العم إسماعيل:رجل يعشق المساجد رجل تسعيني وهن العظْمُ منه واشتعل الرأس شيباً، يسكن في حي" شيرين اڤـلر" في وسط مدينة اسطنبول الأوروبية، "العم إسماعيل"
رجل تسعيني وهن العظْمُ منه واشتعل الرأس
شيباً، يسكن في حي" شيرين اڤـلر" في وسط مدينة اسطنبول الأوروبية،
"العم إسماعيل" الذي يسير في وضعية انحناءة دائمة متوكئا على
عصاه وكثيرا أجده "يُهادَىَ بين رجُلين حتّى يُقامَ في الصفّ "
لصلاة الفجرحين يشتد الألم في ظهره، لا
تتعجب حين ترى رجلا صحابيا في سلوكه واصراره أن يكون في صلاة الفجر، هذا الرجل
يعلم من إرث النبوّة مالا نعلم، النداء وهو في المسجد، والمسارعة في الصف الأول، ما
دام يسمع النداءَ فعليه أن يلبي مهما كانت الظروف!، ويتوكأ على عصاه أو يبادر
الرجلان ليسندانه حتى يُجلس في مكانه خلف الصفوف عقب الصلاة !.
رحلة "العم إسماعيل" للتسعين طويلة، ورسمت خطوطُ الشيخوخة وأوجاعها على وجهه وعظام ظهره، ولكنه رجل جلد، وقلبه معلق بالمساجد،ولا يزال متشوفا إلى الصف الأول، يسابق الآخرين؛ من"أصحاب
الأعذار" من الشباب الأصحاء الذين لديهم همّة ليذهب أحدهم إلى صالات الرياضة
والتدريب على بناء الجسد وعضلاته، أوصالات "الكيك بوكس"
يأخذون بالرُّخص إنْ اشتد البرد، لا أعني النكير عليهم ولكن أدعو إلى التوازن لهم، فمهما كان بنيان الرجل الشديد لن يقدر على مقارعة الفناء حين يأكله التراب.
يأخذون بالرُّخص إنْ اشتد البرد، لا أعني النكير عليهم ولكن أدعو إلى التوازن لهم، فمهما كان بنيان الرجل الشديد لن يقدر على مقارعة الفناء حين يأكله التراب.
شباب لا يأتون للمسجد إن تساقط المطر، ويصلون
فرادى في البيوت ـ و( لاَ يُكَـلّفُ اللهُ نفْسًا إلاّ وُسْعَها ) ويختلقون
المعاذير و"العم إسماعيل" ربما اشتد به الألم فلا يستطيع الحضور،ولكن حين يقدر لا
يتخلف أبدا عن المسجد والصف الأول.
اتمنى من الشباب أن يقتدوا بـ "العم
اسماعيل" الرجل التركي،الذي أُحيل إلى التقاعد منذ عقود!، وتفرغ لعبادة
ربه، كان حريصا على صلاة الجماعة ـ منذ وعى ـ وعلى الصف الأول!، يريد أن يطأ بعصاه الجنّة،
وانحناءته ـ الدائمة ـ فهو يسعى بجد إلى الفردوس ومن
المؤكد أنه "تعلق قلبه
بالمساجد" وتعلم ذلك من أبيه .
"وينشأ ناشئ الفتيان منا ... على ما كان عوده أبوه"
وربما حُرم من غشيان المسجدَ حين كان العسكر يسيطرون، ورغم
أنّه نشأ في عهد الأتاتوركية عقب الانقلاب على الدولة العثمانية، وشهد إغلاق
المساجد، وتحويلها إلى مستودعات للغلال، أو هدمها وبناء عمائر سكنية على أنقاضها.
كان يشعر بالحزن حين يسمع الأذان باللغة التركية بدلا من "الله أكبر" باللغة
العربية، وربما استبشر حين وصل "عدنان مندريس"ـ رحمه الله ـ إلى الحكم في العام 1950 حين فكّ أسر المساجد ليعود
النداء العربي المبين كما كان أول مرة.
الرئيس عدنان مندريس قبل إعدامه |
ومن المؤكد أنه أصابه الأسى والكثيرون معه بعد أن أطاح
العسكر بحكم مندريس 1960 وقتلوه ببشاعة منقطعة النظير، و لم يستطع العسكر أن
يُسكتوا الأذان وإن نشروا الهوية التركية المنفصلة عن الدين، وسعوا لتذويب معتقدات
الأمّة "بالتتريك" وفتح المراقص والملاهي والمقاهي لشغل الشباب عن
معتقدهم .والمؤكد أن "العم إسماعيل"كان سعيدا حين كان أردوغان ـ عمدة اسطنبول منذ عشرين عاما يبني اسطنبول، ويخطط أن يكون هناك "مسجد في كلّ حيّ " لاستعادة الهوية التركية الإسلامية.
تعليقات