هل الألعاب الإلكترونية خطر يهدد أبناءنا؟الدكتور طارق أبو غزالة المحاضر في التفكيرالموضوعي وتجديد الفكر وأخطاء التفكير
هل
الألعاب الإلكترونية خطر يهدد أبناءنا؟
بقلم : عادل صديق
الإنسان يحتاج إلى وقت فراغ ليستريح فيه ويلتقط أنفاسه، ويجدد نشاطه ،
ويمارس هوايات تعود عليه بالفائدة حين يعود لعمله، والأبناء جزء من المجتمع
الإنساني يحتاج على استغلال وقت الفراغ ، بل يحتاج إلى النشاط لينمو نموا صحيّا،
لذا لا بد من إدراك مبكر ـ من قبل الدوائر
التي حول الأبناء ـ لقيمة الفراغ حتى لا يصاب الأبناء بأمراض ؛ نفسية وأخلاقية
وصحية.
علامة استفهام كبيرة وإشكالية
دائمة بين مؤيد ومعارض، ألعاب الكمبيوتر التي ينكبّ عليها الصغار والكبار معا حتي
أنّ أبناءنا يتعاملون مع اللعبة دون مراعاة للمرحلة العمرية أهي للأطفال أم
للمراهقين، وينسون أنفسهم أمامها.
منافسات عنيدة دون اهتمام
بقيمة لوقت، أو اعتبارات الأهل في ضرورة الاهتمام بالدراسة وعدم تضييع الوقت ووضع الأولويات،
وللأسف لا يوجد احتواء للشباب إلا للمحظوظين!، وإن وجدوا معارضة، أو عائقا من
الأهل لجأوا إلى السايبر أو"الكافيه نت" أو محلات ألعاب "البلاي
ستيشن" حسب ما يطلق عليه والمنتشرة في أرجاء المدن العربية.
وتصنف الألعاب على أنها ضمن الوسائط المتعددة
Multimedia التي تعتمد الجرافيك بما يحوي من إبهار، وتستخدم وسائل الفيديو
والصوتيات وربما حدث التدخل من "اللاعب" لتعديل المواصفات لتناسب
المرحلة وكسب النقاط الأعلى، وتحقيق مراحل متقدمة في المنافسة لتزيد الأمر تشويقا،
كما أنها إن تم لعبها عن طريق الشبكة وجدنا التراسل بين اللاعبين والتحدث معا مما
يوجد مجتمعا افتراضيا يعيشه الأبناء، وربما يكتفي به عن المجتمع الواقعي وهو ما
يمكن أن نطلق عليه التفاعلية Interactive وللأسف تأخذ جانبا سلبيا وإن كانت الصداقات الافتراضية تحمل محاذير
نفسية.
العب حتى تتعب
العبارة العب حتى تتعب من الإعلانات التي
كانت يوما تغري الأبناء للتوجه لمدن الألعاب"الملاهي" بسعر محدد حتى
الإشباع من اللعب في المملكة وهذا ما يكون من مقررات ألعاب الكمبيوتر الآن تفوق
الحصر ولازمة موجود حيث يكون الطفل، وتتنافس العديد من الشركات لإنتاج الجديد الذي
أصبح مغريا في مراحل العمر المختلفة لدى الأبناء، فهناك العديد من ألعاب الصغار
التي تحمل الجانب التعليمي المسلي مثلGTA للصغار التي تستهوي الصغار، وتعتمد الوسائط المتعددة ومخصصة لعمر دون غيره حتى لا
يملها الطفل، ولكن إن وُجدت ألعابٌ لأعمار أخرى في نفس المكان ربما يبدأ الصغير في
تقليد الكبار في اللعب بها مبكرا وإن لم
يستوعب الكثير مما لا يلائم مرحلته
العمرية.
الألعاب الرياضية
الأكثر تشويقا للمراهقين وأهمها "كرة
القدم" المحببة لكثير من المراهقين، ويقوم
المراهق بدور"المدير الفني" الذي يحشد قوى اللعبة لفريقه المختار
فربما اشترى لاعبا في فريق ليقوي فريقه،
ولابد أن يكون فاهما لقانون الكرة، ومحبا للرياضة، وأهم هذه الألعاب FIFA
و PES وأهم ما يميزها أنها تعتمد على الجانب الجماعي في اللعب، ويسبق اللعب بها
إعدادات لتأمين الفوز للفريق، وتستغرق اللعبة وقتا طويلا من اللاعب وحماسا وتشجيعا
قد يستغرق ساعات.
الألعاب القتالية
هناك ألعاب القتال التي تستهوي الكثيرين مثل:WWE وتعتمد كثيرا على الحركة ACTION،
وتحتاج من اللاعب الانتباه، وسفك دماء العدو، وقد تكون قصتها من التراث الغربي أو
الشرقي أومن الثقافة القديمة، وقد تتلاءم مع ثقافتنا وقد تخالفها وتوجد بها
ممارسات ومعتقدات كثيرة تغرسها في الطفل الكبير والمراهق، أقل تشويقا من الكرة،
وتعدّ لعبة سيلك رودSILKROAD من الالعاب الشيقة بالنسبة للشباب والمراهقين وخاصة إن كانت عبر الإنترنت
أو الشبكة حيث يتعارف الشاب على لاعبين
آخرين ويكتسب صداقات وخبرات.
الألعاب الاستراتيجية
وتوجد الألعاب الاستراتيجية وقد تعتمد على
إفشال خطط العدو، وهذا مما يميل إليه المراهقون، وهي تدعم التفكير وحلّ الألغاز
والقضايا الغامضة إن لم تكن تعتمد جاب العنف المطلق، وقد يدخل فيها جانب الخيال
العلمي على غرار الأفلام التي تلاقي إقبالا من الشباب،ويدخل فيها أمثال لعبة MAX PAIN البوليسية والقصة التي تحتويها جريمة قتل ويبحث البطل عن القاتل وبحل
ألغاز العمليات الإجرامية، و SOCOM التي تتضمن القيام بالعمليات
الخاصة والكوماندوز
انتشار واسع
انتشرت ألعاب الكمبيوتر على نطاق واسع وخاصة
بانتشار أجهزة الكمبيوتر التي تحررت من قيود "الأجهزة الخاصة بالألعاب"
بضرورة شراء النسخة الأصلية، فكل بيت به جهاز كمبيوتر وبه أبناء مختلفو الأعمار
وجدت بالضرورة ألعاب كمبيوتر، بل الكثير من أولياء الأمور يقتنون الكمبيوتر "من
أجل أن يلعب عليه الأولاد".
كل هذا ربما
يكون جيدا ولكن لابد أن نعلم أن ألعاب
الكمبيوتر مع ما فيها من الجوانب الإيجابية إلا أننا نجد من يحذر من سلبيات سواء من الأسرة أو من
خارجها.
فالأم مثلا تجد ابنها ينكبّ على اللعب على
الكمبيوتر، وقد تستهويه لعبة واحدة ظاهرها أنها لكرة القدم FIFA
و PES،
ويظل لساعات طوال يلعبها ، ويعدل في مواصفاتها من أجل ان يحقق نتائج غير مسبوقة !،
وللأسف قد يصرخ انفعالا بنتيجة على غرار ما يكون في الملعب.
وتدرك الأم أن الابن مال إلى الانعزال وأصبح
يجلس وقتا طويلا في البيت وتدريجيا يفقد أصدقاءه الأقربين.
دكتاتورية الآباء
والمثير للفضول ان جريدة الرياض[1]
ذكرت خبرا مفاده ان دراسة أجرتها جامعة بريستول البريطانية أن الأطفال الذين يمضون
أكثر من ساعتين يوميا أمام جهاز الكمبيوتر أو التليفزيون أكثر عرضة من الآخرين
للمشاكل النفسية مضيفة أن الأطفال في
سن الحادية عشرة الذين يمضون عدة ساعات أمام الشاشة يوميا يحققون نتائج سيئة في
الاختبارات المخصصة لقياس الصحة النفسية بغض النظر عن حجم التمارين الرياضية التي
يقومون بها.
سرقة الوقت
للأسف الكثيرون لا يدركون أن سن الشباب غال بالنسبة للأبناء في
فترة يحقق فيها نجاحات تعينه على التفكير
في مستقبله العلمي، فقد قال أحد الجراحين العرب المتميزين في أمريكا:"هذا
السن هو سن بناء الأمم، ففيه يتحصل الشاب أو الفتاة على معارف ومهارات أساسية
تؤهلهم فيما بعد لدخول ميدان العمل والكسب،وتؤهلهم لدخول حلبة التنافس الشريف من أجل بناء الأوطان وعمرانها، وهو سن
يكون فيه طموح الإنسان عالياً بأن يرتقي
درجات النجاح الاجتماعي"[2]
وأنها تطبيقات لخطة غربية لإضعاف البنية الفكرية لدى أبناء العالم الثالث الذين
يمثلون الأيدي العاملة الرخيصة بحيث يقتل الطموح فيهم، ويعيش في أحلام ومنافسات
وهمية.
بينما يؤكد الدكتور "مرغنى حسن" الأستاذ المساعد بقسم علوم الحاسب كلية
الحاسبات والمعلومات: المبرمج أحياناً تكون له أهداف معينة من تصميم اللعبة،
فالهدف من الألعاب الإلكترونية التسلية في أوقات الفراغ، وليس مضيعة الوقت، وعلى
المستخدم أن يقنن استخدامه، وهذه البرامج من المفترض أن تنمى عقلية الأطفال، وتزيل
الحاجز النفسى لديهم من تعلم الكمبيوتر، فيحبونه، ويقبلون على تعلم علومه.
هناك ألعاب لها تأثير نفسي حيث تنمي العنف
لدى الشباب حيث تكون موجهة إلى أطفال غربيين، أو لأعمار أكبر من أعمار الأبناء،
لذا يجب على الآباء الانتباه للألعاب التي يشترونها لأبنائهم التي يجب أن تكون
مناسبة لأعمارهم ، وهل بها ما يتنافى مع الأخلاق، والدين، وما يربون عليه أبناءهم
أم لا؟، ولابد أن يكونوا مدركين للمقصود من اللعبة.
ألعاب الكمبيوتر
يضيف الدكتور "عبد الرحمن حيدر"
مدرس علوم الحاسب بكلية الحاسبات والمعلومات، ومدير وحدة توكيد الجودة والاعتماد:
الألعاب الإلكترونية هى مجال تجارى يسعى المبرمجون فيه إلى الربح، خاصة أنه مسل
للمستخدمين، فيخضع لسوق العرض، والطلب كأي تجارة.
ويمكن استخدام هذه الألعاب بشكل جيد إذا كانت
تهدف لشيء أخر غير الكسب، مثل: التعليم، فهناك ألعاب تهدف إلى تعليم الأطفال الفرق
بين الحروف واستخداماتها، وكذلك ألعاب تنمى المهارات، مثل: سرعة التفكير، ورد
الفعل المناسب السريع، ودقة الملاحظة، وتقوية الذاكرة، وكذلك تنمية بعض المهارات
الحرفية، وذلك بالاستفادة من علوم الواقع الافتراضى، ويكون الهدف الرئيسى للمصمم
هو تنمية المجتمع، والفكر، والإيجابية بحيث تحقق البرامج التعليمية، والهادفة
الربح لمصمميها.
رأي تربوي
وتؤكد الدكتورة "عواطف محمد" أستاذ
متفرغ بقسم أصول التربية أن الجلوس فترات طويلة أمام الألعاب الإلكترونية تجعل
الطفل منعزل عن أسرته، وعن غيره من الأطفال، ولا يمارس الأنشطة الأخرى المناسبة
لعمره كالألعاب الرياضية، والأنشطة الاجتماعية مما يؤثر على قدرته على التفاعل
الاجتماعي، وتكوين علاقات اجتماعية سواء مع أسرته أو مع الآخرين، كما أن هذه
الألعاب العنيفة تؤثر على نفسية الطفل، فهو دائماً يريد أن يسبق، ويضرب، ويغلب،
وهذه ليست السلوكيات التى نريد أن نربى عليها أولادنا فنحن نريد تربية شخصية سوية
تتعامل بإيجابية مع المجتمع.
والحقيقة أننا نحتاج لدراسة بحثية عميقة على كل
من يجلس لفترات طويلة أمام هذه الألعاب الإلكترونية، وربما تجبر نتائج هذا البحث
الأهل على تقنين جلوس أبنائهم أمام الألعاب الأليكترونية حيث يترك الأهل أبناءهم
مع هذه الألعاب، وخاصة فى الأجازات، للتخلص من مشاكلهم، وتجنب القلق عليهم عند
خروجهم من المنزل.
رأي أساتذة الاجتماع
تؤكد
الدكتورة "إيمان عباس" أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب ـ القاهرة أن
الصغار فى يمارسون الألعاب الإلكترونية، ويستثمرون ذكاءهم بمهارة عالية، ويعرفون
تقنيات الموبايل، والنت بشكل جيد أكثر من الكبار، بالتالى يفلتون من رقابة الأهل
الذين يعلمون تفاصيل الأجهزة كما يعلمها أبناؤهم، ونتيجة ذلك يشاهد الأبناء ألعاب
العنف، والضرب، وأصوات الرصاص، وتحرض على الممارسات العنيفة.
وتضيف "عباس":"ويضيع الأبناء
أوقاتهم في أشياء غير مفيدة، وأيضاً تؤثر سلبا على صحة أجسامهم مثل إضعاف الإبصار والتأثير على العمود الفقري
لوضعية الجلوس الخاطئة، كما يؤثر على حياتهم الاجتماعية حيث يكونون انطوائيين، ولا
يندمجون مع أقرانهم، فهو يقضى وقتا كبيرا فى المنزل مع جهاز الكمبيوتر، ورغم ذلك لا
يتواصل مع أسرته، بالتالي مع أصدقائه.
الصحة النفسية
أما الدكتور "رجب أحمد" أستاذ
الصحة النفسية بكلية التربية، ان هناك ألعابا إليكترونية بها جانب تعليمي كالألعاب
التعليمية أو الألعاب التى تقوى الذاكرة أو الألعاب الرياضية، مثل مباريات كرة
القدم، وغيرها، فيتعرف على أسس ونظم هذه الرياضات، ولكن يجب أيضاً أن لا تأخذ هذه
الألعاب وقتاً طويلاً منه بحيث لا يستنفذ وقت فراغه كله فيها.
أما ألعاب العنف فلا يحبذ أن يندمج فيها
الأطفال حيث تجعل الطفل عدوانيا، وتنمى فيه حب الاقتتال، وكذلك الألعاب التى تعتمد
على سباق السيارات فمن الممكن أن يحاول الشباب تقليد الحركات التى يمارسونها على
الأجهزة الإلكترونية ـ فى الواقع، فيتسببون فى حوادث السيارات المروعة التى نسمع
عنها كل يوم، ومهما كانت اللعبة مفيدة يجب ألا نترك الطفل وحده أوقات طويلة مع هذه
الألعاب حتى لا تنمى لديه العزلة الاجتماعية عن أسرته، والآخرين أو تتركه إلى أن
يصل لمرحلة الإدمان، وهو منتشر فى الدول المتقدمة حيث يأتوا بالأطباء النفسيين
لمعالجة الناس من إدمان الكمبيوتر وهؤلاء الناس الذين يتعاملون لفترات طويلة مع
الأجهزة الإلكترونية يصابون بالاضطرابات النفسية مثل القلق والتوتر.
الرأى الطبي
تقول الدكتورة "إيمان محمد " أستاذ
الأمراض العصبية بطب أسيوط، عملية التركيز الشديد للطفل أمام الأجهزة الإلكترونية
لها تأثير ضار على أعصابه التى لا تزال فى مرحلة النمو، كما أن عملية الشد العصبى
التى يكون فيها ولوقت طويل قد تلحق الضرر بجهازه العصبى.
وطول
فترة النظر للشاشة، والقرب الشديد منها تؤدى إلى تدور العينان إلى الداخل، وتقلص
البؤبؤ (نى نّى العين) داخلها مما يؤثر على عضلات العين، والأعصاب الجمجمية
(القحفية) التى تؤدى إلى أعراض تتراوح بين احمرار العين، والشعور بالحكة، وازدياد
الوهج، وزيادة الحساسية للضوء الأمر الذى يتطلب مراعاة وضع شاشة حماية للعين أمام
الجهاز،
وقد حذّر بعض خبراء الصحة من أن تعوّد
الأفراد على استخدام الأجهزة الإلكترونية، والإدمان عليها سواء للتعلم أم للعب
ربما تعرضهم إلى مخاطر إصابات قد تنتهى إلى إعاقتهم بشكل دائم، وهناك آلاف الأطفال
يعانون بالفعل من مشاكل ومتاعب صحية ذات علاقة مباشرة باستخدام الأجهزة
الإلكترونية ومنها إصابات الرقبة والظهر والأطراف وهذا العدد يرتفع عند البالغين
لاستخدام الأجهزة لفترات طويلة مع الجلوس بطريقة خاطئة.
[1] 12 اكتوبر 2010م - العدد 15450 نقلا عن الجارديان البريطانية في عدد
الاثنين 11 أكتوبر 2010
[2] هو الدكتور الدكتور طارق أبو غزالة رئيس قسم
أمراض القلب المركز الطبي الدولي ـ جدّة، والمقال نشر على شكبة الإنترنت بعنوان سارقو الوقت عن مضار التسلية التلفزيونية النفسية .
تعليقات