هانس كينج ..لماذا مقاييس عالمية للأخلاق ؟




بقلم :عادل صديق

الإثنين، 05 مارس 2012 

 وصلتني هديّة قيّمة من صديقي العزيز البروفيسور ثابت عيد،والهدية كانت النسخة العربية من كتاب العالم السويسري"هانس كينج"لماذا مقاييس عالمية  للأخلاق ؟


فى مناقشة كتاب "لماذا مقاييس عالمية للأخلاق" بـ"الصحفيين".. عمارة: عمل على وقف ازدراء الإسلام.. واعترف بنبوة الرسول ووصفه بـ"أنجح" الرسل.. "قلته": الإسلام والمسيحية ديانتان تحققان حلم "السلام" للبشرية


بالطبع انتابتني دهشة أن يكون ذلك الطرح ولا زالت الدماء تسيل والتي خاضها  الغرب ضد المسلمين راودنا"الشك الكبير" ولدينا مخاوفُ ورهابٌ يلازمنا منذ تغول مشروع الهجمات الاستعمارية على العالم الإسلامي.
العلاقة المتوترة بين الإسلام والغرب
المخاوف السلبية بين الشرق والغرب لما كان من  أطماع استعمارية  
وإذااستثنينا ألمانيا التي لم يكن لها أطماع استعمارية حديثة في العالم الإسلامي سنجد أن المحتلين جميعا كانت لهم أطماع بل دمرت الحملات العسكرية على الشرق مقدرات وسرقت ثروات الأمم الإسلامية،وصرناولائم لهم في بلادنا.





 وكما أن لدي الغرب مخاوف سلبية في أن يكون هناك مَن ينادي بالأخلاق يقينًا وهوالمفهوم لدينا نحن ـ المسلمين ـ الذين نزعم أننا ملتزمون بالإسلام يختلف عن كثير من المفاهيم النسبيةالتي نبتت في الغرب.

وقال الكاتب"باسم لجسر" بجريدة الشرق الأوسط العدد 11861 تعليقا عن محاكمة "دومينيك شتراوس"،مدير صندوق النقد الدولي السابق:"باسم الجسر" ثمن احترام حقوق الإنسان والحريات في الغرب،مع تراجع المفهوم الديني للأخلاق وللمقدسات العائلية وللحلال والحرام،وساد نوع من الإباحية الجنسية شبه مطلقة بين الأجيال الطالعة
".

لسنا تزعم أن هذا مطلق في الغرب، فهناك من يؤمنون بالأخلاق على"الطريقة الإسلامية"،ولا يزال سكان جزر المتوسط متمسكين بالفضائل التي تدخل في إطارالأخلاق وقيم المعاملات،وقداسة دم الآخر وماله وهذا مُعترف به  نسبيا من الغرب مادمت مواطنا غربيا،أما لو كنت من الغرباء،ولك مبادئ تؤمن بها فالمسألة مختلفة!،وهذا ليس مطلقاأيضا في الغرب.
وإن كانت العدالة في المحاكم الغربية شيئا محمودا ولها قداستها لديهم فإن هذاالمعيار يتلاشى ويُعاد صياغة فهمه فإنْ تعارض مع المصلحة الغربية مثلما حدث في أفغانستان،والعراق وقبلها ماحدث في مأساةالبوسنة،وغيرهامن البلدان فلا عدالة ولا حقوق.

فتغير المعايير لازمة حتى في أعرق الدول الغربية ديمقراطية،فالأخلاق في المفاهيم تختلف ونسبيتها تختلف،أما في حالة طرح"هانس كينج" كعملاق من عمالقة الفكرالإنساني حاول الجمعَ بين المفاهيم سواء في المذاهب الوضعيةأوالقيم الدينية،بوصفه كاثوليكي وأيضا ككاتب عالميّ الثقافة، وإنسانيّ النظرة فكان منصفا في الحكم كما وصفة صديقنا الباحث البروفيسور ثابت عيد.
هانس كونج - ويكيبيديا
البروفيسورهانس كينج  ولماذا مقاييس عالمية للأخلاق

قطعَ الكتابُ رحلةً شاقة منذ صدورالطبعةالثانية الألمانية 2006 ـ التي نقل عنها المترجم ـ حتى ظهورالنسخة العربية، حيث استغرق الإعداد لهذا الكتاب الكثير من الجهد ليحقق الصديق "ثابت عيد" معادلةً شاقّة لاستعادة "الكتاب العربي الجاد ـ لعرشه.

ووسط سقوط صناعة الكتاب في بحرالإنتاج التجاري الذي يبتعد عن الرصانة حينا ويغرق في الإسفاف كثيرا، حتى صارت الكتب الفاخرةالتي يقتنيها الناس هي كتب الطبخ،والتجميل وعارضات الأزياءونجوم السينماوغيرها.

محتوى الكتاب جديد في بابه، ونادرا ما يتحدث الأوروبيون عن الأخلاق بمثل هذا الفهم والاستيعاب، وإن كنا لا ننكر أن لهم سلوكيات ظاهرةرائعة تخجلنا من الإتقان والصدق، والعدالة الشفافية في التعامل.

 وإن كانت هذه المفاهيم تخضع لمفهوم"الرقابة الذاتية"لدى الفرد الذي قد يتخلف حين يتعارض ذلك مع المصلحةالذاتية،ونستطيع أن نقول بثقة حين يغيب الرقيب البشري المتخفي في وسائل الرصد الأليكترونية،والتنصت، وتحليل المعلومات لاستباقية الحدث قبل وقوعه تنكشف عورة المتحدثين عن الحريات. 

والرقابة الذاتية لدى الكثيرين نابعة من الخوف حين  يقع الفرد تحت طائلة القانون لذا يخشى الفردالقانون دون وازع آخر من الدين مثلا‘ فيقول "هانس كينج":إن هناك صعوبةّ  لتحقيق  مقاييس عالمية  للأخلاق حيث سيجد الف  إجابة بحسب مجالات الحياة حين يطرح سؤال لمَ الحاجة لمقاييس عالمية  للأخلاق ؟

،ويضيف المؤلف أن الحاجة  قائمة  لإيجاد أخلاق في السياسة،والاقتصاد والتعليم، وأسباب وجود هذه المعايير المتشابكة هي"تعدد الثقافات
".
ويشير الكاتب إلى ضرورة وجود أساس مشترك للحوار بين البشر في الثقافات والفلسفات والأديان كافة لصالح الإنسان.

 وفي ظني أن المؤلف يرى أن قيما مثل:العدل والأمانة،والثقة،والتفاهم، والحوار،والتعايش لابدّ من تواجدها،وهانس كينج جمعها لإيجاد تقارب بين الثقافات وهي مما لا يختلف عليه الإنسان أينما كان موطنه
.

وإن كانت قيمة الكتاب كبيرة بلا شكإلاّ أن دورالمعرّب البروفيسور "ثابت عيد" كان كبيرا؛ إذ حوّل الكتاب إلى  قطعة فنية لجانب الأسلوب الدقيق في النقل، بالإضافة إلى أنّ دار النشر المتميز"عيد للإعلام"التي أسسها"ثابت عيد" في زيوريخ.
وآثر مؤسسُهاأن يكون نصُّ الكتاب بخط النسخ المشكّل واستخدم فيه برنامج في التصميم "أدوب إنديزاين
" Adobe Indesign ليكون تحفة متميزةرغم استغراق ذلك جهداووقتا طويلين؛أمّا عنوان الكتاب، فقد كتبه الفنان"محمد فاروق الحداد".

ولا يخفى على القارئ أنّ المؤلف نهج في كتابه نهجا نستطيع تصوّرة نحن بسهولة بعدما عرفنا نهج علمائنا الأجلاء،حين يجلس الشيخ على كرسي الدرس ويتلقى الأسئلة من تلاميذه في مجالات عدّة ليجيب عليها، فهو نهج للمفتين العظام من علمائنا،وإن كان القارئ من جيلنا ـ لم يعهد هذا في قراءته، ولكن الجيل السابق كان على دراية بـ " المنهج في سؤال وجواب" وهو طريقة لطيفة رفعت قدر المؤلف وتحتاج لذاكرة حاضرة متنوعة خصبة كشأن الفلاسفة العظام.

قدّم للكتاب العالم الجليل والمفكرالإسلامي الأستاذالدكتور"محمدعمارة" الذي أولى الكتاب اهتماما بالغا لقيمته العلمية والإنسانية حيث درس الكتاب بعناية ناقد، "وألف له مقدمةّ رائعة قرأها "هانس كينج" بصدر رحْب وعلق عليها بدوره "[1]  حيث رفع المؤلف في موضعه اللائق  ـ كمفكر غربي ـ واسع الاطلاع، منتقدا بعض مزالقه التي لا يسلم منها مؤلف غربي ولا شرقي،حيث تحدث عن الإسلام في أدب جم وتحليل ضاف، وتصويب موفق.

الكتاب بمقدمته استغرق 252 صفحة أتبعها المؤلّف بملحقين أولهما عن: "برلمان الأديان العالمية ؛ عن المقاييس العالمية للأخلاق ويعود للعام 1993، وتلاه ببيان لـ  "هانس كينج" ألقي  أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة،ثم هوامش  المترجم في 321 صفحة،والتي تعدّ مرجعا بحثيا بالغ الدقة والجودة منها تعريف لمصطلحات قد تكون غامضة للقارئ العربي؛ وتفيد القارئ والباحث في أن يكون له رافد ثقافي، ومنها شروح لمااستغلق، وغمُض من كلمات، ومنها تعريف بشخصيات لايعرفها غير المتخصصين  في الذاكرة الغربية،وأدعو الدكتور"ثابت عيد" إلى أن يكون هذاالمسرد ـ إن شاءالله ـ أليكترونيا أو مسردا مطبوعا ليفيد القارئ.

وكما قال عنه الباحث خالد مصطفى " هذا الكتاب  ترجمة أمينة رائعة  لموضوعات عالمية ذائعة فهو يعرض كل  الديانات السماوية  والوضعية، ويستخلص منها  مقاييس عالمية، وينكر على الكنيسة الكاثوليكية رفضها ترسيم المرأة قسيسة، وينكر عليها رأيها في تحديد النسل..الخ.مضيفا ويثبت ـ هانس كينج ـ أن الإرهاب  بالمعنى المعاصر  ليس من المبادئ الإسلامية ..حقيقة لا خيالا كان الكتاب عملا رائعا، وأظن أنه لولا أنه كان ثمرة جهد مشترك بين المؤلف والمترجم لما استطعنا تذوقه والقناعة العقلية بما فيه .

*كنت نشرت هذا المقال في موقع الوفد الخميس، 15 سبتمبر 2011، وأردت أن أعيد نشره بتاريخ الاثنين 8يوليو2019 للإفادة.
......................


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

الكلمات:القدسُ وعكّا نحنُ إلى يافا في غزّةَ نحنُ وقلبِ جِنين الواحدُ منّا يُزهرُ آلافا لن تَذبُل فينا ورقةُ تين ما هان الحقُّ عليكِ ولا خافَ عودتُنا إيمانٌ ويقين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا لا لا لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا لا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي كي تُشرقَ شمسُكِ فوقَ أمانينا وينامَ صغارُكِ مُبتسمين ونراكِ بخيرٍ حين تُنادينا لعمارِ بُيوتٍ وبساتين سنعيدُكِ وطناً رغم مآسينا أحراراً نشدو متّحدين لن نسكتَ لن نستسلمَ لا نفديكِ لنحيا يا فلسطين فلسطين بلادي نحملُها جُرحاً أو أملا لا ورح نبقى فيها ليوم الدين فلسطين بلادي#palestine #فلسطين

العالم روبرت غيلهم زعيم اليهود في معهد ألبرت أينشتاين، والمختص في علم الأجنة أعلن إسلامه بمجرد معرفته للحقيقة العلمية ولإعجاز القرآن