهل الهوى" أن يبقوا في أحضان العروس فترة إضافية، ولا مانع من اقتطاع إجازة غصب عن عين أم الحكومة من 20 سبتمبر ..إن داهمتهم أخبار أليمة ببدء الدراسة  في الموعد المجدول.

قلت لصاحبي وأنا أحاوره ـ كخبير سكندري ـ :أكثر الموجودين على الشاطئ من غير أهل الإسكندرية،قلت له ضاحكا وكان من المفترض أن يترك المصطافون شيئا لسكانها الأصليين ولكن الاحتلال ـ قاتله الله ـ لم يترك لنا حتى بقايا النسيم العليل،ضحك صديقي، واصلنا المسير صباحا على شاطئ الإسكندرية ولم نشعر بالوقت.

 واكتشفنا عشاق المدينة من أهلها،كانوا قلة أمام طوفان زوارها، يسيرون ويتكلمون ويأخذون أنفاسا عميقة  كأنهم يعوضون ما فقدوه من كتم الأنفاس النهاري القسري وما يلوثها من عادم السيارات، تعرفهم بسيماهم حيث يذهبون  إلى الشاطئ مبكرين.

 التلوث السمعي متوافر ليلا ونهارا في الإسكندرية سواء من الوافدين أو من نداء الباعة الجائلين الذين يحتلون الأرصفة منادين على ما لديهم من :تسالي، لب سوداني حمص فرسكاااااه ، ترمس ،ااالدوووره المشوي، أو إحدى البائعات التي ينقصها الحياء تقدم للمصطافين وـ للرجال بالذات ـ الملابس الداخلية النسائية  underwearبطريقة مغرية مسفّة فجة، يشيح البعض ويتحدث البعض إليها بسخافة مماثلة ليأخذ بالسعرالذي يريد هو.

ومن السخافات التي تلوث الإسكندرية السمعية البصرية  وجود الشرطة في "عز الزحام" ، فهناك دوريات متحركة وسارينة لاتعرف الصمت وأغرب الدوريات السوداء سيارتا الجيب المدرعتان والمسلحتان برشاش خفيف،يمسك به جنديّ من "القوات الخاصة بالشرطة" يضع قناعا أسودا على وجهه يثيرالاستهجان، ومستعد للضرب في المليان .

أحسست أن هناك خطرا مدلهما في المدينة يشكل تهديدا ما مثل اشباح  "ميج كابوت" في كتابه المرعب أرض الظلال تهدد سلامة المصطافين والسائحين والسياحة وبهذا الموقف المنفر يحمون أمن المكان، أو هكذا صور لي خيالي المريض.

 وبين السيارتين سيارة القيادة فيها  ضابط وأمين شرطة والسائق والنوافذ مغلقة بالزجاج؛ أكيد مكيفة مادام حضرته موجودا فيها، وتساءلت ما قيمة هذا الاستعراض السخيف وزيادة الاختناق في ذروة الاختناق ؟؟
بالطبع سوف ينتقد الكثيرون  كلامي هذا  فهو الواقع المعاش خلال نهار وليل الإسكندرية ما عدا الصباح الباكر الذي له ناسه الذين يعشقون الإسكندرية بجد، حتى"نادي المهندسين" المتاح للجميع بأجر وللمهندسين بالبطاقة تم تأجير الشاطئ  لمجموعة من المرتزقة  لجباية المال ويفتقر للنظافة والاهتمام وهو الذي كان يتميز بالخصوصية التي تليق بالمهندسين وضيوفهم .

 فبعد رسوم الدخول لغير المهندسين تجد نفسك تدفع رسوما مقاربة لرسوم الشواطئ المستأجرة ـ التي حرمت الشعب السكندري من  صورة تقليدية ـ  أن تخرج الأسرة جميعا ومعها الشمسية ويختارون مكانا ملائما، وربما سبق الأبناء إلى الشاطئ لاختيار مكان قريب من البحر، وتأتي الأسرة بعد ذلك لقضاء يوم باسم ضاحك منعش في "بحر الإسكندرية" .

رغم هموم السياسة والعمل كانا يومين رائعين وإن شابهما غم السياسة مع صديقي القاهري الذي يتنفس كلانا السياسة  ـ قاتلها الله ـ وعدت إلى القاهرة  صبيحة الأحد لقضاء يوم  طويل في "قاهرة أهلها"، في ندوة عن الإعلام والتنمية بدار الأوبرا والتي نظمها الإتحاد العربى للتنمية المستدامة والبيئة في7 سبتمبر وإن كان التواجد شكليا، واجتماع عمل .

ظننت أنني في مكان آخر من العالم ـ على غرار الإسكندرية  ـ كما أشعر حين اتنقل بالمترو المكيف سواء في الخط الثاني أو الثالث بالقاهرة وإن وجدت آثار الإهمال في سورالأوبرا ومرافقها ـ والأوبرا تعني أكبر منتدى  ثقافي في مصرـ ، وإن زحف الإهمال إلى خدماتها والشيخوخة المبكرة دبت إليها .
وننتظر منحة جديدة للمحروسة من دولة كبرى مثل ألمانيا لتنظر لمصر بعين الشفقة لترميم حرفي لآثار مصر ..









تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

الكلمات:القدسُ وعكّا نحنُ إلى يافا في غزّةَ نحنُ وقلبِ جِنين الواحدُ منّا يُزهرُ آلافا لن تَذبُل فينا ورقةُ تين ما هان الحقُّ عليكِ ولا خافَ عودتُنا إيمانٌ ويقين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا لا لا لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا لا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي كي تُشرقَ شمسُكِ فوقَ أمانينا وينامَ صغارُكِ مُبتسمين ونراكِ بخيرٍ حين تُنادينا لعمارِ بُيوتٍ وبساتين سنعيدُكِ وطناً رغم مآسينا أحراراً نشدو متّحدين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي#palestine #فلسطين

العالم روبرت غيلهم زعيم اليهود في معهد ألبرت أينشتاين، والمختص في علم الأجنة أعلن إسلامه بمجرد معرفته للحقيقة العلمية ولإعجاز القرآن