تركيا تضرب مثلا لإدارة الأزمات في العالم الثالث يخوض حرب رئاسة الجمهورية التركية ، وجنود هذه الحرب هم الشعب التركي

                                                          بالعدالة والتنمية

تركيا تضرب مثلا لإدارة الأزمات في العالم الثالث

رؤية : عادل صديق

بدأ حزب العدالة والتنمية يخوض حرب رئاسة الجمهورية التركية الاثنين الماضي، وجنود هذه الحرب هم الشعب التركي ونواب البرلمان الذين اختارهم الشعب، وهذا الحزب القوي الذي يديره ربّان قوي هو رجب طيب أردوغان فهل ينجح العدالة والتنمية في إدارة دفة السفينة وتنصيب رجل الاقتصاد عبد الله جول رئيسا للجمهوإن كانت لها مقدمات ـ بثتها وكالات الأنباء عن أنّ"كوريا وافقت على إيقاف مفاعل "يونغ بيون"عن العمل بعد مباحثات المبعوث الأمريكيوإن كانت لها مقدمات ـ بثتها وكالات الأنباء عن أنّ"كوريا وافقت على إيقاف مفاعل "يونغ بيون"عن العمل بعد مباحثات المبعوث الأمريكيورية التركية ؟ هذا ما سيظهر جليّاوإن كانت لها مقدمات ـ بثتها وكالات الأنباء عن أنّ"كوريا وافقت على إيقاف مفاعل "يونغ بيون"عن العمل بعد مباحثات المبعوث الأمريكي للعالم خلال الأيام القادمة سنسعى لأن تكون الجمهورية التركية دولة الحقوق والواجبات ولن نغير أسس دولتنا..

بهذه الكلمات استقبل" رجب الطيب أردوغان " نبأ فوز حزب العدالة والتنمية، لقد كان النجاح متوقعاً لأن الرصيد لدى الشعب التركي دعا الرأي العام إلى أن يتّجه - بدفع ذاتي - إلى اختيار "العدالة والتنمية"، وبعناوين تعلوها الدهشة وعلى النسختين العربية والإنجليزية من الـ سي إن إن و الـ بي بي سي رئيس الوزراء التركي يتعهد بالإصلاح" - "الحزب الحاكم واستحقاقات الفوز" ، وذلك عقب إعلان النتائج الأولية والتي أسفرت عن فوز بنسبة غير رسمية 47 % من الأصوات أي ما يساوي 341 مقعداً من إجمالي المقاعد الـ 550 كنتيجة أولية وذلك ما لم تحققه حكومة ديمقراطية سابقة، وللمرة الثانية يستطيع حزب "العدالة والتنمية" تكوين الحكومة دون تحالفات

في الثالث والعشرين من يوليوالماضي استيقظ ملايين الأتراك على تركيا الجديدة، وقد دخلت مرحلة ما بعد الانتخابات، وأدخلت معها المنطقة العربية في حيرة من ذلك الفوز الكبير الذي حقّقه رجب طيب أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية"نسبة المشاركة في الانتخابات العامة أثبت تفوقا غير مسبوق على أربعة عشر حزباً خاضت الانتخابات التشريعية معه، إضافة إلى المستقلين الذين قارب عددهم 700 مرشح. لكن نظام الانتخابات التركي يقضي بضرورة الحصول على الحدّ الأدنى من الأصوات، البالغ 10% لدخول البرلمان

دليل فشل الكيانات العربية
حدث هذا في حين فشلت المشروعات العربية ـ بجدارة ـ أن تحقق تقدما في الحرية وحقوق الإنسان، وفشلت كذلك في ادعاء الديمقراطية وظلّ الحزب الأوحد كنموذج يجسم على على أنفاس المواطنين بوصفه الأحكم ، والأعلم والأرشد والأقوم ، وباقي الشعب من الضالين وباقي الشعب من الضالين الذين لم يبلغوا الرشد ، أو هم من الساعين إلى اختطاف السلطة ويجب أن يؤدبوا على الجرأة في حق الحزب
ويسعى المنتفعون في كل مكان للاستفادة من مميزات ممنوحة من الحزب المدعوم من سلطات الدولة ومن يجروء على الكلام بعد ذلك ؟

لقد كانت مصداقية الحكومة طيلة خمس سنوات مبررا لاستمرارها، بوصف البقاء للأصلح لقد صرح أردوغان عقب النتائج في 22 يوليو 2007 م أن الديمقراطية اجتازت اختبارا هاما، وتعهّد رئيس الوزراء التركي بمواصلة الإصلاحات واحترام الدستور، لقد اندفعت فئات الشعب التركي إلى الشوارع سعادة بالفوز في حين اندفع العلمانيون إلى القول بأن فوز "العدالة والتنمية" سيقوّض مبادئ العلمانية نفس ما رددوه في الدورة البرلمانية السابقة، ومنذ ذلك الحين وعجلة الإصلاح تعمل، ويلمس الكثير من الشعب التركي أن شيئا جديدا يحدث لا عهد لهم به.

ورغم أن العلمانية في تركيا تكره كل ما يمتّ للإسلام بصلة وتستقوي بالسلطات وهذا واقع يلمسه الجميع وليس من قبيل الوهم، بل مجرد تواجد حزب محافظ ذي ميول إسلامية وقدرته على أن يحقق نجاحات خلال فترة حكمه الأولى عجز عنها المنتفعون أدعى لمزيد من الكراهية جعلها تتنامى والقلق يزداد كما يؤكد محرر الـ بي بي سي في اسطنبول "مارك مارديل"، وكان هذا السيناريو هو نفس ما حدث منذ 5 سنوات حين فاز "العدالة والتنمية"لأول مرة، وهي نفس الهجمة الشرسة حين تم ترشيح رئيس وزير الخارجية
عبد الله جول

في أبريل الماضي لمنصب رئيس الجمهورية ـ وهو منصب ليس سهلا ـ كما يشير السياسيون مما أثار ذعر العلمانيين وانتخابات الرئاسة كما ينصّ القانون التركي يكون إجراؤها في البرلمان فقط وسط تخوّف الأحزاب التركية من تولي مرشح "العدالة والتنمية"منصب الرئاسة التي كانت حكرا ـ حتى الآن على شخصيات علمانية ، مما دفع أردوغان إلى المطالبة بالانتخاب المباشر لشغل هذا المنصب، وهذا ما هو بصدده عقب الانتصار الساحق

رئيس المستقبل يقود الاقتصاد
" يعد جول خبيراً اقتصادياً وسياسياً محنكاً والذي قاد تركيا للبدء في محادثات الانضمام للاتحاد الأوروبي في العام 2005، م وستكون أولى مهام "العدالة والتنمية" في البرلمان التركي حسم مسألة منصب الرئاسة التركي، ولكن هناك عقبات إذ لا بد له من جمع أكثر من ثلثي الأصوات في انتخابات الدورة الأولى، أي 367 صوتا على الأقل للفوز بالمنصب وكان قد تم الطعن في نتيجة الانتخابات أمام المحكمة الدستورية من قبل حزب الشعب في أبريل الماضي مما دعا أردوغان إلى المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة في مايو الماضي ليتحقق الفوز الكاسح للعدالة والتنمية الذي قضى خمس سنوات في الحكم حقق فيها الكثير من المكاسب من نمو اقتصادي ، وجدية في المفاوضات لدخول تركيا الاتحاد الأوروبي

لقد عقد وزير الخارجية التركي عبد الله جول ومرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم لانتخابات الرئاسة مزيدا من اللقاءات في الساعات القليلة التي سبقت الجولة الأولى لتأمين حصوله على الأغلبية اللازمة قبل جلسة التصويت الاثنين20 أغسطس .وفي هذا الصدد عقد جول مزيدا من اللقاءات مع النواب المستقلين وممثلى بقية الأحزاب السياسية.

لقد التقى الأحد 19 يوليو مع محسن يازجى أوغلو عن حزب الوحدة الكبرى الذي أعلن تأييده لمرشح حزب العدالة والتنمية.وكان حزب الشعب الجمهوري وهو أبرز قوة معارضة في البرلمان مؤيدة للعلمانية قد أعلن أنه سيقاطع جلسة انتخاب الرئيس كما فعل المرة السابقة.

الحسم بالدورة الثالثة
لا يرجح انتخاب غول من الدورة الأولى أو الدورة الثانية من عملية الاقتراع، إذ إن حزب العدالة والتنمية لا يملك غالبية الأصوات المطلوبة لانتخاب الرئيس من الدورتين الأوليين.
لقد كان أردوغان يشعر بنبض شعبه، ويتكلم بلغة لبقة، منذ تأسس حزب "العدالة والتنمية"بقيادة رجب طيب أردوغان و 72 عضواً مؤسساً، وكان أردوغان رئيس بلدية ناجحاً لإسطنبول بين العامين 1994 و1998، وسُجن مدة عام قبل أن يكمل فترته بسبب قراءته قصيدة وُصفت بأنها تثير العداء بين الناس، وهو يتميز بشخصية "كاريزمية" قيادية وقبلته أغلبية المواطنين الأتراك، وكانت الفكرة الأساسية لحزب العدالة أنه يجب التخلي عن الخطاب الديني الذي التزمه "حزب الفضيلة" بقيادة أستاذه "نجم الدين أربكان"السياسي المخضرم..

  وأن يستخدم خطاباً يتفق مع الواقع التركي والعالمي أيضاً، وتقوم فكرة البرنامج على أن تركيا لديها شعب يتميز بالشباب والديناميكية، وتراث حكم عميق الجذور وشديد الغنى، وموقع جيوستراتيجي يمكن أن يساعدها على أن تلعب دوراً مؤثراً في منطقتها، وفرصا سياحية مستمدة من التاريخ والجغرافيا، وشخصية وطنية قائمة على التدين والتضامن، وسجل من الإنجازات.
وكانت هناك رؤى عديدة مثل ما أكدته الكاتبة "نيلوفر غولي" المتخصصة في علم الاجتماع وهي دارسة في الحركات الإسلامية"لقد شاهدنا حزبا له جذور إسلامية يتحول إلى اليمين الديمقراطي"، وأضافت" إنه نجاح منقطع النظير للنظام البرلماني التعددي في تركيا. وسيكون ما حصل مثالا على تطور حركة إسلامية راديكالية
يرى "جان ماركو" الباحث الفرنسي في "معهد الأناضول للدراسات" في اسطنبول أن حزب" العدالة والتنمية" تمكن من أن يضيف لقاعدته الانتخابية الأصلية الإسلامية عددا أكبر من الناخبين، وذكر أن لحزب "العدالة والتنمية" أصولا إيديولوجية مناهضة للنظام العلماني لكنه أثبت تواجده في النظام السياسي"

ونسبت الصحافة التركية هذا النجاح مرده رفض الناخبين تدخّل المؤسسة العسكرية في السياسة التركية بعد أن هدد الجيش بالتدخل في أبريل الماضي عندما أراد أردوغان ترشيح وزير الخارجية "عبد الله جول" رئيسا للبلاد.وقالت صحيفة "ميلييت" "الدرس الأول الذي تم استخلاصه من نتيجة الاقتراع هو أن الشعب تمسك بخياره الديموقراطي" كما كتبت صحيفة "زمان" الإسلامية المعتدلة "كان للأمة الكلمة الفصل" .
لقد أصبح "رجب طيب أردوغان" شخصية محورية في السياسة التركية بعد انتخابه في العام 1994م

قيادة أردوغان تحمل كافة الخيارات
رئيس لبلدية اسطنبول تحت راية حزب إسلامي حيث اشتهر باستصدار قوانين تحظر بيع الكحول في المقاهي التابعة للبلدية وعاد ذلك لإدارته الحكيمة، وقد أمضى "أردوغان" أربعة أشهر في السجن لإنشاده قصيدة قديمة تحمل الصبغة الإسلامية خلال مهرجان خطابي، وفي العام 2001 م أسس أردوغان البالغ الـ 53 من العمر حزب "العدالة والتنمية"مع أعضاء سابقين لحزب إسلامي قامت الحكومة بحظره.

 وبعزيمة قوية استطاع أن يتحاشى الصدام بالجيش وترويضه بحكمة بالغة، ومنذ وصوله الى السلطة في 2002 م حظي حزب "العدالة والتنمية"بثقة أوساط الأعمال من خلال إعطاء دفع للاقتصاد التركي الذي شهد في 2001 م أسوأ أزمة في تاريخه وبنجاحه في 2005م في إطلاق مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، كما وسع " العدالة والتنمية " قاعدته الانتخابية الشعبية من خلال تسهيل الحصول على العناية الطبية وبناء مساكن للمحرومين وتأمين الكتب الدراسية مجانا.

وقال المحلل السياسي "فاتح التايلي": إنّ "حزب "العدالة والتنمية"نجح في جمع كافة طبقات المجتمع؛ يصوّت أرباب العمل لهذا الحزب أسوة بالعمال.
وقال "حكمت تشيتين" الرئيس السابق للجمعية الوطنية: "منذ التسعينات يصوّت الناخبون من أجل التغيير والتجديد وليس لبقاء الأوضاع على حالها، وما من شيء أضيفه نظرا إلى النتائج التي حققها حزب "العدالة والتنمية"خلال السنوات الخمس الأخيرة"

الإصلاحات سر النجاح
الأستاذ محمد صلاح الدين المفكر الإسلامي والكاتب بجريدة المدينة: أن اختيار الشعب التركي لحزب العدالة والتنمية للمرة الأولى يعد دلالة على ما لمسه من إصلاحات خلال الخمس السنوات الماضية، فلأول مرة منذ 50 عاماً يتم اختيار حكومة لدورتين متواليتين وهذا يعني حسن الأداء وأن الشعب تمسك بخياره الديمقراطي فضلا عن ثقة قطاع الأعمال بما تم من إنجازات منها انخفاض التضخم، ولأول مرة تصبح للعملة التركية قيمة، وتنفتح العلاقات على الدول العربية

لقد تمتع العدالة والتنمية بحنكة سياسية واهتم بجانب بالغ الأهمية وهو تأمين الحد الملائم من مقومات الحياة للشعب التركي فاهتمت الطبقات المتوسطة والفقير بمنح صوتها للحكومة التي تنتمي للاتجاه الإسلامي.

ويضيف صلاح الدين أن العدالة والتنمية يمد يده للتعايش والتعاون على المبادئ المشتركة والقيم المشتركة بين الأديان ونرجو أن لا ترد هذه اليد خائبة وتدخل تركيا عضوية الاتحاد الأوروبي.
جميع القضايا الخلافية التي يمكن أن يحسموها باعتبارهم أصحاب أغلبية مع ذلك أعتقد كما قال أردوغان وغيره من أعضاء حزب العدالة والتنمية أنهم يحاولوا الوصول إلى توافق مع شركائهم لأن الزمن هو جزء كبير من علاج هذه القضايا، ومهما كانت المعارضة أقلية بسيطة فهي جزء من الوطن يجب أخذهم في الاعتبار، والدرس الأهم هو موجه للحركات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي وأن يأخذوا دروسا في الواقعية والعقلانية وفقه الواقع واستيعاب القوى الغلابة في المجتمع المحلي والدولي والأتراك يقدمون نموذج من الوعي السياسي متقدم جداً

قراءة صحيحة للواقع
قيادات حزب العدالة والتنمية قرؤوا أولوياتهم قراءة صحيحة، مثلاً شعار الحجاب هل هو مقدّم على لقمة العيش للناس؟ هل هو مقدّم على تحرير البلد من التبعيّة؟ هؤلاء الناس حرروا تركيا من التبعية الاقتصادية للخارج رغم المعوقات حيث عملوا على التعايش معها، ولأول مرة في التاريخ جعلوا العملة التركية لها قيمة ووزن
ورؤيتهم لأولويات الحكم رؤية إسلامية صائبة انتزعت إعجاب الناس وتقديرهم، فالإسلاميون هم أحرص الناس على الديمقراطية وأحرص الناس على خيار الشعب الحر ولا أحد يزايد عليهم في هذا الموضوع.

وأي شخص يتخذ من الإسلام دعوة وشعارا أول علامات المصداقية لذلك هو الالتحام بالشعب، وأول من استجاب للرسالات السماوية منذ آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم السواد الأعظم هم الضعفاء والفقراء لذلك قال المشركون للرسول محمد صلى الله عليه وسلم كما قيل للأنبياء من قبل : ( فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ) [هود : 27] في نظرهم طبعاً فهذا الاهتمام بالطبقات العاملة والضعيفة سنة الرسالات السماوية.

أما عن احتمال تدخل العسكر فهذا التدخل يريد أن يحول بين الناس ودينهم وإيمانهم شيء مزعج والخيار حر للأتراك ستعلن اختيارات الرئاسة في انتخابات حرة نزيهة

صعوبة تحرك الجيش ضد العدالة
وأضاف الأستاذ محمد صلاح الدين قائلاً صعب جداً أنه يتحرك الجيش، وأعتقد أن أردوغان وحزب العدالة لن يعطوا للجيش أي مبرر من هذا القبيل سواءً لرئاسة الجمهورية أو لإنهاء الحظر على الحجاب وهذه القضايا الحساسة سوف يصلون فيها إلى حلول وسط مع المعارضين أياً كان حجم المعارضين لأجل الاحتفاظ بالإجماع الوطني والتوافق دائما ولن يفتحوا الباب للشقاق وللتآمر والتدخل العسكري من قبل الجيش، كما يؤكد صلاح الدين على أن الله تعالى عندما خاطب آدم بإدخاله الجنة أول شيء قال له { إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى } [طه : 118] وهذه احتياجات الناس الأساسية والجائع والفقير والمعدم التابع للأجنبي هذا ليس فيه خير لحمل الدعوة والخير، فخياراتهم تم وزنها بخيار إسلامي صحيح.

دعونا من النظريات
يؤكد الدكتور "توفيق السيف" الكاتب والباحث الإصلاحي السعودي أن العلمانيين في تركيا راهنوا على الطبقة الوسطى والعليا التي يفترض أنها أكثر التزاما بالعلمانية، لكن هذه الطبقة أعطت أصواتها لحزب العدالة. قطاع الأعمال شهد خلال السنوات الخمس الماضية ازدهارا لم يسبق له مثيل في العقدين الأخيرين. وأشار إلى أن والأكاديميين والمثقفين وكبار الإداريين لمسوا للمرة الأولى الفارق بين العيش تحت سطوة الجيش والمخابرات والعيش بحريّة في ظل نظام سياسي يحتضن الجميع.

بالنسبة لهؤلاء وأولئك فإن الازدهار الاقتصادي وضمان الحريات المدنية والحصانة الشخصية ضد قمع السلطة هو المعيار الأساس لصلاح الحكم أو فساده. ولعله من سوء حظ العلمانيين أن قادة الجيش قد وقفوا إلى صفهم، وهو أمر يذكّر الطبقة الوسطى بسنوات الحكم العسكري السابقة، خلال السنوات الثلاث الماضية كانت السوق التركية محطة بارزة للاستثمارات الخارجية، التي جاء معظمها من أوروبا، وتحقق هذا بفضل ما فعلته حكومة السيد "أردوغان" لإبعاد العسكر عن الحياة العامة، وتطوير النظام القانوني وبيئة الاستثمار كي تتوافق مع المعايير الأوروبية. حين تولى حزب العدالة الحكم في 2002 م

نجاح في إدارة الأزمة
ويشير "توفيق السيف" إلى أنه في ذلك الوقت كانت تركيا قد خرجت للتو من انهيار اقتصادي شامل، لكن العدالة والتنمية نجح في إعادة إحياء الاقتصاد وتوفير فرص عمل جديدة من خلال تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، ولهذا أصبح الحزب حليفا طبيعيا لقطاع الأعمال ولعامة الناس على السواء. لم ينجح حزب العدالة بسبب طابعه الإسلامي. ولو كان الأمر كذلك لنجح حزب السعادة، الأقوى تمثيلاً للتيار الديني، والذي يضم ابرز الشخصيات الإسلامية التركية، ولا سيّما أنصار نجم الدين أربكان وتلاميذه - والذي يعدّ أستاذ أردوغان منهم - ، لقد صوّت الأتراك لحزب العدالة لأنه نجح في تقديم حلول ملموسة لمشكلات حياتهم اليومية، ولأنه نجح في تأمين حرياتهم المدنية التي طالما خرقها النظام الأمني الشديد القسوة. وليس من شك أن الطابع الإسلامي العام للحزب كان له دور مساعد، فالناس يقدرون الرجال المكافحين من أجل مبادئهم، والذين لم يكلفوا أنفسهم عناء التزلف إلى قادة الجيش كما اعتاد أسلافهم من رجال السياسة.

درس في خدمة الإسلام
ويؤكد "الدكتور السيف" أن الفوز الكاسح لحزب "العدالة والتنمية" درس بليغ للحركيين والدعاة الإسلاميين، ويضيف أن الديمقراطية هي الطريق الأمثل لخدمة الإسلام.وذكر أن خدمة الإسلام قد تتحقق بزيادة عدد المصلين في المساجد، لكنها ستكون أعمق وأبلغ أثرا إذا أصبح قائدا لمسيرة مجتمع كامل كما هو الحال في تركيا .. وصدق من قال : إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ، مادام الإصلاح هو منهج العمل لا مجرد كلمات تقال.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الكلمات:القدسُ وعكّا نحنُ إلى يافا في غزّةَ نحنُ وقلبِ جِنين الواحدُ منّا يُزهرُ آلافا لن تَذبُل فينا ورقةُ تين ما هان الحقُّ عليكِ ولا خافَ عودتُنا إيمانٌ ويقين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا لا لا لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا لا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي كي تُشرقَ شمسُكِ فوقَ أمانينا وينامَ صغارُكِ مُبتسمين ونراكِ بخيرٍ حين تُنادينا لعمارِ بُيوتٍ وبساتين سنعيدُكِ وطناً رغم مآسينا أحراراً نشدو متّحدين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي#palestine #فلسطين

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

العالم روبرت غيلهم زعيم اليهود في معهد ألبرت أينشتاين، والمختص في علم الأجنة أعلن إسلامه بمجرد معرفته للحقيقة العلمية ولإعجاز القرآن