مشروع باكستان النوويي ..تتنازل كوريا عن مشروعها النووي، وما بعده - وإن كانت لها مقدمات ـ بثتها وكالات الأنباء عن أنّ"كوريا وافقت على إيقاف مفاعل "يونغ بيون"



سياسية ـ الرعب النووي
                             تنازل كوريا عن مشروعها النووي .. وما بعده
كان مفاجأة - وإن كانت لها مقدمات ـ بثتها وكالات الأنباء عن أنّ"كوريا وافقت على إيقاف مفاعل "يونغ بيون"عن العمل بعد مباحثات المبعوث الأمريكي الخاص إلى شبه الجزيرة الكورية "كريستوفر هيل"والتي أعلنت في 23 يونيو الفائت، ما بين تشكيك وتحذير إلى أن كوريا لن تلتزم بما وعدت، لتحدث المفاجأة بإعلان وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها أن كوريا الشمالية أغلقت السبت 14 يوليو مفاعلها النووي الرئيسي في "يونغ بيون"، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية "شون ماكورماك" في بيان بحسب وكالة الصحافة الفرنسية أنه «تم إبلاغ الولايات المتحدة أنّ "جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية" أغلقت منشآتها النووية في يونغ بيون، وأضاف البيان "نرحب بهذه المبادرة وننتظر التحقق من هذا الإغلاق ومراقبته من جانب فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي وصل إلى كوريا الشمالية". في الوقت ذاته رست ناقلة تحمل "زيت الوقود" في ميناء كوري شمالي في نفس الوقت الذي وصل فيه فريق من المفتشين الدوليين إلى البلاد قبل إغلاق مزمع لمفاعل نووي كوري شمالي في إطار اتفاقية لنَزع السلاح النووي، كما قامت "بيونغ يانغ" بوقف عمل كافة المنشآت النووية الخمس في يونغ بيون" التي تبعد 100كم من بيونغ يانغ" بما فيها المفاعل الذي يستخدم للحصول على البلوتونيوم المستخدم في تصنيع السلاح النووي وكذلك مصنع تحضير الوقود النووي كما بثته وكالة نوفوستي.. وصارت كوريا خارج "محورالشر" ولم تعد بين عشية وضحاها "دولة مارقة" خارج الحظيرة الأمريكية.

 تصاعدت وتيرة الحرب الإعلامية الكلامية بين الخصمين اللدودين الولايات المتحدة وبقية العدو الأحمر"كوريا الشمالية" إضافة للحصار الاقتصادي الخانق المفروض من قبل أمريكا، لقد ارتفعت وتيرة النّزال لدرجة تزايد الحشد الذي كان ينذر بوقوع الكارثة المحققة التي عبّرت عنها دعايات البلدين ما بين تصوير كوريا الشمالية بـ "العدو المارق" خارج حظيرة معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وتوقفت حملة الترويض الذي تمثلت في المباحثات النووية، والعودة لاستئنافها، وتهديد من أمريكا، وتصريحات تعلن نفاد صبر كوندليزا رايس، ووعيد من كوريا"القزم النووي" التي  تعاني من مصاعب داخلية وتناطح أمريكا، وتتكرر محاولات من كوريا الجنوبية لرأب الصدع بتقديم وقود بديل للجارة الشمالية خوفا أن ينالها الشر المستطير، وتعلن بيونج يانج بأنها مستعدة للتدليل على أنها لا تملك برنامجاً لليورانيوم، وتعاود القمة الصينية تحذيراتها لكوريا الشمالية، إضافة لتحذيرات يابانية من الصواريخ المتوسطة المدى والقادرة على حمل رؤوس نووية، والتي تسقط ـ بين حين وآخر ـ في بحر اليابان، أما موسكو فتحاول كسر الجمود في الملف النووي الكوري.

العالم كله أراد سقوط كوريا أو استسلامها ـ تمهيدا لاستسلام آخرين ـ أو ألا تتحول فتيلاً لإشعال نار الحرب، رغم وجود السلاح النووي لدى الدول الكبرى ليظل حكراً عليها، أما الدول التي لديها عداوات من دول الجوار فلا بد من التنازل، والخوض في مباحثات ثنائية، ومن الممكن أن تكون ثلاثية بانضمام القطب الأوحد.

لكن يظل الأمر المؤكد كما تشير الكثير من الآراء أن الولايات المتحدة تراجعت كثيراً عن الخطوط الحمراء التي كانت وضعتها لنفسها من قبل في أثناء مفاوضاتها مع كوريا الشمالية في ثلاث جولات سابقة فشلت جميعها، بينما لم تتراجع كوريا الشمالية عن أي خط أحمر وضعته لنفسها كمحدد وكإطار للمفاوضات، ومن ثم فإن أمريكا هي التي زادت مساحة الأرضية المشتركة التي يمكن التفاوض عليها بين الجانبين وليس كوريا الشمالية وبشروط كوريّة حسب ما أوردته وكالة "أسوشيتد برس"

باكستان الجولة الثانية
مصالح واشنطن تحرك خيوط اللعب الأمريكي فالهند وإيران وباكستان، تشكل "مثلث الاضطراب" كما أطلقت عليه أمريكا، لقد كانت المنطقة لا تشكل هذا التهديد حتى دخل حلبة الصراع أعضاء جدد "رسمياً" في النادي النووي، أما الهند فكانت أمريكا لها دور في تطوير مشروعها النووي الذي بدأته مبكراً، وباكستان أدركت أنها لا بد أن تصل إلى التوازن الإقليمي في مجال القوى وخاصة حيال القضايا العالقة مع الهند، ودخلت إيران مجال الإنتاج والمفاعلات وسط آراء ـ لم تؤكد أن لديها سلاحاً نووياً من "مخلفات الحرب الباردة"، أما أن تمتلك سلاحاً تكتيكياً فعالاً فهذه تعد كارثة، ولكن يظل الأمر عالقاً فهل استطاعت إيران انتزاع سلاح من دول الاتحاد السوفييتي السابق إبّان اضطرابات الكتلة السوفييتية المترنحة ؟؟

ولكن لا يزال مثلث الإزعاج أو "الاضطرابات" قائما لدرجة أنه يهدد نفوذ أمريكا في جنوب آسيا! ، من الذي يهدد نفوذ من؟ الهند، باكستان، إيران، وبالطبع لم تذكر الصين الدولة العظمى فدورها لم يأت بعد، فلا بد أولا من القضاء على الإزعاج الذي يشكله تحالف "الإخوة الأعداء" الثلاثي، والحلفاء هؤلاء يملكون السلاح النووي: الهند منذ حقبة الأربعينات تجري أبحاثا نووية، وتصنع عتاداً ناقلاً تحسّبا لأي تهديد نووي مباغت، فهناك نزال ونزاع حدودي اشتعل منذ العام 1947 مع جارتها باكستان التي تؤوي اللاجئين الكشميريين وتدعم مطالبتهم بحرية تقرير مصيرهم، لذا كانت تناصب باكستان العداء، وبدورها كانت باكستان تتأهب للردع بدعم الرئيس الراحل "ضياء الحق" لمشروع البروفيسور "عبد القدير عالم المعادن، أبو البرنامج النووي الباكستاني الذي درس في أوروبا وحصل على شهادة الدكتوراة من بلجيكا في العام 1972 وعمل في صناعة الطاقة النووية في هولندا وعاد إلى باكستان في العام 1976 لمساعدة بلده في إرساء قاعدة الرعب النووي مع الهند التي قد شرعت في أبحاثها النووية.

استطاع "خان" مع فريق عمله في وقت قياسي تصنيع أجهزة الطرد المركزي، ويُغتال الرئيس "ضياء الحق" من قبل بعض أعدائه الكثيرين، ورغم الحكومات التي تولت بعده يظل المشروع النووي الهاجس الذي يؤرق الهند، ورغم سرية المشروع إلا أن الشكوك والتقارير الاستخباراتية كشفت عنه، وكانت المفاجأة في 11 مايو 1998 قامت الهند بـ3 تفجيرات نووية في ميدان التجارب "بوكران" بولاية راجستان تبعتها بتفجيرين بعد يومين، وكان الحزب الهندوسي المتطرف بهارتيا جاناثا يريد أن تكون الهند هي القوة النووية الضاربة في شبه القارة الهندية، فقامت بالاتفاق مع سلاح الجو الإسرائيلي على خطة تدمير البرنامج النووي لباكستان، وتكتشف الخطة حين نشرت صواريخ باكستانية تحمل رؤوسا نووية لتفضح المؤامرة بتهديد باكستاني: " أن باكستان ستجري أولى تجاربها النووية في نيودلهي " وفي 14 مايو 1998م وبعد التفجيرات الهندية بيومين بدأ التحضير لإجراء التجارب النووية الباكستانية في مرتفعات "جاكيا" في 28 مايو 1998 أجرت باكستان خمسة تفجيرات نووية، وأعلن رئيس الوزراء "نواز شريف" عن إمكانية حمل الصاروخ "جوري" المتوسط المدى رؤوساً نووية، وفي 29 مايو 1998م تم إجراء التجربة السادسة وإعلان باكستان دولة نووية.


لم يكن الإجراء الباكستاني متوقعاً، فقد أحبط خططاً أمريكية كانت تدعم الهند تكنولوجياً، في مجال السلاح النووي، والصواريخ الحاملة، لذا جرى الانقلاب العسكري الذي قاده برويز مشرف، وتمت لعبة استئناس الجنرال عقب أحداث 11 سبتمبر، وما تبع ذلك من إجهاض المشروع النووي بالتخلص من قادته على غرار ما حدث مع البروفيسور عبد القدير خان، الذي اتهم ببيع أسرار نووية لكوريا وليبيا، وتم التخلص من تلامذته.

إيران وضرورة فرض الرأي
أما إيران فمشروعها كان يهدف لإيجاد توازن في المنطقة أمام حصار لها من أفغانستان والعراق، وتم الكشف عن وجود خام اليورانيوم فيه عام 1985 .وكان من المزمع أن يبدأ المنجم والمصنع في العمل مع بداية عام2006 ، باستخدام 120طناً من اليورانيوم الخام لإنتاج من 50 إلى 60 طن يورانيوم سنوياً، وتم تأسيس عدد من المفاعلات النووية التي ما زالت في مجال الإنتاج السلمي، ولكن الخطاب الإيراني الذي يحمل أيديولوجية مستفزة أدى إلى تهديد أمريكا لمشروعها، ودفعها على التوقيع على اتفاقية منع انتشار السلاح النووي، ودخول العالم معها في شد وجذب، وحشد أمريكا لقواتها خلال الفترة الماضية، وبوادر أزمة وتوتر ترتفع نبرتها حيناً، وتنخفض حيناً.

ويظل التهديد قائماً، وتتصاعد نبرة الخلافات الداخلية في باكستان بازدياد الضغط على المدارس الدينية، بإيعاز من أمريكا ووقوع ضحايا بالعشرات، بل بالمئات تفجيرات تتواصل تودي بالكثير من الضحايا من الشعب، والجيش الباكستاني يعد لحملة حدودية على المنطقة المتاخمة لأفغانستان لاستئصال القوى الذي تشكل حجر عثرة للتواجد الأمريكي في البلد المنكوب أفغانستان بعد عرض أمريكي بدعم لسلاح الجو الأمريكي.

بقلم : عادل صديق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان