مصطفى كمال أتاتورك ومعركة الوطنية وقائد الحركة التركية الوطنية، والقائد العام للجيش التركي خلال حرب الاستقلال التركية.والرجل القوي الذي أطاح بكل من وقف أمامه
مصطفى كمال أتاتورك (بالتركية: Mustafa Kemal Atatürk) (19 مايو 1881 - 10 نوفمبر 1938)، أول رئيس للجمهورية التركية (1923 – 1938)، وقائد الحركة التركية الوطنية، والقائد العام للجيش التركي خلال حرب الاستقلال التركية.
المعركة الوطنية (1919-1923)
في القسطنطينية وقوات الحلفاء. في هذا الثورة، تقوى بدعم من ضباط الجيش العثماني والسياسيين والشعب. انتصر في حربه ضد القسطنطينية وقوات الحلفاء، ثم أسس جمهورية تركيا.
واصل التحديث الموجه نحو الغرب الذي بدأته السلالة العثمانية ورجال الدولة العثمانية. بصفته بانيًا للأمة، أنشأ الدولة القومية العلمانية التركية.
كان علمانيًا وقوميًا، وأصبحت سياساته ونظرياته معروفة باسم الكمالية. لقد وضع تركيا على طريق أن تصبح دولة جديدة ونامية. لقد بذل جهدًا لجعل بلاده، وهي دولة زراعية فقيرة، مثل الدول الغربية المتقدمة. كانت القومية الاجتماعية والاقتصادية أساسية في سياسته الداخلية. ألهم العديد من القادة مثل أمان الله خان، ورضا بهلوي، وأدولف هتلر،والحبيب بورقيبة، وجمال عبد الناصر، وأحمد سوكارنو، ومحمد علي جناح.
كتب كتبًا عن الإستراتيجية العسكرية، والتعليم والتدريب العسكري، والسياسة، والتربية المدنية، والهندسة الرياضية. احتفظ بمذكرات كتب فيها ذكرياته في جاليبولي، والقوقاز، وكارلسباد. نشر صحيفة مع رفاقه وكتب أعمدة. جمعت جميع كتاباته خلال مسيرته العسكرية والسياسية في مجموعة مؤلفة من 30 مجلدًا من الأعمال المجمعة. كان مهتمًا أيضًا بالتاريخ التركي، واللغة التركية، وعلم الآثار، والفلسفة السياسية، وفلسفة الدين، والتاريخ الأديان، ولديه كتب عن هذه الدراسات في مكتبته الشخصية.
أُطلق عليه اسم أتاتورك (أي: أبو الأتراك) وذلك للبصمة الواضحة التي تركها عسكريًا في الحرب العالمية الأولى وما بعدها وسياسيًا بعد ذلك وحتى الآن في بناء نظام جمهورية تركيا الحديثة.
مصطفى كمال أتاتورك هو ابن لأب يدعى علي رضا أفندي المولود في كوجاجيك عام 1881؛ تنتمي عائلته إلى الآفرانتولار أو لإحدى العشائر التركية التي هاجرت إلى الأناضول في القرن الرابع عشر والخامس عشر، ثم استقرت في سالونيك وهناك عمل "علي رضا افندي" موظفًا في الجمارك وتاجر أخشاب. كان علي رضا ملازم في الوحدات العسكرية المحلية أثناء حرب 93 التي دارت بين عامي 1877 و1878. وهذا يصنف عائلة أتاتورك ضمن النخبة الحاكمة في الدولة العثمانية آنذاك. وفي عام 1871، تزوج "علي رضا أفندي "بالسيدة" زبيدة"وهي ابنة لعائلة ريفية. ولدت زبيدة في لانكاداس التي تقع غرب سالونيك في عام 1857.
ولد مصطفى كمال اتاتورك – ذلك الابن الريفي – في سالونيك عام 1881 ميلاديًا. كان لديه خمسة أشقاء هم فاطمة، عمر، أحمد، نجية، ومقبولة، وقد توفوا جميعًا في سن صغير عدا مقبولة.عند بلوغ مصطفى كمال السن الدراسي نشب خلاف بين والده ووالدته بشأن تحديد أي مدرسة سيلتحق بها. فكانت والدته تريده أن يلتحق بمدرسة "حافظ محمد أفندي"، أما والده فكان يرغب في أن يلتحق بمدرسة شمس أفندي الذي كان لديه رؤى جديدة في مجال التعليم في ذلك الحين. وفي النهاية التحق مصطفى كمال بمدرسة الحي، وبعد مرور عدة أيام انتقل إلى مدرسة شمس أفندي، وظل أتاتورك طوال حياته يعترف بجميل أبيه لاتخاذه مثل هذا القرار لاختياره مدرسة" شمس افندي".
وفي عام 1888 فقد والده، فقبع بجانب أخيه حسين – الأخ الغير شقيق من أمه – في مزرعة "رابلا"؛ منغمسًا في أعمال المزرعة تاركًا تعليمه ومن ثم قررت والدته العودة إلى سالونيك وأن يُكمل أتاتورك تعليمه هناك. وفي سالونيك تزوجت زبيدة بموظف جمرك يدعى "رجب بيه". فالوالد في عام 1878 كان قد استاجر منزلا قائمًا بشارع إصلاح خان – حي كوجا قاسم باشا كي يتزوج للمرة الثانية؛ ذلك المنزل كان قد بُني عام 1870 على يد مدرس رودوسلي الجنسية وهو الحاج محمد وقفي.
إلا أنه عقب وفاة والده، انتقل مصطفى كمال وعائلته لمنزل صغير ذي طابقين وثلاث حجرات ومطبخ. التحق مصطفى كمال أتاتورك بالمدرسة الرشدية المدنية بسالونيك، تلك المدرسة العلمانية رمز البيروقراطية. وفي عام 1893 التحق بمدرسة الرشدية العسكرية، -رغم اعتراض والدته- حيث اعجب بالزي العسكري للتلاميذ في مدرسة محي الدين.
وفي هذه المدرسة لقبه معلم الرياضيات "مصطفى صبرى بيه" باسم كمال؛ ذلك اللقب الدال على النضج والكمال. كان مصطفى كمال أتاتورك يرغب في الالتحاق بمدرسة القللى الثانوية العسكرية، إلا أنه التحق بالمدرسة الرهبانية الثانوية العسكرية بتوصية حسن بك الضابط السالونيكي الذي كان بمثابة أخ أكبر له.
وفي الفترة ما بين عام 1896 حتى عام 1899، تلك الفترة التي قبعها في تلك المدرسة، كان لمعلم التاريخ "محمد توفيق بي" أثر عظيم عليه؛ حيث أحاطه بكل مايثير شغفه نحو معرفة التاريخ. وفي عام 1897 بدأت حرب بين الدولة العثمانية واليونان فأراد مصطفى كمال التطوع فيها لكن ذلك لم يتحقق؛ لكونه طالبًا في المرحلة الثانوية وسنه لم يتخط السادسة عشر عامًا.
أنهى المرحلة الثانوية بتفوق حيث احتل المركز الثاني على مستوى المدرسة. وفي الثالث عشر من مارس 1899، التحق بالمدرسة الحربية، حيث تخرج في الحادي عشر من يناير 1905 برتبة رئيس أركان حرب مواصلًا التعلم في مدرسة أركان حرب.
فترة التأهيل
اُرسل مصطفى كمال رئيس الأركان إلى الجيش الخامس القائم بالعاصمة دمشق وذلك عقب تخرجه من أجل التَدَرٌب. وهناك أثناء التدريب، كان له دور رئيسي في صفوف المدفعية والفرسان وسلاح المشاة. كان يعمل في الجيش الخامس تحت رئاسة لطفي مفيد بي.
وأول تدريب له تم في الكتيبة الثلاثين لسلاح الفرسان. في ذلك الوقت كان مصطفى كمال شديد الاهتمام بالثورات المتعددة الناشبة في سوريا، على اعتبار كونه ضابطًا بالأركان تحت التَدَرٌب، وعلى إثر أحد هذه الحروب اكتسب خبرة كبرى. بعد أربعة أشهر من ردعه للثورات، عاد إلى دمشق. وفي شهر أكتوبر من عام 1906 ذهب إلى سالونيك دون تصريح من الجيش، وذلك بعد تأسيسه لجمعية الوطن والحرية مع الرائد لطفى بي، ومحمود بي، ولطفى مفيد بك، والطبيب العسكري مصطفى جانتكين، أقام هناك فرعًا جديدًا للجمعية. وبعد مدة عاد إلى يافا بمعاونة حسن بك الذي كان بمثابة أخ له، كما أنه توسط له لدى أحمد بك حيث عرض عليه أن يرسل مصطفى كمال إلى بروسبي القائمة على الحدود المصرية؛ وبالفعل عُين في بروسبي.
بعد فترة أرسل مرة أخرى إلى دمشق للتَدَرٌب في سلاح المدفعية. وفي 20 يونيو 1907 أصبح نقيبًا ذا خبرة عالية. وفي 13 أكتوبر من العام نفسه عُين قائدًا للجيش الثالث. وفي فبراير من عام 1908 انضم لجمعية الاتحاد والترقي، وذلك عند وصوله إلى سالونيك وعلمه بانضمام فرع جمعية الوطن والحرية إلى جمعية الاتحاد والترقي. في 22 يونيو من العام نفسه عُين رئيس مفتشي الطرق الحديدية للمنطقة الشرقية الرومانية. وفي أعقاب إعلان المشروطية في 23 يوليو 1908، أرسلته جمعية الاتحاد والترقي إلى غرب طرابلس إحدى مدن ليبيا في نهاية عام 1908 وذلك من أجل بحث المشاكل الاجتماعية والسياسية ودراسة الأوضاع الأمنية.
وهناك نشر أتاتورك بين الليبين أفكار ثورة 1908، وسعى في كسب الأجناس الأخرى القاطنين هناك إلى سياسة جون ترك، وبجانب هذه المهمة السياسية اهتم أيضًا بالوضع الأمني لشعب المنطقة. درّب العساكر على خطط تكتيكية حديثة باعتباره قائد الحامية العسكرية في بنغازي، وذلك من خلال الأعمال الحربية التي كانت تنفذ خارج البلدة. أثناء فترة التمرين حاصر منزل الشيخ منصور المتمرد ووضعه تحت سيطرته كي يكون عبرة لكافة القوى المعارضة للنظام في المنطقة.
بالإضافة لذلك بدأ الجيش الاحتياطي في تنفيذ خطة لحماية أهالي المنطقة وما يحيط بها من مناطق ريفية. في الثالث عشر من يناير 1909 صار رئيس أركان حرب لفرقة رديف بسالونيك، وفي الثالث عشر من أبريل 1909 صار رئيس أركان حرب للوحدات العسكرية الأولى المتصلة بجيش الحركة الذي توجه إلى إسطنبول في 19 أبريل من العام نفسه بقيادة الأميرالاي محمود شوكت باشا، الذي توجه إلى هناك بعد اجتيازه مدينتي سالونيك وأدرنة لقمع عصيان 31 مارس الذي بدأ مع عصيان الكتيبة الثانية والرابعة للقناصة والتي تطورت أحداثها بتدخل قوات أخرى.
وفيما بعد تقلد مناصب عدة منها رئاسة أركان حرب الجيش الثالث، ورئاسة مركز التدريبات العسكرية بالجيش الثالث نفسه، ورئاسة أركان حرب الفيلق الخامس، ورئاسة سلاح المشاة الثامن والثلاثين. وفقًا لكتاب ستيوارت كلاين "التسلسل الزمني للطيران التركي"،شارك مصطفى كمال في مناورات بيكاردي التي عقدت في فرنسا عام 1910.
هنا، تم إجراء رحلات تجريبية للطائرات المنتجة حديثًا. منعت علي رضا باشا مصطفى كمال، الذي أراد الانضمام إلى إحدى هذه الرحلات. ثم تحطمت تلك الرحلة التي تحطمت على الأرض أثناء العودة. على الرغم من أن بعض المصادر تزعم أن أتاتورك كان خائفًا من ركوب الطائرة بناءً على هذه القصة، إلا أن مؤلف كتاب كلاين يذكر أن أتاتورك استقل الطائرة بعد ثلاث مرات من الحادث.
حرب العثمانية الإيطالية
دأت حرب العثمانية الإيطالية بهجوم الإيطالين على منطقة طرابلس في 29 ديسمبر 1911، وفي 27 نوفمبر 1911 شارك في هذه الحرب المقدم مصطفى كمال أتاتورك بصحبة ضباط آخرين أمثال الرائد أنور بي، وفؤاد، ونوري، والرائد فتحي. تحرك مصطفى كمال ومجموعته إلى بنغازي مرورًا بالقاهرة والإسكندرية في مصر.
وفي 19 أكتوبر من العام نفسه، مرض مصطفى كمال بعد مدة من مغادرته الإسكندرية، في 22 ديسمبر حقق النصر بالقرب من "طبرق". أثناء الاعتداء العسكري الذي شُن في درنة في السادس عشر والسابع عشر من يناير عام 1912، أصيب مصطفى كمال في عينه حيث ظل شهرًا في المستشفى يتلقى العلاج. وفي 6 مارس عُين رئيسًا لقيادة أدرنة. على الرغم من مباحثات السلام التي بدأت في شهر ديسمبر من العام نفسه واستمرار الحروب الأهلية والصراعات، عاد مصطفى كمال وباقي الضباط إلى إسطنبول مع إيمانهم ورغبتهم في تحقيق السلام وذلك بسبب إعلان دولة "كارا داغ" شن الحرب على الدولة العثمانية في 8 أكتوبر، وأيضًا بدأت حرب البلقان.
حروب البلقان
مع اندلاع حرب البلقان، انطلق مصطفى كمال إلى إسطنبول في 24 أكتوبر 1912، وفي 24 نوفمبر 1912 عُين مديرًا للفرقة البحرية بمضيق البحر الأبيض التي تتواجد في مركز بولاير. وهناك وفي هذه الحرب انهزم الجيش العثماني في مواجهة الجيش الرابع البلغاري الذي يرأسه الجنرال "ستيلان جوجيف كوفاجيف". خلال حرب البلقان الثانية التي بدأت في يونيو عام 1913، احتلت الوحدات العسكرية التي يرأسها الجنرال "ستيلان جوجيف كوفاجيف" ديموتيقة وأدرنة.
في 28 يوليو 1914 بدأت الحرب العالمية الأولى ودخلت الدولة العثمانية في حرب منذ 29 أكتوبر 1914. وفي 20 يناير 1915 عُين مصطفى كمال قائدًا للفرقة 19 التي كانت ستؤسس في منطقة تك فور داغ بقيادة الفيلق الثالث. ظلت الفرقة 19 فرقة احتياطية في منطقة "اجا آبط" بقرار من قيادتها وذلك في 23 مارس 1915. ثم في 25 أبريل 1915 اندلعت حرب جناق قلعة بسبب التصريحات التي أعلنها ائتلاف الدول تجاه جاليبولي وبناء على هذا النجاح نال تقدير المشير أوتو ليمان فون ساندرز قائد الجيش الخامس وحصل على رتبة أميرالاي في 1 يونيو 1915.
عقب الهجوم الذي شنه الإنجليز على مدينة "سوفلا كورفاز" في شهر أغسطس، قام "اوتوليمان" بتسليم قائدهم في مساء الثامن من الشهر نفسه ذلك القائد المحتل لمنطقة "آنافارتالار". وفي التاسع والعاشر من أغسطس أحرز نصرًا لهذه المنطقة. وعقب ذلك النصر توالت انتصارات آخرى؛ حيث تم الانتصار في موقعة "كريتش تابا" في 17 أغسطس، والانتصار في معركة "آنافارتالار" في 21 من الشهر نفسه.
صورت صحافة إسطنبول للعامة أن كلًا من الأميرالاي مصطفى كمال بك وروشن أشرف بك هما بطلان في معركة "آنافارتالار". وفي 14 من يناير 1916 عُين قائد الفيلق السادس عشر، الفيلق الذي اُرسل من جاليبولي إلى أدرنة. وخلال الشهرين اللذان بقي فيهما في أدرنة عمل على تمويل الفيلق واسترداد قواه وتدريبه. وفي 16 فبراير قامت القوات العسكرية الروسية الموجودة على الجبهة الشرقية بصد هجوم الجيش الثالث العثماني والاستيلاء على ارذروم.
احتلت مدنا أخرى مثل "بليتس، موش، وان، هاكاري" وذلك في 13 مارس. وفي 15 مارس اُرسل الفيلق الثالث إلى ديار بكر برئاسة العقيد مصطفى كمال لدعم الجيش الثالث. حمل مصطفى كمال على عاتقيه مسؤولية كبرى نظرًا لرتبته. أثناء تواجده في ديار بكر في 1 أبريل 1916 تمت ترقيته إلى رتبة فريق، ونال لقب باشا.
أصدر مصطفى كمال أمرًا بالتراجع التكتيكي -وفقًا لخطه تكتيكية- وبهجوم مفاجئ حرر منطقة موش من احتلال القوات الروسية وحقق السيادة الاستراتيجية للقوات العسكرية العثمانية؛ نال مصطفى كمال ميدالية السيف الذهبية لاحرازه هذا النصر على جبهة كافكاس. وفي شهر أغسطس حرر منطقتي موش وبليتس من الاحتلال بشكل نهائي.
أثناء تواجد مصطفى كمال في ديار بكر، أصدر أمرًا بشن انقلاب ضد حكومة يعقوب جميل، وكان هذا الأمر بمثابة القضاء على الحرب. فالطريق الوحيد للتحرر هو الضغط على حكومة بابي علي وتغيير وكيل القائد الأعلى ووزير الحربية وذلك بإحداث انقلاب ضد الحكومة وجعل مصطفى كمال وكيل القائد الأعلى ووزير الحربية في آن واحد. أخبر أحدهم أنور باشا بتلك المؤامرة؛ وبناءً على ذلك قُتل يعقوب جميل رميًا بالرصاص. ويذكر مصطفى كمال في مذكراته التي سردها ل"فالح رفقي آتاي" رئيس إحدى الفرق العسكرية في ذلك الوقت: "شُنق يعقوب جميل؛ والسبب أنه قال لا سبيل للتحرر طالما أني لست وكيل القائد الأعلى ووزير الحربية، ولهذا قمت بمعاقبته كأول عمل أقوم به عند ذهابي إلى إسطنبول.
ليتني رجلًا تبوأ رئاسة السلطة من قبل هذا وأمثاله، لكني لم أكن هذا الرجل". في يونيو عام 1918 ذهب إلى فيينا وكارلسباد لتلقي العلاج هناك وعاد في 2 أغسطس إلى إسطنبول وذلك إثر وفاة السلطان محمد رشاد واعتلاء السلطان وحيد الدين محمد السادس العرش. وفي الخامس عشر من الشهر نفسه اُرسل إلى الجبهة الفلسطينية باعتباره قائد الجيش السابع وبذلك صار المرافق العسكري للسلطان في 20 ديسمبر 1918 أعرب مصطفى كمال باشا عن رغبته في عقد هدنة، موضحًا ذلك في تلغراف أرسله إلى ناجى بك المرافق العسكري للسلطان وحيد الدين محمد السادس معلنًا فيه أن جماعة جيوش يلدرم لن تبقى الدرع الأساسي في الحرب بالإضافة إلى رغبته في أن يوكل نفسه في الحكومة الجديدة وزيرًا للحربية ونائبًا للقائد الأعلى.
وعقب ذلك في 6 أكتوبر تخلى عن قيادة الجيش السابع. في 19 ديسمبر شنت قوات الاحتلال البريطانية بقيادة إدموند ألنبي هجومًا؛ مما أثقل العبئ على الجيش الثالث أحد جيوش جماعة يلدرم. وفي الحادي من أكتوبر استولى الإنجليز على الشام ثم حلب وفي 25 من الشهر نفسه. ردع مصطفى كمال الجيوش البريطانية في حلب ونجح في إنشاء خط دفاع. وفي 30 أكتوبر 1918 وقّع هدنة مودروس، وفي ظهيرة اليوم التالي أقام مسيرة. وبتطبيق المادة 19 من عقد صلح مندورس، كُلف مصطفى كمال باشا برئاسة مجموعة جيوش يلدرم بعد أن نُزعت رئاستها من قائدها السابق أوتو ليمان فون ساندرز، إلا أنه في 7 نوفمبر أُلغي الجيش السابع ومجموعة جيوش يلدرم.
وفي 10 أكتوبر 1918 انطلق من أضنة إلى إسطنبول تاركًا قيادة وحدات يلدرم العسكرية إلى نهاد باشا قائد الجيش الثاني. في 13 نوفمبر وصل إلى محطة حيدر باشا القائمة في إسطنبول. وأثناء عبوره من حيدر باشا إلى إسطنبول رأى الأساطيل الحربية للعدو في المضيق، فقال عبارته الشهيرة "سيعودون بخفي حنين" (سيعودون كما جاؤا). أصدر فتحى بك برفقة كل من أحمد عزت باشا وأحمد توفيق باشا جريدة المنبر ذات الرأي المعارض وذلك لمباشرة الأوضاع السياسية.
المعركة الوطنية (1919-1923)
التنظيم
انتهت حرب الاستقلال بميثاق لوزان الذي عُقد في الرابع والعشرين من يوليو عام 1923.
أصبح هذا الميثاق قيد التنفيذ بميثاق سيفر، وطبقًا لنصوص ميثاق لوزان اُسست الجمهورية التركية. وعقب الصراع القومي ظهرت في تركيا إدارة يرأسها زعيمان.ألغى مجلس الأمة التركي الكبير السلطنة العثمانية في الحادي من نوفمبر عام 1922، وبذلك قضت على الكيان القانوني لحكومة إسطنبول حيث تم إقصاء وحيد الدين عن العرش. في مقابلة مع صحفيين من إسطنبول في قصر إزميد هونكار في 16 يناير 1923، عندما سُئل رئيس تحرير "واكيت"، أحمد أمين بك، عن القضية الكردية، قال: "بدلاً من تخيل الكردية في إنه حق خاص به، إنه بالفعل نوع من الشكل يتوافق مع قانوننا التنظيمي. سيتم تشكيل الحكم الذاتي المحلي"، كان حريصًا على عدم إعطاء مكانة خاصة للأكراد.
في 8 أبريل 1923 حدد مصطفى كمال اتاتورك قواعد دستور "دوكوز عمدة" وأسس الحزب الشعبي الذي كان حجر الأساس للنظام الجديد. كان للحزب الشعبى حق المشاركة في انتخابات المجلس الثاني الذي عُقد في أبريل. حدد مصطفى كمال مرشحي الحزب بصفته الرئيس العام له. تبوأ فتحى بك منصبي رئيس الوزراء ووزير الداخلية في نفس اليوم من الخامس والعشرين من أكتوبر لعام 1923، إلا أنه أشار إلى أنه ترك منصب وزير الداخلية. احتل أيضًا علي فؤاد باشا رئاسة المجلس في اليوم نفسه، إلا أنه انفصل عن منصبه لتعيينه مفتشًا للجيش. حصل نائبي الشعب المعارضين لمصطفى كمال الانتخابات التي عقدت لهاتين المقعدين؛ فتم اختيار رؤوف بك لمنصب رئاسة المجلس الثاني، وسابط بك لمنصب وزارة الداخلية.
في السادس والعشرين من أكتوبر لعام 1923 طلب مصطفى كمال – الذي لم يسعد من هذا الوضع – من رئيس الوزراء فتحى بك أن يُقيل الحكومة باستثناء رئيس أركان حرب فوزى باشا، كما أمر بعدم قبول المستقيلين في أي منصب حتى لو تم اختيارهم مرة أخرى. وبالتالي ظهرت أزمة في الحكومة وأعلن أن أعضاء مجلس الوزراء الجدد سيتم اختيارهم يوم التاسع والعشرين من أكتوبر.
وطبقًا لهذه التطورات قرر مصطفى كمال حل الوضع من جذوره؛ ففي ليلة الثامن والعشرين من أكتوبر لعام 1923 دعا عصمت باشا وبعض الشخصيات إلى اجتماع في تشانكايا وأعرب قائلآ "سنُعلن إقامة الجمهورية غدًا"، وبعد انصراف المدعوين أبقى عصمت باشا وأعدا معًا لائحة من شأنها إحداث تغيير في تشكيل القانون الأساسي. وفي يوم الاثنين التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1923 عقد في مقر الحزب الشعبي اجتماع لمناقشة كيفية تأسيس مجلس وزراء.
عندما فشلت المساعي لحل المشكلة، اضطر مصطفى كمال عرض أفكاره، فأوضح أن الطريق الآمن لعبور هذه الأزمة هو تغيير الدستور. قدم مصطفى كمال للحزب الشعبي خطة من شأنها إعلان الجمهورية. بعد قبول رئاسة الحزب الخطة (المشروع) عقدت اللجنة العامة لمجلس الأمة التركي الكبير اجتماعًا في الساعة السابعة إلا الربع من مساء اليوم نفسه. وفي الساعة العاشرة والنصف من مساء الإثنين التاسع والعشرين من أكتوبر لعام 1923 اُعلنت الجمهورية التركية وسط تصفيق نواب مجلس الأمة التركي الكبير وهتافات تحيا الجمهورية التركية.
رئاسة الجمهورية (1923-1938)
تخب مصطفى كمال – نائب مدينتي بالا – كأول رئيس ل الجمهورية التركية بتصويت 158 نائبًا ممن شاركوا في الانتخابات الرئاسية التي تمت عقب الإعلان الجمهوري. أجرى أتاتورك عدة تغييرات جذرية من شأنها إيصال تركيا إلى مستوى الحضارة المعاصرة. وطبقًا لدستور 1924، تبوأ مصطفى كمال منصب رئاسة الجمهورية ثلاث فترات أخرى (1927، 1931، 1935) وذلك بعد أن اُختير من قبل المجلس الأمة التركي الكبير كرئيس في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1923.
وفي فترة رئاسة أتاتورك توالى عصمت إينونو، وفتحى اوكيار، وجلال بايار على منصب رئاسة الوزراء. كان عصمت إينونو هو أكثر من ظل في هذا المنصب أطول فترة، وأكثر من شكل حكومات. من أبرز الحكومات التي شُكلت في ظل رئاسة أتاتورك: الحكومة الأولى للجمهورية التركية، الحكومة الثانية للجمهورية التركية، الحكومة الثالثة للجمهورية التركية، الحكومة الرابعة للجمهورية التركية، الحكومة الرابعة للجمهورية التركية، الحكومة الخامسة للجمهورية التركية، الحكومة السادسة للجمهورية التركية، الحكومة السابعة للجمهورية التركية، الحكومة الثامنة للحكومة التركية.
السياسة الداخلية
مبدأ الأساسي لمصطفى كمال هو الاستقلال التام للبلاد. وأوضح موقفه: "... نعني بالاستقلال التام بالطبع الاستقلال الاقتصادي والمالي والقضائي والعسكري والثقافي الكامل والحرية في جميع الأمور. والحرمان من الاستقلال في أي من هذه الأمور يعادل حرمان الأمة والبلد من كل استقلاله."
كرئيس للجمهورية التركية المشكلة حديثًا، أطلق مصطفى كمال برنامجًا صارمًا للإصلاحات السياسية والاقتصادية والثقافية بهدف نهائي هو بناء دولة قومية حديثة وتقدمية وعلمانية. ألغى الخلافة العثمانية، من بقايا النظام الملكي السابق، ونفي الأسرة العثمانية من تركيا. أخذ جميع المدارس تحت سيطرة الحكومة التركية وألغى الامتيازات الممنوحة للأجانب. ألغى الشريعة، وحظر تعدد الزوجات، وأعطى المرأة حقوقًا متساوية بما في ذلك الحق في التصويت وشغل المناصب الحكومية.
نفذ سياسة التأميم في الاقتصاد، وسياسة التفوق التركية المسماة "أطروحة التاريخ التركي" (Türk Tarih Tezi) في التأريخ، وسياسة التتريك ضد الأقليات العرقية. قام بتغيير أسماء الأماكن باللغات اليونانية، والأرمنية، والكردية، والزازكية، والعربية، والسريانية، واليزيدية، واللازية، والجورجية إلى اللغة التركية (مثل القسطنطينية أصبحت إسطنبول، سميرنا أصبحت إزمير، وأنغورا أصبحت أنقرة).
في عهد أتاتورك، بدأت عملية الاعتقال المعروفة باسم اعتقالات عام 1927، وتم وضع سياسة اعتقال واسعة النطاق ضد أعضاء الحزب الشيوعي التركي. حوكمت شخصيات سياسية شيوعية مثل حكمت (كيفيل جيملي وناظم حكمت وشفيق حسنو) وحكم عليهم بالسجن. بعد ذلك، في عام 1937، قرر وفد برئاسة أتاتورك فرض رقابة على كتابات كيفيلجيملي باعتبارها دعاية شيوعية ضارة.
تعليقات