الحمّام التركي لغسيل وجه إسطنبول..
تملكتني دهشة وأنا متّجه إلى حي" زيتن بورنو Zitonburno" بإسطنبول حين
مرّ بنا الأتوبيس بأرض خالية شديدة الخضرة والثلج يتساقط كمثل قطع من القطن البالغة
الدقة وعليها تتهادى الآلاف من الحمائم ولفت نظري فيه كبر حجمه الملحوظ وأن الناس يتسابقون لإطعامه
ويعتبرون ذلك من المكرمات.
رأيت في المدينة الساحلية التي تطل على البحرين الأسود والأبيض ومرمرة رأيت الكلاب والقطط مكرّمة ويبدو عليها أثر النعمة، وتذكرت عمر بن عبد العزيزحين قال ـ وقد بلغ ا لخير درجة كبيرة ـ "انثروا الحب على الجبال لتأكل الطيور فلا أريد أن يقول أحد جاعت البهائم في عهد عمر" .
علمت أن البلدية والأفراد متضامنين بإطعام الكلاب والقطط، ورعايتها طبيا والكلاب
لها رقام كودية في أذنها تعرف به موعد تطعيمه، وأنه غير ناقل للأمراض إن
اقترب منه البشر، أو تكون مصابة بمرض أو
ناقلة لداء يؤذي الإنسان وخاصة الأطفال.
ما علاقة العنوان الكبير الذي بدات به مقالتي
هذه ؟ الحمّام التركي الشهير، والذي له سمعة ينافسه فيها الحمام المغربي شهرة
ومكانة؟ .. لم يعد الحمام التركي مثلما كان في الماضي بل أصبح في الفنادق،
والأندية وصالات الجمنيزيوم يرتاده
الأثرياء لا العامة.
شوارع مدينة اسطنبول الساحلية بالغة الجمال
حتى في الأحياء المتوسطة والدنيا، فالشوارع الرئيسية مسفلتة، والفرعية مبطنة
بالطوب الصلب الأحمراللون، وعلى جانبي الشارع تجد مجرى للأمطار يصب في بلاعات
تستخدم بعد ذلك في سقاية الزرع والاشجار، والكثير منها يعاد تنقيته ويستخدم للشرب والاستخدام
المنزلي.
في يوم الجمعة يبدو "الحمّام التركي للشوارع"
! لا تندهش مثلي، فالشوارع تغسل كل أسبوع مرّة إن لم يسقط المطر ويحمل عوالق
الأشجار والأتربة، تأتي سيارة البلدية مع الفجر وتغسل الأرض وتنظيف الشوارع
ِ الأسبوعي، بخلاف النظافة اليومية ورفع القمامة قبل استيقاظ الناس.
كان ياما كان في الإسكندرية القديمة البلدية كانت تقوم بغسيل الشوارع ـ ليس كلها
بالطبع ـ بل يقوم عمال النظافة بعملهم على أكمل وجه،فكانت الإسكندرية بمثابة روما، أو باريس أو لندن،بل في العهد
الملكي كانت القاهرة المعزية تصل إليها
خطوط الموضة قبل مدن العالم.
تعليقات