صحيفة سويدية تنشر رسومًا مسيئة للرسول


                             صحيفة سويدية تنشر رسومًا مسيئة

والحكـومة تحاول احتواء الموقف

بقلم :عادل صديق

لا يعد نشر الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم 30 سبتمبر 2005 بداية لانفراط عقد الإساءات، لأن لذلك تاريخ من الإساءات،وتجرأت  الصحيفة الألمانية فأعادت نشر إحدى الصور التي نشرتها الصحيفة الدنماركية  مرة أخرى، إمعانا في محاولة كسر "المقدس" لدى المسلمين على غرار  ما يقومون به في المسيحية ، ثم أعقبتها النرويج في 10 يناير حتى وصل الأمر إلى السويد التي كانت بلداً يظن فيها التعقل،

 ففي 18 أغسطس الماضي نشر بصحيفة "نيريكيس أليهندا" المحلية صورة أحد الأعمال التي توصف بأنها فنية يصور فيها أكرم الخلق صلى الله عليه وسلم بشكل مسيء، وأعتبرت الصحيفة أن من حق الفنان أن يفعل ما يشاء مهدراً حقوقاً كبرى تلتزم بها البلدان الغربية ومنه المساواة الإنسانية في الحقوق والواجبات، ومبادئ حقوق الإنسان، وحرية العبادة، فالعداء للإسلام له جذور تاريخية قديمة ـ كما ذكرنا ـ 

لم يعبأ هؤلاء بالاحتجاج السلمي أو الغضب الذي  اشتعل في بقاع  العالم ولا المقاطعة التي قام بها المسلمون ضد الدنمارك حين نشرت صحيفة "جيلاندز بوستن" رسوما مسيئة للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أظهرته في صورة المتطرف الداعي إلى التدمير ، كانت المقاطعة ثم سرعان ما نسي المسلمون ما ذكّروا به، فجادت العبقرية السويدية بما هو أشد وأسوأ .... فمن الأحق بأن يوصف بالتطرّف إذن؟

هل يريدون استفزازنا ليقوم البعض بتصرفات غير مسؤولة تتسع على أثرها الهوّة بين الإسلام والغرب، فأين إذن ما يدعو إليه حكماؤهم من دعوة لحوار الأديان والحضارات، والتعايش السلمي، والاندماج في المجتمعات الغربية.

لقد كانت الإساءات امتدادا لحالة الكراهية القديمة التي كانت لا تملك خاصة "السخرية" الكاريكاتورية بل كانت تكيل الاتهام للرسول صلى الله عليه وسلم بالكذب، والسحر والجنون ، ثم الدعوة للحروب الصليبية التي ما كانت إلا للسيطرة على خيرات الشرق ، ثم الحملة الاستعمارية التي عاثت فسادا في الارض لتنهب خيرات الأراضي المسلمة ، وكانت تحمل شعارات تنويرية لا نتشالنا من الفقر والجهل ونشر الحضارة ، لينكشف زيفها حيث ظلت شعوبنا في فقرها ، ونقلت ثرواتنا طوعا وكرها إلى الغرب

الصحف العالمية هنا وهناك نشرت الرسوم وتنفجر ثورات الغضب الإسلامي ضد المسيئين ولكن بلا طائل، لأن الدول الإسلامية تفتقد جميعاً إرادة التغيير، أو وضع معالجات تحمل جانب التأثير المضاد في المجتمعات الغربية.

نعم الإسلام ينتشر في الغرب ويدخل الكثيرون في دين الله رغم الهجمة الشرسة على الإسلام ونبي الإسلام إلا أن ذلك بخصائص الإسلام وليس على أكتاف المسلمين الذين تواروا خلف رغباتهم وانهزامهم، ولم يجدّوا في نصرة الدين الخاتم.
لقد قررت مجموعتان لادينيتان في السويد استضافة معرض للرسومات التخطيطية الخاصة بالفنان السويدي "لارس فيلكس"، والتي تتضمن أحدث أعماله، وهي عبارة عن رسومات تهين الرسول محمدًا، صلى الله عليه وسلم.

وجاء قرار هاتين المنظمتين اللادينيتين اللتين تمثلان شبكة العلمانيين في السويد "سيموس"، بعد أن رفضت العديد من المعارض في غرب السويد عرض هذه "الأعمال الفنية"؛ خوفًا من ردة فعل العالم الإسلامي والمسلمين في السويد.

لقد كان لاري فليكس مستلهمًا حالة التمرد التي أصابت مجموعات من النحاتين والمثالين في السويد خلال العام 2006؛ عندما قاموا بنحت أعداد كبيرة من تماثيل الكلاب الخشبية والمعدنية، قام لاري فيلكس بإعداد سلسلة من الرسوم التخطيطية التي تظهر النبي محمدا، صلى الله عليه وسلم، في صورة أحد هذه "الكلاب".

لقد عرضت الرسوم الدنيئة للرسام ويدّعي أنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم في معرض في جنوب السويد بعنوان "الكلب في الفن"، وقالت صحيفة "ذي لوكال" السويدية المحلية إنّ ذلك الفنان المشهور حاول أن يعرض صوره في معارض "رملاند" و"بوهوسل"، لكن كان دائمًا يواجه بالرفض؛ على اعتبار أن نشر مثل هذه اللوحات يمكن أن يتسبب في مخاطر أمنية كبيرة.

لكن قررت المنظمتان إقامة معرض مشترك لعرض هذه الرسوم التخطيطية، وأخبر الناطق بلسانهما هومان أنفاري،عرض هذه الأعمال الفنية في سياق مسرحية موسيقية في إحدى الصالات الثقافية في العاصمة إستوكهولم.

كانوا مصرّين على عرض الرسوم لإيجاد حالة من الحراك حول حرية التعبير والديمقراطية والتطرف الديني، وهذه القضايا في حاجة إلى معالجتها بالطريق الصحيح
هم مصرون على إنفاذ ما يريدون ويقف المسلمون مكتوفي الأيدي من أجل أن يكونوا مسالمين ومندمجين في المجتمع الأوروبي، ومؤمنين بحق الفنان، وليكتفوا بالغضب الصامت، وبالطبع لن يجدي غضب العلماء في دولنا العربية، ولن يوجد قرار في البرلمانات كذلك لان الغيورين لن يكون لهم صوت ما داموا لم يصيروا أغلبية
.

لقد قامت الصحيفة بوضع رابط لموقع الرسام ليشاهد الناس ما فعله نحو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، بأسلوب ماكر خبيث؛ لكي تنجو هي من عواقب النشر الصريح. وأخذ يتنادى العنصريون ضد المسلمين من أعضاء حزب الشعب السويدي في البرلمان بنشر هذه الرسومات، وبالحجة التي لا يخجلون من ازدواجية ترديدها وتطبيقها في عالمهم المتحضر (كما يحبون تمييزه عن عالمنا الثالث!)، وهي حجة حرية التعبير، والتي لا نمل أن نرى ازدواجية معاييرها كل حين في عالمهم، كما حدث مؤخرا في إسبانيا، عندما أصدر أحد القضاة حكمًا بسحب عدد من مجلة محلية؛ لأنها نشرت رسما مسيئا لولي العهد الإسباني، فسُحب العدد في 20 يوليو 2007م ؛ بالطبع لا يوجد حرية تعبير، ولا حق النقد إذا كان الأمر يهم شخصية تملك المنح والمنع، ونحن لم نصل بعد بما لنا من ثروات أن نجيّش جيوش المحامين لردع المتطاولين على مقام النبي.

والمسلمون في هذه الأثناء ينتظرون من عقلاء العالم التدخّل لمنع مثل هذه التصرفات غير المسؤولة، والتي لن تصب في مصلحة السلام العالمي والشراكة البشرية وسكان الأرض في إكمال بناء الحضارة الإنسانية، بل إن أثرها الوحيد هو الزيادة من عنف التصادم الحضاري والنفخ في نار الفتنة المشتعلة أصلا في العديد من بقاع العالم

وعلى رأس المطالبين بذلك الحكومة السويدية، والتي كان لها في أزمة الرسوم المسيئة في الدنمارك سبتمبر 2005 السابقة موقفٌ أبان عن إدراكها لأثر مثل هذه الإساءات على المصالح العالمية، ولمقدار ما تسببه من ألمٍ وإساءةٍ لمشاعر المسلمين؛ فعاجلت الحكومةُ حينها بالاعتذار إلى المسلمين وباستنكار ما وقع وشجبه. فالمأمول منها الآن أن تكرر هذا الموقف الصحيح، وأن تضع الحلول للحيلولة بين السفهاء وبين إساءتهم لمعنى الحرية الحقة، والتي تنتهي عند عدم الإساءة إلى الآخرين .

وآن لنا أن نقرر أن الحرية تقف عند حرية الآخر ولو أن نستغل كافة الوسائل التي ترسي هذه القاعدة الذهبية فهل نصل إلى هذا المستوى.
وآن لنا أن ندرك مدى تأثير الإعلام الموجه للغرب وبلغته أو من خلال شراء مساحات وأوقات في الوسائل السائرة لديهم سواء كانت في الصحافة، أو الإذاعة أو التلفزيون، والمنتديات وساحات الحوار التي في هبة قوية وتفعيلها دوما، ولا بد من إيجاد تحالف بين المواقع التي تعنى بالدفاع عن الإسلام والمقدسات الإسلامية للعمل سويا، وإيجاد الاستراتيجيات الملائمة التي تؤمّن التعريف وتصحيح الصورة فيما يتعلق بالإسلام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان