قمة القدس في إسطنبول وانفضّ السامر
كتب :عادل صديق
بدا للعيان أنّ أكثر الأنظمة العربية لا تأبه
لسيادة القدس وفلسطين، وأن القدس فعليا تحت سيطرة الاحتلال فالأمر تحصيل حاصل،والقرار الذي اتخذه ترامب لم يكن جديدا بل تداوله رؤساء أمريكا،سرقت القدس في العام 1948 لأرض فلسطين
وتهجير شعبها تحولت القدس إلى عاصمة الدولة
اليهودية المستقلة،علما لا يشكل ذلك أهمية لدى الكثيرين كما صدح
بذلك "مظفر النواب" بحرقة في بغداد تحت سمع وبصر الحكام العرب ولكنها
تعبر عن الحقيقة ـ فالشاعر العراقي كان يحترق من نفاق الحكام الذين يرفعون صوت
حناجرهم، بينما يغمدون خناجرهم في صدر القدس.
ترمب قرر أن يجعل القدس عاصمة إسرائيل كأنها منحة أمريكية، ومر
القرار الأسبوع الفائت، ورفض الكثيرون القرارعلى حياء، ولكن "ما باليد
حيلة" كما يقول المصريون، ليدعو الرئيس أردوغان إلى قمة أسطنبول التي
رفضت وشجبت واستنكرت الخطوة التي اتخذها ترمب الرئيس الأمريكي بالإجماع وعبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
لكن هل كان هناك أجراءات بدلا من التمثيل الصوري من حضور الوفود والوقوف
لأخذ الصورة التذكارية،..أظن أن الصوت المسموع، والمبادر كان تركيا، والذي سارع
بتلبية الدعوةأمير قطر 23ساعة قبل حضورالكثيرين الذين آثروا التشاور مع حكوماتهم
المهترئة حول مستوى التمثيل.
كنا نؤمل أن تُعاقب أمريكا بإغلاق سفاراتها في الدول العربية،أو إغلاق السفارات الإسرائيلية في مصر والأردن كدول أعلنت التطبيع مع الكيان الصهيوني، وإن كانت هناك دول لم تعلن ولها علاقات مع الكيان الصهيوني ولكن الدول العربية تعلم علم اليقين ان قرارا كهذا مرفوض من الحكام لأنهم يجلسون على عروش مصنوعة ومن السهل أن تهتز عروشهم .
وتمخض التشاورعن أن يكون التمثيل في الحد الأدنى لدى البعض الذي كان يعوّل عليه
ـ السعودية ـ على اعتبار أنالملك سلمان يشرف على الحرمين الشريفين، ومن المفترض أن
يكون "محمد ابن سلمان على رأس الوفود؛ ولكن يبدو أن زيارات ولقاءات أمريكا والدول
الغربية لها ألق بخلاف النكد الذي سيعكر
مزاج الأمير الشاب.
لم يصدر رد فعل عربي يذكر، غير تصريحات
الأمين العام للجامعة العربية "أحمد أبو الغيط "ووزير
الخارجية السعودي والسفارة الأردنية بواشنطن.، والشجب والإدانة
المعهودة" القدس عروس عروبتنا"والتأم شمل القمة في 13 ديسمبر ثم
انفض ذلك في ظل تفاعل عربي في حدّه الأدنى، وانعدام لأي إشارة تفيد بوجود"اتجاه
عربي لإثناءإدارة ترمب عما هو بصدده".
وكأن ياسر الزعاترة ـ في تغريدته ـ يقرأ ما يحدث ،فهؤلاء
الخزايا والعبيد والذي اعترف عليهم "بنو صهيون" بالإذعان وإلا
زلزلت الأرض بعروشهم ليس في كثير منهم الخير في القدس ولا دماء الشهداء الغيارى من أهل
فلسطين، وأيضا من شعوب غيورة على قدسها، تعرضت لتعسف سلطات دولهم، فالدول العربية لها أجنداتها، وأيضا لها
تحفظاتها .
بادر أمير قطر الشيخ تميم وتلاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووصل لاسطنبول
رئيس جمهورية قبرص التركية مصطفى أكنجي، والرئيس الآذري إلهام علييف والعاهل
الأردني، الملك عبد الله الثاني، الرئيس الإيراني حسن روحاني ،وأوفدت
السعودية وزير الدولة للشؤون الإسلامية الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الـشيخ.
وقامت الإمارات
بتكليف وزير خارجيتها الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وأوفدت
مصر وزيرخارجيتها سامح شكرى من أجل الصورة البروتوكولية المعهودة ـ حتى يكون
قد قام بالواجب ـ فهو على غرار الكثيرين من الحضورـ لا يريد إغضاب السادة أولي
الأمر.
48 دولة شاركت في الفاعلية بينهم
16 على مستوى "رؤساء وملوك وأمراء"، من أفغانستان وأذربيجان وبنغلادش
وإندونيسيا وفلسطين وغينيا وإيران وقطر والكويت وليبيا ولبنان والصومال والسودان
وتوغو والأردن واليمن وغيرها ؛ لقد حضروا جميعا بهموم دولهم ومن المؤكد أن الجميع
تأثربـ"عروس عروبتنا ".
ومن الملمات أنّ
السيسي دعا إلى التعايش بين الفلسطينيين أصحاب الأرض المغتصبة والصهاينة المحتلين وليته
سكت، ولكنا نعلم أنه طرف في صفقة القرن ـ إن أبرمت ـ ولا ندري كيف سيكون هذا
التعايش الذي طرحة السيسي، وهل سيتخلى الاحتلال عن احتلاله وسلاحه وعنصريته، وسرقة
أرض فلسطين، ويتعايش من الدولة الفلسطينية كمواطنين فهذه مسألة فيها نظر وتتمخض
الأيام عن كل كريهة.
ولكن المؤكد ـ وصفقة
القرن على الأبواب ـ أنه لا زالت أوهام الأطماع التوراتية "الوعد
المفترى"التي تغازل حلم اليهود في
أذهانهم، ـ ما لم يحدث ما يعكر صفو عرّابي الصفقة، التي يسعى السيسي كطرف فيها ليقوم
بأكبر عملية إجلاء لسكان غزة والتي يقود
صفقة القرن "جاريد تشارلز كوشنر"رجل الأعمال اليهودي الشاب الذي موّل
حملة ترامب وصهر ترمب ـ افتراضيا على أساس ان الكتائب المقاومة ستسلم لهم رقاب
النخبة.
الصهاينة المحتلون يعرفون جيدا أن احتمالات الردع الشامل ستكتب قصة النهاية لإسرائيل ـ كما يذكر اليهود الاصوليون، والتهدئة التي تم الاتفاق عليها 2012 جعلت الوضع في غزة أكثر أمنا ـ في عهد الدكتور الرئيس محمد مرسي، وتم تعزيزالاتفاق في العام 2014 كهدنة طويلة أعقبت مناوشات بين الاحتلال وحماس .
وظل عدم إطلاق النار ساريا للآن وإن كانت تُنتهك من قبل اليهود إلا أنهم لا يريدون دخول "عش الدبابير" في قطاع غزة التي يعرفون جيدا كيف يجعلون المواطنين المحتلين يدخلون المخابئ.
فهل يسعى المحتلون أو يحاولوا أن يجعلوا
الفلسطينيين مطاردين أو مهجرين أو في الشتات،وألا يطالب الفلسطينيون بحقوق في
العودة،ولا"قدس"لأن الهيكل البديل التوراتي،وشعار"أرضك
يا إسرائيل من النيل للفرات"،أظن أن الفلسطينيين يعون الدرس، ويحبون الموت كحب
يهود للحياة.
كان أردوغان في "القمة"وعلى مستوى
الحدث حيث أبطل ادعاءات ترامب أن تكون القدس عاصمة الكيان الصهيوني، فهي ليست هبة
امريكية بل ظلت وقفا إسلاميا حتى عهد بريطانيا العظمى،وهي الإرث الإسلامي الذي لم
يفرط فيه حكام المسلمين وآخر موقف للدولة العثمانية كان للسلطان عبد الحميد الذي
رفض بيع فلسطين لتسديد ديون الدولة العثمانية العلية .
الذي
يغيبون عن قمة اسطنبول الخاصة بالقدس، أو يشاركون بتمثيل من الحد الأدنى؛ يصغّرون أنفسهم
في عيون شعوبهم والأمة، ولا يصغّرون الدولة المستضيفة. إنها القدس، ترفع أقواما وتخفض
آخرين.
ياسر
الزعاترة
تعليقات