الأمن القومي المصري في خطر




هل من الممكن أن تشكل اليمن تهديدا لمصر حال تمكّن الحوثيين من زمام أمورها ؟ سؤال بالغ الأهمية يستحق منّا التأمل طويلا، فالوضع في اليمن بالغ الخطورة، ومن العجب وصول فلول الحوثيين مؤخراً إلى الحدود السعودية وتضع نقطة تفتيش في مقابل المعبر السعودي، والدول المطلّة على ساحل البحر الأحمر شرقيه، وغربيه في صمت القبور.

السعودية تعدّ التواجد الحوثي في الجنوب لا يشكل خطرا كبيرا ـ في الوقت الحالي على الأقل ـ وإن صرح المسئولون لديها بأنهم يشعرون بالقلق تجاه التحركات الحوثية، ورغم وجود تصريحات إيرانية مثيرة تجاه السعودية تثير أيضا قلق السعودية .

ومن قبيل " ألأ نتدخل في الشؤون الداخلية للدول ولا نسمح لأحد أن يتدخل في شئوننا الداخلية " كما يذكر النظام السعودي، نكتشف أن التصريحات تصل إلى  مخاوف معادية لكافة الدول  المطلة على البحر الأحمر حال تواجدت إيران أو الحوثيين الشيعة  كحكام  جدد بالوكالة  لإيران.

فاليمن عمق استراتيجي  لدول البحر الأحمر، وإن لم يكن  يديرها نظام حكم  يحترم المواثيق الدولية فسيشكل ذلك خطرا على  كافة  الدول المطلة على البحر الأحمر
 ونتوقع أن تتحكم إيران بالقواعد العسكرية الإيرانية ـ حال سيطرة الحوثيين على اليمن ـ والتي من الممكن أن تكون في موانئ اليمن "عدن وخليج عدن"، وتهدد بإغلاق البحر الأحمر والملاحة البحرية بل ربما تغلق الخطوط الملاحية في البحر الأحمر الخاصة بالسعودية، والسودان، والصومال، وأثيوبيا وهذا احتمال وارد إن لم يتعامل السادة الجدد للبحر الأحمر بسياسة "الجنتل مان" .

أما تهديد  إيران ـ المتوقع ـ  لعُمان، والإمارات، والسعودية  وميناء العقبة  الأردني وأيضا ستهدد الصومال، ودول القرن الأفريقي أريتريا ، وأوجادين، أثيوبيا وكافة الأطراف بامتداد طولي 2250 كيلومتر، ومن الصعب تأمين هذه السواحل الطويلة ، بالإضافة لدول جنوب شرق أفريقيا بعدما كان القراصنة الصوماليون يشكلون تهديدا كبيرا للملاحة.

 وبالطبع سيؤدي هذا إلى خطر داهم حيث لدى إيران  أجندة  للتمدد الشيعي وأفريقيا  من المستهدف للمد الشيعي، وخاصة أن التنصير انحسر في ، بعدما قام دعاة خليجيون قبل ثلاثين عاما بوقف هذا المد الذي كان يستهدف  أفريقيا، فمن المتوقع أن تكون أفريقيا  كلها أرضا خصبة لنشر المذهب الشيعي في هذه المناطق.

إذن الاجتياح  الحوثي الشيعي بدأ ولن ينتهي على المدى المنظور ولا ندري كيف حدث ذلك في بلد مسلح في قراه وباديته، بل ومدنه ، ولدى اليمنيين حميّة شديدة للدين والأرض، والعرض، والقبلية؛ والتجمع اليمني للإصلاح يمتلك 200 دبابة، و500 مدرعة، و70,000 مقاتل، ونصف مخازن الأسلحة في اليمن، فلماذا لم تحسم الأمور قبل تخريب البلاد وقتل العباد، رغم أن التهديد بتدمير أهل السنة على يد الشيعة قادم ؟!، هذا التساؤل الحائر طرحه الدكتور "وصفي أبو زيد" ولنا أن نتحير معه.

ونضع علامات استفهام كثيرة تجاه الموقف السعودي الذي يحوي أكبر جالية يمنية على أرضه، وكانت اليمن من الدول الأولى بالرعاية في السعودية، كما لدينا علامات استفهام تجاه مصر،
لموقفها السلبي، كأن الخطر المحدّق بإغلاق باب المندب غير وارد على عقول  أصحاب القرار، وغير ذي أثرعلى ملاحة القناة التي تشكل دخلا جيدا يسهم في الدخل القومي المصري، وكأن " مسافة السكة " قاصرة على من يدفع الفاتورة، لا على من يحمي مقدراتها المهددة.
وتثور الشكوك المشروعة ..هل تدرك اليمن، والسعودية، والسودان، ومصر  واريتريا وأثيوبيا خطر غلق باب المندب، وتحوّل التجارة التي بين الشرق والغرب إلى الجنوب الأفريقي"رأس الرجاء الصالح" وهل تنتظر هذه الدول القرار الأمريكي بتحرير اليمن من"الحوثيين"الذين سيسيطرون حينذاك على الملاحة ويهددون سلامتها في البحر الأحمر، وربما طلبوا إتاوات للإفراج عن الشحنات التي تحملها الحاويات؟؟

وهل تدرك هذه الدول مدى الخسائر الاقتصادية من إغلاق "مضيق باب المندب"، ووجود بؤرة صراع في مدخله تهدد مقدرات دول الجوار بحوض البحر الأحمر ومواطنيها إن اشتعلت القرصنة منطلقة من اليمن، أم سنتعامل مع هذا الملف كما تعاملنا مع ملف "سد النهضة" بحالة من الفتور حتى لا تجد الشعوب وسيلة  للاحتفاظ بمقدراتها وحماية مواطنيها.

ولكن يبدو أنّ ذلك الكابوس يعد من قبيل بالونات الاختبار التي تم الاتفاق عليها مسبقاً ـ على ما يبدو ـ أو التسليم بسياسة الأمر الواقع، فلا يهم من يحكم اليمن التعيس بثورته وثواره وإسلامييه، وحوثييه، وشماله وجنوبه ورئيسييه المأجوين السابق واللاحق.

والذي يهمّ السعودية والإمارات والكويت وعُمان والبحرين فقط "الحرب المقدسة" ضمن التحالف الأمريكي على"التتار الداعشي القادم" وإيجاد موطئ قدم في حرب تقنع الداخل المتذمر الغاضب على أباطرة البترول الذين يملكون المنح والمنع، والشعوب التي أضحت بلا هوية ولا انتماء إلا للأسر الحاكمة.

حالة ترقب منتظرة ـ على غرار ترقّب الشيعة لخروج المهدي  المنتظرـ لحدوث شيء كبير في "الجزيرة العربية" بعيدا عن الربيع العربي الذي لم يلق نجاحا ولا صدى.
 فقد صارت جزيرة العرب مرتعا خصبا لأمريكا ، فهي التي تضمن تدفق  نفط الخليج، وتضمن الأمن على الحدود ، وتدفق  العائد من النفط "البترودولار" في حسابات الأسر الحاكمة السرية، وهي التي وتمنح وتمنع وتضع وترفع الملوك والأمراء على العروش حسب الاحتياج، وبمقدار وفاء الولاة للسادة في البيت الأبيض، والسادة في الكنيست.  






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان