الدكتور محمد المسيري العالم والإنسان العلامة الذي يرفع العقيدة على رؤوس الأشهاد



العلامة محمد المسيري الذي يرفع العقيدة على رؤوس الأشهاد
كانت هذه  بدايتنا مع فكر  العلامة محمد المسيري، الذي خرجته محافظة البحيرة، فيلسوفا أمينا، يسعى إلى الحقيقة في تؤدة العلماء حتى يصل إلى مبتغاه .وكانت كلمة الحق التي ينفرد بها  المنصفون، )وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ(   البقرة:165

"الله هو الركيزة الأساسية لكل شيء،الركيزة الأساسية للتواصل بين الناس، لضمان أن الحقيقة حقيقة، فإن نُسِي الله: فإن ركيزة الكون كلها ستنتهي"

ـ حين وصلت موسوعته عن اليهود واليهودية والصهيونية 1984عرفتُ أنه فيلسوف بلا نظير كانت الموسوعة التي تصفحناها، بادرة لنا في إدراك التضليل الإسرائيلي .

ـ رغم أنه كان باحثا عن الإنسان وقال كلمة الفصل في إسرائيل وأنها إلى زوال لوجود المقاومة، وقوة بأس أبناء الأرض المقدسة، ورغم جبروت اليهود إلا أنهم يخافون الموت  رغم قوتها المادية لهاجس الخوف من عناصرحتمية،فهناك رجال كثير من المسلمين يحبون الموت حبّ عدوّهم الحياة يحتسبون من الله في قتالهم الأجر العظيم ويحبون الجهاد في سبيل الله.

ـ فرق المسيري  بين المجتمع التراحمي، والنفعي ،وهي البذور ذاتها التي ستحكم فكرَ "المسيري" الباحث عن الإنسان؛ حتى تهديه إلى الإيمان العميق بالله ـ وله نظرة في كتابه: الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان،لأن الإنسان في الجانب المادي لا وزن له ، فسرعان ما يتحول إلى رقم لأنهم لا يؤمنون بالله، وبالتالي كيان الإنسان متاح كفرد يموت، ويوضع وسام الشرف العسكري.

أما لدى المؤمنين الإنسان كيان وإن ماتَ ليس رقما، بل يظل بطلا يذكر،ويكرم لأنه قام بواجب عظيم، لحماية "الإنسان"من شرورالمغامرين،ورؤيته عن الإنسان أنه كائن يتنازع بداخله الخير الشر،لا يمكن أن تفسره قوانين العلم المادي التي تفسر الظاهرة الطبيعية.
 أدرك أنه لابدّ من مصدر فوقي إلهي يستقي منه المعتقدات والأخلاق والتفسيرات المعنوية لكل ما يعجز عنه العلم، كالغاية من الوجود ومصير العباد بعد الموت.

 فلسفته:روح إنسانية عذبة ومحبة تنساب بين السطور، لتقيم معك ألفة تنمو كلما ازددتَ قراءة، ومن آرائه ،إن الإيمان لم يولد داخليا إلاّ عقب رحلة عميقة،حيث يستند إلى امتداد عقلي طويل، ومزيج روحي أيضا، فهو يستند إلى عجز المقولات المادية عن تفسير الإنسان وإلى ضرورة اللجوء إلى مقولات فلسفية أكثر تركيبية.

 يرى"المسيري"أن رحلته المتنقلة بين الأفكار،والتي بدأت بانضمام في الصغر لجماعة الإخوان المسلمين تبعه تمرد ثوري ثم عودة اختيارية نحو الإيمان. 
 
 ويبدو أن الفيلسوف "المسيري" استند إلى النص القرآني(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ) أي: أخبروني لو كان هذا القرآن من عند الله وشهد على صحته الموفقون من أهل الكتاب.

 تابع المسيري من خلال طرحه العقلي والارتكان إلى علّة خلق الكون التي استند عليها علماء الفيزياء الذين عرفوا الحق وأدركوا أن هناك حياة برزخية غير ما نعيشه من أعمار قصيرة .

وتكلم عن اليهود

من المقولات التي لا يمكن للعدو الصهيوني مواجهتها مقولة العربي او الفلسطيني. فاعترافه بوجود العربي هو اعتراف ضمني يكذب أيديولوجيته من أساسها ولذا نجد الصهاينة يبذلون قصارى جهدهم في أن يزيلوا الوجود الفلسطيني تماماً لا من الوجود وحسب، وإنما من وجدانهم ووجدان الآخرين.

ويتبع الصهاينة. مناهج عديدة للوصول لهذا الهدف. فيسمون العربي بأنه متخلف (وبالتالي لا حقوق له)، أو أنه لا هوية محددة له (وبالتالي يمكن توطينه في أي مكان) أو أنه لا وجود له (ولذا قالوا عن فلسطين الآهلة بالسكان والتي كانت تعد من أزحم بقاع العالم: أرض بلا شعب، أي أرض خالية).

وكل هذه المناهج كانت تصلح للتعامل مع الفلسطينيين عن بعد، ولكن بعد حرب 1967 اختلت الأمور، وكان علي العدو الإسرائيلي أن يتعامل مع الفلسطينيين، وكان عليه أن يقاتل ضدهم وأن يحاول التصدي لمظاهراتهم وأن يهرب من رصاصاتهم، وأصبح من الصعب عليه أن ينادي بأنهم لا وجود لهم، وإلا بما يفسر تلك القلاقل التي يثيرها هذا العربي الغائب، ولذا لجا العدو، شأنه شأن كل المستعمرين، إلى تقسيم الفلسطينيين إلى أقلية مناضلة "سريرة" يسميها بالإرهابيين أو المتسللين أو المتشردين أو أتباع المنظمة (ولا يسمونهم قط بالفدائيين أو المدافعين عن الحرية)

 هناك أغلبية طيبة خيرة طيعة مستسلمة تستمع إلى أوامره وتنصاع لها. ويجب أن تنتبه إلى أن مثل هذه التقسيمات الساذجة بل والواضحة البلاهة ليست من قبيل التدليس على الآخرين وحسب ولا من قبيل خداع الرأي العام العالمي، بل هي قناعة إسرائيلية حقيقية، تحدد سلوك العدو وتفسر العديد من برامجه الفاشلة.

ويظهر في الصحف الإسرائيلية من آونة لأخرى أنباء توحي بأنه "تم أخيرا السيطرة على الموقف سيطرة تامة" أو "أن المقاومة قد اجتثت  تماما من جذورها" أو أن "أهل الضفة قد بدأوا يظهرون الثقة في القيادة الإسرائيلية الحكيمة الرشيدة" وقد امتلأت الصحف الإسرائيلية بأنباء عن نجاح غزو لبنان وعن أن القوات الإسرائيلية قد حققت ما تصبو إليه (وهم يسمون غزو لبنان "عملية سلام الجليل" ، وهكذا يصبح الفلسطيني الذي يدافع عن حقه إرهابيا، والصهيوني الذي يستولي على أرض الآخرين مدافعا عن السلام).

ومن أطرف الأمثلة على هذا الاتجاه التصريح الذي أدلى به الجنرال بنيامين بن اليعازر (الذي يشغل وظيفة "منظم الأنشطة في يهودا السامرة، أي الضفة الغربية) (الجيروساليم بوست 4 نوفمبر 1983) بأنه لاحظ أخيرا علامات وقرائن على ما سماه اتجاها مترددا أو حذرا نحو البرجماتية بين عرب الضفة والقطاع.

والبراجمانية تعني في نهاية الأمر التكيف مع الأمر الواقع وتقبله، والأمر الواقع هو القهر الإسرائيلي. وكي يرتدي مسوح الموضوعية قال الجنرال الصهيوني أن الوضع الآن مختلف عما كان عليه بين عامي 1978 و 1981 (حينما كان يشغل منصب الحاكم العسكري في الضفة الغربية).

وقد حاول الجنرال تفسير التغير الذي حدث بأنه يعود إلى هزيمة المنظمة في بيروت وانقسامها في طرابلس وإلى انشغال الدول العربية كل بمشاكلها ومصالحها. ثم أضاف أن 55% من كل الفلسطينيين في المناطق المحتلة وُلدوا بعد 1967 ولا يعرفون الأردن ورمزهم الأساسي هو منظمة التحرير، و40% منهم يذهب للمدارس والجامعات وقد سألته الجريدة كيف ينوي أن يكسب قلوب هؤلاء الشبان المرتبطين بالمنظمة، فكان رده متواضعا إذ قال إنه لن يحاول بطبيعة الحال أن يحولهم إلى مؤيدين للصهيونية وإنما سيساعدهم على حل مشاكلهم المحلية بأن ينشئ عددا أكبر من البنوك وأن يؤسس شركة استثمارية ولا داعي للحديث عن القضايا السياسية العريضة!

وهكذا ستحل إسرائيل المسألة الفلسطينية بتحويل انتباه الشباب الفلسطيني إلى أمور المال والدنيا بدلا من قضايا الوطن والأرض.ولا يعدم الصهاينة أن يجدوا من يتعاون معهم ويؤازرهم ويقدم لهم العون والنصح والاستشارة.

فالولايات المتحدة الأمريكية التي تود التوصل إلى حل سريع ودائم وشامل للمشكلة الفلسطينية عن طريق تقوية قبضة الاحتلال الإسرائيلي وعن طريق فرض الكيان الصهيوني كأمر واقع نهائي وجدت أن من الضروري مد يد المساعدة للجنرال بنيامين بن اليعازر ولذا تمت دعوته لزيارة الولايات المتحدة ليجتمع مع وزير الخارجية الأمريكية وكبار موظفي الوزارة ليبحث معهم عن كيفية تحسين مستوى معيشة العرب في الأراضي المحتلة (أي مزيد من البنوك)

_________________________________________________________________________

إلى وقتٍ قريب كانت الصورة الذهنية عندي للدكتور عبد الوهاب المسيري سلبية، رغم ما اشتهر به من رفض الظلم والاستبداد والمشاركة في الحركات الثورية في عهد مبارك (كفاية وأخواتها) والانتماء للحالة الإسلامية من حيث العموم؛ والسبب أن أول معرفةٍ لي بالدكتور المسيري كانت في مناظرة له مع سيد القمني، كنت أتتبع سيد القمني فوجدته يناظر الدكتور المسيري في مفهوم العلمانية في برنامج (الاتجاه المعاكس) وانتهت المناظرة بتوافق بين الدكتور المسيري والقمني!، المسيري يطالب بعلمانية جزئية والقمني يطالب بعلمانية شاملة، فقلت في نفسي: يصطف مع العلمانيين وإن كان أقرب قليلًا وانصرفت.

وانضاف إلى ذلك سبب آخر هو أني أنصت طويلًا للدكتور قدري حفني في مدرجات الدراسة (علم نفس سياسي) وكان يخالف الدكتور المسيري في بعض آرائه عن الصهيونية ويذكر ذلك في المحاضرات. بقي الدكتور المسيرى في هامش الذاكرة إلى أن احتجت لصوتٍ يقرأ مقالاتي ورحت أستمع لبعض الأصوات لأتعاون معها في قراءة المقالات، وكان أن اخترت مادة صوتية من أطروحات الدكتور المسيري (رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر)، وما كدت أبدأ حتى جلست ولم أرحل، أكملت الكتاب وتحركت في جوانبها بحثًا عن ما يخص الدكتور المسيري، فرحًا مسرورًا كأني وقعت على كنز، أجاب على أسئلة كثيرة تتعلق بالمنهجية العلمية ونقد المادية الملحدة وفتح الله به أفاقًا جديدة، وتعمقت أفكار تتكون بداخلي، وثار سؤال: لمَ لمْ تستفد الصحوة الإسلامية من الدكتور المسيري بشخصه أو من التيار الفكري الذي يمثله (التيار الناقد للغرب)؟

والتقيت الدكتورة نادية مصطفى متعلمًا منها في تمهيدي الدكتوراه، وكانت فرصة للاقتراب من مدرسة الإسلام الحضاري وهي من ذات التيار الذي يقف في وسطه عاليًا الدكتور عبد الوهاب المسيري، وأكثر ما لفت نظري في الدكتورة نادية مصطفى وباقي المنتسبين للمدرسة من الأساتذة والزملاء أنهم أتقياء برره وجادون ومحبون لله ورسوله، والله حسيبهم ولا أزكي على الله أحدًا، وعاد السؤال يلح من جديد: لمَ لمْ يستفد الصحويون (إخوان وسلفيون) من تيار الإسلام الحضاري؟!، لم لا يتم تجسير الفجورة بينهما؟! أحاول تقديم إجابة من ثلاثة زوايا: مرة بالنظر من ناحية الصحويين، ومرة بالنظر من ناحية الدكتور المسيري والإسلام الحضاري، ومرة من أعلى.. بالنظر إلى المشهد ككل، والله أسأل رشدًا وعزيمة على الرشد.

أولًا: من ناحية الصحوة:
 المسلمين بتنصير عددٍ منهم وتغيير القوانين المتعلقة بذلك في بعض بلاد المسلمين، ومع ذلك لم تهتم بهم الصحوة. وكان عامة من تصدى لهم من الشباب ممن لا يعرفون بالانتساب للصحوة باستثناء قلة قليلة (أفراد) وجاءوا متأخرين.

وظهر وقتها مفاجئةً أخرى أشد، وهي أن الصحوة الإسلامية رغم أنها اصطدمت بالتنصير عدة مرات: في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وبعد انقضاء ثلث القرن العشرين ثم بعد انقضاء ثلثيه، إلا أنها لم تعن بإنتاج مادة علمية للرد على شبهات النصارى من المستشرقين والمنصرين، واقتصر الأمر على مراسلات ومقالات من حالات فردية، اضطر إليها من كتبها كمحمد عبده ورشيد رضا، وتعليق من الشيخ محمد الغزالي على محاضرة مسربة لشنودة الثالث (نشر التعليق في كتابٍ بعنوان الوعد الحق).

وكذلك أهملوا التعامل مع الفكر القادم من الشرق (الشيوعية) والفكر القادم من الغرب (الإمبريالية الرأسمالية الليبرالية)، لم يعنوا بها رغم قوتها ورغم أنها عركتهم في جميع المجالات؛ فلم ينتج الصحويون في هذا المجال إلا جهد قليل من أفراد، مثل: كتاب العلمانية للشيخ سفر الحوالي والليبرالية للشيخ عبد الرحيم السلمي، ولم تنجح هذه الجهود في أكثر من صياغة جمل كلية تفيد الرفض المجمل للمخالف، ثم اندثرت ولم تتطور كتيار فكري.

والسبب –كما يبدو لي- أن الصحوة عنيت بترسيخ قيم الوحي ولم تعن بالمخالف، تتكئ على فكرة كلية مفادها أن تحقيق الإيمان في النفوس نظريًا يكفي لتحويل القيم واقعًا عمليًا؛ وهو ملخص ما دندن حوله الأستاذ السيد قطب –رحمه الله- في الظلال والمعالم، وهي قراءة للنموذج الإسلامي الأول، فالدعوة الإسلامية أجابت إجابة خاصة جدًا على أسئلة الفلسفة الكبرى دون أن تعنى بمناقشة تفاصيل المخالف، فعرَّفت الناس: من أين جاءوا (من خالقهم؟)، ولماذا جاءوا لهذه الحياة؟، وماذا ينتظرهم بعد الموت؟ بإجابات مصدرها الوحي ومناقشة عامة للمخالفين في سياق بيان الحق، وحين تعرضت لتاريخ البشرية سردته في قالب صراع بين الإيمان والكفر، بين أتباع الأنبياء وأتباع الشيطان، بين من آمنوا ومن كفروا.

 ولم يهتم النص الشرعي بالسرد التاريخي وإنما راح يكرر القصص وبذات الألفاظ والجمل أحيانًا لترسيخ أنماط محددة من القيم والمفاهيم يشكل بها السلوك. وشخص النبي-صلى الله عليه وسلم- لم يعن بالمخالفين أيضًا إلا بشكلٍ مجمل. لذا أعرضت الصحوة الإسلامية عن المنتوج الفكري لكل من يتحدث عن الخارج بالتفصيل وإن نقدًا كالدكتور المسيري والإسلام الحضاري، وحافظت عل احترام الأشخاص لمواقفهم لا لأطروحاتهم.

وفي التفاصيل أسباب أخرى فرعية تفرعت عن هذا السبب الرئيسي وغيره، مثل: بعد الصحوة عن العلوم الاجتماعية، وغلبة الطابع الذكوري عليها بخلاف مدرسة الإسلام الحضاري، واستخفافها بالشهادات الأكاديمية، ومحاولة إحياء دور التعليم من خلال المسجد على نمط عصور التمكين. وأنها ركزت عل إحياء كتب السلف وإعادة نشرها، ومن كَتَبَ منهم فتجميع وإعادة نشر لمفاهيم منثورة في كتب السلف.

الدكتور عبد الوهاب المسيري يمثل نموذجًا لتيار الإسلام الحضاري، أو إسلامية المعرفة، وهو تيار مستقل عمليًا، ويقدم نفسه كممثل وحيد لمسيرة التجديد في الأمة الإسلامية
الدكتور عبد الوهاب المسيري يمثل نموذجًا لتيار الإسلام الحضاري، أو إسلامية المعرفة، وهو تيار مستقل عمليًا، ويقدم نفسه كممثل وحيد لمسيرة التجديد في الأمة الإسلامية
 ثانيًا: من ناحية الدكتور المسيري:

الدكتور عبد الوهاب المسيري يمثل نموذجًا لتيار الإسلام الحضاري، أو إسلامية المعرفة، وهو تيار مستقل عمليًا، ويقدم نفسه كممثل وحيد لمسيرة التجديد في الأمة الإسلامية. نعم يتعمد هؤلاء الكرام الأفاضل تجاهل هذه الأمواج الهادرة من البشر (رموزًا وأفرادًا) وهذا الحشد الهائل من الأحداث التي صنعهتها الصحوة، ومن بعض الشواهد على ذلك:

– أنتج أحد المراكز البحثية الرئيسية لهؤلاء فيلمًا وثائقيًا عن مسيرة التجديد في العصر الحديث ولم يذكر فيه إلا المنتمين لهذا التيار (إسلامية المعرفة/ الإسلام الحضاري)، ولأنهم أكاديميون، بمعنى أنهم بلا مواقف، قدموا أشخاصًا ومؤهلاتهم فقط، وأهملوا أيام الإسلام في العصر الحديث والتي كلها لأبناء الصحوة. فالواقع أن لـ (إسلامية المعرفة) و (الإسلام الحضاري) ذاكرة تاريخية خاصة، أو يحاولون تكريس هوية خاصة بهم، ويتوغلون في المجالات باستقلالية لا يفهم منها سوى أنهم لا يرون غيرهم أو يتعمدون تجاهل غيرهم وأن التعددية التي يتحدثون عنها تفعل في إطار مع غير المسلمين في إطار إنساني؛ وإن تحدثوا مع الصحويين فمن باب بيان خطأ الصحوة ورموزها ودعوة الصحوة أن تقرأ وتفهم وتتعلم علمهم. فكما قال أحدهم مرةً: أن الصحوة لا تقرأ وإن قرأت لا تفهم!

– ومن الشواهد مهاجمتهم لرموز الصحوة كسيد قطب ومحمد محمد حسين، فشخص مثل الدكتور محمد عمارة مع أنه مكثر في التصنيف ويكتب في مجالات عدة ويعلق على الأحداث، ومع أنه يكتب في ذات المجالات التي تعنى بها الصحوة إلا أنه يتعمد إهمال ذكر الصحوة بشكل تام، وحين يذكر أمامه فضيلة الدكتور محمد محمد حسين صاحب كتاب (الاتجاهات الوطنية في الأدب الحديث) يخرج عن وقاره ويهجم عليه بعنف شديد، فقط لأنه انتقد محمد عبده في صفحتين أو ثلاث وفي سفر يربوا على الألف صفحة كلها انتصارًا للدين ضد العلمانية التي يدعي عمارة أنه يقاتلها بقلمه!! وحين تمايزت الصفوف في انتخابات 2012 انضم هؤلاء للتيار العلماني ذي النكهة الإسلامية (حزب أبو الفتوح) رفقة حزب النور!

والسؤال الأهم الذي يبين أن هؤلاء الكرام الأفاضل في وادٍ آخر منعزلين عن التجديد والتغير في الأمة وأنهم يناطحون أو يستعدون لمناطحة الصحوة هو سؤال: من المستفيد من منتوجاتهم الفكرية؟، من يخاطبون؟



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان