الطريقة الشاذلية"اعلم أن المريد إذا دخل فى طريق الله تعالى يلزمه أولا التوبة إلى الله ؛ لأنه شرط لازم فى طريق الله ، قال تعالى " وتوبوا إلى الله جميعا ايه المؤمنون لعلكم تفلحون "

 

                         فيما يلزم المريد فى سلوك طريق الله تعالى

( 1 )

اعلم أن المريد إذا دخل فى طريق الله تعالى يلزمه أولا التوبة إلى الله ؛ لأنه شرط لازم فى طريق الله ، قال تعالى ( وتوبوا إلى الله جميعا ايه المؤمنون لعلكم تفلحون ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإنى اتوب اليه فى اليوم مائة مرة ) رواه مسلم .

وفى رسالة القشيرية : التوبة أول منزل من منازل السالكين ، وأول مقام من مقامات الطالبين ، إلى أن قال: واركانها ثلاثة : الندم على ما عمل من المخالفات ، وترك الزله فى الحال ، والعزم على أن لا يعود إلى مثل ما عمل من المعاصى .

ولابد من رد المظالم ،وأرضاء الخصم على الوجه اللازم ، ثم لا بد له من (شيخ مرشد ينهضم بحاله )ويدله على الله بمقاله ، عارفا بطريق المعاملات ، له علم بالاحوال والمنازلات والاسرار والكشوفات، مكتسبا من العلوم الدينيه ، متبحرا فى المعارف الإلهية والعلوم اللدنيه،

كاملا فى سياسة التربية ومتخلقا بالمكارم المحمدية، فهذا أن ظفر به المريد فما عليه مزيد

بشرط أن صحبه بنية صالحه ، وعزيمة ناجحة ، ويسلم الارادة لديه ،ولا يؤثر أحدا عليه ، ويكون كالميت بين يديه ، ويعتقد كماله ويسلك منوال، ويلازم أعتابه ويقرع بابه ،ويتعرف فى حضرته للنفحات، ويستمطر الفيوضات ،ويستعد لامداد الله تعالى فى سائر الأوقات

ويجتهد فى تصفية باطنه وإصلاح ظاهره ،ويعطى العبوديه حقها والربوبيه مستحقها، ويتزود بالتقوى ،ويعامل الله بذالك فى السر والنجوى، ويروح نفسه على الطاعات وأنواع العبادات وترك الشهوه ،وغض نظره عن المحرمات ، وعدم الميل إلى الشبهات ، ويراقب الله فى الخلوات والجلوات ، ويتخذ الصدق انيسا والذكر جليسا ، والتاييد والثبات عند التجليات، والصبر وقت التقلبات ، واليقين الكبير والرضى عن الله فى القليل والكثير ، والتوكل،والزهد، والورع، وعلو الهمة،وعدم الطمع ،والصمت، والجوع ،والاستقامه، والعزلة ، وقطع العلاقة ، وترك الملامة، والفتوة، والإخلاص والمجاهدة، فهذه اسباب الوصول والمشاهدة ، ولا يحرز شرف هذه المقامات إلا من جاهد نفسه وفطمها عن المألوفات، قال تعالى ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )

وفى الرساله القشيرية: أعلم أن رأس المجاهدة وملاكها فطم النفس عن المألوفات ،وحملها على خلاف هواها فى عموم الأوقات.

ان يتواضع لله ، فكل من تواضع لله رفعه ، ألا ترى أن الماء حين تواضع فى أصل الشجرة كيف علا أغصانها، والتواضع من الأدب فعليك به ، ثم ان الخلق عيال الله ، وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله كما ورد عن النبي الكريم

فيما يلزم المريد فى سلوك طريق الله تعالى

( 2 )

وأخفض جناحك لاخوانك فى الله بمزيد من الحرمة والتعظيم، واختر لصحبتك واحدا منهم يوقظك اذا غفلت ، ويرغبك فى العبادة إذا كسلت ، ويعينك إذا عجزت ، ويردك إلى الطريق إذا خرجت ، وينصحك إذا تهاونت، ويخاصمك إذا أسأت الأدب، أو اذنبت ، فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم آخى بين أصحابة على الطريق القويم وعليك بحمل الأذى وكفه والخلق الكريم ، والشفقة والحنانة وحفظ الأمانة وعدم الخيانة .والايثار.وعدم الاقتار وبذل الهمة فى طاعة الله ومراقبته وترك فضول النظر لانه يثير الشهوة إذا دام واستمر ، وعدم الميل إلى ما يرضى الله، والنصيحة لله ،والغيرة فى دين الله،والحب في الله ، والبغض الله، والخوف والرجا وقوة الالتجاء والحرص على ما تتلقاه من شيخك ،وعدم تركك لوردك ، وطاعتك لسلطان المسلمين والدعاء له ،

وتعمير أوقاتك بنوافل الخيرات ، وتنوعك فى الطاعات، واكثارك من ذكر الله، وتلاوة كلام الله ، والصلاه على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فإن وفقت لذالك فقد سلكت الطريق ونلت التوفيق ، واستحقيت الجلوس على بساط الخصوصية بالتحقيق ، وتوجت بتاج الكمال ، وخصصت بالنوال، وشرفت من بين أقرانك بالوصال ، وكان لسان حالك ينشد :

سكن الفؤاد فعش هنيئا يا جسد

هذا النعيم هو المقيم إلى الأبد

عش فى أمان الله تحت لوائه

لا خوف فى ذاك الجناب ولا نكد

أصبحت فى كنف الحبيب ومن يكن

جار الحبيب فعيشه عيش رغد

من كتاب الانوار القدسيه فى

تنزيه طريق القوم العلية

الشيخ محمد حسن ظافر المدنى

 اخوكم الفقير إلى الله


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان