ورحل جلاد مصر شمس بدران غير مأسوف عليهغابت "شمس جلاد مصر إلى الأبد"وذهب إلى الله بما قدم (وعند الله تجتمع الخصوم ) ليس لهم من الإسلام إلا أسمائهم المشكوك في تزييفها

 




وغابت "شمس جلاد مصر إلى الأبد"وذهب إلى الله بما قدم (وعند الله تجتمع الخصوم )
ليس لهم من الإسلام إلا أسمائهم المشكوك في تزييفها أصلا..توفي صباح الإثنين، في العاصمة البريطانية لندن ،"شمس بدران" وزير حربية "جمال عبدالناصر"، جلاد مصر وطاغيتها ، وأسطورة التعذيب بها ،توفي بدران،بعد أن بلغ من العمر أرذله ، وتخطى الواحد وتسعين عاما.
مات أحد أهم أسباب هزيمة يونيو 1967، وأكبر اعمدتها ، والتي على إثرها ، تمت إحالته للمحاكمة مع عدد من العسكريين ، وسجنهم في عام 1968

إلا أن الطريقة التى غادر بها شمس بدران مصر ، لُغزا لم تفك طلاسمه إلى الآن ، حيث أفرج عنه السادات فى أول عيد نصر بعد حرب أكتوبر ، وكان اسم شمس بدران في قائمة المفرج عنهم، من أعجب الأمور ، وكان معه رجل المخابرات ، وزعيم التسجيلات الجنسية بزمن عبد الناصر"صلاح نصر"،إلا أن "شمس بدران" منحه السادات ميزة إضافية، لم يمنحها لأحد غيره ، فسمح له بمغادرة مصر إلى لندن بجواز سفر دبلوماسي .
وفي العام 1987، أعيدت محاكمة "بدران" غيابيا بتهمة تعذيب أعضاء من جماعة "الإخوان المسلمون".
وروى العديد من أعضاء الجماعة، عن تلك الفترة،أهوالاً يشيب لها الولدان،حيث نُكل بهم بأنواع من التعذيب لا تخطر على قلب بشر، بعضها كان من اختراع الفرعون الهالك ، كنهش اللحوم بواسطة الكلاب البوليسية، وهتك أعراض الرجال والنساء،بالإضافة إلى الوسائل التقليدية للتعذيب كالسياط والضرب بالعصي والصعق بالكهرباء.
ومن القصص التي تروى عن تعذيب خيرة أهل مصر وعلمائها وشيوخها وسياسييها ومعارضيها على يد الطاغية شمس بدران،أوكما سماه الشيخ كشك "رحمة الله عليه" : "ظلام الإنسان"
هي قصة الشيخ العلامة المصري والمحدث "محمد حسن الأودن" الذي عُرف عنه غزارة علمه وعمق فكره ورجاحة عقله،والذي سٌجن وعذب في سجون عبد الناصر" و "عبد الحكيم عامر" و"كمال الدين حسين" و "رشاد مهنا" و "مصطفى راغب" رجالات ثورة يوليو 1952، وهو على أبواب التسعين من عمره .

الشيخ "محمد الأودن" واحد من أكبر علماء الحديث في العالم الاسلامي، كان بيته في الأربعينات وأوائل الخمسينات مقصداً للمئات من المدنيين والعسكريين، وكبار الضباط الوطنيين أمثال البطل "أحمد عبد العزيز" قائد المتطوعين في حرب فلسطين سنة 1948، و"معروف الحضري"الذي أنقذ قوات الفالوجا من حصار اليهود كما كان يتردد على الشيخ الأودن "
وحين استولى هؤلاء الضباط على السلطة، تهلل الشيخ اعتقادا منه،أنه آن الأوان لتحقيق حلم إقامة مجتمع إسلامي!لكن الحلم الجميل أصبح كابوسا مرعبا ، فذات يوم فوجئ الشيخ باللواء"عبد الحكيم عامر"مبعوثا من جمال عبد الناصر يعرض عليه منصب شيخ الأزهر..
أدرك الشيخ في الحال أن ذلك العرض لإجباره على السير في الركاب، فرفض بإصرار، حتى قُبض عليه عام 1965ولم تكتف المباحث بسجنه وحده ولكنها اعتقلت أيضاً أولاده الأربعة! وكالعادة وجهت إليه السلطة التهمة الشائعة في ذلك الوقت "الاشتراك في تنظيم القصد منه قلب نظام الحكم واغتيال الرئيس وكافة وزرائه"وعندما أنكر الشيخ قال له شمس بدران في هدوء: قل ما شئت ولكني سأجعلك تكتب ما أريد،وطلب الشيخ من "شمس" أن يأمر رجاله بإحضار طقم أسنانه الذي نسيه في بيته فوعده شمس بذلك، وفي اليوم التالي استدعاه ليؤكد على ضرورة الاعتراف بما هو منسوب إليه، فلما رفض الشيخ مرة أخرى،أمر شمس بسحق طقم اسنانه الذي كان قد أحضره بالفعل من بيت الشيخ، وهكذا اضطر الرجل أن يبتلع الطعام طوال فترة سجنه ، ثم بدأ التعذيب،و جهز"شمس بدران طريقة جديدة للتعذيب كانت من اختراعه ،ونفذها معه ومع المستشارالهضيبي، وعدد من كبار قادة جماعة الإخوان، حيث أمر بحبس الرجل العجوز الذي تجاوز الثمانين في زنزانة واحدة مع كلب شرس مدرب على نهش لحوم البشر!
وعن المفاجأة التى لم يتوقعها "بدران" يقول الكاتب الكبير محمد عطية خميس أن شمس بدران فى اليوم التالي وكان قد توقع أن الكلب نهش لحم الشيخ، قال لأحد جنوده اذهب ونظف الحجرة من دم الشيخ فعاد الجندي والعجب يملأ وجهه فسأله بدران: ماذا حدث؟!
قال الجندى : والله لقد رأيت عجبا، !!رأيت الشيخ ساجدا والكلب واقفا بجانبه يحرسه
فاستدعاه اللواء حمزة البسيوني وأمرالحلاق بحلق لحيته ونصف شاربه حتى يجعله اضحوكة الجميع ..
ثم أمر ضباطه قائلاً: انتفوا ما بقي من لحيته شعرة، شعرة فلما نفذ الضباط الأمر،التفت شمس إلى الشيخ، وطلب منه أن يعد شعر ذقنه فراح المسكين يفعل ما أمر به، حتى إذا ما انتهى من العدّ!
فوجئ بحمزة ينهال عليه ضرباً بحجة أنه قد أخطأ فى العدد،وذهب"النتف"بمعظم شعيرات ذقنه ورغم ذلك اصر شمس على انتزاع ما بقى فيها فأمر رجاله بحرق ذقن الشيخ بأعواد الكبريت وبإطفاء السجائر فيها أيضاً حتى تورم صدغه تماماً
وهكذا استمر العذاب الشديد على الشيخ الأودن وحُكم عليه بالسجن لمدة سنة، ولما كان قد أمضى ما يزيد على العقوبة فى السجن الحربى، فقد تم الإفراج عنه ، ثم ما هى إلا شهور قليلة حتى استدعته جامعة الملك عبد العزيز بالسعودية ليعمل أستاذاً بها، وظل هناك إلى أن مات ودفن باليقيع بجوار الصحابة رضوان الله عليهم.
اللهم إن شمس بدران قد أتى إليك ويده مخضبة بدماء وآلام الآلاف من الأبرياء الأنقياء ، فاقتص لنا منه يا الله
اللهم عامله بعدلك لا رحمتك
المقال للباحثة شرين عرفة.

أيام شمس بدران

شمس بدران هو ذاك الرجل المحبوس في الزمن، والمفارقة التي يمكننا أن نراه فيها الآن أنه ما يزال حيًّا، وهذا يعني أنه كان سيحكمنا من1967، وحتى الآن؟ وذلك لولا “فرفتة” العالم الذي كان مهيأ لصعوده، قبل أن يكتمل؟ 

سقط شمس بدران الذي أراه الآن في صور العجائز الطيبين، وأتخيل شخصًا آخر يعوى بداخله؛ شخصًا كانت مصر كلها ترتعد من مجرد سماع اسمه ينافسه في ذلك اسم  ( حمزة البسيوني). 


كان وقتها يرأس جهاز البحث الجنائي العسكري الذي اكتشف محاولة اغتيال عبد الناصر (خططت لها خلية تابعة للإخوان المسلمين ومرتبطة بتنظيم مسلح أشرف عليه سيد قطب. كما ذكروا تخيلت كيف سيختلف شكل وملامح وروح شمس بدران إذا استمرت السلطة تمنحه أقنعتها..

هو الآن رجل يقترب من التسعين (مولود في 1929) يشارك في مصنع لأعلاف الدواجن، ويقيم بعيدًا عن الأضواء في مدينة صغيرة بجنوب إنجلترا، وملامحه ملامح عجوز عادي، على الرغم من أنه كاد أن يشعل مصر وهو في منتصف عامه السابع والثلاثين.

 الطريقة التي غادر بها شمس بدران مصر غامضة جدًا، فقد أفرج عنه السادات في أول عيد نصر بعد حرب أكتوبر. وكان اسم شمس بدران غريبًا جدًا في قائمة المفرج عنهم؛ هو وصلاح نصر، لكن شمس بدران منحه السادات ميزة؛ تركه يغادر مصر بجواز سفر ديبلوماسي، لماذا؟ هل كانت صفقة؟ قرأت كثيرًا في تعليقات الصحافة بعد رحيل السادات عن لغز هروب شمس بدران إلى لندن.

ولكن لم يتحدث شمس بدران حتى قررت مؤسسة الأهرام في نهايات 2010 تسجيل مذكراته تليفزيونيًّا وبثها في برنامج تليفزيوني،لكن وقتها تسرب فصل عن “الحياة الجنسية لعبد الناصر” فهاجت الدنيا وماجت، وقررت المؤسسة بناءً على تعليمات رئاسية تأجيل نشر المذكرات إلى أن قررت صحيفة كويتية (السياسة) أن تدخل على الخط التجاري/السياسي، وتفتح ملفات عبد الناصر بذلك المدخل المثير لشهية النميمة، ويحكي فيها عن طلب عبد الناصر لشرائط مسجلة لسعاد حسني (في واحدة من عمليات ابتزازها وتجنيدها في عمليات مخابراتية)

 كان عبد الناصر، حسب الحكاية يعاني من أعراض مرض السكر الذي أثر على قدراته الجنسية، ويبحث عن محفز؟ والمرجح أنه علميًّا الحكاية تنتمي إلى خيال شعبي صرف، لأن التحفيز بالصور ليس فعالاً لمعالجة هذه الحالة. 

هكذا اختصرت رواية الرجل الغامض في تلك الحكاية /الفضيحة التي لا يمكن تصديقها واقعيًّا، لكن أثارتها سياسيًّا، وعبرت عن مخاوف أجنحة الحكم، وقتها، من صعود الحس الناصري في المزيج الذي ينتظر أن يحتل مواقع الحكم.

أيام شمس بدران الذهبية انتهت نهايات سوداء عليه وعلى مصر؛ انتهت بهزيمة جيش مصر في يونيو، وهو الفتى الذهبي المدلل للمشير عبد الحكيم عامر، كان عامر نائب رئيس الجمهورية والقائد العام و"شمس بدران" انتقل من مدير مكتبه إلى منصب وزير الحربية الذي يمتلك صلاحيات 10 وزراء حربية. 

لم يكن وزير حربية عادي يخطط للحرب مع إسرائيل، ولم يعرف عنه عبقرية عسكرية لافتة للنظر،إنه موهوب في موقع الرجل الثاني، وفي ادارة السلطة من خلف الواجهات الكبيرة. كان اسمه كان كفيلاً بإثارة الرعب لا لإسرائيل بل للمصريين.

اسمه محفور في التاريخ على عمليات تعذيب غير مسبوقة؛ أي أنه كان يقوم بمهام رجال حراسة النظام لا مهام القادة العسكريين في حروب مصيرية. 

موهبته أدت به إلى موقع آخر كاد فيه أن يصبح رئيسًا لمصر، بل إنه عاش ساعات بين 7 إلى 8 يونيو 1967 يستعد لكي يصعد إلى مكتب عبد الناصر ليكون رئيسًا للجمهورية الجريحة. شمس بدران شاهد على ما يقال عن حرب السلطة بين عبد الناصر وعبد الحكيم عامر..


 تلك الحرب التي قيل إنها السبب في هزيمة يونيو التي كتب يومها معلق في الصحيفة الأمريكية “يو اس نيوز اند وورلد ريبورت”: لم يحدث من قبل في التاريخ أن جلب كل هذا العار على أمة واستطاع حكامها إخفاء حقيقة ما حدث عن أمتهم مثل هذه المدة التي ظل خلالها الشعب المصري يعيش في ظلام دامس لا يدري عما حدث شيئًا” والمثير للضحك قبل الانتباه أن شمس بدران يروي اليوم أن سر الخلاف أن "عبد الحكيم عامرطلب من ناصر “تطبيق الديمقراطية”..

في صوره الفوتوغرافية الأخيرة يبدو رجل طيب ضاعت أيامه، لكنه قبل أن يهرب؛ ونحن هنا نصف خروجه من القاهرة إلى لندن بالهروب، على الرغم من أنه كان بعلم رئيس الجمهورية وقتها (السادات)؛ وبجوازسفر ديبلوماسي، وبأموال قيل مرة إنه هربها في أثناء السلطة، وقيل ومرات إنها هدايا من السادات. حكايات لم يهتم شمس بدران إلا بإنكارها في حوارات غير مكتملة بدا فيها كما لو أنه تحوَّل إلى زاهد حتى في التحدث عن دوره ليلة الثورة في1952


لماذا لم يصر أحد في مصر على محاكمته ليس فقط على مؤامرة الانقلاب على عبد الناصر لصالح عبد الحكيم عامر؛ كما حدث في الستينيات، أو على جرائم تعذيب الإخوان المسلمين كما حدث في السبعينيات، أو على دوره في كارثة 1967 التي لم يهتم أحد بفتح ملفاتها. 


المهم فقط المؤامرة التي فكر شمس بدران خلالها في خطف عبد الناصر. وتصوَّر أن حظه في الرئاسة ضاع بسبب مؤامرة بين عبد الناصر وهيكل في أثناء كتابة بيان التنحي بعد أن كان اتفاق اقتسام السلطة بين ناصر وعامر وصل إلى اختيار شمس بدران  رئيسًا كي لا تشتعل في مصر حرب أهلية، على الرغم من أن مصر كانت محترقة أساسًا.


احترق شمس بدران بنيران أحلامه في الصعود إلى درجات أعلى في السلطة؛ لم يكتف بالكواليس، وقرر الدخول مباشرة في لعبة الكبار. ولأنه رجل تنفيذي لا يجيد عقد الصفقات السرية فقد احترقت أصابعه. لكن صمته مريب. حتى وهو يدافع عن حقه في الاحتفاظ بتسجيلات نادرة للموسيقار محمد عبد الوهاب؛ 


في القضية التي فجرها قبل سنوات فاروق جويدة عندما كشف عن حكاية رواها له عبد الوهاب، وهي أن شمس بدران كان يجبر الموسيقارعلى الغناء له وحده كل خميس، ويقوم بتسجيل الحفلات الخاصة حتى وصلت إلى 40 ساعة. طالب فاروق جويدة بالإفراج عن التسجيلات النادرة التي تمت تحت سطوة وجبروت الرجل المرعب. 

لكن شمس بدران قرر الاحتفاظ بالتسجيلات والأسرار معًا..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان