مصر يريدونها في المؤخرة



بقلم : عادل صديق

يتملك الكثيرون الانبهار بما لدى الغرب من تقدم ورقيّ وبحث علمي ، وقلاع صناعية واقتصاد عملاق غزير الانتاج Mass production وحسبنا أن نعلم أن ألمانيا مثلاعقب الحرب العالمية الثانية وبالتحديد في العام 1953 قد أعادت الحياة إلى خطوط إنتاج صناعية عملاقة .

وتثبت المانيا للعالم أنها انسلخت عن ألمانيا الهتلرية التي أسست لقاعدة صناعيّة عسكرية في المقام الأول عقب الحرب العالمية الأولى، وكرس "أودولف هتلر" لتميز الجنس الآري، ورسخ في الضمير الألماني أنهم الأقوى والأرقى والأقدر سيطرةً على العالم الحديث..وفشل  هتلر فيما كان يحلم به من توسع في أوروبا وآسيا وأفريقيا ولم يجد طريقا للفرار من أتون الحرب إلا أن يُقدم على الانتحار.

وإذا تأملنا قفزات ألمانيا المتعددة لأدركنا أن الحضارة الحديثة تكاد تكون ألمانيّة خالصة وخاصة عقب الحرب العالمية الثانية بفضل جهود علمائها الذين تم استقطابهم من قبل دول العالم الصناعي وأخذ أبحاثهم  بعين الرعاية واستفادوا من جهودهم .
فغالبيّة سكّان أمريكا من البيض في أوروبّا؛ وصفوة الأوروبيّين هم ألمان هاجروا إلى أمريكا في موجات متتالية، وساهموا بقوّة في تقدّم أمريكا.

أمّا الألمان الّذين بقوا في ألمانيا، فقد قادوا بلادهم لتكون أقوى دولة أوروبيّة اقتصاديًّا وعلميًّا وثقافيّا ورياضيّا وتكنولوجيًّا وصناعيًّا.
قال مسؤول إحدى كبريات مكتبات أوروبّا العامّة أنّهم يقومون بشراء الكتب بحسب أهميّة اللّغة، وإنجازات العلماء الّذين يستخدمونها، فتأتي الإنجليزيّة في المرتبة الأولى، ثمّ تأتي الألمانيّة في المرتبة الثّانية مباشرة، قبل الفرنسيّة والإيطاليّة والأسبانيّة.

رُغم أنّ عدد النّاطقين بالألمانيّة يقلُّ عن مائة مليون نسمة ولكن يعدّ إنتاج الألمان العلميّ مبهرا، ومثيرًا للإعجاب. ويكفي أن ننظر إلى ما يحدث في معرض الكتاب الدّولي في فرانكفورت سنويّا.
في هذا المعرض تبرز عظمة الألمان في مجال الإبداع، والتّأليف، والنّشر، والتّرجمة. ويستعرض الألمان قوّتهم في هذا المعرض حيث يشاركون بأكثر من ثلاثة آلاف ناشر ألمانيّ، متفوّقين بذلك على سائر دول العالم الأخرى[1]

*****
ونعود إلى مصر لنرى الواجهة الافتراضية للتقدم وهي الجامعات التي انتشرت في محافظات مصرالمختلفة 54 جامعة حكومية وخاصة؛ والتي لا تخرّج كوادر ـ في غالبها ـ يمكن أن تلائم سوق العمل ؛ فضلا عن تحمّلها مسؤولية التقدم من من قبل أجيال الباحثين الذين نؤمّل أن يكونوا على رأس قاطرة التقدم في مصر .

 للأسف لا تكاد تجد اسم مصر إلا ضمن الـ 500 جامعة عالمية وأعني جامعة القاهرة فقط وذلك في تقييم العام 2013 بينما نجد الكيان الإسرائيلي يصنّف بأنه يملك 7 جامعات ضمن المائة جامعة الأولى في العالم، اعتمادا على البحث العلمي المدني والعسكري والشراكات المتعددة مع دول الاتحاد الأوروبي، وأمريكا، ويفرض دراسة اللغة العبرية  لمن يريد الانتساب لجامعات الكيان الإسرائيلي، وتسعى إسرائيل لاحتواء الخليج العربي بما فيه من مقدرات.

وللأسف نجد تراجعاً في الداخل المصريّ في "المكون القيمي" لدى المصريين وشيوع الفساد والمحسوبية، والبطالة والبلطجة، والرشاوى حتى لا تكاد تطلب خدمة رسمية إلا وتدفع أضعاف قيمة الخدمة، بخلاف ما لاحظنا انعدام  وجوده خلال العام 2013 أثناء حكم الرئيس محمد مرسي.
*****
الإسفاف سيد الموقف في الجانب الفنّي وتقليد أعمى في النوعية التي تقدّم منتجاً مؤثرا سلباً في المجال الإبداعي مما يعطي إيحاء بأنّ الداخل المصري كله قائم على الفساد والانهيار القيمي، وحسبنا أن نعلم أن تطبيقا عمليا حدث في الاحتفال الكئيب بتنصيب السيسي بميدان التحرير أسفرعنه اغتصاب أو محاولة اعتصاب 27 فتاة من مؤيدات المشير كلهن مؤمنات أنه الرئيس الذي لا شريك له .

ففي الوقت الذي نلحظ تواجدا حيّاً في الداخل المصري في رفض متمثل في "أنصار الشرعية"الذين يجوبون شوارع مصر؛ وتواجد الأعداد يدل على أنّ الإخوان ليسوا وحدهم فهم مدعومون بفئة ثابتة من الشعب الرافض للانقلاب، وقدّر بعض المطلعين أن نسبة الإخوان في التظاهرات لا تتجاوز 20% وأن 80% كانوا من الأنصارـ أو من الثوار الذين خُدعوا بالانقلاب، بل يوجد الكثيرون من مؤيدي نظام  مبارك يتراجعون ، وأيضا فئة لا يستهان بها عادت لصفّ الثورة والمطالبة بأهدافها:"عيش حرية ـ كرامة إنسانية ـ عدالة اجتماعية"

*****
وجدنا تغريدة من قبيل"نعيق البوم" على حساب "كمال غبريال" يدعو فيها للتصرح بالدعارة في مصرعلى غرار الدول المتقدّمة بوصفها وظيفة اجتماعية وفسيولوجيةـ كما ذكر في تغريدته ـ ، ومن المؤكد أنّه صاحب تجربة ثريّة في الدول المتقدمة يريد أن ينقلها إلينا كأحد المعطيات التقدمية التي تعد مصرُ في أمسّ الحاجة إليها .

ويشير"غبريال" إلى أن الجراءة  التي يتحدث بها ستفتح عليه أبواب جهنم ، بالطبع لأن الكنيسة فتحت الأبواب، وكسرت مألوف التواجد السياسي الصامت في العهود الغابرة، ودعمت الانقلاب بالمال والرجال والإعلام ، وعلى رأس هؤلاء "نجيب ساويرس"  فلا غرابة أن يصدّر رجالها ـ وإن وصفوا بالليبرالية ـ بعضا مما عندهم من أفكار التقدم لأنه "إن غاب القط العب يا فار".

العجيب أن تنتشر عدوى ودعوى "تقنين الدعارة" من قبل مخرج شاب على حسابه أيضا على الفيس بوك ـ كنعقة  البوم التي أطلقها "كمال غبريال" من قبل ـ المخرج "عمرو سلامة" بضرورة تقنين الدعارة ضمن ضوابط تشرف عليها الدولة، مؤكدًا على أهمية التحررمن القيود، وذكر أن التوعية والنصح لا يجدي لأن الكبت  سيظل موجودا .. وتعد دعوة "عمرو سلامة" هي الثالثة  بعد دعوة المخرجة "إيناس الدغيدي" "غبريال" ولاقت ردود أفعال غاضبة.

ويبدو أن ما يحدث تيار عام انتقل يدعو من الدعارة المحدودة  بين الصفوة  إلى شيوع مواخير تنتشر تحت أعين الشرطة يعني تعريص رسمي ، ولم ينظر هؤلاء إلى قيم المجتمع وإعلاء قيمة الأخلاق التي يحث عليها الدين ويحيطها المجتمع  بحفظه.وجدنا الأسافل من الناس وخاصة من أهل الفن الهابط الذين يمجدون زُورًا الرئيس "المنقذ من الضلال"، واستنساخ الطغمة الناصرية وهْماً جديداً ومجدا زائفا وإبداعا في خطابه المبدع على حسب ما قاله بعض رجال الأذرع الإعلامية في القنوات الفضائية.

 بل وجدنا قرارات المنافقين في مجال التعليم تكرر العبارة التي تكرّس للشؤم الذي كان "بناء على توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.. والسيد وزير التعليم ، والسيد مدير عام التعليم في محافظة ..... تم التنبيه على الآتي " وللأسف كان هذا في يوم تنصيب السيسي 8 يونيو 2014.





[1] ـ مستقبل العلاقة المصرية الألمانية ـ ثابت عيد 





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان