توقيعات على : نظريةِ المؤامرة في القرآن



للأسير الحر :محمود عيسى
سعدت بحضور حفل توقيع كتابٍ فوق العادة !..صاحب الكتاب لم يكن موجودا معنا على غرارعادة توقيع الكتب وإهدائها ـ للضيوف، فلم يحضر التوقيع،
ربما تسأل  لماذا ؟ والجواب أن البطل يرسف في أصفاد الاحتلال ومحكوم بعدة "مؤبدات" إنه الاديب المقاتل"محمود عيسى" المقدسي وذلك نهار 17 يونيو 2015 .

ورغم أن المقاتل كان رهين الحبس الانفرادي إلا أنه لم يُصب بالجنون ونبحث سويا عن السبب..لم يفسرها رفاقه الثلاثة الذين كانوا معه بغير"معيّة الله"، وأنه من الشخصيات الرسالية، وكان المقاتلون الثلاثة موجودين بقاعة "مؤسسةالحكمة" بجوار مسجد السلطان الفاتح.. ومن تجربتي التي خضتها مع الوحدة اكتشفت أني لا أستطيع الصمود يومين دون أن أرى الناسَ أو أتحدّث معهم .

 قال علماء الاجتماع في تعريف الإنسان:إنه " كائن ناطق"، ولم يتعدوا الحقيقة، ولكن المؤمنين لهم شأن مع الله "فـ "ماذا يفعل أعدائي بي ؟ ..سجني خلوة، ونفيي سياحة، وقتلي شهادة " كلمات تكتب بماء الذهب" إنها لتقيّ الدين أحمد ابن تيمية الحرّاني .

وحين يتحدث العلماء يصمت الرعاع، هذا ما شعرت به حين تسلمت نسختي من كتاب "نظرية المؤامرة في القرآن الكريم " والذي صدر في اسطنبول 2015 عن مؤسسة فلسطين للثقافة و"قبه ميديا للانتاج الإعلامي"

وألفت النظر أن الحبس الانفرادي في ـ أغلب الحالات ـ يؤدي |إلى الجنون بعد أن يصل المحبوس إلى يكلم نفسه أو يغرق في صمت يشبه الموت، ويعاف السجين الطعام ويفقد أكثر من نصف وزنه، وينتابه إحساس يائس من الحياة، وفي السجون الإسرائيلية توجد طرق للتعذيب لانتزاع الاعترافات وخاصة من قبل رجال المقاومة، فإذا ما صدر الحكم أودع المحكوم عليه السجن لتنفيذ الحكم .

وهناك ملحظ أن سياسة الاحتلال الإسرائيلي ـ مع فرضها للأمر الواقع على الفلسطينيين ـ تميل لتجميل وجهها الكالح، وغسيل الضمائر أمام العالم، ومع ذلك لا يتورعون عن القيام بغارات جوية بالطائرات المقاتلة الـ "F16أوF25 " ليسقط الأطفال والعزّل قتلى في قطاع غزة وتعود للإلحاح للميديا العالمية بأنها لم تحتل أرضا بالقوة ، وأن فعلها للدفاع عن النفس.

ملحظ آخر ..الكتاب كان قد ختم بمسرد به 42 مصدرا من المؤكد أنّ هذه المصادر مرت عبر السجانة، وحراس الاحتلال، ولفت نظري أن سياسة الاحتلال الإسرائيلية تسلب الحرية حين يكون الفلسطيني مقاتلا،وهذا ما حدث مع الأسير"محمود عيسى"، بثلاثة أحكام بالمؤبد، والحبس الانفرادي لمدة اثني عشر عامًا.

و لا ينكر  العقلاء أن الأرض الفلسطينية كانت مُلكا موروثا عن الآباء والأجداد إلى الكنعانيين قبل أن توجد الرسالات على غرار فراعنة مصر الذين ورثوا أرضها منذ الأسرات الأولى مع  اختلاف الروايات والأساطير والحكايا، ولم تثبت الآثار غير ذلك .

  لم يكن من ضمن ما أكدته الحفريات الدائمة، ما يثبت  أن اليهود كان لهم وجود في أرض فلسطين، ولم يكونوا مكوّنا حضاريا، ولا وجوديا، ولا أسهموا في صنع الحضارة في هذا المكان،ولم يكن بتاريخ الفلسطينيين "شالوم"ولا "عامير"ولا "موشية"،ولا "ديان"ولا "بنيامين"ولا "راحيل". وإن كان لهم عبور على أرض فلسطين لم يتعد 100 عام، ثم تعرضوا للتيه الكبير ..

