في الثّالثِ والعِشْرِينَ مِنْ يُوليُو في العَام 1952حَدثَ إنقلابٌ عَسكَريٌّ عَلَىَ المَلَكِّيةِ المِصْرِيّةْ..تَحَوّلت مِصْرُ بَعدهُ إلَىَ جُمهُورِيّةٍعَسْكَرِيّةٍ قَمْعّية دِكتَاتُوُرِيّةٍ

 





قَنَوَاتُ المُعَارَضَةْ..وَكَسْرُ حَاجِزَ الصَّمتْ.

في الثّالثِ والعِشْرِينَ مِنْ يُوليُو في العَام 1952حَدثَ إنقلابٌ عَسكَريٌّ عَلَىَ المَلَكِّيةِ المِصْرِيّةْ..تَحَوّلت مِصْرُ بَعدهُ إلَىَ جُمهُورِيّةٍ عَسْكَرِيّةٍ  قَمْعّيةٍ  دِكتَاتُوُرِيّةٍ آلتْ بِمِصرَ إلىَ ذِيُولِ الأُمَم، وتًحّولتْ بِسَبَبهِ مِنْ مَمْلكةٍ لَهاَ ثِقَلَهَا عَالمياً إلَىَ دولةٍ نَامِيّةٍ تَتَسَّولْ صُندوقَ النّقْدِ الدّوْليِ ..

لكنْ.. كيفَ قَبِلَ المِصرِيونَ بهذاَ الاِنقِلابِ وكَيفَ رَضُوا عَنهُ بلْ كيفَ عَشِقَ بَعضُهم رموزهْ ..

إنّهَا آلةُ الإعلامِ التّي سَيطرَ عَلَيها العسكرُ مِنْ صحافةٍ وإذاعةِ وتِلفزيُونْ وسِينِمَا وحتّى نُجُوم الفَنّ والغِناءْ .

كَانَ للإذاَعةِ وقْعُ السّحرَ عَلىَ المِواطِنْ المصريِّ .. صَوتٌ واحدٌ يَتحَدثُ عَنْ بُطولاَتِ العَسْكَر وَحدَهُمْ  وَوُعُودِهُمْ الكَاذِبة ..

و اتّخذَتْ الصّحافةُ مَبدأَ قَلبِ الحَقَائِق بِمُراقِبينَ عَسكَرِيّينَ يَضعُونَ أَيدِيَهُم عَلىَ أقلامِ الَكُتّابِ وعناوينَ الصُّحفْ..

أمّا السّينِما فلمْ تَكنْ بعيدةً عَنِ "الرّقِيبِ العَسْكريّ" الّذيِ كَانَتْ تُعرَضَ عَليهِ الأفلامُ السّينِمَائيةِ والتلفزيونيةِ فَيَقبلُ أويرفضُ مَايشاءْ..

فِي ظلّ ذلكَ لَمْ يَكنْ المِصْريُونَ يَسمعونَ إلاّ صوتاً واحداً ولا يَروْنَ إلاّ  البَذّاتِ العَسكَريةِ وكَأنّ غَيرهُم لاَ وجودَ لهمْ ولا مَكانْ .

 يَكذِبونَ عَلىَ الشّعبِ ليلَ نهارْ..الصادقُ فِيِ نَظَرهِمْ كاذبٌ والوَطَنيُّ خائنٌ والخَائنُ أمِينْ .

هَكذا ظلّتْ مِصرُ طِيلةَ 60 عاماً عَانىَ فِيهَا الشّعبُ المِصْريِ أشدَّ المُعَاناةِ مِنَ الذُّلّ والقَهرِ  حَتّى أَصبَحَ فِيِ ذَيلِ الأُمَمْ ..

فِيِ الـ25 مِنْ يَنَايرْ انْتَفضَ الشّعبُ المِصْريُّ عَلىَ طُغيَانِ العَسْكَرْ وانطَلقتْ قنواتٌ وصُحفٌ ومَواقِعُ للتّواصُلِ الاِجْتِماعِيّ سَمِعَ فِيهَا المُواطنُ المِصريُّ ورَأىَ مَا لَمْ يَكنْ لِيَراهُ فِي ظِلِّ الحُكْمِ العَسكرِيّ ..

إنكَبّ الشّبابُ عَلىَ الاِطّلاَعِ والمَعرِفَةِ والمُكَاشَفَةِ وانتَخَبُوا بِكُلّ ثقةٍ  أولَ رئيسٍ مَدَنِيّ فِي تَاريخْ مِصْر . وامتَلأَ ميدانُ التّحْريرِ كَما لَم ْ يمتلئ مِنْ قَبلْ مُعلِنِينْ الوُقُوفَ بِكُلّ قُوةٍ مَع الدّولةِ المَدَنِيّةْ .

 

إلاّ أَنّ العَسْكَرْ انتَبَهُوا سَرِيعَاً إلَىَ خُطُورةِ عَـدَمِ السّيْطرةِ عَلىَ وسَائلِ الإعْلامِ فَضَخُّوا أموَالاً كثيرةً لاَ حَصرَ لَهَا .. لقنوات ضِرارٍ تَرفعُ شعاراَ الثّورةِ ظَاهِرِيّا لكنّهَا تُبطِنُ عَودَةِ العَسكَرْ إلَىَ السُّلطةْ مرةً أُخْرَىْ .

عَشرَاتُ القَنَوَاتِ والمَوَاقعَ والصُّحفَ تَبثّ لَيلَ نَهارَ أكَاذِيبَ وأبَاطيلَ وشَائِعَاتْ صَارَ فِيهَا المُواطِنْ المصريّ حَائراً.. اختلطَ فِي عَينِهِ الأبيضُ والأَسودْ، وضَلّتْ الحَقائقُ مِنْ سَيلِ الأخبَارِ المُتَواصِلةْ ..

(سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ )..تَحوّل فِيهِ الثُّوارُ بَينَ عَشِيّةً وضُحًاهَا إلىَ أعدَاءَ وعُمَلاءْ.. وأصْبحَ الأمِينُ خَائِناً  والخائِنُ أميناً. 

وجَاءَ يَومُ الزّيِنَةْ.. فِيِ الثالثِ مِنْ يُوليوُ عَامَ 2013 ، كَانَتْ مِصرُ عَلىَ مَوعدٍ مَع الانقِلابِ مَرّةً أخْرَىَ إنقلاب  هَـيّـأ لهُ العَسكَرُ جَيّداً عُقولَ الكَثِيرينَ بإعْلاَمِهِمْ ..

زَرَعُوا شَيطَانَهُمْ فِيِ بيوتِ المِصرِيينَ،اتّهمَ الآباءُ الأبنَاءَ وتَفَرّقْ الأقارِبُ والأصدقاءُ وتَقَطَعَتْ أوَاصِرُ الصّلةْ. كانَ شعارُهُم (فَرّقْ تَسُدْ) .. فَفَروقُوا بَينَ أَبنَاءَ الوَطَنِ الواحدْ ..

(إنتوا شَعْبْ وإحنَا شَعْبْ)

سَبعُ سنواتٍ عِجَافْ غَابَتْ فِيهَا وسَائلْ الإعلامِ المستقلّةِ عَن مِصرَ،  ووصلَ تكمَيمُ الأفوَاهُ إلَىَ شَبكاتِ التّواصُلْ الاِجتِمَاعِيّ..

كَادَتْ مَكَينَتَهُمْ الإعِلاَميةُ أنْ تُرَسّخَ للإنقلابيينَ مَرةً أُخْرَىَ كَما حَدثَ مِن قَبلْ ..

لكنْ هذهِ المرةُ ليستْ كَسَابِقَتِها.. نَجحَ  فِيِ التغريدِ خَارِجَ السّرْبِ عددٌ قليلٌ مِنْ الإعْلاَمِييِّنَ الشّبَابْ الذينَ قَامُوا  بتَشْغِيلِ عَددٍ محدودٍ مِنْ وسائلِ الإعلامِ فيِ الخَارِجْ وبإمكَانَاتٍ مُتواضِعةٍ ومَا تَيسّرمِنَ الخِبْرَاتْ.

ثلاثُ قنواتٍ تلفزيونيةٍ مِصرِيةٍ مستقلةٍ تُواجِهُ سَيْلاً مِنَ القَنَواتِ يَنهَمرُ "ليْلَ نَهَارْ" فِي عُقولِ المِصرِيّينْ.

قنَواتٌ إستطاعتْ أنْ تُشَكِلَ مِنبِراً لاَ يَتَوفرُ فِيِ أيّ مَكانٍ آخرَ لعددٍ كبيرٍ مِنَ المُعَارِضيِنَ المِصرِيّينَ الّذِينَ لاَ صَوتَ لهُمْ ولاَ مَكَانَ بينَ وَسائلَ الإعْلاَمِ التَّي يُهَيْمِن عَلَيْهَا النظامُ فِيِ مِصْرَ،ويَبُثّ مِنْ خِلالِهَا رأياً واحِداً بِدُونِ أَيِّ رَأيٍ آخرْ.

شَكّلَ الإعْلامُ المِصريِّ فِيِ الخَارجْ جبهةً قويةً إستَطَاعتْ أنْ تُحَافِظْ عَلىَ مَا تَستطيعُ مِنْ وعْيٍ للمِصريينَ وأنْ تُبْقِيِ عَلَىَ شُعْلةِ الثّورةْ مُتّقدةً  تًشتعلُ بَينَ الحِينِ والآخَرْ مُذَكّرةً الأَجيَالَ الجَدِيدَةَ بِمُغْـتَصِبِي السّلْطَةْ الشّرعِيّةْ.. وأَنّ الحَقّ لاَيَضِيعُ طَالَمَا وَرَأهُ مُطَالِبْ .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان