اللواء احمد رشدى ولد يوم 29 اكتوبر 1924 فى مركز بركه السبع بمحافظة اتخرج من كلية الشرطة سنة 1946
ولد اللواء احمد رشدى يوم 29 اكتوبر 1924 فى مركز بركه السبع بمحافظة المنوفيه فى مصر ، اتخرج من كلية الشرطة سنة 1946 . اشتغل فى المباحث وبعد كده اتدرج فى الترقيات لغاية لما اتولى منصب مساعد اول وزير الداخلية ومدير امن القاهره فى الفترة من سنة 1976 لغاية سنة 1978 . وفى يوم 30 مارس 1981 اتولى منصب مساعد اول وزير الداخلية ومدير جهاز مباحث امن الدولة
فى يوم 17 يوليه 1984 اتولى اللوا احمد رشدى منصب وزير الداخلية فى حكومة كمال حسن على رئيس وزرا مصر السابق ، واستمر فى منصبه فى حكومة الدكتور على لطفى اللى اتولى منصب رئيس وزرا مصر يوم 4 سبتمبر 1985 بعد اعتذار كمال حسن على عن الاستمرار فى منصبه بسبب ظروفه الصحية .
يعتبر احمد رشدى حاله فريده لوزير داخلية فيه شبه اجماع شعبى عليه ، وده بخلاف الصوره العامه اللى متاخده عن وزراء الداخليه ورؤساء المؤسسات الامنيه فى الدول الخاضعة لحكم الخونتا العسكريه .
احمد رشدى كان مهتم بقضية المخدرات فى مصر، وكان بيرفض سياسة اعتقال المتطرفين لانه اعتبر ان المعتقل هو احسن مكان ممكن يتجمعوا فيه ويخططوا للعمليات الارهابيه.
فى يوم 27 فبراير 1986 اقيل اللوا احمد رشدى من منصب وزير الداخلية بعد احداث الامن المركزى .تم انتخاب اللوا احمد رشدى لمنصب نائب فى مجلس الشعب عن دايرة مركز بركة السبع فى محافظة المنوفيه مرتين سنة 1987 وسنة 1990 .
................................................................................................
اللواء/ أحمد رشدي محمود عيد وزير الداخلية المصري من شهر يوليو عام 1984م وحتي شهر فبراير عام 1986م والذى لقب ب”قاهر المخدرات” ويعد من وزراء الداخلية القلائل الذين نالوا حب وإحترام الشعب المصرى بجميع طوائفه على غير عادة المصريين مع الوزراء ورجال السلطة وعناصر الشرطة التى تتولى تنفيذ القانون فى الشارع وتحتك بالمواطنين مباشرة ويراها كثيرون أداة عنف وقمع وقد وصل إلى هذه المكانة ونال شهرة واسعة بفضل إحترامه للقانون وطبيعة عمله وقدرته على إحداث تغير حقيقي فى الحالة الأمنية فى مصر وعلى ضبط معايير وطرق العمل فى أقسام الشرطة وأجنحة وزارة الداخلية المختلفة والتنبيه الصارم علي العاملين بها بضرورة التعامل الحسن بين رجال الشرطة والمواطنين وتيسير قضاء مصالحهم وأيضا نتيجة عمله الدؤوب في نشر الإنضباط في الشارع المصرى كما نال شهرة واسعة أيضا عندما حارب تجار المخدرات وقاد حملة ناجحة عليهم فقد كان مؤمنا بأن لوزارة الداخلية دور كبير وحيوى ربما تخفق خطاها عن إدراك غاية هذا الدور أحيانًا ولكن من المؤكد أنها تنجح فى إصابته وتحقيق مبتغاه فى أوقات أخرى وكأي مؤسسة من مؤسسات المجتمع وتجمع إنساني ومهني مصرى تتمتع وزارة الداخلية بكل ميزات وعيوب الشعب المصرى لذا يظل الرهان قائما على الضمائر والنوايا والكفاءات وعلى الإدارة الرشيدة والأشخاص الإستثنائيين وقد توافرت مثل هذه الظروف والكفاءات لوزارة الداخلية فى مراحل وفترات عديدة فإنضبطت المؤسسة وتحسنت وسائل العمل وأدرك الجهاز الأمني الأهم والأكبر فى مصر غايته وحقق متطلبات دوره فوقف بالمرصاد للجريمة والخروج عن القانون ومحاولات إفساد وتدمير المجتمع كما يفترض فيه أن يقف دائما وكان من هذه الفترات والمراحل عامين في الثمانينيات من القرن العشرين الماضي يتوسطان مرحلة مرتبكة سياسيا وإجتماعيا وأمنيا عقب إغتيال الرئيس أنور السادات يوم 6 أكتوبر عام 1981م وتولى رئيس آخر حكم البلاد ومع تصاعد المد الإرهابي الذى تتزعمه جماعات وتيارات إسلامية متشددة كانت وراء إغتيال الرئيس السادات وتحلل القبضة الأمنية للدولة بما يسر إنتشار الخروج على القانون ورواج المخدرات وغيرها من الأعمال المتحدية لسلطة الدولة وأمان المجتمع حيث شهدت مرحلة إستثنائية ورجلا إستثنائيا هو اللواء أحمد رشدي .
ولد اللواء أحمد رشدى في يوم 29 أكتوبر عام 1924م بمدبنة بركة السبع بمحافظة المنوفية وبعد حصوله علي شهادة إتمام الدراسة الثانوية إلتحق بكلية الشرطة وتخرج منها عام 1946م وبدأ عمله ضابطا صغيرا في قسم شرطة روض الفرج بالقاهرة ومنذ ذلك الوقت لم يؤمن بقانون العنف فى التعامل مع الخصوم أو أن القوة والعنف هما الأسلوب الأنجح فى عمل رجل الشرطة ولكنه آمن بأن الدهاء والحيلة هما أكثر الأساليب الناجحة للقبض على المجرمين وطبق هذه النظرية طول مدة حياته الوظيفية وهو ما أثار حفيظة كل من عمل معه وقد تدرج اللواء رشدى في مناصب الشرطة المختلفة في مجال المباحث الجنائية كما تردد عنه أنه من قام بتقديم رفعت الجمال الشهير برأفت الهجان وقام بترشيحه لضباط جهاز المخابرات العامة لتجنيده وإستخدامه فى إختراق المجتمع الإسرائيلى وذلك بعد معرفته ببحثهم عن شخص ذكى له جذور إجرامية ومعرفة وإطّلاع علي عدة لغات وثقافات مختلفة كى يتمكن من التعامل مع الإسرائيليين ويخترق مجتمعهم والحياة بينهم بسهولة ويسر وذلك عندما تم ترحيله إلي القسم الذى كان يعمل به اللواء رشدى حينذاك في عام 1954م ووجده يتكلم بعض الكلمات الإنجليزية وبعض الكلمات الفرنسية ويحمل أكثر من إسم وذلك بعد عمل التحريات اللازمة عنه ثم إلتحق بالعمل في جهاز مباحث أمن الدولة ومما تعرض له في حياته الشرطية أنه تعرض للإعتقال عقب إنفصال مصر عن سوريا حيث كان اللواء رشدى وقت الوحدة يخدم فى سوريا برتبة رائد وبعد أن وقع الإنفصال تأزمت الأمور قليلا وحدث أن تم إعتقاله هو وآخرين هناك وقضى فى السجن فترة ليست قصيرة وكان هو آخر من عاد إلى مصر من المعتقلين الموجودين هناك وفي عام 1981م عندما تم إغتيال الرئيس أنور السادات كان اللواء احمد رشدى يشغل منصب مدير أمن القاهرة وكان متواجدا مع اللواء فاروق الحيني واللواء حسن أبو باشا مساعد وزير الداخلية للمنطقة المركزية حينذاك والذى كان قبل ذلك رئيسا لجهاز مباحث أمن الدولة في مكتب اللواء أبو باشا وبعد بداية العرض قطع الإرسال وتم سماع صوت طلقات رصاص وعلى الفور طلب اللواء أبو باشا من اللواء احمد رشدي أن يذهب لقيادة القوات المتمركزة أمام مبنى التليفزيون في ماسبيرو حتى يتصدى لأي هجوم محتمل هناك لإذاعة بيان أو خلافه وهذا أمر بديهي في ظل الظروف الغامضة التي خلفها قطع الإرسال وصوت طلقات الرصاص وقال اللواء أبو باشا للواء رشدي سأرسل إليك تعزيزات مباشرة وشرع هو في تنفيذ خطة للطوارئ تم إعدادها بعد أحداث الإنتفاضة في شهر يناير عام 1977م للسيطرة على القاهرة وأعطي أوامره باللاسلكي لتنفيذ الخطة وبعد ساعة ونصف الساعة إتصل وزير الداخلية آنذاك محمد النبوى إسماعيل باللواء أبو باشا وسأله عملت إيه فقال له نفذت خطة الطوارئ وكلفت اللواء أحمد رشدي بقيادة القوات التي تحرس التليفزيون .
وبعد ذلك وفي شهر يناير عام 1982م تم تعيين اللواء حسن أبو باشا وزيرا للداخلية خلفا للواء محمد النبوى إسماعيل وهو يعد بحق أحد الذين لهم بصمات واضحة في محاربة الإرهاب و الحد من عمليات القتل المستمرة التي تبناها الإرهابيون وقد شغل هذا المنصب حتي شهر يوليو عام 1984م وكان لأبو باشا موقفا مثيرا للجدل خلال الإنتخابات البرلمانية التي أجريت في شهر مايو عام 1984م حيث تحدث البعض عن أن أبو باشا رفض تزوير هذه الإنتخابات وفي أحد جلسات مجلس الوزراء قبل إجراء هذه الإنتخابات كان عليه أن يأقدم تقريرا بالموقف وعندما بدأ في تقديم تقريره أدار رئيس الوزراء الدكتور فؤاد محيي الدين الكرسي وأعطاه ظهره في حركة مكشوفة ومع ذلك واصل اللواء أبو باشا تقديم تقريره قائلا إن من المتوقع أن تحصل المعارضة على 25% من المقاعد والحزب الوطني الحاكم على 75% فقط وبعد أن إنتهي اللواء أبو باشا من كلامه عاد رئيس الوزراء بكرسيه إلى وضعه الطبيعي وأمسك الميكرفون وقال أنا أسجل على وزير الداخلية إنه يقول إن المعارضة ستأخذ 25% من المقاعد البرلمانية ومعنى ذلك أن المعارضة ستحصل على حوالي 100 مقعد وبالتالي ستعمل مشاكل للنظام حينها إعترض اللواء أبو باشا وقال يا سيادة رئيس الوزراء لماذا تسجل ذلك على وزير الداخلية سجل على نفسك كأمين عام للحزب الوطني أنتم وأحزاب المعارضة تشاركون في الإنتخابات وتحققون النتائج طبقا لقوة كل حزب ووزير الداخلية لا يجري إنتخابات لكنه يؤمنها فقط وكانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير حيث بعد الإنتخابات تم إستقالة الوزارة وتشكيل وزارة جديدة وتم إختيار اللواء أحمد رشدى ليشغل منصب وزير الداخلية وكان يشغل حينذاك منصب مساعد وزير الداخلية للأمن الإقتصادى .
وكان من أوائل القرارات التي إتخذها اللواء أحمد رشدى بعدما تقلد منصب وزير الداخلية حينما تعلق الأمر بعمل إبنه ضابط شرطة والذى قال له يا بابا أنا زمايلى بس قالولى أقولك إننا كنا عايزين مكافآت عشان بقالنا فترة ماخدناش مكافآت وكده فرد عليه والده ماشى وفى اليوم التالى مباشرة وبمجرد أن وصل الواء أحمد رشدى إلى مكتبه فى الوزارة قام بإحضار طلب إستقالة وكتبه بإسم إبنه ووضع طوابع التمغة علي الطلب ووقّع عليه بالموافقة وعندما عرف إبنه بما جرى قال له والده أنت لا تصلح أن تعمل فى جهاز الشرطة طول ما أنت شايف إن أبوك كوزير للداخلية هاينفعك ليخرج إبنه من الخدمة ويعمل بعدها فى مجال المحاماة وجدير بالذكر أن من كان يستقيل من الشرطة حينذاك قبل عدد سنوات معينة من الخدمة لابد وأن يدفع مبلغ قدره ستة آلاف جنيه وهو المبلغ الذى تكلفه كطالب فى كلية الشرطة كمصاريف للتعليم والتدريب والإعاشة وكان للوزير صلاحية أن يعفى الضابط المستقيل منها لكن اللواء رشدى رفض أن يعفى إبنه من هذه المصروفات وكل ما فعله أنه سمح له بسدادها على أقساط وطبقا للقانون .
وكان اللواء أحمد رشدى ينزل من بيته ليلا أو فجرا مرتديا جلبابا ممزقًا وشبشب قديم فى قدميه ويدخل على أى قسم شرطة متظاهرا بإصابته مطالبا ضباط القسم بعمل محضر يفيد بأن هناك لصوصا هجموا عليه وضربوه وتسببوا فى جرحه وإصابته وسرقوا ماله ومتعلقاته ليختبر ردود أفعال الضباط وكان يتخذ مواقف صارمة وحازمة مع الضباط ومأمورى الأقسام الذين يتعاملون بأسلوب غير لائق ويبدو من تعاملهم أنهم يهينون المواطنين ولا يحترمون القانون ولا طبيعة عملهم وقد كرر الأمر بشكل كبير إلى حد أن تسبب هذا الموقف فى رعب كبير فى كل الأقسام وفى وزارة الداخلية بأكملها وهو ما ساهم فى إنضباط العمل فى الأقسام وبإدارات وزارة الداخلية المختلفة بدرجة كبيرة وملحوظة ومما يحكي عن هذا الأمر أنه جاء رجل قرب منتصف الليل إلى قسم الأزبكية قد بلغ من العمر أرذله يتكئ على عصاه متسخا فى ثيابه واضحا عليه الإعياء الشديد ومصابا أعلى جبهته اليمنى ليقوم بتحرير محضر لمن قاموا بالإعتداء عليه وعندما دخل إلى القسم وجد مجموعة من ضباط القسم يلعبون ويتسامرون فإذا به ينادى عليهم فيرد أحدهم قائلا مالك عاوز إيه على أخر الليل فيجيبه الرجل أريد أن احرر محضرا فى من قام بضربي فيجيب الضابط فى إستهزاء إترزع لحد ما نشوفلك صرفة فلم ينتظر العجوز هذا الضابط وتوجه على الفور إلى مكتب مأمور القسم وعندما قرع الباب ودخل عليه قائلا أريد أن أحرر محضرا والسادة الضباط لا يستجيبوا لى فإذا بالمأمور ينهال على ذلك العجوز سبا قائلا له إيه اللى جابك هنا يا حيوان إنزل إترزع تحت وماكان من الرجل العجوز إلا أن طرح العصا على الأرض وأزال الكمامة التي كان يضعها على جرحه الزائف ناظرا إلى المأمور الذى تسمرت قدماه فور وضوح الرؤية لوجه ذلك العجوز ثم ذهب اللواء رشدى وجلس على مكتب المأمور آمرا له قائلا إجمعلى كل البهوات بتوع القسم وأنت على رأسهم وقد كان ذلك وقام اللواء رشدى بإعطاء جزاءات لكل ضباط قسم الأزبكية .
وكان من ضمن الملفات التي واجهها الوزير أحمد رشدى هو ملف منظومة المرور الذى يصفه الكثيرون بأنه السرطان الذى لا دواء له ولكن الرجل خلال فترة وزارته نجح فيما فشل فيه الآخرون حتى اليوم والدليل أن هذه المنظومة إنهارت عقب خروجه من الوزارة مباشرة وفشلت كل خطط وزراء الداخلية الذين جاءوا بعده فى حل هذه القضية حتي اليوم والتى تحولت إلى كارثة وظهرت مافيا الميكروباص والتوك توك رغم وجود ترسانة هائلة من القوانين الرادعة لكن الجميع فشل فى تطبيقها والنتيجة نراها الآن والمتمثلة فى كارثة إسمها الفوضى المرورية مما يجعلنا نترحم جميعا على أيام الوزير أحمد رشدى وكانت أيضا هناك معركة أخرى خاضها اللواء أحمد رشدى عندما كان وزيرا للداخلية رفعت أسهم الرجل ليس فقط على مستوى الشارع المصرى بل فى الدوائر الأمنية الدولية والعربية هذه المعركة أطلق عليها عملية البكوش نسبة إلى عبدالحميد البكوش رئيس الوزراء الليبى الأسبق واللاجئ السياسى لمصر حيث أرسلت ليبيا أفرادا من منظمه إرهابية أوروبية لإغتيال الرجل فى القاهرة ولكن رشدى نجح فى تلقين من أراد أن يعبث فى الأمن القومى لمصر درسا لن ينسوه حتى الآن حيث إستخدم خطة الخداع الإستراتيجى بإدخال عناصر أمنية متخفية ضمن الشبكة الإرهابية بهدف المساعدة فى قتل البكوش ونجحت خطة الخداع وشرب العملاء الطعم وأعلنوا أنهم قد نجحوا فى قتل البكوش بالقاهرة لكن اللواء رشدى خرج فى مؤتمر صحفى عالمى يفضح أكاذيبهم وبصحبته رئيس وزراء ليبيا ووقف البكوش أمام عدسات التليفزيون سليما معافى يستقبل نظرات الذهول وكان من نتائج ذلك تضاعف شعبية الوزير الأسطورى الذى كان عصره عصر تألق أمنى وتكاتف شعبى شرطى غير مسبوق .
ونأتي إلي ملف آخر كان من أهم الملفات التي تصدى لها وزير الداخلية اللواء أحمد رشدى الذى تقلد هذا المنصب في فترة حرجة من تاريخ مصر ووجد في إنتظاره عدة ملفات يمثل كل واحد منها مهمة مستحيلة في حد ذاته ومنها هذا الملف الذى سنتناوله وهو ملف تجارة المخدرات ولم يضيع الرجل وقتا وبكل حنكة وخبرة السنين فتح رشدي هذا الملف الشائك دون إنتظار وكانت حرب الباطنية ضد تجار المخدرات واحدة من أعنف حروب اللواء أحمد رشدى وتاريخيا فقد بدأ ملف تجارة المخدرات يتضخم في نهاية عصر السادات بإنتشار مخدر الحشيش كالخبز تماما حيث كان يباع في كل مكان وبأسعار في متناول الجميع وبذلك أصبح الحشيش سلعة شبه مشروعة وإكتشف اللواء أحمد رشدي أن حيا من أفقر أحياء القاهرة هو حي الباطنية هو المركز والعصب الرئيسي لتجارة المخدرات بمصر كلها فبهذا الحي الضيق المتميز بكثرة تفرعاته وحواريه وأزقته الضيقة تصب المخدرات الواردة من شتى أنحاء العالم ومن بؤر التصنيع المحلية على يد كبار المهربين لتبدأ رحلتها مجددا من الحي إلى حيث تجار التجزئة وعلي الرغم من مئات الحملات التفتيشية التي قامت بها مباحث مكافحة المخدرات على الحي إلا أن هذه القوات الضخمة لم تفلح ولو لمرة واحدة في ضبط أحد كبار التجار أو الإيقاع بواحد من حيتان السوق فيها ولما درس اللواء أحمد رشدي الملفات بحث عن مبرر منطقي لكيفية فشل رجال الشرطة في العثور على المخدرات وخلص بعقلية رجل أمن الدولة المخضرم إلى أن هناك تواطؤ مكثف من بعض رجال الشرطة وإلا كيف تصل معلومات قيام الحملات قبلها بفترة لتختفي المخدرات في دقائق معدودات وهى التي كانت تباع علنا في شوارع الباطنية وأزقتها ويقف المدمنون في صفوف ينتظرون الكيف .
وقام الوزير بتشكيل فريق العمل الذي إختاره على أعلى مستوى وإكتشفوا ببساطة أن جميع رجال الشرطة السريين المزروعين كمرشدين للمباحث في قلب الحي هم الذين يتولون عملية تحذير مافيا المخدرات لتتخذ أهبتها وتختفي في سراديب غير معلومة وتم إعداد خطة متقنة على طريقة عمليات المخابرات لا عمليات الشرطة وتم إصدار الأوامر لجميع رجال الشرطة بالحي لحضور إجتماع مع الوزير الجديد وبمجرد أن تم التأكد من خلو الحي من المرشدين القدامى إنطلقت قوات الشرطة في عرباتها المصفحة ولم تعلم بطبيعة إتجاهها ومهمتها إلا في الطريق إلى حي الباطنية ضمانا للسرية الكاملة وتساقط رجال مافيا المخدرات كالذباب في واحدة من أكبر عمليات المباحث ضد تجار السموم وكان لهذه العملية وقعها المؤثر إلا أنها لم تكن إلا مجرد البداية لما أراد أحمد رشدي الوصول إليه فإنهاء تلك التجارة لم يكن يقتصر فقط على إنهاء أسطورة الباطنية بدك معاقل تجار المخدرات بها وإقامة الشرطة على نحو دائم بالحي الشهير بل لإعادة هيبة الدولة إلى تلك البؤرة ثم بدأ في تطهير إدارة مكافحة المخدرات بضم عناصر نشطة جديدة إليها يجهلها المهربون الذين بلغت قوتهم أنهم جمعوا ملفات لكبار ضباطها وصغارها وكانت الضربة الثالثة هي إعادة تشكيل وتخطيط أسلوب رقابة المنافذ التي تأتى المخدرات عبرها وإنطلقت قوات الشرطة والمكافحة تغلق الطريق أولا في وجه الزراعة الداخلية لنبات الخشخاش والتي تركزت في سيناء بشكل أساسي ومن المطارات والمنافذ البرية والبحرية فأدخل أحمد رشدى لأول مرة أسلوب إستخدام الكلاب البوليسية المدربة في التفتيش والفحص إضافة إلى إستمراره في معالجته قضية المخدرات بإعتبارها قضية أمن دولة لا قضية جرائم جنائية كما قام الوزير بزرع عناصر جديدة لإختراق شبكات تجارة المخدرات من داخلهم بضباط مرشدين مدربين فعجزت الشبكات عن مجاراة أحمد رشدي في أسلوب حصوله على المعلومات وكانت النتيجة أن أعلنت شبكات تجارة المخدرات حربا ضروسا ضد هذا الوزير الذي قطع عليهم كل سبيل وعلى نحو لم يستطع وزير من قبله أن يتبعه .
وبإحكام اللواء أحمد رشدى الحصار حول الزعماء والتجار الكبار والممولين لصفقات المخدرات خسرت شبكات التهريب ملايين الجنيهات فإتخذت هذه الشبكات قرارا مصيريا يعوضها عن تلك الخسائر بإتباعها لطريقين الأول تغيير النشاط من المخدرات البسيطة إلى الأنواع الثقيلة والمقصود بها البودرة بأنواعها من مشتقات الأفيون والكوكايين والهيروين لصعوبة كشفها من جهة ولإرتفاع أرباحها إلى عدة أضعاف من جهة أخرى والطريق الثاني هو تكثيف التعاون مع الجهات الخارجية عن طريق العملاء الرسميين للدول الأجنبية إذ وجدت أجهزة المخابرات المعادية إمكانية وسهولة الإتصال بشبكات التهريب نتيجة لحاجتهم الماسة إلى الدعم وفوجئ أحمد رشدي بهذا التطور الفادح وبدأت البلاد تدخلها هذه الأنواع المدمرة من السموم البيضاء كما ظهرت في مصر للمرة الأولي أيضا مافيا الأدوية المخدرة من الأنواع البسيطة كحبوب ومسكنات جدول المخدرات إلى الماكستون فورت وبالطبع علم رشدي بالتطور الجديد فقام بتكثيف المراقبة على نحو أشد على جميع المنافذ وأدت الكلاب المدربة دورها بعد إعادة تدريبها على الأنواع الجديدة من المخدرات كما شدد الرقابة على شركات الأدوية وعلى الصيدليات كما قام بتكثيف المراقبة على التجار والممولين بإستخدام عناصر كانت من داخلهم وتمت إعادة تأهيلهم ومكافأتهم نظير التعاون وإستمرت الحرب طيلة فترة ولاية أحمد رشدى وبدا للمراقبين أن هذا الوزير الفذ على وشك تحقيق إنتصار ساحق على تجار المخدرات وإضطربت أعصاب مافيا المخدرات والمتعاونين معها فدبروا المؤامرات بالإستعانة بعدد من كبار المسئولين في الدولة وتم تدبير أحداث الأمن المركزي التي أطاحت بالوزير أحمد رشدي في النهاية وفي شهر مارس عام 1986م إنتشرت ماركة جديدة وقوية من مخدر الحشيش في شوارع القاهرة روج لها أباطرة المخدرات بإسم باي باي رشدي كنوع من الإستهزاء بوزير الداخلية المطاح به آنذاك اللواء أحمد رشدي حيث كانت نتيجة أساليبه الجديدة في مكافحة المخدرات أن أعلنت شبكات تجارة المخدرات وأعوانها الكبار الفاسدون فى الدولة حربا ضروسا وقتالا ضاريا ضد هذا الوزير الأسطورة الذى لم يترك لهم منفذا لتجارتهم وقطع عليهم كل طريق ففكروا وخططوا ودبروا المؤامرات للإطاحة به وهو ما قاد فى نهاية المطاف إلى إستقالة الوزير أحمد رشدى من وزارة الداخلية بعد أحداث الأمن المركزي الشهيرة فى أواخر شهر فبراير عام 1986م وكان رحيله سببا فى حزن وأسف الكثيرين من المواطنين المدنيين ومن رجال أجهزة الشرطة الشرفاء وبعدها تم إنتخابه عضوا فى مجلس الشعب عن دائرة بركة السبع بمحافظة المنوفية وكانت وفاته في يوم 4 يوليو عام 2013م عن عمر يناهز 89 عاما وتم تشييع جثمانه في جنازة عسكرية رسمية مهيبة .
وتتلخص أحداث الأمن المركزى التي أطاحت بالوزير أحمد رشدى والتي تعرف بإسم إنتفاضة الأمن المركزي وهي التي تظاهر فيها أكثر من 20 ألف جندي أمن مركزي في معسكر الجيزة إحتجاجا على سوء أوضاعهم كما تسربت شائعات عن وجود قرار سري بمد سنوات الخدمة لهم من 3 إلى 5 سنوات وتخفيض مرتباتهم والتي كانت تقل عن 6 جنيهات في الشهر وقد بدأت هذه الأحداث في يوم 25 فبراير عام 1986م حيث خرج الجنود من معسكرين للأمن المركزي في منطقة الأهرامات مندفعين بخوذاتهم ورشاشاتهم وبنادقهم في مظاهرات مسلحة إلى فندق الجولي فيل في مواجهة أحد المعسكرين اللذين بدأ منهما التحرك وحطم الجنود واجهاته الزجاجية وإقتحموا الفندق وبدأوا يحرقون ما فيه كما قاموا بإحراق فندق هوليداي سفنكس ومبنى قسم شرطة الهرم وفندق ميناهاوس وبعض المحال التجارية الكبيرة في المنطقة وفي خلال ساعات إستطاع الجنود إحتلال منطقة الهرم بأكملها بما في ذلك مداخل طريق الإسكندرية الصحراوي وطريق الفيوم وترعة المنصورية وفي وسط هذه الأحداث ذهب اللواء رشدى بنفسه إلى المعسكر الذى بدأت منه إحتجاجات مجندي الشرطة وتعرض لقذائف الحجارة هو ومرافقوه رفضاً من المحتجين لسلطة الحكم في تلك الأيام التي نزل فيها الجيش إلى الشارع المصري بقيادة المشير الراحل محمد عبدالحليم أبوغزالة الذى كان يستطيع أن يحوز السلطة فى ساعات أثناء تلك الأحداث لكنه لم يفعل وفي الساعة الثالثة من صباح يوم الأربعاء 26 فبراير عام 1986م أعلنت حالة الطوارئ وفرض حظر التجول في القاهرة وفي حوالي الساعة السادسة صباحا إنتشرت قوات الجيش وإحتلت عددا من المواقع التي يتواجد فيها الجنود المتمردون وبدأوا في حصار الجنود وبعد معارك ضارية إستطاعت قوات الجيش أن تسيطر على المنطقة وما كادت ساعات صباح الأربعاء الأولي تمر حتى بدأت الإنتفاضة في أغلب معسكرات الأمن المركزي الأخرى في العاصمة .
تعليقات