القضية الفلسطينية قضية الأرض المباركة يريد اليهود جعلها "أرض الميعاد" دون وجه حق، وظنوا أن لهم الحق ـ بقوة السلاح ـ ان يستولوا على أرض الأجداد فقتّلوا وهجّروا مئات الآلاف بل الملايين وسرقوا الأرض من أصحابها كما فعلها البرتغاليون، والأسبان، والبريطانيون، والفرنسيون في الأمريكتين الشمالية والجنوبية 

رفض الفلسطينيون في غالبهم لسياسة الاستسلام والتعايش مع المحتل، وكان اختيارهم "المقاومة كخيار وحيد"ووجود"حركة حماس" وكتائب القسام ذراع المقاومة و"كتائب الجهاد الإسلامي" وكتائب "شهداء الأقصى"، و"أبو علي مصطفى" وغيرها شوكة في حلق إسرائيل.

وسعى الصهاينة إلى "تفتير حركة المقاومة" وغسيل السمعة القاتلة للإسرائيليين وخاصة أن المعاملة للأسرى أفضل بكثير من معاملة الأنظمة العربية لـ"أسراها"من المعارضين ومصر مثل صارخ، وسوريا مثل  شديد الدموية من النظام "النصيري الشرس" فالاحتلال يقوم بتمكين الأهالي للزيارات المنتظمة، وإدخال الكتب ـ أيا كانت توجهاتها والصحف ـ، والتلفزيون، والراديو والأطعمة التي تُدخل للأسرى.

"الوعد الحق والوعد المفترى"

كتاب عن محاضرة للشيخ سلمان العودة يحمل البشرى، والنذير بأنّ اللقاء قادم بين اليهود والمسلمين، وهو الفيصل الذي يشعل أوار المقاومة، فهناك من استولى على الأرض، والممتلكات، وصنعوا وجودا لهم، بينما اللاجئون مشرّدون في منافي الأرض، ويحملون حُلم الآباء والأجداد وإرادة العودة إلى ديارهم وأمام أعينهم "مفتاح الدار ".

 الإسرائيليون افترضوا أن فلسطين أرضٌ بلا شعب، لذا جاءوا واحتلوها، وسعوا لإخفاء جرائمهم من الذاكرة ـ أعني ذاكرة العالم طوعا ـ لامتلاك الصهاينة الاقتصاد والإعلام  في كافة دول العالم المتقدم والمتخلف على حد سواء، إنها مؤامرة حيكت بليل منذ وعد بلفور 1917 ارادت بريطانيا إهداء إسرائيل قطعة من الأرض المقدسة وحاولت المنظمات والوكالات الصهيونية رشوة السلطان عبد الحميد فرفض بشمم.  


فبدأ يهود العالم يحيكون الدسائس للدولة العثمانية ويفككون بنيانها بيهود الدونمة أومنافقي اليهود الذين تسموا بأسماء تركية وإسلامية وطورانية ويقدمون الدونمة على أنهم مسلمون ووطنيون وخداما للدولة العثمانية العليّة وخبراء في الفنون والصنائع وهذا ما كان يستهوي الدولة  العثمانية حتى سقطت الخلافة 1924


المثال الصارخ والصورة القاتمة ما حدث للإخوان حين تم فضّ رابعة والنهضة وقُتل على أقل تقدير4000 إنسان بدم بارد، ولا يزال القتل مستمرا، والأسوأ انهم اتهموا السلميين بأنهم من قتل بعضهم بعضا، ويفعلون ذلك لتشويه سمعة "ثورة" 30 يونيو المزعومة.

 ويعاني 40.000 معتقل كل المعاناة، من تلفيق قضايا وتهم سابقة التجهيز عقوبتها الإعدام دون أدلة ثابتة وفق أحكام مسيّسةفيما يسمى " دوائر الإرهاب "، ولا يستطيع أهل المعتقل رؤيته، بل يعدم الشباب ـ خلية عرب شركس الملفقة مثلا ـ  ويطلب من ذويهم استلام جثثهم، وتعتقل النساء ويحكم عليهن بالسنوات الطوال العجاف ووصل  الحكم إلى الإعدام  !!.

وهذا يجعل الكثيرين يقولون إن سياسة الاحتلال أرحم من مرارة الانقلاب، فالاحتلال يحاول أن يجعل  نفسه دولة ديمقراطية من جانب، وغرسا فوضويا من جانب آخر، وأمنيته ألا يوجد فلسطيني في الأرض المقدسة، ويريدون فرض الأمر الواقع ؛ في مواجهة رفض الأمر الواقع من قبل كل فلسطين، نعم هناك عملاء لهم في السلطة ، ولكن أيضا هناك شرفاء، يدعمون خيار المقاومة " يا حماس علمينا البندقية " 


نظرية المؤامرة

لا شك أنها موجودة في العالم ومنذ الخليقة؛ مع افتراض طرف أقوى وأكثر مكرا وأخبث طوية ولؤما يريد إلحاق الأذى بطرف أقل خبثا ولؤما؛ ربما لا يكون المستهدف هو الأضعف، والأقل لؤما، وخبثا، ولكنها معركة أظن أنها ستستمر ببقاء الإنسان .

ظهر المصطلح ـ المؤامرة ـ في العام 1920 وانتقل من الاقتصاد إلى السياسة، واتضحت أمارات لم تكن بادية منذ سنوات حتى ظهور اعترافات "جون بركنز" الذي عرف "بالقاتل الاقتصادي" بعد كشف منظومة الاستحواذ والسيطرة على مقدرات العالم الثالث أوالرابع.

ولد بيركنز في 28 يناير 1945وفضح المنظومة الأمريكية التي تستولي على مقدرات الدول الفقيرة شكلا لاموضوعا، فربما كان فقرها في عدم استغلال ثرواتها وهذا هو الغالب، والمؤامرة تأكدت منذ قديم حين كانت قوى معينة تعبث لسلب ما تملك فئات أقل قوة وإن حازت ملكا خربا في الظاهر لعجزها عن استثماره.

لم يكن الأمر متعلقا بمقدرات فأصحاب الرسالات السماوية لم يكونوا من طلاب الثروات ولكن يملكون الرسالة من طلاب التغييروالسعي بإيجاد العدل والإحسان لا الثروات، ومنذ بدأت الجريمة الأولى ودبر لها قابيل فالمكائد مستمرة، والسخرية من نوح عليه السلام ، ومن نبيي الله صالح، وهود، والكيد لنبي الله إبراهيم ومشروع حرقه الذي أفشل كل كيد.

ويأتي  الدور على نبي الله محمد الذي عانى وسبعين من صحابته في مكة من كل أسباب العنت من قريش، والعذاب والقتل والاتهام بالباطل وكيد الليل والنهار،فلاعجب أن يظل الكيد و"المؤامرة"على أشدها وخاصة أن البشرية المسلمة الآن على عاتقها تغييرالعالم، وتدبير"الانقلاب الإسلامي" ليس بالطرق التقليدية بل بطرق أكثر تعقيدا في إطار ما استطعتم كما سعى كاتب"نظرية المؤامرة".

وإن لم تكن القوة البشرية والاحترافية في مستوى قوة عدوهم ـ الذي يدعمه العالم ـ حتى الجيران اللصقاء ـ والعدو يعد أفضل  الجيوش الموجودة في الشرق الأوسط في الحرب النظامية المدعمة بالمعلوماتية والعتاد والدعم اللوجستي، ودراسة علوم الجاسوسية وإتقان وسائل تقنية للتنصت فضلا عن العيون التي لا تهدأ في رقابة أنفاس المقاومة والاستعانة بأقمار التجسس، إلا أن العاملين ممن تبنوا خيار المقاومة في الأرض المحتلة في المقابل يجيدون استغلال نقاط ضعف الكيان الصهيوني المحتل، ويوجهون له الضربات الموجعة.

ومن نافلة القول أن أغلب الحاضرين صلوا الظهر في مسجد الفاتح، وقاموا بزيارة قبره والسلام عليه، لانه يمثل البطولة الشابة الحاذقة، وكان يود استعادة الأندلس لولا المكائد التي حيكت له في أرجاء الدولة المترامية الأطراف، فكلما تقدم في الفتوحات، جاءته الرسائل بالحمام الزاجل أن "الصفويين" قد هجموا على حدود المملكة من الشرق، واقتطعوا مساحات من أرضه المترامية، فيعود لتأديبهم؛ فما بين "كروفر" تأجل الفتح وتوقف الفاتح . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان