مستقبل العلاقة مع الغرب 3



  
بقلم عادل صديق
 البروفيسور ثابت عيد يتحدث في هذه الحلقة عن إمكانات عديدة للتعاون مع الغرب وسويسرا خاصة، في زمن يتغلب الاقتصاد ـ كعلاقة ـ على أيّ علاقة أخرى ، وهو شخصية غيورة، ويأمل أن تغلّب مصلحةُ البلدان العربية على المصالح الذاتية التي تسيطر على الكثير من رجال الأعمال العرب والمصريين، الدكتور ثابت عيد لا يمانع أن يحقق رجال الأعمال أرباحا طائلة ـ وهذا حقهم ـ ولكن بمصداقية وبغير أسلوب الفهلوة التي اشتهر به كثير من المصريين.




عليهم ألا يلوثوا سمعة بلادهم وصورتها بأساليب لا تليق مثل: الغش التجاري والكذب، فالعقلية الغربية لا تغفر أبدا لمن تعامل معها بالكذب والغش والفهلوة ـ كما يقول الدكتور ثابت ـ ، بل يسقط من يفعل ذلك من حساباته .

   يواصل ثابت عيد طرح أفكاره التي تؤدي إلى تحسين صورة العرب والمسلمين في الغرب ومنها تأسيس مجلة ثقافية شهرية على غرار مجلة DU التي تعد كبرى المجلات السويسرية الثقافية المميزة الرئيسية، والمجلة المذكورة تعالج وجهات نظر متعددة لموضوع واحد في كل عدد،

   ولقد كلفت المجلة المذكورة البروفيسور عيد بمشاركة نائب رئيس التحرير بإصدار عدد خاص عن الإسلام في صيف 1994، ولا يعمل في المجلة إلاّ عشرين محررا، فلماذا لا يكون للعرب والمسلمين دور وحضور قوي في عالم الثقافة في أوروبا؟

                                                          مساهمات ثقافية
 
   إن إصدار مجلة تعنى بالشأن العربي الإسلامي في أوروبا وفي قلب زيوريخ يمكن أن يساهم وبقوة في تصحيح الصورة الشائهة التي خلعتها الصهيونية العالمية عن الإسلام والعرب، ولماذا نترك الآخرين يتحدثون عن الإسلام وكثير منهم يشوهون صورة الإسلام والمسلمين ، أو الحديث دون معرفة بما تردد من لديهم من مغالطات باللغات الأوروبية دون أن يكون لنا إسهامات متميزة في هذا الحقل كما يتساءل ثابت عيد .

                                            تكريم المدافعين عن حقوق العرب
 
   ويقترح عيد أيضا أن يقوم أولو الاهتمام بتكريم الصحفية السويسرية أندوريا ترويب ، وعضوة البرلمان "جاكلين فير" لشجاعتهما ،واهتمامهما بضرورة التعاون بين زيوريخ والعالم العربي، وفتح قنوات للاتصال، ونشر"تروتيب" تقريرين مفصّلين عن هذا المشروع وسب التعامل مع العالمين العربي والإسلامي ،وقبل أن تنشر "ترويب" في ديسمبر2004 م أول تحقيق عن هذا المشروع ،لقد لاقى البروفيسور ثابت عيد تجارب أليمة من الإعلام اليميني الصهيوني في مدينة زيوريخ حيث لم تقبل مجلة Bilanz كبرى مجلات سويسرا الاقتصادية نشر أي شيء عن المشروع الذي قدمه، بينما لم تنشر له مجلة Fact سوى خبر قصير عن كتاب " زيوريخ أفضل مدن العالم ".

 والملفت هو ما حدث بعد نشر التحقيق الأول في الثاني من ديسمبر 2004 م حيث فضّلت خمس صحف سويسرية أن تصمت صمت القبور، وكان من المفترض أن تهتم هذه الصحف عن موضوع يخص بلادهم ومدينة زيوريخ على الأقل في صحف Tages Anzeiger وNZZ .

   لقد تجاهلوا جميعا المشروع حتى مجرد الاستعلام ، ورعد ستة أشهر في 14 يوليو2005 قامت "أندريا ترويب" بنشر تحقيق آخر مفصل عن كتابي في الصحف الخمس التي تصدر صفحتها الأسبوعية فيها، وتلوذ وسائل الإعلام الصهيونية في زيوريخ بالصمت

ويعقّب ثابت عيد " لقد كسرت "أندريا" التقاليد المعادية للعرب وقررت السباحة ضد التيار،لذلك تستحق كل تقدير منا جميعا، وتحتاج تكريما خاصا يناسب موقفها الإيجابي نحو العرب .

                                                       الاستثمار السياحي
 
   كما يقترح الدكتور ثابت عيد أن يساهم العرب بنسبة كبيرة من الاستثمار في المجال السياحي في زيوريخ، وهذا الاقتراح يتطلب تنسيقا بين عدة مجموعات، فهناك أقلية من المساهمين والعرب تعيش في المدينة، ومن الممكن أن تؤدي دورا حيويا في أي تعاون بين زيوريخ والعالم العربي ..

 هناك السائح العربي الذي يقدم إلى سويسرا ولا يعرف اللغة الألمانية ولا السويسرية ، ويجهل القوانين السويسرية والعادات والتقاليد كذلك، فيشعر بالاغتراب، ومن الممكن أن يتعرض لعمليات نصب واحتيال وتفرقة عنصرية .

                                                         مشروعات متميزة
 
   هناك العديد من رجال الأعمال العرب يبحثون عن مشاريع ناجحة، وإذا رغبوا في الحقل السياحي في زيوريخ بتأسيس فنادق ومطاعم وأسواق تجارية تقدم خدماتها للعرب ، ويعمل فيها العرب والمسلمون المقيمون في مدينة المال، وتهدف القيام على راحة العرب الزائرين ، وتأمين الحماية اللازمة من التعرض للاحتيال ، والتضليل ، وتقديم ما يحتاجه من أشياء بأسعار غير مبالغ فيها ؛ هذا يعني استفادة الجميع ،وتقديم صورة أن العرب المسلمين يقدمون النفع العام ، وخدمات غير متوفرة في المجتمع السويسري لشريحة السيّاح العرب، ويقدّمون خدمات نادرة للزوار ، ويتساءل ثابت عيد : لماذا يغامر السائح العربي بشراء ساعة يصل سعرها إلى ثلاثين ألف فرنك سويسري لشراء ساعة الـ "رولكس" الشهيرة دون أن يكون هناك وسيط عربي يستفيد من أبناء بلده بدلا من الوسطاء غير العرب ؟
 
   الأمر ينطبق على كافة الخدمات السياحية من فنادق ومطاعم ومواصلات وخدمات أمنية وبنكية ، وحتى في الخدمات الاستشارية .

                                                       صورة من المعاناة
 
   يعاني العربي الزائر للندن مثلا من عزوف سيارات الأجرة "بلاك كاب" البريطانية الشهيرة منذ تفجيرات لندن عن نقله، ولا يميل العربي إلى استخدام القطارات والحافلات، ويعيش الخليجيون في أوروبا حالة من الحذر من أثر ذلك ، فذوو الملامح العربية يعانون من التعامل غير اللائق وشبه المقاطعة من قبل الجميع ، جاء رجل عربي إلى لندن قبل التفجيرات مع أسرته واستوقف سيارة أجرة ، وكانت زوجته المنتقبة بعيدة عنه قليلا ،وحين حضرت زوجته لركوب السيارة اعتذر السائق، وحين غضب هذا العربي لهذا التصرف وسأل عن السبب الذي جعل السائق يرفض نقلهم قال السائق : من الأفضل أن تعودوا لبلادكم فجميع مشاكل بريطانيا سببها العرب !!

   هذه الرؤية ليست قاصرة على دولة بعينها ـ كما يذكر د . ثابت ـ بل تنقلها وسائل الإعلام إلى كافة بلدان العالم مما أدى إلى شعور العرب بالقلق من التواجد في أوروبا لتعاملهم بردود الأفعال، لقد أصبح الكثيرون من العرب في حالة توجس، ولا تشعر الأسر بالسعادة بالتواجد في لندن، ويتساءل ثابت عيد : لماذا لا يكون التعامل مع الزائرين العرب ـ بصورة عامة ـ مع الشباب العربي المقيم في أوروبا، لماذا لا يكون ذلك هو السائد بالتواجد لنا في الغرب ؟
 
هذا لن يكون إلا من خلال المشروعات التي لا بد من تواجدها في أوروبا، لا بد من وجود موطئ قدم للعرب والمسلمين في أوروبا ، وأعتقد أن المشروعات بكافة أنواعها هي السبيل إلى وجود آمن لهم هناك .
 
   الذين بدأوا رحلة علاج في لندن مثلا يرون أن حالهم أسوأ من الذين يستطيعون تغيير مسار رحلتهم في أي وقت، فالذين جاءوا للعلاج لديهم ارتباط صارم مع أطباء لفترة قد تطول، ومعها تحمّل للمضايقات، لقد صار العلاج في الولايات المتحدة صعبا بسبب الإجراءات الأمنية التي تتخذها سفارات الولايات المتحدة قبل منح راغب السفر تأشيرة الدخول.

                                                غياب التنسيق يسبب المعاناة
 
   إن المجال في سويسرا ليس بهذا التعقيد، يقول البروفيسور ثابت عيد : الذي يحدث في أوروبا نتيجة منطقية لغياب التنسيق بين الأقليات العربية في المدن الأوروبية وبين السيّاح العرب على كافة مستوياتهم ،وأسباب تواجدهم ـ سواء للسياحة الترفيهية والتسوق أو العلاجية أو جاء لعقد صفقات تجارية ـ وهناك غياب للاستثمار العربي في العواصم الأوروبية في مجالات الإعلام الناطق باللغات الأوروبية والسياحة، فضلا عن المجالات الأخرى من الاستثمار في الاستيراد والتصدير للسلع ذات الجودة العالية وغير المعدّلة وراثيا.
 
 عدم وجود الوجه العربي الذي يقدم الخدمات للعرب الزائرين جعل العربي الزائر لأوروبا يشعر أنه وحيد وأن الدنيا كلها تقف ضده فلا أحد يدافع عنه، ولا يستمع لمشكلاته، فلا توجد تنظيمات عربية قوية في أوروبا توفر للسائح الحماية الأمنية والقانونية الكافية ضد ما يتعرض له العرب والمسلمون من تمييز وإن لم يحدث ذلك لا نلوم إلا أنفسنا. 

رابط الحلقة الثانية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان