في مطلع يناير من كل عام يستحضر المسلمون ذكرى سقوط غرناطة، يستعيدون الحديث عن الفردوس المفقود بفقدان الأندلس، تلك الحاضرة الإسلامية التي أضاءت ظلمات أوروبا بقيت شواهد الأندلس تذكرنا بأننا كنا هنا، بناياتها وأزقتها وزخارفها، حدائقها ومآذنها التي تعانق السماء تسكنها أنفاس المؤذنين، غُرس حب الأندلس في وجداننا حاضرة وتاريخاً بفضل الإنتاج المعرفي الغزير والأعمال الدرامية التي تناولتها بالمعالجة، وأهمها بلا شك "ثلاثية الأندلس" للكاتب د.وليد سيف، والمخرج حاتم علي، سلسلة درامية ربطت الأجيال بهذه الحقبة التاريخية، لكن يجب أن لا ينسينا بكاؤنا الأندلس، حواضر إسلامية أخرى تنتظر من يصورها درامياً. بعد نحو ثمانية قرون أُسدل الستار على حاضرة المسلمين في الأندلس، وإن شئت فقل حاضرة الإنسانية، فهذه قرطبة جوهرة العالم، وجامعها الكبير المهيب، وهاك غرناطة وقصر الحمراء، وهناك طليطلة والزهراء وإشبيلية وبلنسية وسرقسطة ورندة، ومن قبلها "جبل طارق"، كلها تخبرك أن المسلمين مرُّوا من هنا، وهنا وُلد وعاش أمراء وعلماء أفذاذ في الطب والفلسفة والفلك والفنون، هنا تاريخ إسلامي عريق يمتدّ بين ألف قصة...