قصة المشروع النووي الباكستاني في عالمنا إذا تجرأت دولةٌ وأبدتْ أنّ لها الحق في امتلاك الردع النووي لإيجاد "توازن القوى"


البروفيسور عبد القدير خان أبو القنبلة النووية الباكستانية
بقلم: عادل صديق
في عالمنا إذا تجرأت دولةٌ وأبدتْ أنّ لها الحق في امتلاك الردع النووي لإيجاد "توازن القوى" وأن تكون دولة واثقة من حقها وبينها وبين جارتها صراع على حق ضائع، "فلا حق لها في ذلك"، وقديما قالوا "الحق لا يوهب ولكن ينتزع"، فالآخرلا يقتنع بحقك، فيسعى لـ "وضع اليد عليه " في غفلة من صاحب الحق أو عنوة، ولقد تغاضت الأمم المتحدة عن عن أصابع الولايات المتحدة الخفيةـ التي كانت تشرف على بناء المفاعل النووي الهندي "السلمي" ـ تغاضت عن المشروع النووي الهندي الذي بدأت أبحاثه منذ أواخر الأربعينيات..

ثم كانت أن فجرت الهند المفاجأة بتجربتها النووية الأولى في العام 1974، كل هذا يحدث ومع الشجب والاستنكار افعل ما شئت، "ومن أمن العاقبة أساء الأدب"، لا مانع أن تكون الهند نووية، ولا مانع أن تدخل النادي النووي لنفاجأ بعد ذلك في سبتمبر 2008 بتوقيع بوش مع الرئيس الهندي اتفاقا للتجارة النووية ! لا نملك تفسيرا للحدث إلى أننا أدهشتنا المفاجأة، لأننا اكتشفنا أن الهند أيضا مدللة نوويا على غرار إسرائيل.

كانت الأبحاث النووية في السبعينات متاحة فقط للقلة، ولم نكن نعرف عن جنوب آسيا شيئا، ولا عن الصراع بين الهند الدولة العريقة وباكستان الدولة الناشئة الكثير، كنا نجهل أن هناك صراعا وحربا منذ اختارت باكستان في حقبة الأربعينات أن تكون لها دولة تضم مسلمي الهند الذين اختاروا الاستقلال، واختارت كشمير أن تكون في ركاب الاستقلال، ولكن نجد الحكومة الهندية تستولي على الولايات التي تقطنها غالبية مسلمة ومنها كشمير في العام 1948

لقد دفع المشروع النووي باكستان لامتلاك القنبلة النووية بتطوير مفاعلاتها على يد شاب باكستاني متميز هو الدكتور عبد القدير خان المولود في عام 1936،وقد بادر خان بدافع ذاتي إلى مراسلة رئيس الوزراء الباكستاني الراحل ذو الفقار علي بوتو من أمستردام عقب المفاجأة الهندية1974، ثم كان اللقاء الذي دار بين الدكتور عبد القدير خان الذي كان يعمل في مختبر الأبحاث الفيزيائية الديناميكية بهولندا ورئيس باكستان ذوالفقار علي بوتو في عام 1975 هو الاتفاق على وضع اللبنة الأولى للقنبلة النووية الباكستانية حيث عرض عليه فكرة مشروع نووي باكستاني، و إنشاء مختبر البحوث الهندسية(ILA) في يوليو 1976 ثم استبداله باسم أخر وهو:

" مختبر عبد القدير خان (KRL).وتبنت الحكومات التي تلت بوتو إكمال المهمة واحتضنت الدولة المشروع منذ هذه اللحظة على أنه مشروع وجود لها،وتتعرض باكستان للتهديد الأمريكي من قبل وزير خارجيتها هنري كيسنجر لإيقاف المشروع النووي بل توعز للعديد من الدول الحليفة بالضغط على باكستان ، فسحبت فرنسا مشروعها تصدير الأدوات الأولوية التي تدخل في صناعة القنابل النووية ولوقف إنشاء المشروع بجملته.

إصرار وتكتم  باكستان على استمرار مشروعها النووي، وشهد عهد الجنرال ضياء الحق 1977 ـ 1988 دفعا للمشروع، وخاصة حين ارتفعت نبرة العداء لوقف المشروع الذي قابله دور كبير للاستخبارات الباكستانية للتعمية على الإجراءات التي من الممكن أن تجهض المشروع وخاصة مع بدء الصراع الأفغاني السوفييتي بعدما دخل السوفييت "الجيش الأربعين" في 25 ديسمبر 1979 لأفغانستان واستمرت الحرب عشر سنوات خسر الجيش السوفييتي المعركة أمام مقاتلين أشداء من مختلف دول العالم الإسلامي، وأعلن الاتحاد السوفيتي انسحاب كافّة قواته بشكل رسمي من أفغانستان في 15 فبراير 1989، ويتعرض ضياء الحق للاغتيال وتتولى بنازير بوتو الحكم .

تولت بنازير بوتو رئاسة الوزراء مرتين عقب فوز حزب الشعب في الانتخابات التشريعية، من 1988 إلى 1990 ومن 1993 إلى 1996 ورغم اتهامها بالفساد في المرتين إلا أنها لم تتخلى عن المشروع النووي، ويبدو أن إجراءات تأمين هذا المشروع، ومنح البروفيسورعبد القدير خان السلطة المطلقة للإبحار به في أسوأ الظروف السياسة هو ما جعل الحكومات المتوالية لا تقترب من المشروع النووي.

ينتزع نواز شريف الحكم عقب فوز تحالفة IJI في 6 نوفمبر 1990 لصبح رئيسا لوزراء البلاد في انتخابات 24 أكتوبر1990، ورغم ذلك لم يكمل نواز شريف مدة الخمس سنوات وأقاله رئيس الدولة عام1993، ثم أعادته المحكمة العليا إلى منصبه السابق، لكنه اضطر للاستقالة مع الرئيس في يوليو 1993، وفي فبراير 1997 أعيد انتخاب نواز شريف رئيسا للوزراء بعد فوز رابطة مسلمي باكستان في الانتخابات، بالأغلبية المطلقة التي حصل عليها في المجلس الوطني، ويطلق العنان للاستثمار في باكستان.

محاولات التصفية
لقي المشروع النووي الباكستاني دعما ما للحفاظ على أمن باكستان وحظي المشروع النووي بقدر كبير من السرية والإخفاء، وتسريب المعلومات حينا، بل صارت للاستخبارات أذرع في كثير من البقاع الملتهبة وخاصة في الداخل الهندي، وخاصة فيما يتعلق بأمنها والمخاطر التي تتعلق باستهداف المشروع النووي.
في العام 1980 كشف الحاكم العسكري لباكستان الجنرال ضياء الحق عن إحباط بلاده لمخطط كان يستهدف الهجوم على المختبر النووي الباكستاني، وكانت تقف خلفه كل من إسرائيل والهند وبموافقة أمريكية !!.

ودخلت إسرائيل على الخط، لأن احتمال تواجد دولة نووية إسلامية لدى شعب لديه الغيرة على مقدساته هذا يشكل خطرا على الصهيونية، وهذا الاحتمال قائم، ويتوقع أن يدفع نجاح المشروع إلى دعم دول أو هيئات، أو جماعات إسلامية مقاتلة تهدد أمن إسرائيل، لذا تقاطعت مصالحها مع مصالح الهند، وتعارضت مع مصالح باكستان ، وتكررت المحاولات مرات عديدة ، وما أعلن عنه ثلاث محاولات فقط لتدمير المشروع النووي الباكستاني.

وفي 22 سبتمبر من عام 1984 كشفت المخابرات الباكستانية عن مخطط جديد لضرب مشروع الأبحاث النووية الباكستاني عبر دبلوماسي أمريكي كان يعمل لصالح أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وكان المخطط جمع معلومات عن خرائط المختبرات النووية لتقوم الهند وإسرائيل بالهجوم عليها .

إذن تكررت المحاولة، وهذا يعني الإصرار على إجهاض المشروع قبل اكتماله، كما حدث مع المشروع العراقي، ولكن تحذيرات الجنرال ضياء الحق وإنذاره القادة الهنود بأنه قد يرسل عليهم قنابل نووية جعل الهند تتراجع عن التفكير في هجومها، لأن تهديد الجنرال ربما يكون صادقا لا من أجل كسب موقف سياسي.

ويظل الخوف والترقب يسيطران على الهند من أثر ما يتردد عن مشروع باكستان النووي، وإلى أي مدى وصل في الإنتاج النووي ، وتصنيع القنبلة، وهل ما يلقيه الساسة الباكستانيون من تصريحات أخذ طريقه إلى الواقع أم مجرد بالونات اختبار لجس النبض في نيودلهي،وهل من الممكن أن تمتلك باكستان قنابل نووية دون تفجيرات تجريبية؟ عشرات من التساؤل لم تكن لها إجابات، ولكن أرادت الهند أن تقطع الشك باليقين، وتتعرف على القوة الحقيقية لمشروع باكستان.

وكانت المفاجأة التي أثارت دهشة الجميع كانت في 11 مايو 1998 حين قامت الهند باستعراض للقوة، ودفع باكستان إلى الإفصاح العلني عن نواياها النووية.
الرعب النووي
قامت الهند بـ3 تجارب نووية في ميدان التجارب "بوكران" بولاية راجستان تبعتها بتفجيرين بعد يومين، وكان الحزب الهندوسي المتطرف بهارتيا جاناثا يريد أن تكون الهند هي القوة النووية الضاربة في شبه القارة الهندية، فقام بالاتفاق مع "سلاح الجو الإسرائيلي" على خطة تدمير البرنامج النووي لباكستان، وتفضح المخابرات الباكستانية المؤامرة، وحينها نشر الجيش الباكستاني صواريخ تحمل رؤوسا نووية، وتتلقى الحكومة الهندية برقية تهديد من باكستان قالت فيها : " إن باكستان ستجري أولى تجاربها النووية في قلب نيودلهي "، وتتوقف المؤامرة حين تم رصد الصواريخ الباكستانية وذلك في 14 مايو 1998م .

كانت باكستان بعد التفجيرات الهندية بيومين بدأ التحضير لإجراء التجارب النووية الباكستانية في مرتفعات "جاكيا"، وفي 28 مايو 1998 أجرت باكستان خمسة تفجيرات نووية، وأعلن رئيس الوزراء "نواز شريف" عن إمكانية حمل الصاروخ "جوري" المتوسط المدى رؤوساً نووية، وفي 29 مايو 1998م تم إجراء التجربة السادسة وإعلان باكستان دولة نووية.

لم يكن الإجراء الباكستاني متوقعاً، فقد أحبط خططاً أمريكية كانت تدعم الهند تكنولوجياً، في مجال السلاح النووي، والصواريخ الحاملة، لذا سعت الأصابع الخفية للعب دور غير محدود في الواقع الباكستاني، بزرع القلاقل في باكستان وهي ذات الموقع الاستراتيجي بين الهند المحتلة قبل لكشمير البلد المسلم والذي يشهد صراعا منذ حقبة الأربعينات ورغبة من المسلمين هناك في الانضمام إلى باكستان ، وأمريكا المحتلة لأفغانستان والتي تعد معبرا هاما لخطوط أنابيب النفط الذي يأتي من بحر قزوين .

 وبالتالي تشكل خطرا كبيرا لذا لا بد من تشتيت شمل الشعب الباكستاني، وزرع الخلافات في جنبات البلد المسلم، وسعى أن يتولى الأمر متطرفون جدد من الشيعة سواء من الجنرال برويز مشرّف الذي قاد البلاد للهاوية، وانتهى بتسليم مقاليد الأمور لأمريكا ، وضرب التيارات الدينية المسلحة الموالية لطالبان، وأغلق المدارس الدينية وحتى بعد تولي حزب الشعب الشيعي الليبرالي حزب بوتو التي اغتيلت قبل أن ترى مقعد رئاسة وزراء باكستان.
انقلاب مشرف على باكستان!

قاده الجنرال "برويز مشرف" الانقلاب العسكري على نواز شريف في أكتوبر 1999،أي بعد 17 عشر شهرا من التجارب النووية، ثم تولى الحكم في 20 يونيو 2001 ، وقد أعاد بانقلابه هذا الجيش إلى سدّة الحكم بعد غياب زاد عن 10 سنوات منذ رحيل الجنرال ضياء الحق في عام 1988، وتمت لعبة استئناس الجنرال عقب أحداث 11 سبتمبر، وما تبع ذلك من سعي لإجهاض المشروع النووي بالتخلص من قادته على غرار ما حدث مع البروفيسور عبد القدير خان، الذي اتهم ببيع أسرار نووية لكوريا وليبيا، وتم التخلص من تلامذته وتولى برويز مشرف الرئاسة حتى أعلن في خطاب تلفزيوني في 18 أغسطس 2008 عن استقالته وذلك قبيل جلسة للبرلمان كان الائتلاف الحاكم يعتزم فيها مسائلته تمهيداً لعزله.






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الكلمات:القدسُ وعكّا نحنُ إلى يافا في غزّةَ نحنُ وقلبِ جِنين الواحدُ منّا يُزهرُ آلافا لن تَذبُل فينا ورقةُ تين ما هان الحقُّ عليكِ ولا خافَ عودتُنا إيمانٌ ويقين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا لا لا لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا لا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي كي تُشرقَ شمسُكِ فوقَ أمانينا وينامَ صغارُكِ مُبتسمين ونراكِ بخيرٍ حين تُنادينا لعمارِ بُيوتٍ وبساتين سنعيدُكِ وطناً رغم مآسينا أحراراً نشدو متّحدين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي#palestine #فلسطين

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

العالم روبرت غيلهم زعيم اليهود في معهد ألبرت أينشتاين، والمختص في علم الأجنة أعلن إسلامه بمجرد معرفته للحقيقة العلمية ولإعجاز القرآن