مسلمو الإيجور يتحدون الفناء

مسلمو الإيجور يتحدّون الفناء






بقلم : عادل صديق
سنظل كمسلمين ندين للإعلام الغربي بالكثير رغم تجنّيه بل جنايته علينا، فلم يعد ما ينالنا منه على سبيل الادعاء أوالجناية الافتراضية، ورغم ما نالنا منه إلاأنه يعود له الفضل في محو أميّتنا المعرفية عن أنفسنا، فمن منا ـ بخلاف المثقفين ـ المسلمين يعرف تركستان الشرقية، ومن منا يعرف أن بها مسلمين يواجهون الفناء كلّ حين،أو كلماأرادت الصين الشعبيةأن تكسر شوكتهم،وكيف نستطيع الاستغناء عن العملاق الصيني في مفردات حياتنا وهو الذي غزا بلادنا اقتصاديا في كل ما نملك تقريبا،ولأننا من دول العالم الثالث الفقير فنحن زبون دائم لما تنتجه الصين "من الإبرة للصاروخ" بل صارت بضائع الصين هي الأجود، فلم يعد يتكلم الكثيرون عن الجودة الأوروبية، أو اليابانيةالتي تعد فوق الطموح لدى قطاع عريض من الشعوب الإسلامية، بل الجودة الصينية للفقراء!
علاقات قديمة مع الإسلام
لا يعرف الكثيرون أن في الصين مسلمين أو أن هناك رباطا وثيقا قديما يربط الصين بالعالم الإسلامي منذ عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ حين بعث الصحابي الجليل "الحكم بن عمرو الغفاري"، لكن مرحلة الفتح لهذه البلاد بدأت في عهد الخليفة الأموي "عبدالملك بن مروان" على يد قائده الباسل "
قتيبة بن مسلم الباهلي"الذي تمكّن في الفترة من (83- 94هـ ـ 702- 712م) من السيطرة على ربوع تركستان ونشر الإسلام بين أهلها، بل فتحت الصين أبوابها للمسلمين من أجل التجارة والدعوة إلى الله عقب مصالحة تمت بين إمبراطور الصين والقائد "قتيبة بن مسلم"، وتوثقت العلاقات التجارية بين العرب والصين، وحصل بعض التجار المسلمين على ألقاب صينية رفيعة بل صار المسلمون ذوي حظوة لدى ملوك الصين وعلى الأخص في عهد أسرة "سونج" في القرن العاشر الميلادي بل سُنت قوانين بحمايتهم وعقاب من يسيء إليهم !
وفي عهد الخليفة العباسي "أبي جعفر المنصور" تعرض الإمبراطور الصيني "سو" لتمرّد، فاستغاث بالخليفةالعباسي"أبو جعفرالمنصور" سنة (139هـ ـ 756م) فأرسل إليه أربعة آلاف جندي مسلم، ونجح الإمبراطور بمساعدتهم في القضاء على التمرد واستعادة عرشه،الأمرالذي أدّى إلى استبقاءالإمبراطور لهؤلاءالجنود؛ فتزوجوا من الصينيات.
وفي فترات ضعف الخلافة العباسية قامت في المنطقة مجموعة من الدول المستقلة،ثم حكمها المغول بعد قضاء"جنكيز خان" على الدولة الخوارزمية سنة (628هـ ـ 1231م)
وأسهموا في غرس بذور الإسلام، وتشير بعض السجلات الصينيةإلى أن الحكومة الصينية كانت تدفع بعض الأموال السنوية لأسر هؤلاء الجنود.
التنين الصيني
المذبحة الأخيرة التي حدثت لمسلمي تركستان الشرقية في يوليو 2009 لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد سبقتها مذابح كثيرة منذ الهيمنة الاستعمارية الصينية على هذه البلاد في العام 1949 في عهد ماوتسي تونج ، أي منذ 60 عاما من القمع والتهجير القسري للشعب الإيجوري، والنهب لثرواته، وجعله حائط صدأو درعا بشرية للدول النووية،والتواجدالإسلامي المقاوم الذي يسعى للتحرر من قيد الاستعمار، لقد كانت سياسة الحكومة تجاه المقاومةأوالذين قاموابالثورات" اضرب بقوة"وذلك في العام 1996، منعوا المسلمين من المساجد وفي شهر رمضان!

وثار المسلمون فقتل منهم 300 مسلم،وألقي القبض على 10 آلاف،وفي العام 1997 قامت السلطات الشيوعية باعتقال 17000 مسلم ووضعوافي معسكرات السخرة لجيش التحرير والبناء، وقامت الأجهزة الصينية بهدم 133 مسجدا،وأغلقت 105 مدارس إسلامية !!

كان هذا دأب الحكومة الصينية لمن لا يرضى من الإيجوريين بالعسف الصيني، ولا بالاحتلال،لقد كانت قبضة الصين هي الأقوى، فقد قتلوا من الإيجور المسلمين مائة ألف إنسان مع سبق الإصرار خلال فترات العسف، وأرادوا طي صفحة تركستان الشرقية إلى الأبد، لكن كانت ثورات أصحاب الحق هي الحكَمُ بين المحتل وصاحب الحق، مهما كانت قوة وعتو الباطل.
الثروات هي الهدف
لقد كانت أعين الصينيين مفتحة على ثروات هائلة تذخر بها أرض الإيجور من النفط والغاز الذي يعد عماد"ثورة التصنيع"التي كانت الصين تنظر لمستقبل تخطط له،فتملك تركستان ثروات هائلة من النفط والمنتظر أن تصبح التركستان في سنة 2010م هي المنتج الأول للنفط والغاز، إضافة إلى أن أرض تركستان صارت ممرا استراتيجيا لأنابيب النفط القادمة من الدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي السابق، لأن احتياج الصين كثاني مستهلك للوقود في العالم في حاجة لإمداد لا ينقطع، لذا تحولت تركستان إلى موقع استراتيجي لأنها تشرف على إمداد عجلة الاقتصاد الصيني بالوقود .


والأشد خطرا هو تواجد اليورانيوم بكميات كبيرة مما يؤهل لصناعات نووية في تركستان لو استقلت، ولدى تركستان ثروات زراعية وخيرات كثيرة متنوعة كل هذا أدى إلى تشديد قبضة الصين على تركستان الشرقية، خشية أن تتحول الرغبة في التحرر والاستقلال في ظل تواجد إسلامي يحيط بالصين من اتجاهات متعددة إلى السعي لهذا الطريق .


لذا سعت الحكومات المتتابعة على الصين إلى إضعاف تركستان لأبعد حد من شح التعليم، وعدم الاهتمام بتنميته البلاد، وتفريغها من السكان الأصليين من الإيجور، وتوطين الهان محل الإيجور لخلخلة البنية السكانية، وكلها إجراءات منظمة، واتخذ المكتب السياسي للجنة الدائمة للحزب الشيوعي الصيني في مارس 1996 قرارًا سريا في معالجة قضية تركستان الشرقية، عرف بالوثيقة رقم 7 التي تضمنت تطبيق 10 إجراءات صارمة تبدأ بحظر التعليم الإسلامي، ومنع النشاط الديني، واستعمال القمع والاغتيال والإعدام لمن يعارض الحكم الشيوعي أو يدعو إلى استقلال وانفصال تركستان الشرقية عن الصين.


لقد كانت هناك رغبة مبيتة في الصين لأن تكون الدولة الأولى في التصدير لعالم البسطاء، فتركستان بالنسبة لها تمثل 17% من مساحة الصين الإجمالية، وثروات الإيغور لابد أن تدخل ضمن منظومة التصنيع الصينية بما لديها من إمكانات طبيعية وثروات، وليتهم أشركوا الإيغوريين المسلمين في ثروات بلادهم، بل لم يفعلوا وظل المسلمون طي النسيان، ورهن الاحتياج، فقط أن يكونوا رقما ضعيفا تابعا لدولة المليار وثلاثمائة مليون إنسان.


تركيا تتصدى للتنين
وبعد أحداث يوليو الأخيرة ربما تستطيع مواقف تركيا تحفيز الكثير من الشعوب الإسلامية كورقة ضغط فتركيا استطاعت تحريك أو تفعيل القضية في الأمم المتحدة، رغم ضعفها النسبي أمام فيتو الصين العملاق، وكعضو دائم في "مجلس الأمن" والصين عملاق اقتصادي من الصعب أن يغامر باقتصاده، ولكن هذا العملاق لا يقبل أن تهزه الريح.


المسلمون في تركستان الشرقية والتي صارت شينجيانج يتعرضون لحرب إبادة وتطهير عرقي وبشراسة تضاهي شراسة الصرب في مذبحة البوسنة مطلع تسعينات القرن الماضي أو ضمن مسلمي البلقان، مما يجوّز لنا أن نطلق عليه " بلقنة الإيغور" من تمزيق وتهجير وتغيير ديموغرافي وتقويض واقع وإخلاف وعود لهم بالحكم الذاتي .


فهل تنجح تركيا وحدها كممانعة افتراضية في التصدي للتنين الصيني بقوة ضغط وخاصة أن الكثير من الضغوط السلبية بالمقاطعة تكاد تتلاشى، وسط بحر متلاطم من دول إسلامية تلوذ جميعا بالصمت ـ وتركيا وحدهاالتي تحشدالشعب لهزالصين اقتصاديا،أو من خلال انتهاكات حقوق الإنسان إن أمكن،أوإثارة الرأي العام العالمي على سياساتها بعد دفع مجلس الأمن إلى مناقشة المذبحة التركستانية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان