وشهد شاهد من أهلها




عرض لكتاب

الأستاذ الدكتور  راغب  السرجاني
بقلم: عادل صديق

"كثيرا ما يشهد أهل الحق لحقّهم، وكثيرا ما يدافع أهل أصحاب العقيدة  عن عقيدتهم، ولكن أن يشهدَ  إنسان من فريق  لا ينتمي لهذا بصحة هذا الحق  وقوته، فهذا من أوثق الأدلة  وأقواها على روعة الأمر وإبهاره " بهذه الكلمات قدم الدكتور راغب السرجاني  كتابه القيم " وشهد شاهد من أهلها" وبهذا الاقتباس تحددت هوية  الموضوع .
فمن عشق التاريخ الذي اشتهر به الدكتور راغب، إلى عشق فن الدفاع، ولكن بصورة نقل وتعريف  بعلماء وساسة غربيين من عصور مختلفة .

قدّم الدكتور  راغب  كتابا آخر  وهو "ماذا قدم المسلمون للعالم"  الذي فاز به بجائزة كبرى في مصر في مجال الدراسات الإسلامية، وتشعر أن الرجل  يحمل بن جنبيه روح المقاتل وإن كان سلاحه الحجة  والبرهان.
الكتاب الذي بين أيدينا صدر عن دار نهضة مصر ـ في 359 صفحة في طبعته الأولى 2009م، والكتاب دراسة  جمع فيها المؤرخ  آراء موثقة  منسوبة إلى قائليها  من العلماء الغربيين، والمفكرين والمستشرقين، من غير المسلمين، ليظل ما نقله الكتاب من غير المنتمين  للإسلام شهادة لهذا الحق، ومن براعة  الكتاب أنه حوى  ـ في رصد أمين ـ لما ورد من التاريخ القديم  الذي سبق دعوة رسول الله، إلى الحقبة التي عاصرت  الدعوة في فجر ها، ثم إلى التاريخ المعاصر، ورتب المؤلف  الأقوال المحايدة .

وصلت الشهادات  إلى 76 شهادة عن  الرسالة والرسول والحضارة والفتوح والشبهات التي افتراها الكذب من ناصبوا هذا الدين العداء هو أن الكتاب عمد إلى ذكر الأسماء باللاتينية حتى يسهل على الباحث المتخصص البحث في الموسوعات والتعرف أكثر على الشخصيات  التي لم تعد معروفة لدى العامة ولا أنصاف المثقفين سواء من الغربيين أو الشرقيين مما يدل على الجهد المضني الذي بذل في تتبع الشهادات.

الباب الأول
شهادة الأولين

محمد في الكتب المقدسة
 في الباب الأول  أورد المؤلف  شهادات الكتب المقدسة التي كان يؤمن بها اليهود والنصارى، لنقف في دهشة لإشارات العهدين القديم والجديد وأن  هذه الأمة الوليدة  منصورة على غرار  ما ذكره الله لموسى ( أقيم لهم نبيا  من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به )سفر التثنية  18 -18

وكما ورد في العهد الجديد على لسان السيد المسيح:( الفارقليط لا يجيئكم ما لم أذهب ) و الفارقليط
periqlytos تأتي بمعان عدة منها المعزي، والمحامي، والكثير الحمد، والمخلّص من اللعنة، أو كلمة يونانية  تعني  أحمد ومحمد  وهو الأقرب من قوله تعالى {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ} [1]

وهي تمثل  إشارات مدهشة  وإلى الصراحة أقرب. وهذا يفسر لنا  لماذا بعض  أهل الكتاب  أقاموا في مهبط الوحي  انتظارا لنبي آخر الزمان  وكان اليهود في يثرب يهددون  المشركين  بأنهم سيؤمنون  بالنبي وينصرونه ويقاتلون به العرب {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ} [2] وهذا ما حدث فقد كانت الأهواء مسيطرة وردود الأفعال مغايرة أو متباينة لما كانوا يذكرونه.

ومن الغريب أن نجد الهندوس لديهم إشارات في كتبهم ـ رغم وثنيتهم  واعتقاداتهم الباطلة ــ وهذه الإشارات تدل على أن أنبياء  قد بعثوا وكانت لهم  رسائل  اندثرت وارتدت الديانات لباسا وثنيا، ولعلّ  الله يقصد هؤلاء بقوله {.. وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} [3]  وقوله {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} [4].

فلدى الهندوس نصوص مقدسة معتمدة  يطلق عليها "الريدات" بمعنى المعارف تحمل إشارات لاسم وصفة النبي  محمد صلى الله عليه وسلم  كما أورد  ذلك الشيخ صفي الرحمن المباركفوري في كتابه"وإنك لعلى خلق عظيم" باللغة السنسكريتية مثل"( نراشنس بمعنى الإنسان الذي يحمد، وكوروم بمعنى السيد المعظّم، وغيرها من عشرات العبارات والصفات التي أشارت للرسول  والرسالة في صراحة  شديدة تدعو إلى الانبهار.

معاصرو الرسالة
ثم يأتي  الباحث إلى معاصري رسول الله من نصارى العرب ( بحيرا الراهب ـ ورقة ابن نوفل ـ النجاشي ـ هرقل) ومن اليهود ( حُييَ بن أخطب ـ وأخوه أبو ياسر بن أخطب ـ عبد الله بن سلام )  فمنهم من آمن ومنهم من عاند، والكثيرون ممن كانوا على معرفة برسول الله قبل  الرسالة لم يجرؤا على نعته بالكذب وإن قال بعض الأفاكين  أنه ساحر كذاب.

ومن اللطائف أن بني "عامر بن صعصعة" وهم من القبائل الكبيرة جاءوا لرسول الله واقتنعوا  بالحجة البالغة ولكن طلبوا أن يكون لهم الأمر والملك بعد التمكين، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأمر لله يضعه حيث يشاء " وعادوا إلى شيخ لهم فلام عليهم أنهم لم ينالوا شرف المبادرة بنصرة رسول الله .

 وكذلك "بنو شيبان" الذي سمعوا من رسول الله دعوته وتحدث مع عقلائهم  الذين أخبروه أنهم ينصرونه  إن عادته العرب  أنما يخشون بأس الفرس الذين معهم عهد، وطلبوا ووعدوا بالاتباع عقب التمكين تصديقا بما دعاهم إليه.

الباب الثاني
شهادات المعاصرين الغربيين
شهادات المحدثين
لم تكن شهادات  القدماء إلا مدخلا لشهادات الباحثين المعاصرين  الذين كان لهم النصيب الأكبر من الكتاب، ولا شك أنهم أسماء لامعة  وخاصة خلال القرنين الماضيين مما يمكن أن نقول إنها فترة النضج الاستشراقي عقب الهجمة  الاستعمارية التبشيرية .
وينوه الكاتب بأن"شهادة المنصفين  لا تعني إيمانا بكافة ما يقولون أو أن رؤيتهم رؤية منصفة على الإطلاق، فقد يكون لهم آراء غير مقبولة  من الإسلام"  وقد  يتكلم  أحدهم في مجال  بحياد  وتحت الضغوط ربما يكون لهم رأي مخالف، ومن الملامح الهامة أن نهج المؤلف الدكتور السرجاني في تصنيف كتابه كان حسب المدارس الاستشراقية الغربية أو الشرقية، وأدرج تحت كل مدرسة تلاميذها الذين اطلعوا على الحقيقة وأبرزوها  ناصعة.

أهم المدارس الاستشراقية
المدرسة البريطانية
من أول وأوسع ما عرفته أوروبا، وبدأت صلتها بالإسلام والمسلمين  منذ عهد الأندلس  حيث كان جانب الحضارة الإسلامية هو المؤثر  الذي تعقد به المقارنات  بين الوضع الأوروبي المتردي، والوضع في الأندلس، كانت هناك زيارات من قبل العلماء المسلمين إلى لندن، وكان يفد إلى الأندلس الكثير من التلاميذ الذين تلقوا العلوم، ومن أبرز الدارسين في هذه المدرسة:

توماس أرنولد 
الذي قال في كتابه "الدعوة إلى الإسلام":
·قبل  وفاة الرسول كانت الجزيرة العربية تدين له بالطاعة وقال:نقلا عن  ميخائيل الأكبر  بطريارك أنطاكيا "لما رأى الله شرور الرومان الذين لجأوا إلى القوة فنهبوا كنائسنا وسلبوا ديارنا...أرسل الله أبناء إسماعيل من بلاد الجنوب ليخلصنا على أيديهم من قبضة الروم"

·" كان غير المسلمين  ينعمون  في ظل الحكم الإسلامي  بدرجات من التسامح  لم نكن نجد لها مثيلا في أوروبا "
· إن قوة المسلمين  كانت قادرة على اكتساح المسيحية ـ كما فعل المسيحيون في الأندلس مع المسلمين ـ  أو كما فعل لويس  الرابع عشر بالبروتستانتية  كمذهب يعاقب عليه معتنقوه " لكنهم لم يفعلوا.

 الفريد جيوم: 
من المستشرقين الذين تخرجوا في أوكسفورد  وعمل في فرنسا ومصر خلال الحرب العالمية  الأولى 1914 ـ 1918 يقول في كتاب  "تراث الإسلام ":
·"إن الإسلام  أنقذ الملل التي انشقّت عن المسيحية  من الضغط الكريه  التي كانت تعانيه من الحكومة المركزية  ـ الرومانية ـ "
·" إن الغرب أسير  للعرب فهم كانوا الفكر الوسيط  في الغرب.

توماس كارليل:
فيلسوف ومؤرخ  وأديب إنجليزي  له تراث كبير في الأدب والفكر، قال عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي اتهمه  القدماء وكثير من المستشرقين أنه كان "يعلّمه بشر" .
·محمد زار  الشام في قافلة عمه لم يكن تجاوز  العاشرة إلا بقليل فماذا وكيف يتعلم؟، من المستحيل في الفترة القصيرة التي أقامها أن يأتي  بمثل ما أتى ".
·" إني أحبّ محمدا لبراءة طبعه من الرياء والتصنع، لقد كان مستقل الرأي  لا يعوّل إلا على نفسه، ولا يدّعي  ما ليس فيه، لقد كان عظيما بفطرته".

كارين آرمسترونج:
 كاتبة بريطانية وباحثة في علم الأديان ولها كتاب  "سيرة النبي محمد" قالت عن الإسلام:
·من الخطأ أن نظن أن الإسلام  دين يتسم بالعنف أو التعصب في جوهره، بل الإسلام دين عالمي ولا يتصف بأي صفات عدوانية شرقية أو معادية للغرب.
·" كان المسلمون يسمحون  للمسيحيين كما يسمحون لليهود بالحرية الدينية الكاملة  في أرجاء الإمبراطورية  وكثيرا  ما يطلق على ـ الأسبان الذين درسوا التراث العربي ـ  المستعربون"
·وتقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم ".. شخصية  قوية المشاعر  وذات أبعاد مركبة وكان لديه مواهب روحانية وسياسية عظيمة .. وكان أيضا يلاعب الأطفال ويختلف مع زوجاته ويبكي بحرقة  لفراق أحد أصحابه .."   

المدرسة الفرنسية
ترتبط فرنسا بعلاقة قديمة مع العالم الإسلامي، فمنذ عهد الفتوح  في الأندلس انتشر الإسلام في فرنسا، فقد كان الجنوب الفرنسي خاضعا للإسلام  لقرنين من الزمان حتى توقف المد  الإسلامي  بمعركة بلاط الشهداء" بواتيه" 732م، وبالطبع كان  هناك طلاب علم  ترددوا على الأندلس ،ثم الحروب الصليبية  وحملة نابليون عام 1798 منعطفا كبيرا في الدراسة العميقة للإسلام  والعلوم  العربية والإسلامية، ومن أهم دارسيها:

دومينك  سورديل:
مفكر وقانوني فرنسي مهتم بالعلاقات الإنسانية، وله كتاب " إنسانية الإسلام "والذي يعد علامة مضيئة  في الدراسات الغربية  للإسلام " ..
·        يقول التعاون وحسن الضيافة  والكرم والأمانة للالتزامات التي تؤخذ  تجاه أعضاء المجتمع والاعتدال في الرغبات والقناعة تلك الفضائل التي  لا تزال  تميز المسلمين، وهي مثالية "
·      وعن العلوم العربية التي أبدع المسلمون فيها:" لم يكتف المسلمون بنقل  التراثين  الفكريين الإغريقي والهندي  إلى أوروبا الغربية بل أضافوا إليها ملاحظات عديدة واكتشافات  مهمة.

جوستاف لوبون:
ومستشرق  فرنسي شهير وباحث في علوم النفس والاجتماعية العديد من المؤلفات  أشهرها حضارة العرب يقول عن الإسلام:
·الإسلام من أكثر  الديانات ملاءمة لاكتشافات العلم  ومن أعظمها تهذيبا للنفوس  وحملا على العدل والإحسان والتسامح "
·  " لم تكن القوة عاملا في انتشار القرآن فقد ترك العرب أهل الدول التي فتحوها  أحرارا  في أديانهم،

·  " لما دخل عمر  بن الخطاب  القدس أبدى  من التسامح العظيم نحو أهلها ما  أمنوا به  على دينهم وأموالهم وعاداتهم، .. ولم تلبث جميع شعوبها أن رضوا بسيادة العرب واعتنق أكثر  أولئك السكان الإسلام .."
·        رأينا في القرآن أن مسامحة  النبي محمد  لليهود والنصارى كانت عظيمة إلى الغاية وإن  لم يقل بها  مؤسسو الأديان التي ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على الخصوص .. وقد سار  خلفاؤه  على سننه .."

المدرسة الألمانية
لم يكن للألمان احتكاك عسكري كبير بالشرق خلال  مشاركات محدودة لأباطرة ألمان في الحروب الصليبية، وخلال الحرب العالمية الثانية حين وقعت في صدام مع الحلفاء على سيادة المشرق، وبدأت الدراسات الشرقية  بالمدرسة  الألمانية في القرن الـ 16 مهتمة بالجوانب اللغوية والحضارية  وأهم باحثيها:

زيجريد هونكة
 التي درست في جامعات  كيل وفرايبورج وبرلين وقامت بتدريس الفلسفة وعلم الأديان، وأهم آثارها كتابها القيم" شمس الله تسطع على الغرب" و"الله ليس كمثله شيء"[5]ومن أقوالها:
·        بينما عاشت النصرانية في ظل الحكم الإسلامي قرونا طويلة فإن انتصار  النصرانية على الإسلام لم يعن إلا طرد المسلمين وحرق محاكم التفتيش  علنا  كل من اعتنق الإسلام "
·        حين تمكن صلاح الدين 1187 م من استرداد بيت المقدس  التي انتزعها الصليبيون 1099 م بعد أن سفكوا دماء أهلها في مذبحة وحشية فإنه لم يسفك دم سكانها من النصارى انتقاما بل شملهم بمروءته .
·        " إن الإسلام هو ـ ولا شك ـ  أعظم ديانة على ظهر الأرض  سماحة وإنصافا نقولها بلا تحيز، ودون أن نسمح للأحكام الظالمة  أن تلطخه بالسواد "
·        (   {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } [6] تلك هي كلمة القرآن  الملزمة، فلم يكن الهدف أو المغزى من الفتوح  العربية سيطرة على مقدرات الأرض وسلب الناس أشياءهم، وإنما نشر دعوة   الله في أرضه"

جيوته
أشهر أدباء ألمانيا تأثر بالأدب العربي، بعد أن ترجم مسرحية محمد  لفولتير بدأ كتابة مسرحية عن رسول الله، ولكن لم يتم  كتابتها، وله قصيدة بعنوان الهجرة، والديوان الشرقي للشاعر الغربي.
·        "إن أسلوب القرآن الكريم  من خلال محتواه وهدفه غاية في الدقة والعظمة والثراء ويوحي بالصدق"
·        " إنه بجذبنا بالتدريج  ويثير فينا الدهشة ثم يدفعنا إلى الإعجاب به في النهاية "

تيودور نولدكه
من أكبر المستشرقين  الألمان، تعلم في جامعات جوتنجن و فينة, وليدن  وبرلين وانصرف على اللغات السامية  والتاريخ الإسلامي، وله كتب تاريخ القرآن، وحياة النبي محمد ودراسات عديدة في الأدب  والنحو  العربي.
قال  عن الإسلام والرسول:
·  " نزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم  نبي المسلمين  بل نبي العالم، جاء بدين عظيم إلى العالم، وبشريعة كلها آداب وتعاليم، وحري بنا أن ننصف محمدا  في الحديث عنه لأننا لم نقرأ عنه إلا كل صفات الكمال  فكان جديرا بالتكريم "

ماكس ماير هوف
مستشرق  ألماني  كان من كبار أطباء العيون  في العالم ومؤرخا للطب الإسلامي،  وتعد اكتشافاته في الطب العربي  مرجعا دقيقا وافيا .
يقول عن العلوم العربية:
·        في نهاية عصر الترجمة والنقل  كان أطباء العالم الإسلامي  وعلماؤهم .. يعتمدون على مصادرهم  ومنابع علومهم الخاصة وهنا راحت  العلوم  الطبية تنتقل  من أيدي النصارى  والصابئة إلى أيدي المسلمين في بلاد فارس "
·  كان الرازي  المعروف عند اللاتين  باسمRhazas  بلا جدال  أعظم ما أنجبتها المدنية الإسلامية  من الأطباء، وأحد مشاهير  أطباء العالم  في كل زمن".

المدرسة الإيطالية
من أقرب المدارس  إلى البلدان المشرقية مكانا وخاصة المطلة على البحر المتوسط ،وكان جزءا من الإمبراطورية الرومانية التي كانت تشمل  أراضي الشمال الأفريقي حين انحسر الحكم الإسلامي رويدا في الأندلس استرد النورمان جنوب إيطاليا، وكونوا حكما في صقلية، وحصل تصالح مع الجالية  المسلمة  ويظل النظام الإسلامي  لقرون هو الذي يحكم صقلية .
ويبرز عصر الاستعمار  وبكون للإيطاليين موطئ قدم في ليبيا والصومال والحبشة، واهتمت  الجامعات الإيطالية بالدراسات الإسلامية والمشرقية وتعد مكتبة الفاتيكان من أكثر مكتبات  العالم احتواء لكنوز الشرق وتراثه .

 فرانشيسكو جابرييلي
كبير أساتذة  اللغة العربية في  جامعة روما، دارس للشعر العربي ومحقق لنصوص  التاريخ الإسلامي ومقارنة النصرانية بالإسلام، وعضو مراسل في المجمع العلمي العربي بدمشق، ومن مؤلفاته " أخلاق  الملوك"، "خلف هارون الرشيد"، "تاريخ المسلمين للحروب الصليبية"، الشيعة في عهد المأمون"، "عن الطبري"،
يقول عن الجوانب الحضارية التي تركها الإسلام  في صقلية:
·  يجب أن نذكر دائما  أن الإسلام  أضفى على عقائد أهل الكتاب  مكانة خاصة يحميها الشرع،  أما قانون المسيحية  فليس فيه  أي مكان لأي دين  آخر  لذا فقد انتقل  بسرعة عندما انتصر عل الإسلام  إلى التعصب والاضطهاد "
·  " هذا الحكم يعد إيجابيا ومفيد لأنه بعث بدماء جديدة تغلغل في الكيان العرقي البائس لصقلية البيزنطية "و الأهم من ذلك  بسبب التغيرات التي أدخلها الحكم العربي الإسلامي  على الأوضاع الاقتصادية  والاجتماعية في الجزيرة  .."

ديفيد  دي سانتيلانا
مستشرق إيطالي  درس في روما، وحصل على  الدكتوراه في القانون، دون القوانين التونسية الخاصة بالتجارة و القانون المدني  حسب الشريعة الإسلامية، وعين أستاذا في الجامعة المصرية، ثم في روما، من أهم ما كتب " ترجمة وشرح الأحكام المالكية " "الفقه الإسلامي  ومقارنته بالمذهب الشافعي ".
يقول عن الإسلام:
·  " الله هو الاسم الذي يطلق على  السلطة  العاملة في حقل  المصلحة العامة، ولا يوجد بين المؤمن وربه وسيط، وما دام الإسلام  لا يقر بسلطان  كنسي أو كهنوتي، ولا يعترف بأسرار مقدسة  فأي فائدة ترتجى  من الوسيط بين الله وخالقه ..؟"
·  الحرية هي القاعدة  في الشريعة الإسلامية  أما الرق فهو الاستثناء ،.. ". 
·   الشريعة لا يمكن إرجاعها أو نسبتها إلى شرائعنا أو قوانيننا لأنها شريعة  دينية  تغاير أفكارنا أصلا "

المدرسة الإسبانية
عاش الإسلام في "الأندلس" إسبانيا ثمانية قرون فشكل تاريخا فارقا  في مسيرة الحضارة الإنسانية حيث بدأ التغيير الجذري في الجنوب الشرقي في أوروبا، لم تكن  حضارة استلاب بل عطاء وتغيير، ولم تكن تستعبد البشر بل منحتهم الحرية، كان الإسلام حضارة إنسانية أخلاقية، لم يكرهوا  أهل البلاد  على دين، ولم يسعوا  لنشر التعريب  بل أقبل السكان على ذلك إعجابا بالفاتحين، .
من أهم العلماء الذين كانت لهم شهادات  على  الحضارة الإسلامية في الأندلس:
أمريكو  كاسترو
من أبرز العلماء والنقاد والمؤرخين الأسبان،ولد في البرازيل، وتعلم على يد العلامة  "منديث بيدال" ويمكن إطلاق  وصف المستعرب عليه حيث أنصف الحضارة الإسلامية وأهم كتبه "إسبانيا في تاريخها" 
يقول عن الفاتحين المسلمين الذين خلوا الأندلس  :
·        "إن المسلمين حلوا أسبانيا عام 711م واستطاعوا في فترة قصيرة السيطرة على الأراضي ـ الأيبيرية ـ  الأسبانية .. لقد توسعوا في فتوحهم وهم يحملون تراثا دينيا وسياسيا وأصداء أفضل  الثقافات الخاصة بالعالم القديم "
·  " صدى الإسلام  ظل باقيا في الآثار التي خلفها في قرطبة وغرناطة وإشبيلية  وطليطلة .. لا يمكننا أن ننحي  تسعة قرون  من النسيج الاجتماعي الإسلامي المسيحي"

المدرسة الأمريكية
من أحدث المدارس الاستشراقية  وهذا يعود إلى  حداثة نشأة أمريكا، لم تكن لها عداوات قديمة مع العالم الإسلام، وكما يذكر الدكتور راغب في كتابة إن أمريكا اعتمدت على المهاجرين  في كل شئ، وحتى اكتشافها يعود  إلى المسلمين نافيا ما ادعاه المكتشفون المستعمرون القادمون  ويستفحل دورها مع الدول المشرقية حتى  تكون لها السيادة وحامية  حمى إسرائيل.
ومنذ منتصف القرن التاسع عشر بدأت الدراسات الاستشراقية، ورصدت لها الميزانيات مما جعلها الأقوى في هذا المجال،
وأهم العلماء الذين تحدثوا عن الشرق والإسلام والحضارة وتاريخ العلم:
جورج سارتون
أبرز مؤرخي العلم، ومتخصص في العلوم الطبيعية والرياضيات، ألقى العديد من المحاضرات عن تاريخ العلم الإسلامي يقول عن القرآن:
·  "إن الفرق بين القرآن والإنجيل عظيم جدا، وهذا يرجع إلى أن القرآن الكريم قد صدع به النبي نفسه، وإلى أن القرآن يشتمل على الأسس الضرورية  للحياة الإسلامية الدين والفقه والتشريع والتقويم واللغة"
·  إن الرياضيين العرب لم ينسخوا  من المصادر اليونانية  والسنسكريتية نسخا ؛ولو أنهم فعلوا ذلك ما جاءوا بفائدة، ولكنهم جمعوا بين المصدرين  ثم لقحوا الآراء اليونانية  بالآراء الهندية .
برنارد لويس
أصوله إنجليزية، عمل أستاذا للتاريخ الإسلامي عمل  في جامعة  لنن، ثم جامعة برنستون له الكثير من المؤلفات المشرقية أشهرها " العرب في التاريخ" و"الإسلام في التاريخ ,,الأفكار والناس والأحداث"
يقول عن حالة الصراع  بين أوروبا  والدولة العثمانية:
·  " كان هناك ترفع وتزمت من كلا الجانبين، وكان الأتراك الأكثر تسامحا,, خرج العثمانيون من أوروبا ولا تزال هناك بلغاتها وثقافاتها ودياناتها وحتى إلى حد ما بمؤسساتها"
·  حتى المدافعون عن النظام القائم كانوا يعجبون بالفاعلية السياسية والعسكرية حتى أدب هذه الحقبة  يهتم بمزايا النظام التركي والحكمة الكامنة في تقليده"
ول ديورانت
مؤرخ أمريكي شهير عمل في  جريدة نيويورك إيفيننج  له العديد من المؤلفات " قصة الفلسفة: و"دروس التاريخ"و" أبطال التاريخ .. ومن أعظم كتبه قصة الحضارة، قال عن رسول الله محمد صلة الله عليه وسلم:
·  " محمد كان من أعظم عظماء التاريخ فلقد أخذ على نفسه أن يرفع  المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في ظلمات الهمجية حرارة الجو، وجدب الصحراء" وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحا لم يدانيه فيه أي مصلح .."
·  وعن علاقة الرسول  بأزواجه أنه كانت تحدث بينه وبين زوجاته ما يحدث بين كل زوجين ولك: " كان على الدوام يعزهنّ ويظه لهن ولغيرهن من النساء المسلمات  ما يليق بهن،من عواطف طيبة ويروى أنه قال "..خير متاع الدنيا المرأة الصالحة"، بل يذكر الله المرأة في القرآن بأنها تحمل وتضع في صعوبة  بالغة وهذا مدعاة للبر بهن ويكفي حديث النبي محمد  " الجنة تحت أقدام  الأمهات"
**حقيقة أسماء كثيرة وردت في علماء أمريكا من الذين اتجهوا إلى الدراسات الشرقية، ولكن الرغبة في استقصاء  المدارس لا الأفراد  يدعونا للاختصار ما أمكن .

 الباب  الثالث
شهادات المعاصرين الشرقيين
من روسيا
ليو  تولستوي
من أعمدة الأدب الروسي  في القرن  التاسع عشر، وأهم أعماله الحرب والسلام، وأنا كارنينا، وله كتاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم " حكم النبي  محمد .. صلى الله عليه وسلم "
يقول عن الإسلام:
·        "سوف تسود شريعة القرآن العالم لتوافقها مع العقل وانسجامها  والحكمة لقد فهمت وأدركت أن ما نحتاج إليه هو شريعة سماوية  تحق الحق  وتزهق الباطل، ستعم الشريعة الإسلامية كل البسيطة"
·        : المسلمون اشتهروا في  صدر الإسلام بالزهد في الديانة الباطلة، وطهارة السيرة،والاستقامة والنزاهة حتى أدهشوا المحيطين بهم بما هم عليه من كرم الأخلاق  والوداعة ولين الجانب"
·        من فضائل الدين الإسلامي أنه أوصى خيرا بالمسيحيين واليهود  ولاسيما القساوسة الأولين، فقد أمر  بحسن معاملتهم، ومؤازرتهم  حتى أباح الدين لأتباعه  التزوج من المسيحيات واليهوديات مع الترخيص لهن  بالبقاء على دينهن.."

من الهند
جواهر لال  نهرو
نشأ  في الله أباد بالهند له العديد من المؤلفات في السياسة  والتاريخ وشؤون الهند، وله كتاب هام هو "لمحات من تاريخ الأمم"
·        قال عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته:
" كان الدين الذي بشر به  بما فيه من سهولة وصراحة وإخاء ومساواة  تجاوب  لدى الناس  في البلدان المجاورة  لأنهم ذاقوا  الظلم على يد الملوك الأتوقراطيين والقساوسة المستبدين .."
·        "لقد حول  محمد  سكان الصحراء  إلى سادة يفتحون نصف العالم المعروف حينذاك، كانت ثقة  العرب  وإيمانهم عظيمين، ولقد أضاف إليهم  رسالة الأخوّة والمساواة والعدل بين جميع المسلمين، وهكذا  ولد في العالم مبدأ  ديمقراطي  جديد"

من العالم العربي

الكاردينال  اسطفانوس بطريارك الأقباط الكاثوليك"
·  "إن الذي يحترم الشريعة الإسلامية  يحترم جميع الأديان، لقد وجدت المسيحية  أثناء الحكم الإسلامي  ما لم تلقه فيظل أي نظام آخر من حيث  الأمان والاطمئنان في دينها، وعرضها، وحياتها

الأنبا جريجوريوس
·   "لقد لقيت الأقليات غير المسلمة والمسيحيون بالذات في ظل الحكم الإسلامي الذي كانت تتجلى فيه روح الإسلام  السمحة كل حرية وسلام وأمن  في دينها وعرضها  ومالها"

الأنبا شنودة
·  " إن الأقباط في ظل  حكم الشريعة يكونون أسعد حالا، وأكثر أمنا، ولقد كانوا كذلك في الماضي حين كان حكم الشريعة هو السائد. إن مصر تجلب القوانين الآن من الخارج وتطبقها علينا ونحن ليس ما عندنا ما في الإسلام من قوانين فكيف نرضى بالقوانين المجلوبة؟" .

نظمي لوقا
·  " قامت من المسلمين أمّة ذات منظور جديد وغايات جديدة وعلاقات اجتماعية وقواعد سلوكية  جديدة  ألله الواحد  هو المولى وهو النصير وما كلف به الرسول، والواسطة  الوحيدة لأمر الله ونهيه، وهو المفسر  لما يبلغه من وحي ".
·  يقول بعد دفاع كبير عن اتهام  أصحاب الأهواء  لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كان شهوانيا بدليل  تعدد نسائه  وأن لكل زوجة من أزواجه الأطهار  قصة زواج  رائعة لم تكن للشهوانية فيها نصيب " لا حيلة  في نسبة محمد صلى الله عليه وسلم  إلى الوفاء غاية الوفاء، وفاء يجعلني أشك في بشريته وأنا الذي جربت من فنون التنكّر والمروق ما أوشك أن يقضي على ثقتي  بسائر خلق الله".

ونختم بهذه الشهادة للمفكر القبطي دفاعا عن رسول الله ولا يغني ما ذكرنا  جميعا من نماذج عن الكتاب (وشهد شاهد من أهلها) 

















[1] (6) سورة الصف
[2] (89) سورة البقرة
[3] (24) سورة فاطر
[4] (196) سورة الشعراء
[5] الكتاب صدر بترجمة غير جيدة بعنوان " الله ليس كذلك " وقام الدكتور عوني عبد الرؤوف الأستاذ المتفرغ  للدراسات العليا  بجامعة عين شمس  بترجمة جديدة  بالعنوان المذكور. .
[6] (256) سورة البقرة )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان