حان وقت قطع أذرعة الاخطبوط

بقلم : عادل صديق
إسرائيل ـ لمن لا يعلم ـ تربطها شبكة علاقات بصورة ما بدول العالم  وما من دولة إلا ولها علاقات ما بها ـ طوعا أو كرها ـ إرضاء لأمريكا بشعار "من أحبني أحب كلبي" ، بالإضافة إلى أن الغضب الأمريكي يدفع الجميع إلى قول كلمة "نعم" ـ وخاصة العرب ـ  في الوقت الذي كان من المتوقع أن تكون كلمة "لا" هي الملائمة للموقف .
 فبلداننا بلا إرادة حيث تبدي أطراف نتوسم فيهم الرحمة والأخوّة والنخوة العربية  رغبة المشاركة الطوعية في الحرب، أو دفع فاتورة الغضب التي من الممكن أن تصب النارعلى دولة شقيقة، أو تفجّرها من الداخل أو تغيّر عقيدتها العسكرية تجاه الأعداء ليكونوا أصدقاء.

 والأنظمة لدينا لا تسلم من الخيانة وربما تكون الأحداث دلت على أنها أعطت الضوء الأخضر لليهود بضرب القدرات العسكرية لحركة حماس والمقاومة ويمكن حينها المساومة على السلام لابين الأنداد بل بين طرف عربي أرضه محتلة، وطرف يملك ترسانة حربية تعد الأكبر والأقوى  في الشرق الأوسط  وهو المحتل الإسرائيلي .

وبزيارة رئيس الاستخبارات المصري "محمد التهامي" لتل أبيب اتضحت النوايا لتقوم مصر بدور قامت به المخابرات إبان حكم الرئيس المخلوع  حسني مبارك وهو دور الضغط بالعصا والجزرة أوربما بالعصا فقط  بذريعة الحفاظ على الأمن القومي  ليعطي الضوء الأخضر فمصر السيسي لا تمانع من هدم الأنفاق وإغلاق  معبر رفح لخنق غزة وتجريدها من سلاحها .
اللعبة العالمية
فاللعبة العالمية الآن تعمل على أشدّها رغم أنف الشعوب، وحين تم اختيارمصر لتجربة إجهاض الديمقراطية كان الكل يعلم أن حكم  الرئيس مرسي سيدفع الثمن وحده، وباقي الثوارـ إلا قليلا ـ لا يعملون إلا في بيئة  ديمقراطية، ولكن عند تقديم ضريبة الدم  تراجع الكثيرون، ورضوا بأي حجج  بأن الديمقراطية لم تحقق  أهداف الثورة، وأن الأخونة  ملأت البلد المصالح الحكومية وأن الإخوان باعوا الثورة وكلها  اتهامات كذبها الواقع .
 
حين بدأ القصف للقطاع  8 يوليو كان التعامل مع عرب فلسطين لا يليق بالآدمية  في الضفة من قبل المستوطنين اليهود، حيث  أحرقوا فتى لم يتجاوز الاربع عشرة سنة، ردا على مقتل مستوطنين  يهود كانت جهة ما في الضفة قد اختطفتهم، ورغم ذلك فلا تجد إعلاما عربيا قطع إرساله وبث الخبر.
 في حين بث الإعلام العربي نبأ مقتل المستوطنين الثلاثة اليهود من قبل جهات مجهولة  وتذكر الأنباء التي أريد لها أن تؤكد على ضلوع حماس في العملية لإيجاد أو افتعال مبرر لحرب جديدة  ضد المقاومة ـ التي توصلت إلى تقارب مع السلطة الفلسطينية خلال الاشهر الماضية ـ  لتتهم  حماس بأنها  وراء عملية الخطف والقتل وإن لم يعلن أحد عن مسؤوليته عن ذلك.

 الإعلام العربي  للأسف لا يعمل من إجل العرب، فإن لم يكن يعمل للأنظمة فيعمل ناطقا بلسان أعداء العرب والمسلمين،  لم نجد نخوة ولا إخوّة لدى العرب، وكلمات التقارب والجسد الواحد  تردد فقط للاستهلاك المحلي أو لإقناع  الشعب العربي أن هناك  قيادات غاضبة من أجل فلسطين بل هي سلعة متوفرة تبرز حينا على الأرفف وتخفى أحيانا والشعار الرائج  "أنا ومن بعدي الطوفان" ، فالرعب يملؤهم، والخوف يرديهم .
ولا نعجب من تغير موقف  السيسي" بعد التظاهر بالشجاعة  بأن مصر جزء من معادلة القوى، وأنّ الاعتداء على  قُطر عربي يستدعي تدخل مصر، وأن الاستجابة مباشرة  أوحسب تعبيره "مسافة السكة" ويبدو أن ردة فعله أصابها الصدأ فلم تعد تعمل، أو إنها مدّخرة لداعمي اللانقلاب من الخليجيين عند الحاجة وبعد دفع فاتورة الدفاع، بدلا من الجيوش الرخوة التي في دول الخليج، والتي يشغل رُتبها نظريا المرتزقة من الدول الآسيوية وملأى بالخبراء الأمريكان وغيرهم.
وفقد السيسي  الزعامة قبل أن يروّجها ـ كزعيم للعرب على غرار القذافي زعيم أفريقيا غير المأسوف عليه، والشعارات لدينا  للاستهلاك المحلي ويكفينا طلعات جوية بين حين وآخر بتكلفة باهظة لإيهام الشعب المصري بأنّ لديه "درعا وسيفا" كما قالها السادات عقب انتصار أكتوبر 1973 صدقا أولا اصطناعا لبطولة زائفة كما قالها السيسي كذبا، أو القيام بدور"دون كيشوت" في حرب طواحين الهواء .
مقاول الحروب
وسبق للسيسي أن أرسل قطارات محملة بالعتاد والخبراء إلى ليبيا ـ حيث محاولات القائد المنشق حفتر المستميتة للانقلاب عن الشرعية  الثورية  في ليبيا ، حين ازداد الضغط عليه ليستغيث من ضغط الثوار،لكن حادث انقلاب القطارالحربي في كفرالدوار في آخر يونيو الماضي أوضح الخيبة الناصرية تطل باسم السيسي.

  وكان العقلاء قد أدركوا ما يحدث في الجبهة الغربية الليبية وتلميح السيسي  إبان الانتخابات الرئاسية  بأن أحداث ليبيا تقلق مص، وأن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي  أمام التهديدات الحدودية، وأن الحدود الليبية المصرية غير آمنة، وأنها تهدد الأمن القومي المصري ووعد بحماية الحدود والأمن القومي في جمهورية البطيخ أو الموز.

 وندرك أن مصر السيسي تسعى لإجهاض مُناظر للثورة الليبية لأن وجودها، وبوادر نجاحها هم ثوارها الذين دافعوا عن حقوقهم وحريتهم بالسلاح،ووقف الجميع وقفة رجال.
 وكانت هناك مخاوف أيضا من بوادر نجاح تكتيكي لثورة تونس بتغيير المواقع ، في لعبة الكراسي الموسيقية، واثبتوا أنهم لاعبون محترفون ويحبون بلادهم .

هذه النجاحات  للربيع العربي تعد نماذج تغري شخصية كالسيسي لاصطناع بطولة ـ مدفوعة الأجرـ ومجدا يؤهله ليرتقي مرتقى صعبا هو دونه بكثير،لكن لامانع من المغامرة وإن وقعت الفأس في الراس نروح السعودية ومعانا راسمالنا،ونعيش مستشارين  للحكومة السعودية ونبوس القدم، ويا الراس في جوار خادم الحرمين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان