مستقبل العلاقة بين الإسلام والغرب



 نشر هذا الموضوع  في عام2007 في موقع محيط الإخباري،وأعيد نشره لما يسهم المشروع الذي عرضه  في إثراء العلاقة المرتقبة بين الشرق والغرب..

بقلم: عادل صديق

لا بد من قراءة الداخل الغربي لمعرفة "العلاقة بين الإسلام والغرب" بصورة محايدة ، ولن نجد أفضل من ممن عاش أعماق الغرب ومخاوفه ، وطموحاته ،والدكتور ثابت عيد باحث مسلم يعيش في زيوريخ ـ سويسرا ،وحاصل على الجنسية السويسرية ومتزوج من سيدة سويسرية، وله احتكاك بالكثيرين من أصحاب الرأي، فضلا عن الشخصيات العامة ،ربما يسمع من البعض كلمات ومواقف تدل على معتقد سياسي وبرجماتي يشكلان حواجز كثيرة.
 فالغربيون تحكمهم مصالح ويتحيزون لأفكار ترفض الآخر جملة،وربما يرمون غيرهم بذلك لأنه لم يقبل بكل ما يريدون، والبروفيسور يوجد فرصة من خلالها بعض المسلّمات للتعريف بمنطق هؤلاء الناس، وبالوسائل التي تفتح حوارا جادا وتعاونا معهم ، وما هي وجهات نظرهم من العالمين العربي والإسلامي .. وللبروفسور عيد رؤية للتعامل مع الغرب، حيث كان في قلب الغرب النابض، ومركز الثروة سويسرا

وللبروفسور عيد رؤية للتعامل مع الغرب، حيث قلب الغرب النابض، ومركز الثروة سويسرا ، ونعرض بعض أفكاره

البروفسور ثابت عيد له مشروع مستقبلي للتعاون بين زيوريخ والعالم العربي منذ 2001 عندما تم اختيار زيوريخ كأفضل مدينة في العالم من قبل أحد مكاتب الاستشارات في كندا، وقام البروفسور عيد بعرض مشروعه على مسؤولي المدينة لإنجاز كتاب عن زيوريخ باللغة العربية بعنوان " زيوريخ أحسن مدن العالم " حيث يشكّل الكتاب جزءا من رؤيته للتعاون مع العالم العربي ،

    وفوجئ عيد بكثير من العقبات منها انغلاق الغربين ـ والسويسريون الألمان منهم ـ على أنفسهم أو اعتدادهم بثقافتهم وفكرهم، وعدم قبول الآخر كما أن لديهم هواجس وخوفا من العرب والمسلمين والأجانب!!.

                                صورة مشوهة عن العرب والمسلمين
 
   ويوجد هناك ـ في مركز الثروة في العالم " زيوريخ " ـ قوة ضغط صهيونية قوية تراقب وترصد الأنشطة الإسلامية ، وتتفنن قوة الضغط في تأليب السويسريين على المسلمين، كما يوجد موقف عدائي من قبل الأحزاب اليمينية تجاه الإسلام، كما يعاني المسلمون ـ في أوروبا عامة ـ من ضعفهم ماديا وفكريا ،وثقافيا وعلميا، والنتيجة صورة مشوهة للعرب والمسلمين في عقول السويسريين،وغياب الصوت العربي الإسلامي القوي الذي يستطيع الرد على تشويهات وسائل الإعلام السويسرية والصهيونية الموجهة لنا .
                                        نظرة عنصرية
 
    يذكر البروفسور ثابت عيد أنّ السلطات السويسرية تتعامل بقسوة شديدة مع العرب والمسلمين حين عرفت أنهم لا حول لهم ولا قوة ، فلا سفارة تدافع عنهم ،ولا حكومة عربية تقف بجانبهم، ويتحدث ثابت عيد عن نفسه قائلا :" لقد قاموا في سويسرا بفصلي مرتين من الجامعة لأنني لا أقبل النظرة العنصرية التي يعاملون بها العرب والمسلمين، مرة من جامعة زيوريخ 1984 ،وأخرى من جامعة بيرن في العام 1996 ، ولقد كان الجميع يجلس في موقع المتفرج"، ورغم ذلك لم يتغير موقفه، فالحضارة الغربية لا تحترم إلا القوة، لقد تدخل المستشار الشخصي للشيخ زايد ـ رحمه الله ـ و كادت أن تحدث أزمة بين الإمارات وسويسرا لتدخّل الدبلوماسية في الأمر" !!

 
   ورؤية البروفيسور أن تصحّّح الصورة العربية الإسلامية عن طريق الاقتصاد، فكما انتشر الإسلام في جنوب شرق آسيا من خلال التجار المسلمين يستطيع المسلمون الآن تصحيح الكثير من التشوهات والمغالطات من خلال التعامل الشخصي وعن طريق التبادل التجاري ومن خلال تكثيف التعاون الاقتصادي والاستثمارات المتبادلة .


المواطن السويسري الناطق بالألمانية عملي جدا ، يبحث عن مصدر شريف لرزقه بصرف النظر عن الجهة التي يعمل فيها، والمواطن ذكي على غرار المواطن العربي يستطيع تمييز الحق فرغم النظرة العدائية للعرب هناك معارضة قوية في سويسرا الألمانية لسياسة إسرائيل ، لكن للأسف لا يستطيع المواطن العادي أن يفعل شيئا تجاه التقارير السلبية التي تطلقها وسائل الإعلام الصهيونية ضد العرب ليل نهار ، إنه لا يستطيع الوصول للحقيقة لعجز أصحاب القضية أن يوصلوها، حيث يغيبون عن الساحة السويسرية والدولية .
                                     مسؤولية المسلمين كبيرة
 
   ويؤكد البروفيسور ثابت عيد على أن المسلمين هم المسؤولون عن تشويه صورتهم في عقول الغربيين يقول: "الصهاينة لا تنتهي دعايتهم المضادة ليل نهار ويشوهون صورتنا في عقول الغربيين في كل خبر تبثه وسائل الإعلام الصهيونية ، ونحن نتفرج ولا نحرك ساكنا فلا نلوم إلا أنفسنا .
 
   ويذكر عيد أن الشيخ محمد الغزالي ـ رحمه الله ـ في كتبه تحدث في مؤلفاته حول هذا الموضوع : تقاعس المسلمين في عصرنا عن الدفاع عن أنفسهم ، وتخاذلهم عن الأخذ بأسباب القوة، وتمسكهم بقشور الإسلام ، والانصراف عن جوهره ، وانحطاط الهمم ورداءة العقول ، وغياب الفطنة والذكاء .     

إن مجلس مدينة زيوريخ ـ حكومة المدينة ـ يتكون من عدة أحزاب منها الحزب اليساري الذي ينتمي إليه رئيس المدينة إلمر ليدر جربر،ومنها حزب الخضر ، والأحرار الديمقراطيين FDP هذا الأخير يقال إنه حزب رجال الأعمال ؛ اليهود ممثلون بقوة فيه ، وفي الأحزاب الأخرى بنسب متفاوتة ، المهم أن هناك ما يشبه الاتفاق على أن يتولى أعضاء الحزب المناصب الاقتصادية:رئيس قسم تشجيع الاقتصاد في المدينة ،وفي الكانتون، ورئيس الغرفة التجارية ، كلهم ينتمون إلى هذا الحزب .
                                           مشروع رائد ولكن
 
   موضوع التعاون مع العالم العربي كان جديدا على أعضاء مجلس مدينة زيوريخ ، وعندما اقترح عليهم البروفيسور ثابت عيد مسألة التعاون مع العالم العربي شعروا بالعجز والارتباك والحيرة ، لقد واصل عيد الجهود معهم حتى طرح الموضوع للمناقشة في اجتماعات مجلس المدينة أكثر من مرة ، وعقب انتهائه من تأليف الكتاب " زيوريخ أحسن مدن العالم " أخبره رئيس مجلس المدينة في زيوريخ أنهم سيساهمون في نفقات النشر حيث كان قد اقترح عليهم طبع مائة ألف نسخة وتوزيعها في العواصم العربية على كل من يهمه الأمر ، لكن لوجود بعض الصهاينة في مجلس المدينة جعلهم يغيرون رأيهم، فقالوا : ليس من اختصاصنا دعم مثل هذه المشاريع، موقف مخزٍ يضاف لمواقف أخرى ،ويتعرض له كل من يدعو إلى التعاون بين الشرق والغرب، فلم يكن هذا الموقف الأول، ولن يكون الأخير مادام المسلمون لم يتلقوا الدعم من الحكومات التي تقف عاجزة.

   لم ييأس ثابت عيد فعرض الأمر على رئيس الغرفة التجارية الصناعية في زيوريخ فإذا به يخبره أنه لن يستطيع تقديم أي مساعدة لأن يهود زيوريخ يقفون ضد هذا المشروع ، وأعقب ذلك نشرت الصحيفة السويسرية أندريا ترويب Andrea Trueb تقريرا مفصلا عن المشروع في ديسمبر 2004م في خمس صحف سويسرية مختلفة ، تلقى ثابت وعدا من قسم تشجيع الاقتصاد بـ كانتون زيورخ بدعم طبع خمسين ألف نسخة من الكتاب ، ولكنهم لم يفوا بوعدهم هذا حتى هذه اللحظة !!



  قال البروفيسور ثابت عيد : "قضيتي ليست مجرد نشر كتاب عن مدينة زيوريخ، ولكنه كان لتصحيح الأوضاع السائدة المناوئة للمسلمين في سويسرا الألمانية ، وإصلاح صورتنا المشوهة ، فضلا عن تقريب الطرفين وتشجيعهما على التعاون من أجل صالح المواطن العادي هنا وهناك" .
 
  وواضح أنهم لا يريدون هذا الموقف ، لا يريدون تصحيح الواقع القائم،ولا المهادنة مع صاحب الموقف .
إن آفاق التعاون بين المسلمين وغيرهم واسعة لا حدود لها ، الجانبان يملكان ثروات ضخمة ، وطاقات جبارة ، وإمكانات هائلة إن أمكن استثمارها لصالح الشعوب هنا وهناك ،فستؤدي إلى نتائج مذهلة ورائعة ، وسيشعر المواطن بالفائدة والمنفعة التي لا حدود لهما.

                                   مقومات التعاون مع سويسرا
 
   إن زيوريخ تملك العلم والتكنولوجيا والمال، وعالمنا العربي يمتلك البترودولار ويملك نجاح أي مشاريع زراعية ، زيوريخ لديها جامعة فيدرالية تحتل المرتبة السادسة والعشرين في قائمة أبرز 100 جامعة ،هذه الجامعة خرّجت أربعة وعشرين فائزا بجائزة نوبل !! مدينة صغيرة في بلد صغير يفوز باحثوها بجائزة نوبل24 مرة ، وعالمنا العربي من أقصاه إلى أقصاه لا يحصل على جائزة نوبل إلا مرتين !!
 
   ويذكر ثابت عيد أن زيوريخ تملك أفضل شبكة مواصلات في العالم ، ولديها تكنولوجيا متقدمة جدا لمعالجة المياه وخبرات محترمة في علوم الغابات والحفاظ على البيئة ، ، وتملك تكنولوجيا متقدمة في معالجة القمامة وإعادة تصنيعها ، تعليم حرفي متقدم وتعليم فندقي متطور ومشهود له بالكفاءة ولديها صرح صناعي متقدم ومتنوع .

   ورغم كل هذه الرفاهية يعاني السكان هناك من رداءة ما يحصلون عليه من منتجات زراعية ، فالسموم والهرمونات انتشرت بصورة قاتلة ، فكل المحاصيل الزراعية التي تستوردها زيوريخ من أسبانيا مثلا تسبح في السموم والكيماويات الزراعية والهرمونات ، المحاصيل السويسرية والهولندية بل الآسيوية لا تختلف كثيرا في رداءتها وخطورتها على الصحة .
 

                                  فرص لتقديم الأفضل
 
   اللحوم أيضا أصبحت في غاية الرداءة لأنهم يستخدمن بقايا الحيوانات في تصنيع الأعلاف سواء كانت أعلافا للدجاج ، أو للحيوانات التي تعدّ للذبح، فكل اللحوم تصنف على أنها رديئة وخطيرة على الصحة العامة ،والسبب الرئيسي هو الجشع ، فيريد الرأسماليون تحقيق أكبر عائد بأقل مجهود وأقل تكلفة .
 
  والنتيجة تدهور جودة الحياة التي كانوا يفخرون بارتفاعها حتى وقت قريب ، لقد صاروا يعانون حتى من الأسماك التي تربى في الأحواض ـ أسماك المزارع ـ فمكونات الأعلاف لا تختلف كلية عن أعلاف المصادر الغذائية الحيوانية ،وأسماك البحار أشبعتها ناقلات البترول الغارقة سموما فتاكة إضافة عن سموم المصانع والصرف الصحي .
 
  سويسرا الألمانية تعاني بشدة من رداءة المواد الغذائية مثلها مثل دول العالم وربما نستطيع تلخيص حالة الجانبين بعبارة وجيزة " سويسرا متقدمة صناعيا متخلفة زراعيا ، والعرب متخلفون صناعيا متقدمون زراعيا "ويقينا أن تقدم العرب الزراعي هو تقدم نظري فقط لأنهم لا يزالون يستوردون غذاءهم من الخارج ،والمقصود هنا هو امتلاك العرب لعناصر إقامة مشروعات زراعية ناجحة ، لعل الشمس ، والأرض الخصبة ، والأيدي العاملة الرخيصة هي أهم هذه العناصر .
 
   سويسرا الألمانية بحاجة إلى محاصيل زراعية خالية من السموم،وبحاجة إلى لحوم خالية من السموم، ويمتلك العرب فرصة ذهبية لدخول السوق السويسرية ، وتقديم سلع فائقة الجدة ،وإقناع المستهلك السويسري بأن العرب بوسعهم القيام بعمل مفيد ، وأن الإعلام الصهيوني يروج صورة خاطئة عنهم .
 
   إن جامعة سويسرا الفيدرالية بوسعها استقبال المبعوثين العرب الذين لا يستطيعون أولا يريدون مواصلة دراستهم في الولايات المتحدة، مع الملاحظ أن صهاينة زيوريخ يعارضون بشدة هذه الفكرة ، لأنهم يريدون بقاء العرب متخلفين إلى الأبد ، لكن ينبغي علينا نحن ـ العرب ـ أن نشق طريقنا بعزيمة صلبة دون مراعاة أهواء الخصوم.
من المحرر..
وبعد .. هذه بداية لرؤية البروفيسور ثابت عيد أحد أبناء مصر لبناء علاقة جديدة مع الغرب وخاصة سويسرا، فمن يملك زمام المبادرة ؟ أم سنظل في نوم عميق ،نريد استغلال قدرات المكان، والقوانين ترحب بالمستثمر إن كان سيتقدم دعائيا بصورة مشرقة، وسيقدم الجديد ..

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان