الفنان علي الشريف المثقف الذي جسد أدوار المهمشين الفنان علي الشريف يعد واحدا من الفنانين أصحاب الكاريزما والإطلالة المتفردة والمميزة على مدى تاريخ السينما المصرية، وهو وأمثاله من المبدعين الذين ظهر إبداعهم وتجلى في العديد من الأعمال الفنية يجعلوننا نجزم أن السينما المصرية ظالمة بكل المقاييس، ويشاركها في الظلم وسائل الإعلام التي كثيرا ما تقوم بتنجيم وتلميع من قد لا يستحقون مجرد ذكر أسمائهم على أفيشات وتترات الأفلام، بينما عباقرة التمثيل الحقيقيين المظلومين ربما يتم إهمالهم وعدم كتابة أسمائهم عمدا أو كتابتها فى نهاية الأسماء.
كتب/خطاب معوض خطاب
الفنان علي الشريف يعد واحدا من الفنانين أصحاب الكاريزما والإطلالة المتفردة والمميزة على مدى تاريخ السينما المصرية، وهو وأمثاله من المبدعين الذين ظهر إبداعهم وتجلى في العديد من الأعمال الفنية يجعلوننا نجزم أن السينما المصرية ظالمة بكل المقاييس، ويشاركها في الظلم وسائل الإعلام التي كثيرا ما تقوم بتنجيم وتلميع من قد لا يستحقون مجرد ذكر أسمائهم على أفيشات وتترات الأفلام، بينما عباقرة التمثيل الحقيقيين المظلومين ربما يتم إهمالهم وعدم كتابة أسمائهم عمدا أو كتابتها فى نهاية الأسماء.وقد ولد الشريف الفنان الفطري الذي لم يدرس فن التمثيل في يوم 23 يونيو سنة 1934 وتوفي في يوم 11 فبراير سنة 1986، والتحق بكلية الهندسة ولكنه سرعان ما تركها لانشغاله بالعمل السياسي والتحق بكلية التجارة، حيث حصل على بكالوريوس التجارة ثم عمل بأحد البنوك وترقى فيه حتى أصبح مديرا، وكان قد تم اعتقاله في ستينيات القرن العشرين بسجن الواحات لميوله اليسارية، والتقى هناك السيناريست حسن فؤاد والكاتب محمود أمين العالم والكاتب عبد الرحمن الشرقاوي والشاعر أحمد فؤاد نجم، وكان معهم في المعتقل عدد كبير من المفكرين والأدباء الذين تعرف عليهم وصاروا من أصدقائه بعد ذلك، وكان السيناريست حسن فؤاد سببا في دخول الشريف عالم الفن، حيث رشحه للمخرج يوسف شاهين ليشارك في فيلم "الأرض"، وقد حصل عن دوره ذلك على جائزة أحسن دور ثان من جمعية الفيلم.
والفنان على الشريف كان يتمتع بثقافة سينمائية عالية وموهبة فنية رائعة أسهمت فى إجادته وتميزه وتفرده في جميع أدواره التي جسدها في السينما والمسرح والتليفزيون، حيث أبدع في منطقة صنعها بنفسه لنفسه ولم ينازعه فيها أحد فلم يقلد أحدا وصعب على الآخرين تقليده، وقد كان الشريف فنانا متمردا حيث أجاد تجسيد أدوار الشر على الشاشة وهو المشهود له بالطيبة الشديدة وبياض القلب والفطرة السليمة حتى أقنعنا أنه مولود في عالم الإجرام، كما اشتهر بتجسيد شخصية ابن البلد غير المتعلم وهو في الحقيقة كان واحدا من الفنانين الجامعيين المشهود لهم بالثقافة والاطلاع والفكر الراقي، وربما يكون لصوته الأجش وملامحه سبب في ذلك، وقد أطلق عليه صديقه الفنان صلاح السعدني لقب المحللاتي لقدرته الكبيرة على تحليل البشر وإعطاء إراء دقيقة حول شخصيات فنية وسياسية، ولكنه لم يكن يحب هذا اللقب بل كان يفضل أن يصدر للناس فكرة أنا مجرد إنسان ساذج.
والشريف له العديد من الأدوار المحفورة في ذاكرة المشاهدين جسد في معظمها شخصيات المهمشين مثل بكري حارس المدرسة الذي يتكلم بالحكمة في فيلم "الإنسان يعيش مرة واحدة" وأبو دومة في "كراكون في الشارع" ومرسي أبو المراسي في"واحدة بواحدة" والشاويش عبد الجبار في "الأفوكاتو" وسيد هاموش في فيلم "المتسول" وشمشون القاتل الأجير في "حب في الزنزانة" وأفيونة في "المشبوه" ودياب في "الأرض" والمعلم بطاوي في "أفواه وأرانب" والمهرج في "عودة الابن الضال" والشيخ أحمد في "العصفور" والمعلم برغوت في "آخر الرجال المحترمين" والجزار في "فتوة الناس الغلابة"، بالإضافة إلى أدواره المتميزة في أفلام "شادر السمك" و"الزمار" و"الوداع يا بونابرت" و"الكرنك" و"أريد حلا" و"على من نطلق الرصاص" و"الإختيار" و"ليل وقضبان" وغيرها، وكذلك شخصياته المتفردة التي جسدها في بعض المسلسلات التليفزيونية مثل شعلان في "أحلام الفتى الطائر" وصاحب القهوة في "دموع في عيون وقحة" وشيخ الكتاب في "الأيام" وكعبورة في "علي الزيبق" وشيخ الغفر في "الطاحونة" وأبو شفتورة في"نجم الموسم" وغيرها.
وفي أكثر من حوار لها أكدت زوجته السيدة خضرة محمد إمام أنه كان يقوم بالمذاكرة لها قبل الخطبة حيث كان يمت لها بصلة قرابة، وتقدم للزواج منها وتزوجها رغم فارق السن بينهما حيث كان عمره وقتها 36 سنة وكان عمرها 18 سنة، وأنجب منها 3 أولاد و3 بنات هم حسين وحسن وزين العابدين وزينب وفاطمة الزهراء وأسماء، والعجيب أن الفنان علي الشريف صاحب الميول اليسارية في شبابه قد أصبح صوفيا بعد ذلك، وقد أكدت زوجته أنه كان من المقرر أن يشارك في بطولة مسرحية "علشان خاطر عيونك" مع الفنان فؤاد المهندس، وبعد أن انتهى من البروفة الأخيرة أصيب بالإعياء فعاد إلى المنزل، وقال لها "خلي الأولاد ما يروحوش المدرسة النهارده، ولا أنت تروحي الشغل، لأني هموت بعد شوية"، وحينما تعجبت من كلامه أعاده عليها مرة أخرى كأنه كان يشعر بما سيحدث به، وبالفعل مات في نفس اليوم قبل أن يكمل عامه الثاني والخمسين بشهور معدودة.
تعليقات