سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي كاتب وشاعر وأديب ومنظر إسلامي مصري، مؤلف كتاب في ظلال القرآن.
سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي (9 أكتوبر 1906م - 29 أغسطس 1966م) كاتب وشاعر وأديب ومنظر إسلامي مصري، مؤلف كتاب في ظلال القرآن.
وعضو سابق في مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين ورئيس سابق لقسم نشر الدعوة في الجماعة ورئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمون
ولد في قرية موشا وهي إحدى قرى محافظة أسيوط بها تلقى تعليمه الأولي وحفظ القرآن الكريم ثم التحق بمدرسة المعلمين الأولية عبد العزيز بالقاهرة ونال شهادتها والتحق بدار العلوم وتخرج عام 1352 هـ - 1933 م.
عمل بوزارة المعارف بوظائف تربوية وإدارية، وابتعثته الوزارة إلى أمريكا لمدة عامين وعاد عام 1370 هـ - 1950 م. انضم إلى حزب الوفد المصري لسنوات وتركه على أثر خلاف في عام 1361 هـ - 1942 م. وفي عام 1370 هـ - 1950 م انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وخاض معهم نشاطهم السياسي الذي بدأ منذ عام 1954 م إلى عام 1966 م. وحوكم بتهمة التآمر على نظام الحكم وصدر الحكم بإعدامه وأعدم عام 1385 هـ - 1966 م.
مر سيد قطب بمراحل عديدة في حياته منذ الطفولة. المرحلة الأدبية البحتة التي كان فيها متأثرا بعباس العقاد. ثم مرحلة فكرية.
ثم توجه للأدب الإسلامي. إلى المجال السياسي حتى صار رائد الفكر الحركي الإسلامي أو ما يعرف بالقطبية، وهذه المرحلة هي التي يعرفه الناس بها حتى اليوم.
يعد سيد قطب من أكثر الشخصيات تأثيرًا في الحركات الإسلامية التي وجدت في بداية الخمسينيات من القرن الماضي. له العديد من المؤلفات والكتابات حول الحضارة الإسلامية، والفكر الإسلامي.
هو الابن الأول لأمه بعد أخت تكبره بثلاث سنوات وأخ من أبيه غير شقيق يكبره بجيل كامل. وكانت أمه تريد منه أن يكون متعلمًا مثل أخواله. كما كان أبوه عضوًا في لجنة الحزب الوطني وعميدًا لعائلته التي كانت معروفة في القرية.
الدراسة
تلقى دراسته الابتدائية في قريته، ثم سافر في سنة 1920م إلى القاهرة والتحق بمدرسة المعلمين الأولية ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأولي. بدأ بحفظ القرآن الكريم في السنة الثانية الابتدائية وعمره حوالي ثماني سنوات. وبعد ثلاث سنوات أتم حفظ القرآن كاملاً. ثم التحق بتجهيزية دار العلوم. وفي سنة 1932م حصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم.
عندما خرج سيد قطب إلى المدرسة حفظ القرآن الكريم كاملاً في سن العاشرة بعد إشاعة بأن المدرسة لم تعد تهتم بتحفيظ القرآن.
وفي أثناء ثورة 1919 م أثر في تشبعه بحب الوطن كما تأثر من الثورة بالإحساس بالاستقلال وحرية الإرادة وكانت دارهم ندوة للرأي شارك سيد قطب فيها بقراءة جريدة الحزب الوطني ثم انتهى به الأمر إلى كتابة الخطب والأشعار وإلقائها على الناس في المجامع والمساجد.
ذهب سيد قطب إلى القاهرة في سن الرابعة عشرة وأقام عند أسرة واعية وجهته إلى التعليم وهي أسرة خاله الذي يعمل بالتدريس والصحافة وكان لدى الفتى حرص شديد على التعلم. والتحق سيد قطب أولاً بإحدى مدارس المعلمين الأولية - مدرسة عبد العزيز - ولم يكد ينتهي من الدراسة بها حتى بلغت أحوال الأسرة درجة من السوء جعلته يتحمل المسؤولية قبل أوانها وتحولت مهمته إلى إنقاذ الأسرة من الضياع.
لم يكن سيد قطب طفلاً كغيره فعندما كان في العاشرة من عمره كان محافظاً على الصلوات تماماً كالرجال ويجلس معهم إلى الساعة العاشرة بالمسجد بينما الأطفال يلهون ويلعبون.
سأل سيد قطب في طفولته الشيخ عن سبب حذف حرف العلة في قوله تعالى: "ذلك ما كنا نبغ" بلا مبرر ظاهر. واتصف بالشجاعة لما دافع عن الفتيات في المرحلة الابتدائية ضد الفتيان الذين يعاكسونهن في المدرسة.
العمل
اضطر سيد أن يعمل مدرسًا ابتدائيًا حتى يستعين بمرتبه في استكمال دراسته العليا من غير مباشرة من أحد من الأهل إلا نفسه وموروثاته القديمة. وكان هذا التغير سببًا في الاحتكاك المباشر بالمجتمع الذي كان لا بد له من أسلوب تعامل يختلف عن أسلوب القرويين وتجربتهم.
ثم بلغ سيد قطب نهاية الشوط وتخرج في دار العلوم عام 1933 م وعين موظفًا - كما أمل وأملت أمه معه - غير أن مرتبه كان ستة جنيهات ولم يرجع بذلك للأسرة ما فقدته من مركز ومال فهو مدرس مغمور لا يكاد يكفي مرتبه إلى جانب ما تدره عليه مقالاته الصحفية القيام بأعباء الأسرة بالكامل.
وانتقل سيد قطب إلى وزارة المعارف في مطلع الأربعينيات ثم عمل مفتشاً بالتعليم الابتدائي في عام 1944 م وبعدها عاد إلى الوزارة مرة أخرى. حيث عمل مدرساً حوالي ست سنوات. ثم سنتين في وزارة المعارف بوظيفة مراقب مساعد بمكتب وزير المعارف آنذاك إسماعيل القباني وبسبب خلافات مع رجال الوزارة قدم استقالته على خلفية عدم تبنيهم لاقتراحاته ذات الميول الإسلامية.
تأثره
بدأ قطب متأثراً بحزب الوفد وخصوصًا بكاتبه عباس محمود العقاد فقد تأثر كثيراً باعتقادات العقاد وكان من أشد المدافعين عنه إلا أن نظرته إلى الجيل السابق أخذت تتغير شيئاً فشيئاً وصار ينحى باللائمة على ذلك الجيل في تردي أوضاع الأمة وبدأ بإنشاء منهج اختطه بنفسه وفق ما اقتضته الظروف العصيبة للمجتمع والأمة. زاد شغفه بالأدب العربي وقام بتأليف كتاب كتب وشخصيات وكتاب النقد الأدبي - أصوله ومناهجه. ثم تحول إلى الكتابة الإسلامية فكتب كتاب التصوير الفني في القرآن الذي لاقى استحسانًا واسعًا بين الأدباء وأهل العلم.
الدراسة في أمريكا
حصل سيد قطب على بعثة للولايات المتحدة في 3 نوفمبر 1948 م من وزارة المعارف للتخصص في التربية وأصول المناهج. وكان يكتب المقالات المختلفة عن الحياة في أمريكا وينشرها في الجرائد المصرية ومنها مقال بعنوان أمريكا التي رأيت يقول فيه
"شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولى بل أقل من بدائي في بعض نواحي الشعور والسلوك"
وذكر سيد قطب أنه تعرف على حركة الإخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا عندما تم اغتيال الشيخ "حسن البنا" ظن بأن الأمريكيـون قاموا بالابتهاج والفرح لمقتل البنا مما أثر في نفسية سيد قطب وأراد أن يتعرف على هذه الحركة عندما يعود إلى بلده،إلا أنه في حقيقة الأمر لم يحتفل الأمريكيون بسبب وفاة حسن البنا بل كان احتفالاً بيوم الفالنتين ولكن بسبب ضعفه في اللغة الإنجليزية أستوعب الأمر بشكل خاطئ.
وعند عودته أحسن الإخوان استقباله فأحسن الارتباط بهم وأكد صلته حتى أصبح عضوًا في الجماعة.
الحالة الأسرية
كانت تحيط بسيد مفارقات لا تجتمع حيث كان ضعيف البنية قوي القلب ولذلك تعجب الشيخ علي الطنطاوي من شكله لما التقاه إذ لم يتصور أن المقالات العنيفة تصدر من شخص ضعيف البنية تبدوا عليه مظاهر المسالمة والموادعة .
ومن المفارقات أن سيد كان حاد اللسان مرهف الإحساس شبيهاً في ذلك بابن حزم الظاهري ونحن إذ نذكر إحساس سيد المرهف لا بد لنا من التطرق للمرأة في حياة سيد فالحس المرهف لسيد جعله يعاني فكان من الذين أحبوا مراراً ولم يصلوا حب سيد هو الحب الراقي حب العفاف والطهر .
ومن المفارقات أن سيد كان حاد اللسان مرهف الإحساس شبيهاً في ذلك بابن حزم الظاهري ونحن إذ نذكر إحساس سيد المرهف لا بد لنا من التطرق للمرأة في حياة سيد فالحس المرهف لسيد جعله يعاني فكان من الذين أحبوا مراراً ولم يصلوا حب سيد هو الحب الراقي حب العفاف والطهر .
فقد أحب في البداية فتاة وسافر للدراسة ورجع فإذا هي متزوجة فاغرورقت عيناه ثم اضطر للانسحاب ثم أحب فتاة غيرها وتبين له أنها تحب غيره وظل خاطباً لها سنوات عديدة، يتعذب بها حتى صارت نتاجاً أدبياً رفيعاً من أشهره قصيدة الكأس المسموم ورواية الأشواك ثم اضطر بعد ذلك لفسخ الخطبة.
وظل يعاني سنيناً وقد صرفه ذلك عن الحب سنوات عديدة ثم توجه بعد ذلك من العمل الأدبي البحت إلى الأدبيات الإسلامية ثم انضم لجماعة الإخوان واستغرق العمل الحركي كل وقته وقبل أن يعتقل أحب فتاة ملتزمة وأقدم على خطبتها لكنه قبل ذلك اعتقل وألقي في السجن ليقضي به سنوات من عمره ثم خرج بعفو صحي وكان عمره قارب التاسعة والخمسين وقد فكر بالزواج ووجد بغيته وأوشك على خطبتها لكن حبل المشنقة سبقه إلى ذلك.
الانتماء الفكري وحزب الوفد
اختار سيد قطب حزب الوفد ليستأنس بقيادته في المواجهة وكان يضم وقتذاك عباس محمود العقاد وزملاءه من كتاب الوفد وارتفعت الصلة بينه وبين العقاد إلى درجة عالية من الإعجاب لما في أسلوب العقاد من قوة التفكير ودقة التغيير والروح الجديدة الناتجة عن الاتصال بالأدب الغربي.
الإخوان المسلمين
لما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها زادت الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية سوءًا وفسادًا وكانت جماعة الإخوان المسلمين هي أوضح الجماعات حركة وانتشارًا حتى وصلت لمعاقل حزب الوفد كالجامعة والوظائف والريف وأخذت تجذب بدعوتها المثقفين. في 23 أغسطس عام 1952م عاد سيد من الولايات المتحدة إلى مصر للعمل في مكتب وزير المعارف.
وقامت الوزارة على نقله أكثر من مرة الأمر الذي لم يرق لسيد فقدم استقالته من الوزارة في تاريخ 18 أكتوبر عام 1952م. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ازدادت الأحوال المعيشية والسياسية سوءًا ولعبت حركة الإخوان المسلمين دورًا بارزًا في عجلة الإصلاح والتوعية.
واستقطبت حركة الإخوان المسلمين المثقفين وكان لسيد قطب مشروع إسلامي يعتقد فيه بأنه:
"لا بد وأن توجد طليعة إسلامية تقود البشرية إلى الخلاص." ولذلك كانت بداية العلاقة بين سيد قطب والإخوان المسلمين هو كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام وفي الطبعة الأولى كتب في الإهداء:
"الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمون يردون هذا الدين جديدًا كما بدأ يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون"
وفهم الإخوان المسلمون أن هذا الإهداء يعنيهم هم فأصبحوا يهتمون بأمره ويعتبرونه صديقاً لهم إلى أن انضم فيما بعد إلى الحركة وأصبح مسؤولًا للقسم الدعوي فيها.
هيئة التحرير 1953
حاول جمال عبد الناصر أن يحتوي سيد قطب قبل انضمامه للإخوان عندما انشق هو عنهم وأسس هيئة التحرير فأقامت الهيئة لسيد قطب احتفالاً كبيراً وعندما قام سيد متحدثاً قال أنه متهيء للسجن ولمَاهُو أكثر من السجن، فقام جمال وعاهده على الدفاع عنه وهو ذاته الرجل الذي أمر بإعدامه فيما بعد.
كان جمال عبد الناصر يعلم المكسب العظيم من انضمام سيد للهيئة فعرض عليه استلام وزارة المعارف فرفض سيد هذا العرض وأعلن انشقاقه عن هيئة التحرير.
وهكذا انضم سيد قطب إلى صفوف الإخوان لكنه انضمام عن قناعة. لم ينضم للإخوان في مرحلة الرخاء بل في وقت المحنة ولذلك وبعد فترة وجيزة ألقي بالسجن مرات عديدة وظل قابعاً في السجن سنوات عديدة من عمرهذاق فيها صنوفاً من التعذيب إضافة إلى أمراضه في الكلى والمعدة والرئة وقد أصيب من جراء التعذيب بنزيف رئوي شديد وذبحة صدرية.
سيد قطب انتمى للإخوان بشكل متأخر في سنة 1953 تقريباً وعينه المرشد العام حسن الهضيبي رئيسا لقسم الدعوة خلفا للبهي الخولي الذي انضم إلى عبد الناصر في عام 1954، ورأس سيد قطب تحرير مجلة الإخوان المسلمين.
الحس الأدبي
امتلك سيد قطب موهبة أدبية قامت على أساس نظري وإصرار قوي على تنميتها بالبحث الدائم والتحصيل المستمر، حتى مكنته من التعبير عن ذاته وعن عقيدته يقول:
"لإن السر العجيب - في قوة التعبير وحيويته - ليس في بريق الكلمات وموسيقى العبارات وإنما هو كامن في قوة الإيمان بمدلول الكلمات وما وراء المدلول وإن في ذلك التصميم الحاسم على تحويل الكلمة المكتوبة إلى حركة حية المعنى المفهوم إلى واقع ملموس"
وطوال مسيرته ضرب سيد قطب مثل الأديب الذي غرس فيه الطموح والاعتداد بالنفس وتسلح بقوة الإرادة والصبر والعمل الدائب كي يحقق ذاته وأمله، ولم تفتنه الحضارة الغربية من إدراك ما فيها من خير وشر بل منحته فرصة ليقارن بينها وبين حضارة الفكر الإسلامي وجمع بينه وبين حزب الوفد حب مصر والمشاعر الوطنية وجمع بينه وبين الإخوان المسلمين حب الشريعة وتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء مجتمع إسلامي متكامل.
واستطاع بكلمته الصادقة أن يؤثر في كثير من الرجال والشباب التفوا حوله رغم كل العقبات والأخطار التي أحاطت بهم وأصبح من الأدباء القلائل الذين قدموا حياتهم في سبيل الدعوة التي آمنوا بها.
وجد سيد قطب ضالته في الدراسات الاجتماعية والقرآنية التي اتجه إليها بعد فترة الضياع الفكري والصراع النفسي بين التيارات الثقافية الغربية.
ويصف قطب هذه الحالة بأنها اعترت معظم أبناء الوطن نتيجة للغزو الأوروبي المطلق. ولكن المرور بها مكنه من رفض النظريات الاجتماعية الغربية بل إنه رفض أن يستمد التصور الإسلامي المتكامل عن الألوهية والكون والحياة والإنسان من ابن سينا وابن رشد والفارابي وغيرهم لأن فلسفتهم – في رأيه – ظلال للفلسفة الإغريقية.
السلفية الجهادية
اعتبر سيد قطب من أوائل منظري فكر السلفية الجهادية وذلك منذ ستينيات القرن العشرين. استناداً إلى بعض توجهات الإخوان المسلمين ونشأة التنظيم الخاص للجماعة.
المحاكمة والمعتقل
توطدت علاقة سيد بالإخوان المسلمين وساهم في تشكيل الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان. وكان سيد قطب المدني الوحيد الذي كان يحضر اجتماعات مجلس الثورة التي قام بها الضباط الأحرار بقيادة محمد نجيب.
ولكنه سرعان ما اختلف معهم على منهجية تسيير الأمور مما اضطره إلى الانفصال عنهم. بدأت محنته باعتقاله - بعد حادثة المنشية في عام 1954 م حيث اتهم الإخوان بمحاولة اغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر - ضمن ألف شخص من الإخوان وحكم عليه بالسجن 15 سنة ذاق خلالها ألوانًا من التعذيب والتنكيل الشديدين ومع ذلك أخرج كتيب "هذا الدين" و"المستقبل لهذا الدين" كما أكمل تفسيره في ظلال القرآن. تم الإفراج عنه بعفو صحي في مايو عام 1964 م وكان من كلماته وقتذاك:
"أن إقامة النظام الإسلامي تستدعي جهودًا طويلة في التربية والإعداد وأنها لا تجئ عن طريق إحداث انقلاب"
وأوشكت المحنة على الانتهاء عندما قبض على أخيه محمد قطب يوم 30 يوليو 1965 فبعث سيد قطب برسالة احتجاج إلى المباحث العامة فقبض عليه هو الآخر في 9 أغسطس عام 1965 م وقدم مع كثير من الإخوان للمحاكمة وحكم عليه وعلى 7 آخرين بالإعدام ولم يضعف أمام الإغراءات التي كانت تنهال عليه من أجل العفو عنه في مقابل أن يمدح الثورة وقوادها فكان رده بكل ثباتٍ وعزيمة
"إن السبابة التي ترتفع لهامات السماء موحدة بالله عز وجل لتأبى أن تكتب برقية تأييدٍ لطاغية ولنظامٍ مخالفٍ لمنهج الله الذي شرعه لعباده"
تدخل الرئيس العراقي الأسبق المشير عبد السلام عارف لدى الرئيس عبد الناصر للإفراج عنه في مايو عام 1964م.
إلا أنه ما لبث أن اعتقل ثانيةً بعد حوالي ثمانية أشهر بتهمة التحريض على حرق معامل حلوان لإسقاط الحكومة كما حدث في حريق القاهرة.
إلا أنه ما لبث أن اعتقل ثانيةً بعد حوالي ثمانية أشهر بتهمة التحريض على حرق معامل حلوان لإسقاط الحكومة كما حدث في حريق القاهرة.
عمل سيد خلال فترة بقائه في السجن على إكمال أهم كتبه: التفسير الشهير (في ظلال القرآن) وكتابه (معالم في الطريق) والمستقبل لهذا الدين.
وقد جعل سيد السجن نتاجاً إسلامياً لمؤلفاته، لم يكن سجيناً ذليلاً فعندما كان يقدم أهله له الدجاج في السجن كان لا يذوقه ويقدمه لإخوانه المعتقلين . وقد كان ثباته ومعاندته للباطل ممتدة إلى أن فارقت روحه هذه الدنيا فقد حوكم من قبل القاضي فؤاد الدجوي بمحاكمة عسكرية إلى أن حكم عليه بالإعدام.
وقد جعل سيد السجن نتاجاً إسلامياً لمؤلفاته، لم يكن سجيناً ذليلاً فعندما كان يقدم أهله له الدجاج في السجن كان لا يذوقه ويقدمه لإخوانه المعتقلين . وقد كان ثباته ومعاندته للباطل ممتدة إلى أن فارقت روحه هذه الدنيا فقد حوكم من قبل القاضي فؤاد الدجوي بمحاكمة عسكرية إلى أن حكم عليه بالإعدام.
ورغم تلك الروايات إلا أن الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وعضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة، في شهادته على تلك الأحداث أقر بأن سبب القبض على سيد قطب كان تنظيمه السري المنفصل عن الجماعة الذي عرف بتنظيم( 65) والذي كان يهدف فيه إلى قتل عبد الناصر وتصفيته وقلب النظام,
ففى شهادة للأستاذ عبد الخالق في برنامج شاهد على العصر بصفته معاصرا لكل هذه الأحداث ومشاركا فيها،سأله أحمد منصور:هل كان واضحاً إنهم بيستهدفون قتل عبد الناصر وتصفيته وقلب النظام؟.
فأجاب فريد عبد الخالق:" أيوه هو كان ماشي على الوضع ده، فأنا لما نبهته إلى الخطر ده وإن هذا ليس سليما لا من المنظور الإسلامي ولا من المنظور الإخواني كمنهج تغيير المنهج إصلاحه فقال لي طيب أنا الكلام اللي أنا فهمته أنت عايز تقول له بس أنا هرجع برضه للإخوان اللي هم معايا في التنظيم اللي هم الأعضاء عاملين زي مكتب من استشارة لازم أقول لهم فممكن نتقابل ثاني بعد ما أقول لهم ".
وفي شهادته أيضا قال أن تنظيم 65 كان بعيدا عن سلطة المرشد العام للجماعة وعندما علم به كلفه شخصيا وقال له أنا لم آذن به وأكلفك بأنك أنت تقضي عليه."
الحكم القضائي
في يوم 30 يوليو 1965م ألقت الشرطة المصرية القبض على شقيق سيد محمد قطب وقام سيد بإرسال رسالة احتجاج للمباحث العامة في تاريخ 9 أغسطس 1965م.أدت تلك الرسالة إلى إلقاء القبض على سيد والكثير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحُكم عليه بالإعدام مع 6 آخرين وتم تنفيذ الحكم في فجر الإثنين 13 جمادى الآخرة 1386 هـ الموافق 29 أغسطس 1966م.
«سأله أحد إخوانه: لماذا كنت صريحا في المحكمة التي تمتلك رقبتك ؟ قال: ”لأن التورية لا تجوز في العقيدة، وليس للقائد أن يأخذ بالرخص". ولما سمع الحكم عليه بالإعدام قال:الحمد لله. لقد عملت خمسة عشر عاما لنيل الشهادة"
أثناء محاكمة سيد قطب طلب القاضي - الذي عينته الثورة - من سيد أن يذكر الحقيقة فكشف سيد قطب عن ظهره وصدره اللذان تظهر عليهما آثار السياط وعصيان الحراس وقال للقاضي:
أتريد الحقيقة؟.. هذه هي الحقيقة..وبعدها أصبحت جلسات المحاكمة مثار السخرية بين الجمهور.
في القضية رقم 12 لسنة 1965 (تنظيم 65)، كان الاتهام قد وجه للعديد من جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة إحياء التنظيم الخاص،وتم تحويل القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا بتوقيع صلاح نصر رئيس نيابة أمن الدولة العليا، وقد تم تقسيم المعتقلين إلى 4 مجموعات، أكبرها وأشهرها المجموعة الأولى وكان على رأسها سيد قطب.
نص الاتهام :
«المتهمون في الفترة من سنة 1959 حتى آخر سبتمبر 1965 بالجمهورية العربية المتحدة وبالخارج حاولوا تغيير دستور الدولة وشكل الحكومة فيها بالقوة، بأن ألفوا من بينهم وآخرين تجمعًا حركيًا وتنظيمًا سريًا مسلحًا لحزب الإخوان المسلمين المنحل يهدف إلى تغيير نظام الحكم القائم بالقوة باغتيال السيد رئيس الجمهورية والقائمين على الحكم في البلاد وتخريب المنشآت العامة وإثارة الفتنة في البلاد، وتزودوا في سبيل ذلك بالمال اللازم، وأحرزوا مفرقعات وأسلحة وذخائر، وقاموا بتدريب أعضاء التنظيم على استعمال هذه الأسلحة والمفرقعات، وحددوا الأشخاص المسؤولين الذين سيجري اغتيالهم، وعاينوا محطات توليد الكهرباء والمنشآت العامة التي سيخربونها، ورسموا طريقة تنفيذ ذلك، وتهيئوا للتنفيذ الفعلي، وعينوا الأفراد الذين سيقومون به، وحال ضبطهم دون تمام مؤامراتهم. وكان المتهمون السبعة الأول هم المتولين زعامة التنظيم.»
وبعد محاكمة علنية استمرت حوالي السنة، صدر الحكم بالإعدام على بعض المتهمين ومنهم سيد قطب، وتخفيف الحكم على آخرين وكان من ضمن المتهمين محمد بديع المرشد الحالي لجماعة الإخوان المسلمين.
الإعدام
عرض على سيد قطب في يوم تنفيذ الإعدام وبعد أن وضع على كرسي المشنقة أن يعتذر عن دعوته لتطبيق الشريعة ويتم إصدار عفو عنه فقال:"لن أعتذر عن العمل مع الله" فقالوا له إن لم تعتذر فاطلب الرحمة من الرئيس.
فقال:"لماذا أسترحم؟ إن كنت محكوماً بحق فأنا أرتضي حكم الحق وإن كنت محكوماً بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل."
وروى أيضًا أن الذي قام بعملية تلقينه الشهادتين قبل الإعدام قال له: تشهد فقال له سيد:"حتى أنت جئت تكمل المسرحية نحن يا أخي نعدم لأجل لا إله إلا الله وأنت تأكل الخبز بلا إله إلا الله"
فقال:"لماذا أسترحم؟ إن كنت محكوماً بحق فأنا أرتضي حكم الحق وإن كنت محكوماً بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل."
وروى أيضًا أن الذي قام بعملية تلقينه الشهادتين قبل الإعدام قال له: تشهد فقال له سيد:"حتى أنت جئت تكمل المسرحية نحن يا أخي نعدم لأجل لا إله إلا الله وأنت تأكل الخبز بلا إله إلا الله"
كان سيد قطب يبتسم عندما سيق إلى المشنقة ابتسامةً عريضة نقلتها كاميرات وكالات الأنباء الأجنبية حتى أن الضابط المكلف بتنفيذ الحكم سأله. من هو الشهيد؟! فرد عليه سيد قطب بثباتٍ وعزيمة "هو من شهد أن شرع الله أغلى من حياته" وقبل أن ينفذ الحكم جاءوه برجل من الأزاهرة فقال له "قل لا إله إلا الله" فرد عليه سيد قطب :وهل جئتُ هنا إلا من أجلها" وتم تنفيذ حكم الإعدام ونفذ فيه في فجر الإثنين 13 جمادى الأولى 1386 هـ الموافق 29 أغسطس عام 1966 م.
غير أن هذه الروايات محل شك كبير لعدم وجود مصدر موثق لها، فلم يحضر أحد من المنتمين لجماعة الإخوان مع سيد قطب ولم يكن يعلم أحد بوقت تنفيذه، فالرواية القائلة أنهم جاءوه برجل من الأزاهرة فقال له قل لا إله إلا الله فرد عليه سيد قطب: وهل جئتُ هنا إلا من أجلها،.. هي مقولة ينسبها البعض في الأساس إلى المجاهد عمر المختار وقت تنفيذ حكم الإعدام عليه علانية من حواره مع أحد القادة الإيطاليين.
وفي اللحظات الأخيرة لسيد قطب قبيل إعدامه لم يكن هناك ضمن شهود الحدث ليرووا ما جرى إلا محمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل وقد أعدم كليهما عقب إعدام سيد قطب.
ولم يكن هناك سوى الضابط الذي صاحب سيد قطب وهو في طريقه للمشنقة وهو اللواء "فؤاد علام" الذي كان ضابطا وقتها وكان شاهد عيان، والشهادة نقلاً عن مذكراته " الإخوان وأنا " التي يحكي فيها تفاصيل هذا اليوم : " يقول اللواء "فؤاد علام" أن يوم إعدام سيد قطب لم يكن اليوم معلوماً لأحد وكنت أجلس في السيارة الأولى وبجواري سيد قطب، وفي الثانية كان يجلس محمد يوسف هواش نائب سيد قطب في قيادة التنظيم، وفي الثالثة كان يجلس عبد الفتاح إسماعيل المسؤول عن الاتصالات الخارجية لجماعة الإخوان المسلمين، والثلاثة محكوم عليهم بالإعدام، وركب السيارات يتحرك بهم من السجن الحربي لسجن الاستئناف لتنفيذ الحكم فيهم .
وكان سيد قطب يرتدي بدلة داكنة اللون تحتها قميص أبيض ويبدو بصحة جيدة فربما لم يتم ضربه أو تعذيبه كما أنه لم يكن مجهداً أو مرهقاً، وقال سيد قطب خلال الطريق بنبرة تشف وحسرة:"للأسف الشديد لم ينجحوا في تنفيذ عملية نسف القناطر الخيرية التي لو تمت لانتهى النظام".
وأضاف قطب "إن مشكلتى في عقلي أنا مفكر وكاتب إسلامي كبير والحكومة تريد القضاء على الإسلام عبر قتلي!!".
"تدمير القناطر ومحطات الكهرباء والمياه كان سيكون بداية الثورة الإسلامية وإنذار شديد للناس لينتبهوا من غفلتهم وسكرتهم بنظام حكم عبد الناصر".
ثم بدأت مراسم تنفيذ الحكم فلبس سيد قطب بدلة الإعدام الحمراء وسئل إن كان يريد شيئاً فطلب كوب ماء تجرعه ثم طلب أن يصلي الفجر ثم دخل غرفة الإعدام وتم تنفيذ الحكم ."
إلى هنا انتهت شهادة اللواء فؤاد علام على تنفيذ حكم إعدام سيد قطب وكما رأينا كان يوم التنفيذ سرياً فلم يعلم به حتى سيد قطب نفسه وبالتالي فإن ما قيل من روايات وقت إعدامه محل شك كبير، فلم يكن أحد يعلم وقت تنفيذ الحكم حتى سيد قطب نفسه، ولم يكن أحد معه سوى الضابط المسؤول عن النقل والتنفيذ.
الإرث الثقافي والفكر الادبي
مضت حياة سيد قطب في مرحلتين مرحلة النشاط الأدبي ومرحلة العمل الإسلامي. وقد بدأت الأولى منذ كان طالبًا بدار العلوم فنشر العديد من المقالات النقدية في المجلات والصحف عن العقاد والرافعي وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وجمع بعضها في كتابه كتب وشخصيات وكانت له معاركه النقدية الحادة فقد كان أحد كتّاب مجلة الرسالة لصاحبها الأديب أحمد حسن الزيات التي نشر فيها كثيراً من مقالاته. كما أصدر ديوان شعر بعنوان الشاطئ المجهول عام 1935 م وكتاب طفل من القرية عام 1946 م وهو سيرة ذاتية من وحي كتاب الأيام لطه حسين وفي هذه المرحلة أيضًا أصدر كتاب النقد الأدبي أصوله ومناهجه عام 1948 م. تميز سيد قطب بالجمع بين الأصالة والمعاصرة وفيه برزت بدايات نظريته في كتابه في ظلال القرآن.
وفي المرحلة الأدبية ظهرت بواكير اهتماماته الإسلامية فنشر مقالة التصوير الفني في القرآن في مجلة المقتطف عام 1939 م ثم ما لبث أن عاد إلى الفكرة ذاتها فاتسع بها وأصدر التصوير الفني في القرآن عام 1945 م ومشاهد القيامة في القرآن عام 1947 م وهما دراسة جمالية بلاغية جديدة في الإعجاز البياني للقرآن وأما المرحلة الإسلامية فقد جمعت بين العمل الإسلامي والكتابة الإسلامية وفيها نشر كتاب في ظلال القرآن بين عامي 1951 م إلى 1964 م في ثلاثين جزءًا جمع فيه خلاصة ثقافاته الفكرية والأدبية وتأملاته القرآنية العميقة وآرائه في واقع العالم الإسلامي خاصة والأوضاع الإنسانية في العالم المعاصر. وكانت فكرة الظلال والقيم التعبيرية ركيزة هامة في هذا الكتاب. كذلك أصدر طائفة من الكتب الإسلامية ذات طابع خاص منها: العدالة الاجتماعية في الإسلام عام 1949 م السلام العالمي والإسلام عام 1951 م معالم في الطريق. وقد بلغت مؤلفاته حوالي ستة وعشرين كتابًا.
ينتقد العديد من الكتاب والمؤلفين ورجال الدين الإسلامي سيد قطب على كتاباته وأفكاره لاسيما تلك التي تكفر المجتمعات في فهمها القاصر ومن بين من انتقدوا أفكاره التكفيرية الشيخ يوسف القرضاوي الذي ذكر خلال حوار تلفزيوني خروج سيد قطب عن أهل السنة والجماعة بوجه ما. فأهل السنة والجماعة يقتصدون في عملية التكفير حتى مع الخوارج. مؤكداً أن قطب أخطأ في تكفير جموع المسلمين والحكام والأنظمة مضيفاً أنه يتحمل بعض المسؤولية عن تيار التكفير مثله كشكري مصطفى الذي كفر المسلمين عدا جماعته وهو قائد جماعة التكفير والهجرة التي تعتزل المجتمعات بإثرها.
لكن يرد البعض أن سيد قطب استخدم لفظ الجاهلية في وصف المجتمعات الإسلامية ولم يستخدم لفظ الكفر ولم يصرح بتكفير فرد أو مجتمع. والنبي محمد وصف استعداد الأوس والخزرج للقتال بقوله «أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم» وأيضاً عندما قال النبي لأبي ذر الغفاري «إنك امرؤ فيك جاهلية» وذلك عندما عاير بلال بن رباح بأمه. وسيد قطب كان أديباً ومفكراً أكثر منه عالم دين ولذلك قد لا يكون قد التزم بمصطلحات العلماء في كتاباته.
ومن الانتقادات لسيد قطب طعنه في الصحابة رضي الله عنهم في كتابه (كتب وشخصيات)، فقد طعن في الصحابيين معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص فقد اتهمهما بـ (النفاق) و(الرشوة) و(الخيانة) و(الكذب) و(الخديعة)، وطعن في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، واعتبر خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه امتداد طبيعي لخلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن خلافة عثمان هي فجوة بينهما.
ويُدافع عنه البعض بأن تلك الكتابات صدرت من سيد قُطب قبل تأثره بالفكر الديني تقريباً عام 1944 م وخلال مرحلة تيهان فكري مع سيد قطب، حيث قام بتعديل بل وتغيير أفكاره بعد نضوج وعيه الديني لاحقاً حيث توقف عن مثل تلك الكتابات لاحقاً ويُلاحظ ذلك في كتبه التي صدرت بعد عام 1945 م مثل تفسير القرآن والمستقبل لهذا الدين وغيرهما.
ومن الانتقادات لسيد قطب ما أورده في كتابه " معالم في الطريق " الذي كتبه في أخر حياته، فكتب يرد عليه الشيخ عبد اللطيف السبكى - رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف - وقتها وأصدر بيانا مفصلا بعد قراءته للكتاب يرد به على كل ما به . وكان مما أورده رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف :
في صفحة 31 : يقول سيد قطب " وليس الطريق أن نخلص الأرض من يد طاغوت روماني أو طاغوت فارسي إلى يد طاغوت عربي، فالطاغوت كله طاغوت، إن الأرض لله .. وليس الطريق أن يتحرر الناس في هذه الأرض من طاغوت إلى طاغوت .. إن الناس عبيد الله وحده .. لا حاكمية إلا لله، لا شريعة إلا من الله .. ولا سلطان لأحد على أحد .. وهذا هو الطريق ." وهذا أسلوب المدلسين باسم الدين في قوله "إن الأرض لله، وإن الحاكمية لله .. ولا حاكمية إلا لله ".
.......
ويرد عليه الشيخ عبد اللطيف السبكي :" كلمة قالها الخوارج قديما، وهي وسيلتهم إلى ما كان منهم في عهد الإمام علي، من تشقيق الجماعة الإسلامية، وتفريق الصفوف، وهي الكلمة المغرضة الخبيثة التي قال عنها الإمام علي :" إنها كلمة حق أريد بها باطل ".
فالمؤلف يدعو مرة إلى بعث جديد في الرقعة لإسلامية ثم يتوسع فيجعلها دعوة في الدنيا كلها، وهي دعوة على يد الطليعة التي ينشدها والتي وضع كتابه هذا ليرشد بمعالمه هذه الطليعة .. كما يقرر، وليس أغرب من هذه النزعة الخيالية، وهي نزعة تخريبية، يسميها طريق الإسلام، والإسلام كما هو اسمه ومسماه يأبى الفتنة ولو في أبسط صورة، فكيف إذا كانت فتنة غاشمة، جبارة كالتي يتخيلها المؤلف، وما معنى الحاكمية لله وحده؟
هل يسير الدين على قدمين بين الناس ليمنع الناس جميعا عن ولاية الحكم ؛ أو يكون الممثل لله في الحكم هو شخصية هذا المؤلف الداعي والذي ينكر وجود الحكام من البشر ويضع المعالم في الطريق للخروج على كل حاكم في الدنيا.
إن القرآن نفسه يعترف بالحكام المسلمين ويفرض لهم حق الطاعة علينا، كما يفرض عليهم العدل فينا، ويوجه الرعية دائما إلى التعاون معهم والإسلام نفسه لا يعتبر الحكام رسلا معصومين من الخطأ كما يضللنا المؤلف، بل فرض فيهم أخطاء تبدر من بعضهم، وناشدهم أن يصححوا أخطاءهم بالرجوع إلى الله وسنة الرسول، وبالتشاور في الأمر مع أهل الرأي من المسلمين، ولم يبح أبدا أن تكون ثورة كهذه.
فغريب جدا أن يقوم واحد، أو نفر من الناس ويرسموا طريقا معوجة يسموها طريق الإسلام لا غير، ثم ينصبوا أنفسهم للهيمنة على هذا النظام الذي يزعمونه إسلاما. لابد لاستقرار الحياة على أي وضع من أوضاعها من وجود حكام يتولون أمور الناس بالدين، وبالقوانين العادلة التي تقتضيها الحياة، كما يأذن القرآن، وسنة الرسول. ومن المقررات الإسلامية –أن الله يزع بالسلطان ما لم يزع بالقرآن، فكيف يستقيم في عقل إنسان أن تقوم طليعة مزعومة لتجريد الحكام جميعا من سلطانهم. ولتفتح الطريق أمام طغمة من الخبثاء، يوهمون الناس أنها طليعة الإيمان، وبين الحكام كثيرون يسيرون على الجادة بقدر ما يتاح لهم من الوسائل، فليسوا طواغيت أبدا.. أن هذا شطط في الخيال يجمح بمؤلف الكتاب إلى الشذوذ عن الأوضاع الصحيحة، والتصورات المعقولة، ويقذف به وبدعوته واتباعه إلى أحضان الشيطان بعيدين عن حوزة الإسلام.
أخر ما كتبه الشيخ عبد اللطيف السبكي في رده على الكتاب فقال:
فقد انتهيت في كتاب " معالم في الطريق " إلى أمور :
1- إن المؤلفَ إنسانُ مسرفُ في التشاؤم، ينظر إلى المجتمع الإسلامي، بل ينظر إلى الدنيا بمنظار أسود ويصورها للناس كما يراها هو أو أسود مما يراها، ثم يتخيل بعد ذلك آمالاً ويَسْبح في خيال.
2- إن سيد قطب استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه الدين من مطاردة الحكام مهما يكن في ذلك عندي من إراقة دماء والفتك بالأبرياء وتخريب العمران وترويع المجتمع، وتصدع الأمن، وإلهاب الفتن في صور من الإفساد لا يعلم مداها غير الله وذلك هو معــنى الثورة الحركيــة التي رددها كلامه .
وكان أيضا ممن إنتقدوا سيد قطب وكتابه، المستشار حسن الهضيبي - المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وقتها، حيث أصدر المرشد العام كتاباً عنوانه(دعاة لا قضاة) تراجع فيه عن الآراء الواردة في كتاب سيد قطب، بل إنه فند هذه الآراء بالرد ليبين أنها بعيدة عن الإسلام.
تعليقات