قصة الشيعة مع سنة إيران ووجود المسلمين على كره في التواجد، وكنا نظنٌ أن الشيعة بعد حقبة الشاه سيتحول الوضع إلى مواطنة، ولكن خاب ظننا جميعا



هذه القصة تحكي واقع أهل السنة في إيران، أوفي أي مكان يكون فيه مسلمون مضطهدون لأنهم أقلية مسالمة، حدثت في الهند، وبورما، وجنوب الفلبين، وتحدث  مع مسلمي الإيغور في تركستان الشرقية المحتلة، ومسلمي فلسطين، المحتلة، وفي أقطار عدة في أفريقيا.. والشيخ محمد اسم رمزي، وباقي الأسماء واقعية وقصة ريحانة مثال لمن دافعت عن شرفها المقدس ونالت الجزاء من الظالمين ...

"ريحانة" هكذا كان يناديها زملاؤها في كلية الفنون في طهران، ورغم التضييق المفروض على أهل السنّة إلا أنها كانت يملؤها أمل أن تنزاح القطيعة والعداوة  بين السنة والشيعة، وأن يشرق نهار الحرية يوما،  لكن هذا لم يحدث، فالحكم الطائفي  أبى أن يتصالح مع نفسه، وبالتالي لن يتصالح مع السنّة الذين صاروا من الدرجة الرابعة أو الخامسة رغم أنهم كانوا الاكثرية في صدر الإسلام.

كانت ريحانة جباري تشعر بالتذمر تجاه ما يحدث وهي تتجه نحو سن الشباب ،كانت تتساءل: كيف ننطق نحن والشيعة بالشهادتين ، ـ وهذا يعني أننا مسلمون  ونؤمن  بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام نبيا ورسولا ولا يقْبل  بعضنا بعضا ؟؟ قالوا عنا إننا لا نحبّ أهل البيت، كيف لا نحب آل بيت النبي ونحن نردد التشهد في كل صلاة "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد؟؟".
 والشيئ العجيب أن ملالي الشيعة وآيات الله العظمى كانوا يبتسمون حين يرون قسيسا، أو حاخاما يهوديا، بل بعض الطوائف الوثنية التي تعيش في إيران كانوا يبتسمون لهم ؛ أما نحن ـ المسلمين ـ فلا نصل إلى  أن نكون مثل هؤلاء، نحن أدنى من الوثنيين قالت ريحانة ذلك وهي تشعر بمرارة في حلقها.
كانت ريحانة تتذمر من الوضع الذي تعيشه، وسعي زملاؤها الشيعة لأن تؤمن بآل البيت على طريقة الشيعة، بأن تحضر  الحسينية ، وتحتفل  بذكرى عاشوراء التي يجب أن تكون حزنا، للتقصير في حماية آل البيت، فالمصيبة الحسينية من المصائب  الكبرى ولا شك، ولكن لم تكن تشارك الشيعة في ذلك، طلب منها زملاؤها الشيعة زواج "المتعة" ولكنها رفضت بإباء هي  وصويحبات لها من الشيعيات لأن ذلك مناف للشريعة إنه بغاء يحرّمه الإسلام فانصرفواعنها وقاطعوها.

كان الزملاء يطلبون الشيعيات للمتعة ليوم أوأكثر فكانت الكثيرات يستجبن، بل كانت بعض النساء الأجانب من الصحفيات اللواتي ياتين لتغطية فعاليات الشيعة لا يسلمن من رجال الخاصة "الملالي "من خريجي الحوزة العلمية في "مدينة قم" كانوا يطلبنهن للمتعة..حين يحضرن مراسم الاحتفال بعاشوراء أو مولد أحد السادة آل البيت وهم كثر حتى لا تخلو قرية من مزار يقصد ويُتبرّك به.

تعود "ريحانة" بخاطرها إلى شهداء أعدمهم نظام الملالي  ظلما عقب عودة الخوميني، وتكوين الحرس الثوري الشرس، لم تكن تعرف لماذا كل هذا القهر على المواطن السنّي  وظل ذلك عقب موت الخوميني، وأتى من بعده من يطلق عليهم  "آيات الله" فأهل السنة ليس لهم مكان، وكل من يدرس الإسلام الصحيح  إما أن يرحل طواعية  أو يشنق بعد محاكمة هزلية في مشهد من الحرس الثوري والشرطة والغوغاء ، ثم يشنق برافعة عملاقة حتى الموت ليراه الناس فيصييهم الهلع، وأهل السنة هم أكثر الفئات استبعادا.

في عهد الشاه
 كان الشاه منشغلا بالتقارب مع الغرب بوصفة رجل الغرب المخلص، والرجل الذي يعتمد النفط الإيراني والمدين بالولاء للسادة في الغرب نظير أن يوضع في حساب الشاه ما يؤمن الترف الذي يعيشه، فكانت الحفلات الامبراطورية التي يتسامع بها الفقراء ـ والتي تحاكي حفلات الغربيين،أوالف ليلة وليلة العربية ـ فتزداد همومهم، ويتناقل البعض أن عرش الطاوس الذي  كان يطلق على قصر الشاه كانت تأتي له الطائرات لحفلاته الفاخرة بما لذ وطاب من فنادق باريس ، وكان لحم الطاووس هو المفضل،  إضافة لأفخر لحوم الغزلان، ويأتية طاقم الخدمة الفرنسي، بكل ما يتمنى. بينما كان  غالب الشعب الإيراني مغلوبا على أمره، فالظلم يشمل الشعب كله ويذوق مرارته الجميع من فقر وحرمان وطبقية مقيتة.

أمّا الشاهنشاه "محمد رضا بهلوي" فكان في عيد النيروز يخرج على  مؤيديه  في زينته يحاكي قارون وفرعون فيرونه"ملك الملوك" المهيب، بينما ينظر الفقراء والمحرومون إلى فقرهم واحتياجهم، حيث كانوا يعيشون في العشوائيات وأكواخ من الصفيح لا فرق بين سني وشيعي إلا في المذهب.
 الاستثناء أنّ المسيحيين واليهود، والوثنيين كانوا من الطبقات العليا المتوسطة التي تحظى بإنعام ورضا القصر بوصفهم الذين يلبون  متطلبات سكاننه ، ورجال ونساء الحاشية الفاسدة، فرغم أن إيران دولة نفطية كبيرة، والثروة التي كانت تدخل للشاه من بترول "الخليج الفارسي" كما يدعون  لم تكن تكفي لإثراء الامبراطور الفاسد وأطماعه والإنفاق على تنمية تشمل البلد المترامية الأطراف.

أهل السنة المنبوذون

 الشيخ محمد جارهم الفقيه السنّي ـ كان رجلا متدينا حقا، ويعلّم الشباب الأخلاق، والسلوك ـ والتصوف مع القرآن الكريم سرا ، وكان عالما في الفقة الشافعي وإن لم يعترف به كشيخ ، لأن المؤسسة الوحيدة التي  من حقها الاعتراف وإجازة الملالي هي مدينة " قم "حيث الحوزة العلمية عرش الاثنا عشرية مرقد الأئمة.
كانت ريحانة  ترتاد مجالسه ، وكانت تريه رسومها وهي صغيرة فيشجعها على الانتساب لكلية الفنون، متفقا  في ذلك مع والديها وإخوتها، ذكر لها الشيخ محمد ذات يوم أنه سافر إلى باكستان  ليحصل على شهادة في الشريعة من الجامعة الإسلامية في إسلام أباد، ودرّسه علماء من العالم الإسلامي وأبرزهم علماء من مصر ـ على ما تذكر ـ وسرعان ما وشى به أحد الجواسيس التابعين للحرس الثوري ليعدم معلقا في رافعة.

الملالي بديل للشاه

وكان قد ذكر لها البعض كيف أن الإيرانيين قد استبشروا بالثورة الإيرانية خيرا، وخاصة حين أطلق عليها الثورة الإسلامية عقب انتهاء حكم الشاه. الطلاب في جامعة طهران عقب الثورة أقاموا معرضا للصور التي نشرتها مجلة "ليوموند" الفرنسية  التي غطت  فعاليات الثورة في عدد خاص مصور، كيف اندلعت الثورة ، وقصة رحيل الشاه؛ كانوا يعلقون الصور في المعرض عن معاناة الشعب كافة، حيث كانت شريحة كبيرة منه تعيش  تحت خط الفقر.

تذكرت ريحانة هذا وأسرتها كانت متوسطة الحال، ولم تكن  مقرّبة إلا من أهل السنّة الطيبين  المسالمين الذين يشكلون  أقلية، وإن كانت إيران منذ الفتح الإسلامي الأكثرية فيها من أهل السنة والذين بقوا على دينهم من الوثنيين من المجوس، و بعد ظهور التشيع في عهد الخليفة عثمان بن عفان، وهجرة  دعاة الفتنة الكبرى إلى إيران بدأوا في الغلو في أل البيت الصالحين.

 وفي هجرة مقابلة رحل الكثيرون من حملة الإسلام الصحيح الذي جاء به النبي محمد إلى الهند، وما وراء النهر وخاصة أن الكثيرين من الشيعة اختلطوا بالوثنيين.

المهندسة الشابة والذئب

أوشكت ريحانة على التخرج وفي سنتها الأخيرة انطلقت تتدرب ، وأعلمتها إحدى صاحباتها أن هناك رجلا  ثريا يريد مهندسة  ديكور من أجل وضع لمسات جديدة للديكور الداخلي لشقة فارهة تليق بطبيب الاستخبارات المرموق، كانت متحمسة لتجربتها العملية الأولى وخاصة أنها كانت لم تتجاوز الـ19 عشرة عاما وتفوقها أدى إلى هذا الاختيار،  التقى بها  رجل  في  سن التقاعد ورحب بها ، ولم تدرك نظراته التي يطيلها إليها، وهي تشرح له خطوات  التطوير الجمالي للشقة   الفخمة، كان الرجل الثري موظفا سابقا في وزارة الاستخبارات الإيرانية وكان اللقاء في يوليو 2007.



كان الرجل طبيبا جراحا سابقا في وزارة الاستخبارات الإيرانية والأمن الوطني "السافاك"مرتضى عبد العلي سربندي، بدأت تلحظ نظراته المريبة التي تفهم الأنثى مغزاها، ظنت أنها للإعجاب ولكن أحست من اقترابه التدريجي منها انه يريد شيئا آخر ، كان مرتضى يقترب منها وهي  تلاحظ العاملين في تجهيز بيته الذي، وانتهز  الذئب البشريُّ خروج آخر العاملين ذات يوم وحاول التحرش بها فأبت، فأمسك بها في يوم مشؤوم محاولا اغتصابها فسارعت إلى آلة حادة فطعنته بها وهربت وذلك في يوليو 2007.
ألقت الشرطة القبض عليها، وتعرضت للتعذيب والضرب للاعتراف  بأنها ارتكبت جريمة ، وادّعوا أنها لم تتعرض للاغتصاب من "مرتضى"، وأنها قتله عمدا لأسباب أخرى ، وظلت في السجن لسنوات ، ما بين اتهامات الادعاء ومرافعات المحامين حتى حكم عليها بالإعدام في 2009  

أطلق ناشطون في مجال حقوق الإنسان حملة تنادي بوقف حكم الإعدام ونجحت الحملة في تأجيل التنفيذ حكم الإعدام، كما ثارت احتجاجات من قبل المجتمع الدولي على الحكم بحق جباري، كما أدانت منظمة العفو الدولية تنفيذ الحكم واصفة إياه بـ "وصمة عار جديدة في حصيلة حقوق الإنسان في إيران"، وبأنه "إهانة للقضاء".
ويبدو أن الجهود التي قام بها الناشطون ، والمجتمع الدولي لم تلق صدى  من قبل الحكومة  الإيرانية المتطرفة، ومن تأجيل لتنفيذ الحكم  إلى تأجيل، حتى دنت ساعة التنفيذ 25 أكتوبر 2014 .
قضت ريحانة منذ القبض عليها حتى تنفيذ الإعدام فيها بسجن "إيفين" وعنابره الانفرادية التي تشبه القبر في مدينة "شهرراي"، وكانت ريحانة كاتبة موهوبة أيضا، كتبت العديد من الرسائل إلى أهلها وخاصة امها، تعزّيها في نفسها، وتطلب ألا يكون لها قبر يزار !، وتوضع عليه الزهور، وأنها ستشكو الادعاء ، والأمن، والقضاء لله في كلمات مؤثرة، بعد أن ذكّرت أمها بأن قتل الذئب المعتدي كان البديل الذي يبرؤها من عار الاغتصاب حين يجدونها جثة هامدة في مكان منزوٍ، وتأتي الأم للشرطة للتعرف عليها وتعرف أسباب موتها ويذكرون لها أن ابنتها قد اغتصبت؛ وهذا الذي رفضته بالدفاع عن نفسها فقالت لأمها في رسالتها الأخيرة :"أمي الطيبة وأكثر شيء عزيز عليّ في حياتي.. أنا لا أريد أن أتعفن تحت التراب. لا أريد لعينيّ أو قلبي الشاب أن يتحولا إلى غبار، توسلي بحيث يتم ترتيب أنّي  وبمجرد أن يتم شنقي، يتم أخذ قلبي والكلى والعيون والعظام وأي شيء يمكن زرعه بعيداً عن جسدي ويمنح  لشخص يحتاج إليه كهدية. لا أريد أن يعرف المتلقي اسمي،  أن يشتري لي باقة ورد، أو حتى يقوم بالدعاء لي.
أنا أقول لك من أعماق قلبي إنني لا أريد أن يكون لي قبر لتأتي إليه وتحزني وتعاني. أنا لا أريدك أن تقومي بارتداء الملابس السوداء علىّ. وابذلي قصارى جهدك لنسيان أيامي الصعبة، وامنحيني للريح لتأخذني بعيداً.

العالم لم يحبّنا، والآن أنا استسلم لذلك وأحتضن الموت، لأنه في محكمة الله سوف أقوم باتهام المفتشين، وسوف اتهم القاضي، وقضاة المحكمة العليا في البلاد الذين ضربوني عندما كنت مستيقظة، ولم يمتنعوا عن مضايقتي.

في العالم الآخر، إنه أنا وأنت من سيوجّه التهم، وغيرنا هم المتهمون... دعينا نرى ما يريده الله، أنا أحبك".










تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الكلمات:القدسُ وعكّا نحنُ إلى يافا في غزّةَ نحنُ وقلبِ جِنين الواحدُ منّا يُزهرُ آلافا لن تَذبُل فينا ورقةُ تين ما هان الحقُّ عليكِ ولا خافَ عودتُنا إيمانٌ ويقين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا لا لا لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا لا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي كي تُشرقَ شمسُكِ فوقَ أمانينا وينامَ صغارُكِ مُبتسمين ونراكِ بخيرٍ حين تُنادينا لعمارِ بُيوتٍ وبساتين سنعيدُكِ وطناً رغم مآسينا أحراراً نشدو متّحدين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي#palestine #فلسطين

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

العالم روبرت غيلهم زعيم اليهود في معهد ألبرت أينشتاين، والمختص في علم الأجنة أعلن إسلامه بمجرد معرفته للحقيقة العلمية ولإعجاز القرآن