سيدة القصر والفضائح المرتقبة هيلاري كلينتون
يحظى خبر مفاده أن وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون كشفت في مذكراتها عن مخطّط أميركي لإعلان "دولة إسلامية" في سيناء بالتعاون مع الإخوان المسلمين وتقسيم المنطقة، بانتشار واسع على مواقع التواصل وعبر مؤسسات إعلامية عربية منذ العام 2014، مثيرا سيلا من التعليقات والتحليلات. لكن هذا الخبر لا أساس له من الصحة.
تداول عشرات آلاف المستخدمين والصفحات على مواقع التواصل باللغة العربية منشورا جاء فيه "هيلاري كلينتون تفجّر مفاجأة في كتاب مذكراتها كلمة السرّ 360 المطروح مؤخراً بأميركا".
وينقل المنشور عن كلينتون أنها قالت في كتابها "كنا على اتفاق مع إخوان مصر على إعلان الدولة الإسلامية فى سيناء وإعطائها لحماس".
كنا على اتفاق مع إخوان مصر على إعلان الدولة الإسلامية فى سيناء وإعطائها لحماس
وأقرّت كلينتون بحسب المنشور بأنها زارت 112 دولة لدفعها الى الاعتراف بهذه الدولة الإسلامية ضمن مخطط لتقسيم المنطقة، لكن "تحطّم كلّ شيء" حين قامت "ثورة 30/6 و3/7 في مصر"، عندما أطاح الجيش المصري بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في تموز/يوليو 2013 بعد تظاهرات حاشدة احتجاجاً على حكمه.
حظي الخبر بانتشار كبير جداً لم يقتصر على مواقع التواصل من فيسبوك وتويتر إلى يوتيوب، بل تعداه إلى مؤسسات إعلامية مختلفة في عدد من بلدان المنطقة، مثل مصر وسوريا ولبنان وايران.
كما انتشر على تطبيق واتساب على نطاق واسع، وبات مادة للتحليل السياسي في المنابر الإعلامية.
يحمل الخبر عناصر مثيرة للشكّ، أوّلها أن هيلاري كلينتون تركت منصبها في شباط/فبراير 2013، كما ورد عنها على الموقع الإلكتروني للخارجية الأميركية. وبالتالي، لم تكن في منصبها حين عزل الجيش مرسي، ومن غير الوارد أن تكون جالت آنذاك على دول العالم لنقل موقف بلدها كما ورد في المنشور.
كما أن السيّدة الأولى الأميركيّة السابقة لم تصدر بالأساس أي كتاب بعنوان "كلمة السرّ 360"، بل نشرت كتاب مذكّرات وحيداً بعنوان "خيارات صعبة" صدر عام 2014.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية انها تحرت عن صحة هذه المذكرات، لكنها لم تعثر على أي أثر لما نُقل في المنشورات والأخبار المتداولة.
وفي الجزء الذي تحدّثت فيه كلينتون عن مصر، ورد في الصفحة 347 "اتهمنا مؤيدو الإخوان المسلمين بدعم نظام (الرئيس المصري السابق حسني) مبارك واشتبهوا في أننا نتواطأ مع الجيش لإبعادهم من السلطة، في حين كان معارضو الإخوان يخشون احتمال حكم إسلامي، زاعمين أن الولايات المتحدة تآمرت مع الإخوان لإخراج مبارك".
وعن العلاقة مع الإخوان بعد وصولهم إلى الحكم كتبت كلينتون في الصفحة 349 "واجهت الولايات المتحدة الأميركيّة مرّة جديدة المعضلة نفسها: هل نتعامل مع قائد نختلف معه حول أمور كثيرة لأجل الحفاظ على مصالح أمنيّة جوهريّة؟".
وذكرت كلينتون فعلا في مقدّمة الكتاب أنّها زارت 112 بلداً، لكن ذلك كان خلال كامل فترة مهامها كوزيرة للخارجيّة، من غير أن تذكر إطلاقاً أيّ مساعٍ لإقناع دول بالاعتراف "بالدولة الإسلاميّة في سيناء" كما أورد المنشور.
معارضو الإخوان يخشون احتمال حكم إسلامي، زاعمين أن الولايات المتحدة تآمرت مع الإخوان لإخراج مبارك
وحاول إعلاميون وكتّاب التوضيح للرأي العام أن الخبر المتداول لم يرد في كتاب كلينتون. كما حاولت مواقع عربية التصدّي لانتشار الخبر، لكن الكثير من المستخدمين رفضوا تصديق ذلك واستمرت الشائعة في الانتشار.
بالنسبة إلى مصدر الخبر، نقلت مواقع إخبارية مثل موقع قناة "العالم" الإيرانية أن مصدر الخبر هو موقع "قناة الفرات" العراقية. لكنّ لم يتسن العثور على هذا المقال الذي لم يعد متوافراً.
لكن يمكن الاستدلال من مقال "الاقتصاديّة" المنشور في 13 آب/أغسطس 2014 أن موقع "الفرات" نشر الخبر الكاذب في 4 آب/أغسطس.
وانتشر الخبر قبل ذلك على مواقع التواصل، وبدأ تداوله على فيسبوك في 26 حزيران/يونيو، بعد 16 يوماً على صدور كتاب كلينتون باللغة الإنكليزية.
وتفيد الصيغة الأولى للخبر أن كلينتون قالت هذا الكلام في اجتماع للكونغرس. وفي 4 تموز/يوليو أصبح مصدر الخبر الكاذب مذكّرات كلينتون وليس محاضر الكونغرس، وظهر اسم "كلمة السرّ 360" على أنه عنوان الكتاب. ثم انتقل في 16 تموز/يوليو إلى مواقع إخبارية ومؤسسات إعلامية باللغة العربية.
في 10 حزيران/يونيو 2014 أصدرت هيلاري كلينتون مذكّراتها بعنوان "خيارات صعبة".
في 26 حزيران/يونيو ظهر خبر كاذب منسوب إلى محاضر الكونغرس، مفاده أن كلينتون تحدّثت عن مخطّط مع الإخوان المسلمين لإقامة دولة إسلامية في سيناء وتقسيم المنطقة أفشله الجيش المصري.
في 4 تموز/يوليو أصبح مصدر الخبر مذكرات كلينتون، وصار عنوان الكتاب "كلمة السرّ 360".
في 16 تموز/يوليو بدأ انتقال الخبر الكاذب إلى عدد كبير من وسائل الإعلام والمواقع العربية، ولاقى انتشاراً واسعاً ما زال مستمرّاً حتى اليوم.
تعليقات