السلام هل يجهض التدخل الدولي في الشأن السوداني

 
نشر في  موقع محيط الإخباري 
في 14فبراير2007

تحقيق: عادل صديق

سيظل السودان ـ وإلى أجل غير مسمى ـ يعاني من اضطرابات عرقية حيث لم تنجح حكوماتها المتوالية في مزج هذا الخليط القبلي معا، أو التقريب بين غير المتناغم من شعبها التي تجمعه كثير من الأواصر وتفرقه القبلية إلا خلال فترات قصيرة من التاريخ، فكثير من القبائل ترى أنها لم تشد معطيات التنمية ، على غرار سكان المدن ، لا بد من المطالبة بالحق الذي لم يصل إليهم منذ قديم .
قد تبدو هذه الرؤية غريبة نوعا على المجتمع السوداني، ولكن أطرافا خارجية تدخلت لدفع بعض القبائل إلى التمرد والمطالبة بالحقوق ـ لمصالح تهمها ـ ، حيث يعاني الكثير من سكان السودان من انعدام وجود التنمية على الرقعة السودانية واقتصارها على العاصمة والمناطق النيلية ،كما يدعو المتمردون إلى المساواة والاعتراف العملي بحقوق المواطنة التي تساوى بين الجميع بغض النظر عن العرق والدين واللغة، ،كل ذلك أدى إلى ظهور الحركات التي تؤمن بالثورة على غرار الجنوبيين، سواء في الغرب من قبل سكان دار فور الذي يشكل 20 % من مساحة السودان، أو في شرق السودان الذي يشكل قنبلة موقوتة عرضة للانفجار في أي لحظة لتخلف وراءها دمارا وتهديدا يزيده الوضع اشتعالا .
كان لتوقيع السودان على إعلان المبادئ مع جبهة شرق السودان صدى لدى المراقبين وذلك برعاية أريتريا ـ الغريم السابق للسودان ـ ، عقب زيارة الرئيس الأريتري للخرطوم والتي وصفت بأنها كانت تتمتع بالشفافية لتطوي 7 سنوات من أجواء الحرب تبادل خلالها الطرفان الاتهامات والإنكار بدعم المتمردين والمعارضين.
وكانت المباحثات حول القضايا العالقة بين الرئيس السوداني "عمر البشير" والأريتري "أسياسي أفورقي" بداية إزالة التوتر وأجواء الحرب بين البلدين وذلك في 12 يونيو 2007.
فهل تجهض أجواء السلام محاولات التدخل الدولي في الشؤون السودانية؟،يبدو أن السؤال سيظل معلقا بلا إجابة إلى حين، حيث تصنع الأحداث قوى كبرى ، حرب للمصالح تريد الاستئثار بخيرات السودان دون أهله .
كانت الزيارة ـ التي وصفت بأنها مفاجئة ـ خطوة كبيرة أعقبت مفاوضات جرت بين الطرفين لإيجاد علاقة حسن جوار بصيغة تقبلها كافة الأطراف المتنازعة ، لقد حاول البعض إفشالها لإحراج المفاوضين، فكانت زيارة أفورقي اختصارا للتحركات السياسية الجارية بين البلدين إيذانا بفتح الحدود بين البلدين ، ولقاء الرئيس الأريتري مع نائبي الرئيس السوداني علي عثمان طه ، وسلفاكير ميارديت ومستشار الرئيس الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل الذي يرأس محادثات السلام مع متمردي شرق السودان .
وأعقب الزيارة لقاء مستشار الرئيس السوداني في التاسع عشر من يونيو في عاصمة أريتريا مع زعيم متمردي جبهة الشرق " موسى محمد علي" والتوقيع على إعلان المبادئ الذي يعد بداية النهاية لقلاقل وتهديدات يعيشها السودان ـ كما يعلق البعض ـ .
  وحدد الاتفاق معايير محادثات السلام بين الطرفين التي تهدف لوضع حد لأزمة شرق السودان الذي يشكو سكانه مما يسمونه التهميش.كما وقع الطرفان اتفاقا لوقف إطلاق النار وذلك في إطار سعي الطرفين لخلق بيئة مناسبة للسلام تشمل وقفا للأعمال العدائية والعسكرية بين الجانبين.ويواصل الطرفان المفاوضات من أجل بحث عدد من القضايا العالقة .
قلاقل لا تنتهي
 كانت الهجمات التي حدثت في شرق السودان في أبريل 2006 حدث متكرر في المنطقة المتوترة في شرق السودان، والتي تتسم بالغليان النسبي وإن كانت بعيدة عن الاهتمام العالمي الذي يركز الآن على غرب وجنوب السودان، والضغط على الحكومة السودانية لإقرار لمزيد من التنازلات على غرار ما كان في الجنوب، ولم يكن إنكار اتهام السودان المتكرر لأريتريا هو الأول ، فكان كل تفجر للموقف في الجبهة الشرقية يعقبه اتهام ثم إنكار، لقد وقعت خسائر بشرية ومادية كبيرة عقب هجوم لـ جبهة الشرق وحركة العدل والمساواة على مواقع شرقي السودان وبالتحديد في كسلا ، كما تم إعلان ولاية كسلا للتعبئة العامة وتوفير المزيد من القوات لمواجهة أي هجوم متوقع وتأمين المواقع الحيوية بالمنطقة.
ولم تكن الحكومة تقف موقف المتفرج مكتوفة الأيدي من مثل هذه الاضطرابات بل كانت تسعى لفرض هيبتها حتى لا يحدث التفكك في الجسد السوداني على غرار ما حدث في يناير 2005 حين تظاهر الكثيرون وتدخلت قوات مكافحة الشغب لتفريق التظاهرات مما أدى إلى مقتل عشرين شخصا من البجا وجرح آخرين في ميناء بورتسودان حيث كانوا يحتجون على ما يرونه تجاهل الحكومة السودانية لمنطقتهم.
 
وكثيرا ما كان يدعو"مجلس قبائل البجا"، إلى إقامة حكومة اتحادية في البلاد، فالمجلس يدعو إلى تسوية من النوع الذي تم التوصل إليه في جنوب السودان خلال الفترة الماضية.
إنكار دائم لإثارة القلاقل
وكالعادة تبرأت جبهة الشرق من العملية العسكرية ونسبتها للتفلت أمني، يقال إن الهدف منه إحراج الوفد الاريتري الذي زار الخرطوم لمحاولة رأب الصدع في علاقات البلدين، لإذن كثير من العمليات العسكرية مفتعلة لضمان مناصرة أريتريا لمتمردي الشرق لإلغاء فكرة التفاوض السوداني مع أريتريا ولكن يبدو أن المشكلة أكثر حدّة، وخاصة أن هناك أطرافا عدة متهمة بتسليح البجا Beja ولها مصالح أن تجعلهم حائط صد ،أو خنجرا في خاصرة الحكومة لمآرب أخرى مما يسبب إثارة القلاقل .
 تعالوا معنا لنتابع المشهد هناك .
  الحكاية من البداية
لا يتخيل أحد أن قبائل البجاBeja تعيش في القرن الحادي العشرين، فلا تزال أكواخهم تأخذ الطابع القبلي المتوارث منذ آلاف السنين ، واللباس لم يطرأ عليه تغيير يذكر،وكذلك أدوات الصيد والرعي ، حتى الأطفال لدى البجا يسارعون للقائك وينظرون إليك كأنك جئت من العالم الآخر، وهذه القبائل تعود للعرق الحامي من نسل "كوشي بن حام".
 الحياة البدائية
   وتتفرع لقبائل عدة على رأسها "الهدندوة"، وأهم مدنهم "ستكات كسلا هيا" في شرق السودان، و"الأمارأر" في "سلّوم" و"بورتسودان" في "كسلا" و"العبابدة" في "شلاتين" و"القصيرة" في "حلايب"، و"أبو رماد" و"عطيرة" في "طوكر"، و"كسلا" و"الشواك" و"الحباب" في "قرورة"، و"عقيق" و"نقفه" و"أغوردات" و"السواكنيه" في "سواكن" و"بورتسودان".ويبلغ تعدادها حوالي أربعة ملايين نسمة، يتركز أغلبهم في السودان، ويعيش جزء كبير منهم في إريتريا وأثيوبيا ومصر.
 اللغة السائدة لدى البجا هي لغة حامية استطاعت الاستمرار ومقاومة عوامل الفناء على غرار متحدثيها، رغم تأثير اللغات الأخرى عليها ، وهي لغة استطاعت الاستمرار والبقاء على غرار ناطقيها الذين يزيدون على أربعة ملايين إنسان ، وذلك رغم التأثيرات اللغوية خاصة من اللغة الغربية، ولا يزالون يتحدثون لغتهم على غرار سكان النوبة ، وتتفرع لغتهم إلى لهجات عديدة .
  أصول البجا
قبائل البجا Beja من القبائل البدائية التي يعيش غالب أبنائها في السودان وإن كان لها فروع في أريتريا ، وأثيوبيا ، وجنوب مصر ، وهم من البدو الرحل الذين لا يعرفون الاستقرار إلا مؤخرا، وأماكن تواجدهم في الجبال ما بين البحر الأحمر ونهر عطبرة والنيل، ويعود اسم البجا إلى العرب الذين أطلقوا عليهم هذا الاسم وعلى كل سكان المنطقة ، وهذا الاسم لا يعني لديهم شيئا، ويرون أنه ألصق بهم، ويفضلون عليه اسم "بداويت" باعتباره اسما له معنى في لغتهم.
ومناطق البجا تبدأ من المدخل الشرقي لأفريقيا عر موانئهم القديمة "بأضع " و"عيذاب" , ساكن ، ، وفي فترات متباعدة كانت المنطقة مقصدا لهجرات من الجزيرة العربية خاصة من سبأ ، والبلي ، في جنوبي مصر ، وقبائل "جهينة" ، و"همذان" ، و"كندة" ،"ولخم"، و"الأزد" ، و"جزام"، و"ربيعة" ، و"مضر"، و"هوازن"، و"بني سليم" عقب الفتح الإسلامي للمنطقة، واختلطت بعض القبائل العربية بقبائل المنطقة وخاصة البجا، استقر في المنطقة بعض النصارى الذين كانوا في طريقهم إلى بيت المقدس من الداخل الأفريقي ، أومن الحبشة ، ويدخل البجا الإسلام وينتشر فيهم تعلّم القرآن الكريم في أكواخ تتسم بالبدائية .
المشهد من قريب
قسوة الحياة صبغت حياتهم،حيث صار الكثيرون منهم بلا طموحات ، وهذا شأن الكثيرمن القبائل التي لم تغادر التاريخ رغم دخول القرن الحادي والعشرين إلى عالمنا الذي يموج بالتغيير ، البجا أو الـ "بداويت " ،كأن التاريخ جاء عندهم وتوقف ، يريد أن يرى العالم المتحضر أن هناك من لا يزال يعيش بلا طموح أو تغيير،إنهم يعيشون في أكواخ من صوف الأغنام الخشن ، وأعواد السدد التي تصنع من نبات الغاب الذي يتواجد بكثرة في الأودية الموجودة في شرق السودان ، وجريد النخل والحصير المنسوج من القش.
لا يقيمون حتى يرحلون وهكذا البداوة ويستخدمون السعف وليف النخل والأدوات الفخارية والأشياء ذات القيمة تحفظ في جراب جلدي كبير يسمى "مسود" .
البجا يعرفون بالسحنة السمراء ، وتبدو وشائج الارتباط مع الأريتريين والأثيوبيين، ويلاحظ أنهم ضعيفو الاختلاط بالآخرين، بالطبع ليس كل البجا على نفس الوتيرة ، لقد ثار الكثيرون على الوضع البائس الذي يعيشونه ، ووجدوا دعما من الدول المجاورة ، ولا نعجب أن نجد رجلا من البجا يركب بعيره.
ويقطع المسافات الطويلة في رحلة شاقة يبحث عن بعض أخشاب الأشجار لتكون وقودا بدائيا، في وقت الأصيل يستظل بظل شجرة وحيدة في صحراء موحشة ويصنع القهوة ويظل ساعات طوال جالسا لا يغادر مكانه ،ورغم ذلك تجده يحمل بندقية آلية سريعة الطلقات جنبا إلى جنب الأسلحة التراثية من سيف ورمح وخنجر والدرقة !!. وهم لا يعيبون من لا يحمل السلاح .
 آثار الحرب على السودان
يشد انتباهك رجال حفاة عيونهم زائغة وشعرهم أشعث حول حفرة صغيرة في قاع نهر جاف ينبع من جبال البحر الأحمر ، ويمتلئ لفترة قصيرة خلال السنة وسرعان ما يجف لمحاولة التعاون لاستخراج الماء ، المنطقة الحدودية في شرق السودان تعاني من شح الماء ولم تجد طريقها بعد لمشروعات التنمية الذي يعد الماء من أوليات المفردات المطالب العزيزة لدى شعوب تعيش في الصحراء مع الإبل رفيقة الدرب والتي تعد قوام الحياة إضافة لقطعان الأغنام والماشية التي يضربها العطش غالب أيام السنة ، والعجيب أن هذا الشح في مصادر المياه ، والاعتقاد السائد لدى المحللين أن الماء من الممكن أن تنشأ حوله حضارة زراعية ويدعو وجوده إلى التوطين على غرار مجاري الأنهار في العالم كافة ، حيث تنشأ حضارات على ضفاف الأنهار .
الحرب الطويلة التي خاضتها الحكومة السودانية مع متمردي الجنوب ـ سابقا ـ تركت آثارها على السكان في هذه البقاع ، لقد ظلوا على حالهم من البدائية مما دفع المنظمات الدولية لتقديم الدعم لهم ـ وبعضها جاء المنطقة للتنصير ـ الافتقار للتنمية هو الطابع العام وخاصة في المنطقة المتاخمة لأريتريا منذ أوائل 1997 ، وكان الاحساس بالاستياء العام هو الإحساس الغالب لديهم ، وكان عاملا لنشوب منازعات أخرى في السودان ، لقد دعا ذلك الوضع المتأزم إلى وصف الوضع في المنطقة بـ "الوضع المتفجر" ، لقد أصيب عمال الإغاثة بصدمة حين وصلوا إلى هذه المناطق لأول مرة في العام 2000 م .
معاناة بالغة
وليس أبلغ من قول المنسق الميداني للجنة الإنقاذ الدولية عم عمق المأساة التي يعيشها البجا بقوله " لقد وجدنا وضعا إنسانيا هو على الأرجح أسوأ ما شهدناه في أفريقيا ، فهم في فقر مدقع وعوز إلى كل شيئ تقريبا ، وما لديهم من مظاهر الحضارة نتاج لسعي بعض أبنائهم من الشباب لخلع جلباب الآباء ، وكان التحديث في الشكل فقط "
في خور ملح بشمال شرق السودان يلاحظ الزائر أن الأمراض تتفشى بين السكان بينما لا توجد مرافق صحية، ولا تعليمية ، نسبة الأمية تتجاوز 97 % تقريبا ، والقتال أدى إلى تفاقم الوضع ،ورغم تواجد جماعات الغوث العالمية، وبعض المعونات من العالم العربي فإنه تسود مخاوف من أن تجعل حالة الاستياء في شرق البلاد إلى ساحة للصراع .
 المساواة بالقوة !!
   لقد حارب البجا جيرانهم عبر التاريخ من النوبة، والمصرين القدماء مرارا ،كما حاربوا " إكسوم " متحالفين مع الملكة زنوبيا ملكة تدمر في قتال ضد الرومان، وقام الرومان بطردهم من مصر في العام 272 م وحاربوا البطالمة، والرومان،والدولة الإسلامية وكل ذلك كان على أرجح الأقوال ـ بسبب ضيق العيش والبحث عن مصادر المياه والغذاء لهم ولماشيتهم .
مغامرون يرفعون السلاح
  وثار البجا على الواقع ضد  الحكومات السودانية المتتابعة، ولكن لم تأخذ الصورة التي عليها اليوم ، بالدعوة إلى وجود كيان يرتبط بالحكومة المركزية ، وإعطائهم حقوقهم ،لقد استخدمتهم دول الجوار كورقة ضغط لإجبار الحكومة السودانية على التنازل، وعدم دعم المعارضة الأريترية التي تعتقد أن السودان كان ولا يزال يأوي المتمردين الذين تدعمهم أثيوبيا إبان الحرب التي اشتعلت بين الدولتين الجارتين، وينحاز للأثيوبيين على حساب أريتريا ، فلم يكن مستغربا أن تسارع أريتريا والهجمة التي قاموا بها مؤخرا دليل على استخدام هذه الورقة ، بل استخدمت الورقة مرات على غرار ما حدث قبل عامين حيث كانت ذروة المفاوضات بين الحكومة والجبهة ،وتلويحات بانضمام الكثير من الفئات والقبائل المهمّشة لمفاوضات السلام ، حيث سعى الراحل جون جارانج عقب توقيع الاتفاق إلى أن يكون وسيطا لدى بعض القوى المتمردة في دار فور وغيرها ـ والتي كانت متحالفة مع الجيش الشعبي أثناء الحرب التي استمرت لأكثر من عقدين.
    وبدأت مفاوضات مبكرة بن الأطراف المسلحة ، يلاحظ أن الجميع يريدون إطفاء نار الحرب ،والجميع يريدون اتفاقا علىغرار اتفاق الجنوب ولكن يبدو أن تدخلات من أطراف أخرى تحول دون تحقق الهدف على المدى القريب ، ونفاجأ مع الكثيرين بانسحاب التنظيمات المسلحة في الشرق من مفاوضات الحكومة والتجمع في القاهرة التي جرت مطلع نوفمبر 2004 حيث يعد ذلك مؤشرا مهما على استغلال هذه الفئات للضغط، والتلويح بالانفصال إن لم يحدث اتفاق يحمل جانب العدالة على غرار ما حدث في الجنوب على أساس النظر إلى الفئات المهمّشة، والمشاركة في الحكم ،واقتسام الثروة ، وأن تنال المناطق المهملة نصيبا في التنمية التي توقفت تماما أثناء حرب الجنوب.
خلافات قديمة مع الجوار
شكلت العلاقة المتدهورة بين السودان وإريتريا دافعًا مهمًا لأسمرا لتقديم دعم لوجستي للمعارضين في الشرق ، وذلك على خلفية الصراع الممتد منذ تولي الحكومة السودانية مقاليد الحكم مع مطلع التسعينيات وتبنيه لجماعة المقاومة الإسلامية الإريترية ضد الحكومة ـ حينذاك ـ تحت مظلة مشروع سياسي إقليمي سوداني سُمي بالمشروع الحضاري سعى لأن تكون السودان قاعدة للتبشير بنظم حكم إسلامية في دول الجوار الإقليمي، لقد كانت القوى في المنطقة تلقى دعما دوليا للحيلولة دون وجود حكم شبيه بالحكم السوداني، يدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية .
توقعات للموقف
 وتنقسم المؤشرات المطروحة في شرق إلى ثلاثة أقسام :
 الأول: يتعلق بالتفاعلات الإقليمية في شرق أفريقيا، حيث توجد صراعات إقليمية بين أثيوبيا وأريتريا، وانفجار الوضع المتوقع في الصومال.
 الثاني: يتعلق بضعف الأحزاب التاريخية والقومية في السودان وعدم قدرتها على الحفاظ على ولاء قواعدها الجماهيرية التقليدية الختمية في الشرق و الأنصار في الغرب
 الثالث: تدشين اتفاقية نيفاشا مع الحركة الشعبية مع إرجاء اتخاذ خطوات ملموسة حتى تظهر نتائج عملية على الواقع السوداني لمباحثات الحكومة مع الجنوبيين، وهناك القوى السياسية الأخرى غير المسلحة أو التي لم تسطع أن تتسبب في خسائر عسكرية وسياسية مؤثرة للحكومة .
لقد كانت لعسكرة الجيش الشعبي لتحرير السودان وقيامه بتحالفات متعددة مع قبائل في الغرب " دارفور" والجنوب الغربي " القبائل الواقعة ضمن طموحات الجيش الشعبي " حيث الاحتياج إليها ـ كقوات عسكرية ـ لا يزال قائما ـ رغم محاولات دمجها ضمن القوات السودانية ـ لمرحلة ما بعد الحكم الذاتي التي تمتد لست سنوات، وفي حالة عدم القناعة بما يقدّم نظام الحكم في السودان، تعاود القوات العسكرية فرض الأمر الواقع، حيث يعقب الحكم الذاتي استفتاء ـ حسب اتفاقية السلام ـ حول قيام وحدة فيدرالية مع الحكومة السودانية ـ حسب رأي الراحل للحركة جون جارنج .
اختلاط نادر بالقبائل
 أو الانفصال بعد الاستئثار بالثروة ،وقد عزز ذلك فكرة أن انتهاج الحركات السياسية نهجا عسكريا وقيامها بثورات مسلحة هو وسيلة بالغة الأهمية لحصولها على مطالبها في التنمية الاقتصادية والمشاركة السياسية في قسمتي الثروة والسلطة..المشكلة متفجرة في شرق السودان، وتفجّر القلاقل في أنحاء متفرقة ينذر بخطر عارم بتقسيم أرض السودان إلى أشلاء ممزقة ،وخاصة في الغرب " دارفور " التي تشكل 20 % من الأرض السودانية ،حيث تم توقيع اتفاق هش خلال الفترة الماضية .
    أن فكرة الفيدرالية أمر مطروح في هذا الاتفاق قد لاقت رواجا وقبولا عاما في السودان منذ أكثر من 50 سنة، لكن هذه الفكرة لم تجد فرصة التطبيق على أرض الواقع السوداني وهي خليط من الحكم الذاتي أو الاستقلال والمشاركة في الحكم على مستوى فدرالي أو وطني ويوازي المصالح المحلية في مقابل المصالح الوطنية. والتفسير الآخر للفيدرالية هو أن المنطقة أو الدولة لها حقوق أو صلاحيات خاصة بها وحكومتها الخاصة، لكن في نفس الوقت، تعتبر بموجب القانون والدستور مشاركة في الحكومة الوطنية أيضا.
   وبعبارة صريحة، تعتبر الحكومة المحلية أو حكومة الدولة مقصورة على المركز، لكنها من الناحية القانونية عضوا في الحكومة الوطنية أو الفدرالية وبهذه الطريقة تتم حماية وصيانة مصالح الدولة وهناك إجماع عام بين فقهاء السياسة على أن الفدرالية وحدها هي الأداة الدستورية الملائمة لتلافي الانفصال واستيعاب التنوع العرقي والثقافي والإقليمي في مجتمع متعدد الأعراق والثقافات والديانات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الكلمات:القدسُ وعكّا نحنُ إلى يافا في غزّةَ نحنُ وقلبِ جِنين الواحدُ منّا يُزهرُ آلافا لن تَذبُل فينا ورقةُ تين ما هان الحقُّ عليكِ ولا خافَ عودتُنا إيمانٌ ويقين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا لا لا لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا لا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي كي تُشرقَ شمسُكِ فوقَ أمانينا وينامَ صغارُكِ مُبتسمين ونراكِ بخيرٍ حين تُنادينا لعمارِ بُيوتٍ وبساتين سنعيدُكِ وطناً رغم مآسينا أحراراً نشدو متّحدين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي#palestine #فلسطين

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

العالم روبرت غيلهم زعيم اليهود في معهد ألبرت أينشتاين، والمختص في علم الأجنة أعلن إسلامه بمجرد معرفته للحقيقة العلمية ولإعجاز القرآن