أوهام الشهرة في العالم الثالث





"ستار أكاديمي" Star academy،برنامج شهيرانتشرفي العالم ولحق به "أرب أيدول Arab Idolمن أشهر البرامج الغنائية للموهوبين في العالم والذي تطلقه MBC بنسخته العربية، حيث يتم اختيار المواهب الغنائية من بين آلاف المتقدمين من جميع أنحاء العالم الناطق بالعربية أوالمواهب من البلدان التي بها مغتربين غالباً.

 

 يرغب الكثيرون والكثيرات أن يكونوا نجوماً ونجمات يشار لهم بالبنان، رغم السقوط الاخلاقي المدوّي حين خرجت الفضائح الجنسية من وراء الكواليس على الهواء، وكأن الأمرَ عادياً.
 سارع الكثيرون من المغامرين الفقراء لتجريب حظوظهم من خلال أطفالهم في مواهب النسخة المخصصة للأطفال
SLTVالموجهة لآسيا وأمريكا اللاتينية.


وكانت المتسابقة طفلة من شبه القارة الهندية،وكان كذلك المحكّمون والمحكماتُ أيضا، والطفلة الموهوبة كانت بارعة التدريب والمستوى،وجذبت أعين المشاهدين بالرقص الهندي،وانتقل إلى المسرح نجمات "بوليود" فرحاتٌ بإتقان الرقص من قبل طفلة هندية مبدعة وتجاوزت الخامسة بقليل واعتبرنها فخرا للهند.

 الطفلة ماهرة بطريقة غير مسبوقة "لطفلة" في مثل سنها للحركات المتسقة، وحين سألت المحكّمَات الطفلة:من الذي علّمك الرقص؟، قالت أبي؟! وإذا بالأب معاقٌ، وكان السيناريو مثيرا للشفقة والإعجاب في آن إلا أن الجميع اثنوا عليه، أن جعل ابنته طفلة مبدعة!!.

بالطبع كانت هناك جائزة كبرى، للأب المعاق والطفلة صاحبة الموهبة الصاعدة ليستمر الرجل في صقل موهبة ابنته لعلها يوما أن تكون في سلك نجمات الاستعراض في العالم، الطموحات بالطبع هناك جوائز مالية وتشجيع لمواصلة جهود الرقص الإيقاعي، وتكريم للمدرب المعاق الذي أوجد معجزة مبدعة!.

 ووجهة نظرنا نحن كمسلمين أنّ الذي يحدث في بلادنا من تقليد يراد يتسارع من قبل الغرب أوالشرق الآن هو مجرد انسياق "لإثارة الغرائز مستقبلا"،ونحن نرفض هذا الانسياق الذي وقع فيه الكثيرون من بني جلدتنا، فالأمرلا يتعدى أن طفلة في الخامسة من عمرها ترقص من أجل النجومية، وتتواصل الجوائز حتى تصل الطفلة إلى سن الرشد..وترقص في عبر الشاشات، أو من خلال المهرجانات والحانات إن لم يحالفها الحظ هذا هو المستقبل المأمول. 


لقد أرادوا من خلال الاضواء أن يكرسوا النجاح في على أساس أنّه الاستعراض وساند هذاالجانب المثير"الإبهار الأضواء والتصفيق" بعد الحصول على الشهرة واستدرار الدموع المشوبة باستحسان صنيع الطفلة وأبيها، ومن المؤكد أن الكثيرين من الحضور منّوا أنفسهم أن يكون ابنه وابنته نجما ينال الاستحسان من الذي استمتعوا بالإنفعال حيال هذه الطفلة "المعجزة".

لقد تركت الطفلة أثرا بالغا على الحضور ـ لا شك ـ وفي مخيلة الكثيرين أن يقوم أحدهم بـ "استنساخ تجربة الفكرة التي تدفع الطفل إلى النجومية من أوسع أبوابها"،إنها الشهرة هاجس تجده ماثلا في عقلية الناس في مثل هذه البرامج ـ بصرف النظر عن النجاح العلمي ـ أو صناعة المجد الصادق كأن يتطلع الطفل ـ أو أسرته ـ لأن يكون عالما، أوفيزيائيا، أو كيميائيا،أو مهندسا في عالم الكمبيوتر، او مفكرا أوفيلسوفا..الخ 


فكرة الرقص موجوة بصورأخرى لدى الصوفية،البعض يسنده إلى العبادة مادام يقول الله، وحتى المتشددون من أمثالي، يميل أحيانا للاستماع والمشاهدة عند الصوفية، مع أني أعيد النظر في تراثنا الإسلامي فلا أجد الرقص ضمن الشعائرالتي يتقرب بها إلى الله ـ سبحانه ـ وأدركت أن ذلك من طقوس مأخوذة من الديانات الأخرى.


وندلف إلى الرقص الصوفي ويطلق عليه الذّكر
 لدى المصريينـ وفي تركيا ومصر بالذات ـ حيث أعتبره مرشّداً نسبيا لارتباطه حيناً بالدولة العثمانية وكانت مجالس الصوفية محفزة للجند ـ من وجهة القتال ـ والانتصارعلى الأعداء فيأتي الصوفية والدراويش كعامل تحفيز وتأكيد بأن النصر قريب، وليس فيه نساء راقصات ولا كلام يساء، وكانوا يربطونه بالصوفية الأوائل وخاصة في الذاكرة الشاعر جلال الدين الرومي.

والطفل الذي يكون له طموحات فنية منذ صغره من الممكن أن ينال بموهبته هذه نجاحا، لكن للأسف سيفتقد حتما التفكيرالعميق في صناعة الشباب، وتوجيههم لبناءالأمجاد للأوطان.

 وقد يكون النجم الصاعد لطيفا ومحبوبا كـ"نجم" في أناقته وتوقيع الأوتوجراف  لمعجبيه ـ للشباب والشابّات ـ، وابتسامته وقد يكون مثقفا ويقرأ الكثير حتى يستطيع أن يتحدث مع أقرانه، بطريقة عقلانية.


الرقص الصوفي هو نوع من أنواع الذكرعند متّبعي الطرق الصوفية، يسمى أحياناً رقص سماع، ويكون بالدوران حول النفس والتأمل الذي يقوم به من يسمون بالدراويش  وكلمة الدراويش وهم الفقراء والمتقشفون عن اقتناع وإيمان بهدف الوصول إلى مرحلة الكمال.

أغلب ممارسي هذه الطقوس هم من أتباع الطريقة المولوية، ويهدفون إلى كبح شهوات النفس والرغبات الشخصية عبر الاستماع إلى ذكر الله والتفكر في الله والدوران حول النفس الذي أتى مفهومه من خلال دوران الكواكب حول الشمس.

بالطبع سنجد من يستنكر هذا ويزول العجب حين نتذكر ما يحدث في موالد الأولياء والمشايخ في مصر من فوضى لا حدود لها، وخاصة في ذكرى الأمام الحسين ـ والسيد البدوي، وأبي العباس المرسي وغيرهم.

 وكنت أحضرالموالد وخاصة مولد جدي محمد الأنصاري ـ رحمه الله ـ في صغري مستنكرا والظنّ لا اليقين يملأ عقول الكثيرين بأن الرجل الذي مات يرضى عن أهل المولد،إنْ حضروا حفل الذكرى.


لدينا في مصر الصوفية غيرمرشّدة وتدفع دفعا من السلطات الحاكمة ومن الجهلاء، ورغم أن هناك شيوخا أزاهرة ـ أقرب إلى الجهل ـ يخوضون مع الخائضين  حتى أن بعضهم يدعون إلى المولد بهمّة ويعلم الحضور أن الموالد تعد موسما "للشهوات"، وترتكب فيه المحرمات التي يستنكرها المسلمون المتدينون، الذين لا يرتادون الموالد وفارق بين من يطْهر من الصوفية ومن يسقط في حمأة الشهوات. 

    
أذكر لقاء مع المفكر الدكتور مصطفى محمود ـ رحمه الله ـ حين كان يسرد مشوار حياته، وكيف أنه انتصر على الشهرة، وظل يكتب لتصحيح الوعي لوجود الغثاء في مصر إبان الحقبة الناصرية واستمر، ودخلت إلى ديارنا الماركسية والإلحاد تبعا لها.

كانت له صداقة متصلة مع الموسيقار:"محمد عبد الوهاب"، وكانت بينهما مساجلات في الفن كرسالة، أم بناء مستشفى للفقراء هي الرسالة، كان الموسيقار محمد عبد الوهاب متشددا، 
ويؤمن بأنّ الفن له رسالة من إمتاع الإنسان والتخفيف عن أعبائهم وخاصة ان الموسيقى تقوم بجانب  .

فقال له الدكتور مصطفى محمود:أنا معك، ولكن كل ما تتركه للناس من تراث مجموعة أغنيات وألحان ودندنة وآهات ام كلثوم، أما أنا فأسعى لتخفيف الألم عن الفقراء، فكان عبدالوهاب يبكي من كلام د.مصطفى محمود.   


لا شك أن الموسيقى مؤثرة للإنسان، وخاصة أن الضغوط ربما تخرج الإنسان عن طوره الهادئ، والغضب كفيل بأن يجعل الإنسان يقوم بنوبات ثورة تصل إلى القتل، وسفك الدماء.
بينما جانب الهدوء يجنح بالإنسان إلى الدعة  والتعامل الرقيق مع بني جلدته،وأطفاله حين يكون رقيقا حتى مع الكائنات الأليفة  التي يقتنيها  من حيونات وطيور، ورأيت مواقف العاطفة في الطيور،والحيوانات، بل الحشرات المفيدة التي تدفع الاعتداء عن أعشاشها، ومثل الطيور،والنحل، والنمل،وكلها من الكائنات المفيدة نسبيا.

سرقة الوقت!
للأسف الكثيرون لا يدركون أنّ سنّ الشباب غالٍ بالنسبة للآباء في فترة يحقق فيها نجاحات تُعينه على التفكير في مستقبله العلمي، فقد قال أحد الجراحين العرب المتميزين في أمريكا هو الدكتور طارق أبو غزالة: 
"هذاالسن هو سن بناءالأمم، ففيه يتحصل الشاب أو الفتاة على معارف ومهارات أساسية تؤهلهم فيما بعد لدخول ميدان العمل والكسب،وتؤهلهم لدخول حلبة التنافس الشريف من أجل بناء الأوطان وعمرانه.

 وهو سن يكون فيه طموح الإنسان عالياً بأن يرتقي درجات النجاح الاجتماعي" وأن غثاءالفن تطبيقات لخطة غربية لإضعاف البنية الفكرية لدى المسلمين ليكونوا تبعا للرؤية التي يرونها لا للقيم التي كان أسلافنا يسعون إليها في استحداث العلوم، وبناءالإنسان السويّ.

 وبالنسبة للفن يستطيع الفنان أن يوجد حياة متوازنة لجمهوره، ولكن لن يستطيع أن يوجد حياة متوازنة لذاته ، فهو يملك المال، والشهرة ، بالتالي فله ما يريد في حياته ، ربما يكون متوازنا مع جمهوره، وقليل ما هم.


التقيت بالفنان مجدي إمام بعد اعتزاله في مسجد في السعودية في الثمانينات، وهو نجم ومهوب وله عدد من المسرحيات والأفلام ،وحكى لي عن الفن والفساد، وما كان يحدث في الكواليس، وصناعة النجوم ولا يزال صامدا وله مكتب في المدينة المنورة يعمل في مجال الديكور؟ 

كانت لدينا طفلة أرمينية تعيش في مصر في حقبة الخمسينات يطلق عليها "الطفلة المعجزة فيروز" قامت ببطولة ستة أفلام وكبرت وتلاشت طموحاتها في التمثيل وهي في السادسة عشرة من عمرها لأنها فقد طفولتها التي احبهاالمشاهدون من أجل ذلك.



الدكتور الدكتور طارق أبو غزالة رئيس قسم أمراض القلب المركز الطبي الدولي ـ جدّة، والمقال نشر على شكبة الإنترنت "سارقو الوقت" 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان