رجل بأمة ..السميط الرجل الذي أوقف المد التنصيري السميط الرجل الذي اسلم على يدية سبعة ملايين إنسان كنت أجلس مستمعا استماع التلميذ لمن يلقنه فنّ الدعوة




عبد الرحمن السميط.. طبيب عالج الفقر أفريقياً


السميط الرجل الذي اسلم على يدية سبعة ملايين إنسان

                                إغلاق 20 مكتبًا فرعيًّا لـ5 جمعيات عالمية لا تحمل تراخيص - المدينة


قدر الله أن  أكون في بوابة الحرمين"مدينة جدة" وكوني صحفيا فكان تواجدي في هذا المكان الذي كان يعج بالعابرين،من قرّات العالم الخمس بعضهم رائح، والآخرغادٍ، لم أدرك هذا إلا عندما التقيت لأول مرة بالداعية الاستاذ"أحمد جلبط"في الندوة العالمية للشباب الإسلامي الوليدة في أحد مقار شارع جامعة الملك عبد العزيز،لم يكن في الحسبان أن يتحول هذا المقر إلى علم ضخم مطلا طريق مكة المكرمة وشارع الستين وفلسطين.
كنت أجلس مستمعا استماع التلميذ لمن يلقنه فنّ الدعوة، وحين يشير إلى أنْ أذهبْ إلى هذا الأخ الكريم فاعلم أني وجدت ضالتي ..لم أكن سمعت عن الشيخ عبد الرحمن السميط من قبل، ولا غيره من الدعاة، واذكر أنه مرت سنوات طوال لم أكن قد التقيت بأحد من الدعاة بهذا الاسم. 

سارت بنا الايام في عمل دائم، من مكان إلى مكان، لم نكن نعلم من هو هذا الرجل الذي أدركنا متأخرين أنّه من الرجال الذين "يُزنونه بأمّة" ويحشرون بإذن الله مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئكَ رفيقا .

 الرجل سمع بمؤتمر تنصيري وهو في أمريكا ـ يدرُسُ الطب ـ  في الأمراض الباطنة، والجهاز الهضمي. يستهدف أفريقيا جميعا، وأفريقيا أكثرها كانوا كان منهم مسلمون كثر ، فقرر الرجل أن يعمل في افريقيا، ويترك الطب حسبة لله..

العجيب أنه  ـ رضي الله عنه ـ منذ صغره كان يتمتع بهمّة عالية، وعرف الهدف الذي يرمي إليه، وكان جانب المشروع الذي يقدّمه  للفقراء كتنمية مستدامة، كان رجلا عمليا في رجولته.
كانت دعوته مدعمة بكلمات قلائل، يجلس مع غير المسلمين،ويتحدث معهم،وينظر إلى النبتة والتراب، يقول لاحدهم:هل أنت الذي صنعت النبت الأخضر من هذا التراب الأحمر؟ ، أم انت، فيقولون لا، فيسأل:من صنعه؟ فلا يتكلم أحد، يقول لهم: "أنا أعرف من صنعه، هذا النبات صنعها الله  وصنعك.

ويسْلمُ علي يديه الكثيرون،القبائل التي تعبد الحجر والشجر والحيوانات الفاتكة،كان الوثنيون يعبدون الأحجار والأشجاروالحيوانات التي لايملكون لها ردا..

تزايد المسلمين في أفريقيا

 يقول الرجل :ملايين من الناس تسلم على الأقل في المناطق التي نعمل فيها، أسلم 3.5 مليون شخص، الآن سنوياً يسلم حوالي مليون شخص في أفريقيا.

وأتوقع أن يزداد عدد المسلمين إذا لم يخرج شيء كبير جداً يؤثر على العمل هناك، لأن النِاس لدِيهم إقبال على فطرة الإسلام والتي ليست بعيدة عن فطرتهم.ِ

الإسلام دين سهل ودين لين وسمح، فكثير من الأحيان كانت تصرفاتنا تؤثر بهم، فيرون كيف أن كنيسة تفتح مدرسة، وتمنع المسلمين منها، نحن حين نفتح مدرسة نقول لكل إنسان اهلا وسهلا.

وبنى مراكز تدريب النساء  أنشأها،كما قال : لدينا أكثر من مائتي مركز، وكل مركز يعمل دورتين في السنة، لاتوجد امرأة نرفضها بسبب دينها أو لأنها غير محجبة.

ويتابع قائلا : لكن لا أذكر أنه تخرج منها أي واحدة ليست مسلمة، ولا تخرج منها ولا واحدة ما كانت محجبة. بسبب المعاملة فقط وباللين والحكمة والموعظة الحسنة استطعنا أن نكسب الناس.

رحلاته الدعوية

قضى ربع قرن في أفريقيا، كما مارس الدعوة في كلٍ مِنَ الأسكيمو والعراق، كانت سلسلة رحلاته في أدغال أفريقيا وأهوال التنقل في غاباتها المحفوفة بالمخاطر.

وذلك بتعريض نفسه للخطر لأجل أن يحمل السلام والغوث لأفريقيا، بيد فيها رغيف ويد فيها مصباح نور وكتاب.

وسلاحه المادي جسده المثخن بالضغط والسكري والجلطات، وأما سلاحه الإيماني الذي حسم معارك السميط في سبيل الله والمستضعفين ، فآيات استقرت في قلبه.

الرحلة إلى مدغشقر

يقول عبد الرحمن السميط : في مدغشقر ذهبت إلى قرية من القرى في غرب مدغشقر قبيلة سكلافا ، مليوني نسمة، عندهم مبنى مربع بنوه ويأتون مرة في السنة.

ويلبسون ملابس غير مخيطة وينزعون كل شيء على رأسهم، ويطوفون حوله بعكس عقارب الساعة ويبدأون بقدمهم اليمنى.

ولو تقدم بقدمه اليسرى، فهذا خطأ عليه دم يجب عليه أن يذبح، وبعد أن يطوفون يدعون وينحرون ويمشون. ويسمونه دعاني وبلغتهم تعني بيت الدعاء.

قمت ببحث في فترة من الفترات كنت مهتماً جداً بتاريخ العرب والمسلمين في مدغشقر،  فشغلت تسعة عشر باحثاً يساعدوني، وخاصة كي يقرأون لي اللغة المحلية الملاغاشية واللغة الفرنسية.

وعينت مترجمين وعدد من السكرتاريا والمندوبين، كلهم يعملون لعدة سنوات، وجمعت معلومات كبيرة جداً، فعرفت منها أن شخصاً يمنياً جاءهم، وبدأوا يدخلون الإسلام وأحبوه حباً كبيراً.

وبدأوا يذهبون للشمال إلى مكة للحج وتهب العواصف فيموتون، فقالوا لأنفسهم أن كل عام تهب علينا العواصف ونموت.

فبعض الأذكياء عندهم بعد موت العلماء وموت الفاهمين، قالوا لم نذهب لمكّة من أجل الكعبة؟ وما هي الكعبة هي مربعة، فقالوا: إذن نعمل هنا مربع ونطوف به، وما زالوا يحافظون على هذه العادات.

ما وقع لزوجته وبناته

يقول  الشيخ عبد الرحمن السميط :أذكر عندما أخذتُ زوجتي وأولادي، سمحوا لي ولأولادي ولم يسمحوا لزوجتي وبناتي، وقالوا يجب أن يرفعوا الذي على راسهم ووجههم يعني النقاب .

قلت لهم: هذا في مكة النساء لا يرفعوه، فقالوا: هل نسألكم ماذا تفعلون في مكتكم؟ اعملوا ما تشاؤون في كعبتكم، كعبتنا هذه قوانيننا.

فأذكر بالخطأ جاءت أم صهيب وبناتنا، فهجموا عليها وكادوا يفتكون بها. وأم صهيب تجري بلياقة الغزلان وتركب السيارة وهي تسير مثل قوات الصاعقة.

لأنهم كانوا فعلاً غاضبين أنها إهانة لهم أن تأتي هي وبناتها ومغطين رأسهن، فهذا حرام عندهم. ولا زال وضعهم كما هو ونحن نزورهم ونهديهم بعض الهدايا.

ونأمل من الله سبحانه وتعالى في يوم من الأيام إن شاء الله أن يهديهم، نحن لا نحرص فقط على الإنسان الذي يسلم حالاً.

نحن نعمل على عشرين وثلاثين سنة نخطط والحمد لله صار لنا خمس وعشرين سنة في افريقيا وقبائل كثيرة أسلمت.

هناك قبائل بدأنا فيها قبل أربعة عشر سنة، الآن أوقفنا العمل الدعوي لأننا وصلنا إلى الحد الذي نعتبره الحد الحاسم الذي هو خمسون في المائة من القبيلة يسلمون والقيادات تسلم وبذلك الباقون سيسلمون بدوننا، فننتقل من برنامج أسلمة القبيلة إلى برنامج أسلمة قبيلة ثانية.

عمله في ملاوي

 يقول السميط :في ملاوي كمثال، بلد لم يكن فيه أي خريج مسلم عندما بدأنا عام 1980، بفضل الله سبحانه وتعالى في سنة واحدة، ثلاثين من أيتامنا وأولادنا يتخرجون أطباء.

12 مهندسا، 6 محاسبين، وستة من حملة الدكتوراة، عدد من السفراء وكبار المسؤولين كانوا من أيتامنا، ونحن لا نطلب منهم شيئاً، كل ما نطلبه أن يخلصوا لبلدهم ودينهم.

وأن يعاملوا الناس معاملة طيبة، ويتذكرون أن أناساً أحسنوا لهم بدون أن يروهم، فهم سيحسنون للآخرين ويحاولون أن يدعموا إخوانهم وأبناءهم أن يتعلموا تعليماً عالياً.

بداياته منذ الثانوية

بدأ رحلته بالعطف على الفقراء عندما كان طالباً في المرحلة الثانوية في الكويت، وكان يرى العمال الفقراء ينتظرون في الحر الشديد حتى تأتي المواصلات.

فما كان منه إلا أنه جمع هو وأصدقاؤه المال واشترى سيارة قديمة، وكان كل يوم يقل هؤلاء العمال مجاناً رحمة بهم.

كما أنه في الجامعة كان يخصص الجزء الأكبر من مصروفه لشراء الكتيبات الإسلامية، ليقوم بتوزيعها على المساجد وحتى عندما حصل على منحة دراسية قدرها 42 ديناراً.

كان لا يأكل إلا وجبة واحدة وكان يستكثر على نفسه أن ينام على سرير، رغم أن ثمنه لا يتجاوز دينارين، معتبراً ذلك نوعاً من الرفاهية وأثناء دراسته العليا في الغرب.

كان يجمع من كل طالب مسلم دولاراً شهرياً ثم يقوم بطباعة الكتيبات، ويقوم بتوصيلها إلى جنوب شرق آسيا وأفريقيا.

عمله في السنغال

 نحن نعمل في السنغال في الجنوب وهي قبائل وثنية أغلبها، ومسيحية وقلة من المسلمين.جاءنا الحاكم هناك وهو بدرجة وزير، وقال: أنا أعرف أنكم مسلمون وأعرف أنكم تخدمون الإسلام، لكن هناك ستة قرى.

هذه القرى كلهم وثنيون أو مسيحيين ويحتاجون إلى آبار مياه. هل تقدرون حفر آبار المياه؟قلنا له: لماذا اهتمامك  فيها، فقال: اهتمامي فيها أني أخشى أن المتمردين بدأوا يتصلون بهم، وإن ثاروا سيسببون مشاكل، فأنا أريد أن استبق هذه المشاكل بتقديم خدمة.

قلنا له: نحن ديننا يحرم سفك الدماء، وهؤلاء إذا التحقوا بالمتمردين، ربما يسفكون دماء إخواننا من الجنود المسلمين أو المواطنين المسلمين في جنوب السنغال.

فحفرنا ستة آبار عندهم، فوجئنا بأن اثنين من القرى خلال أسبوع واحد أسلموا عن بكرة أبيهم، وقرية من القرى أسلم جزء كبير منهم والقرى الثلاث أسلمت فيما بعد.

سألناهم: لم أسلمتم؟ قالوا: نحن مسيحيون من عقود كثيرة، ما اهتمت كنيسة بنا ولا خدمتنا، أنتم ليس بيننا وبينكم علاقة.وكان المفروض أن تحاربونا لأنكم من دين آخر، بدلاً من ذلك تأتون وتخدمونا وتحفرون لنا الآبار، هذا دليل أن دينكم دين عظيم، الذي يأمركم بهذا العمل.

لأننا نعلم أنكم لم تأتوا هنا إلا لأن دينكم أمركم أن تأتوا، وتخدموا هذا الدين. فقلنا إعجاباً بهذا الدين تحولنا إلى الإسلام.

سبب اهتمامه بأفريقيا

كان من أسباب اهتمام السميط بأفريقيا، دراسة ميدانية للجنة أكدت أن ملايين المسلمين في القارة السوداء لا يعرفون عن الإسلام إلا خرافات وأساطير لا أساس لها من الصحة.

وبالتالي فغالبيتهم وخاصة أطفالهم في المدارس عرضة للتنصير، وقد نتج عن ذلك أن عشرات الآلاف في تنزانيا وملاوي ومدغشقر.

وجنوب السودان وكينيا والنيجر وغيرها من الدول الأفريقية اعتنقوا المسيحية بينما بقي أباؤهم وأمهاتهم على الإسلام.

حكايته مع قبيلة الأنتيمور

 أذكر هناك قبائل كثيرة أصلها عربي ومسلم، كلما صارت مشاكل سياسية وأمنية يهاجرون إلى أفريقيا، وهكذا تأسست مقديشو ومومباسا وكثير من المدن على الساحل الشرقي في أفريقيا.

بل إني وجدت قبيلة من القبائل تفتخر بأن أصلها من مدينة اسمها جدة، وكل الذي يعرفونه عن جدة أنها في الشمال.

هؤلاء مليون نسمة إسمهم الأنتيمور، وقرب جدة، قالوا هناك مدينة ثانية اسمها مكة، وفيها رجل طيب ويحبونه اسمه محمد يحب جدهم وراحوا هناك ويبدو أنهم كانوا مسلمين.

ولكن مات العلماء وفقدوا الهوية وتحولوا إلى الوثنية وبدأوا يقدسون الأحجار والأشجار وغيرها.

الأن بدأنا نعمل بينهم، وأول ثلاث سنوات رفضوا أن يستجيبوا وعدد الذين استجابوا من ثلاث سنوات ونصف يكاد يكون لا شيء، خاصة أن الكنيسة كان لها دور كبير في إثارة الشارع والحكومة ضدنا.

حكايته مع القساوسة

ثم غيرنا طريقتنا حيث بدأنا نتصل بالقساوسة نقدم لهم الهدايا والدعوات ونبارك لهم بالأعياد ، وكانوا أربع قساوسة، كلفنا القسيس الواحد ثمانين دولاراً بالسنة مقابل هدايا وغيرها.

والحمد لله تحول ذلك  إلى دفاع عنا، وبدأوا يدافعون عنا في كل مجلس، حتى أن قسيساً منهم وهو كاثوليكي، رآني في أحد الأيام وقال لي:

هل أنت دكتور عبد الرحمن؟ قلت له نعم، قال: نحن ندعو لكم أن الله يوفقكم، وكل يوم أحد أصلي في الكنيسة وأدعو لكم، وأن الله لا يوفق هؤلاء الكفار.

قلت له: أي كفار؟ قال: البروتستانت. قلت له: لماذا؟ فقال لي: لأنكم أنتم تحترمون مريم العذراء وسمعت أن عندكم سورة في قرآنكم إسمها سورة مريم.

قلت له: ليس هذا فقط، لدينا سورة آل عمران، ونحن نحترم مريم أكثر من الفاتيكان. قال: كيف؟ قلت له: جرب واذهب إلى السعودية مثلاً، واطعن في مريم، ما الذي ستفعلونه لو أني فعلت ذلك في الفاتيكان؟

قال: نثور عليك، وربما نخرجك إلى الخارج. قلت له: في السعودية لا، يقطعون رأسك، لأن هذا إنكار لما عرف بالدين بالضرورة، وأن تطعن بأم سيدنا عيسى ليست جريمة بسيطة عندنا كمسلمين.

فضحك الرجل، وقال: لهذا أنا أدعو لكم. فاستطعنا أن نكسب هؤلاء. عندهم قرية اسمها مكة، وقرية اسمها الحجاز. أسماء فقط لكن لا يعرفون شيئاً عن الإسلام.

لديهم بقايا ويكتبون بالحرف العربي، لديهم شيء من القرآن المحرف طبعاً، ولا يوجد آية مضبوطة، كلها فيها أغلاط، بسبب الجهل.

العيون على أفريقيا

وبسببه سلطت الأضواء على ما تعانيه أفريقيا من فقر، فهبت الشعوب المسلمة في مساعدتها، فأصبح اسمه مربوطاً بهذه القارة،.

بعد أن نقل عمله من عمل فردي إلى عمل مؤسسي قائم تمثل في جمعية مسلمي أفريقيا التابعة للجنة النجاة الخيرية، ثم استقل بجمعية متخصصة لها صفتها الرسمية الخيرية أطلق عليها إسم جمعية "العون المباشر".

قصة الطفل اليتيم

 كنت أتمنى لو أريكم صورة ليتيم جاءني في عام 1992 عمره سنتين في المجاعة، فقمت وزنته ووجدت وزنه 44% مما يجب أن يكون عليه وزنه، ولم يكن هناك أمل أن يعيشن بل يموت.

قلت لهم بصفتي كطبيب: اتركوه يموت، وأحضروا بدلاً منه، وكان هناك عشرات الألوف بالطوابير وبدأنا نعمل، وبعد ساعتين أو ثلاث ساعات تعبت فأحببت أن أتمشى.

ووجدت أمه تبكي وهو نائم على بطنه ووجهه كله تراب، فتأثرت وتعاطفت مع الأم، وغلبتني العاطفة على النواحي الطبية.

فقلت لهم أدخلوه مع المجموعة، ولأن إذا أعطيناه من أموال الناس أعتبرها خيانة أمانة، لأن الناس عندما يعطوني المال المفروض أن أستخدمه في أفضل الحالات.

فقلت: هذا علي أنا أدفع المال عليه، الوجبة في اليوم تكلفنا 16 هللة سعودية هي عبارة ماء ودقيق ودهن وسكر وأحياناً حليب أو فول الصويا مطحون، لم يكن يأكل غيره.

نصنع له مثل حساء في كوب ويشرب هذه الكوب وما يأكل غيرها، وتجد هذا الهيكل العظمي بعد أسبوعبن إلى ثلاثة رجع طبيعياً ويناغي ويضحك ويمشي.

فنسيت الموضوع وسافرت وبعد عشر سنوات، يرسل لي مكتبنا صورة شاب يتيم اسمه صديق كنن عمره 12 سنة متفوق في دراسته، حافظ 10 أجزاء من القرآن وأخلاقه عالية بسبب 17 هللة أنقذته من الموت جوعاً.

فهذا كل ما أريده من الأخوان، لا شك لا أخدعهم وأقول: أنا لا أريد تبرعات، بل أقول لا تتم دعوة بدون تبرعات، ولكن نعمة الله سبحانه وتعالى علينا كبيرة جداً وتستحق الشكر.

تذكروا هذا الطفل صديق وأمثاله ملايين الذين لا يحصلون على لقمة بـ 17 هللة أو 15 فلس كويتي أو 17 فلس إماراتي.

خمس سنتات أمريكية أنقذته ونقلته من خانة الموتى إلى خانة الأحياء وكيف تقدم الآن في الدراسة ووفقه الله، رأينا أمثال هؤلاء ملايين.

إمكانات متواضعة وعمل خلاق

لم يعتذرالسميط بالإمكانيات المتواضعة في بداية عمله الخيري بل غامر موقناً بأن العمل سيجلب له الإمكانيات التي تعينهم ضارباً مثلاً في حب الدعوة ونشرها من خلال العمل الخيري.

حتى ولو كانت الشعوب المستهدفة شعوباً لا تفهم لغتها ولا تفهم عاداتها وتقاليدها. أذكر قبائل ماساي هذه قبائل متوحشة وتشرب الدم، تعيش على شرب الدم وعلى سرقة الأبقار، وهم يعتقدون أن كل الأبقار في الدنيا الله سبحانه وتعالى أعطاهم إياها.

فإن كان لديك بقرة في البيت، فهي لهم وأنت سرقتها، وواجبهم بأن يأتوا ويسرقوا البقرة، لذلك يدربون الطفل عندهم من الصغر على كيفية سرقة الأبقار.

ونحن فوجئنا في الحقيقة في أول سنة عملنا عندهم أضاحي اشترينا ثيران وتركناها عندنا، ولكن من حسن حظنا أننا جعلنا عليها حارساً من عندهم.

فالحارس يعرف عاداتهم، فجاؤوا ليلاً ليسرقوا الأبقار فأنبهم ضميرهم كيف يبيعون الأبقار، لكن الحارس كان موجوداً الحمد لله.

أيتامهم كانوا جميعهم وثنيون، وأدخلناهم عندنا وربيناهم، وفي سنة واحدة استطاعوا إدخال ثلاثين قرية إلى الإسلام من قبائل ماساي.

كانت للسميط رؤية تتلخص في أن مواجهة الجماعات والكوارث في أفريقيا ليست مهمة الدول والصناديق الدولية فقط، بل هي أيضاً مهمة الأفراد الذين يساهمون بالقليل جداً من المال.

حكايته مع القسيس الفرنسي

 نحن نحاول ألا ندخل في مشاكل مع أي إنسان ونحاول أن نكسب الناس بدلاً من أن نعاديهم، وسأضرب لك مثالاً:أحد القساوسة استطعنا أن نقنعه أن يبني مسجداً، وقسيس آخر عنده قرية كبيرة جداً صرف عليها من أموال عائلته، وهو فرنسي، من أموال عائلته صرف 10 مليون دولار.

فما بالك بالحكومة الفرنسية والمنظمات الأخرى، جمع الملايين وعمل في قرية كبيرة كلها مسلمين، ويقول لي بفخر: أنه لم  يتنصر خلال 51 سنة من عمله وسط المسلمين، واحد على يده.

فذهب له وأهديته هدية وكلمته بلغة احترام والرجل تأثر جداً وأهداني هدية وقال لي: أنا الآن أموت وحفرت لنفسي قبراً ووضعت رخامة،لكني خائف أن الكنيسة تستولي على القرية وتجبر المسلمين على التنصر، وأنا لا أريد هذا، فأريد أن أهديكم القرية وأسجلها باسمكم.

أنا الحقيقة اعتذرت له، لأن كلفة تسجيل القرية مبلغ كبير ولا نملك متبرعين، فقالت له: أنا آسف، لكني جئت أشكرك وأعبر لك عن شكر العرب بصورة عامة وعن شكر أهلي في الكويت.

الرجل بعد اللقاء قام ووزع القرية على الناس، وسجلها رسمياً بأسمائهم،وقال لهم: سأرسل عشرة من القرية إلى فرنسا.

كان المسكين يظن أنهم سيجمعون له تبرعات، فهذا كان هدفه من إرسالهم إلى فرنسا، فهم ببساطة القرويين قالوا له ماذا نفعل في فرنسا؟ أرسلنا إلى مكة لنحج فيها.

فيبدو أنه تأثر بالزيارة، وتأثر بموقفنا معه، فأرسل عشرة إلى الحج، ونحن عادة لا نصطدم بالناس، سواء كانوا مسلمين منحرفين، أو كانوا نصارى أو حتى وثنيين.ونحاول أن نكسبهم عن طريق الهدايا والكلمة الطيبة والزيارات، ونجحنا في مرات عديدة.

السفر في سبيل الدعوة

كان السميط يركب السيارة لمدة عشرين ساعة وأكثر ليصل إلى الأماكن النائية، وأحياناً يكون سيراً على الأقدام في الوحل،قطع السميط على نفسه العهد أن يمضي بقية عمره في الدعوة إلى الإسلام هناك، كان كثيراً ما يتنقل براً، وقد  سافر بالقطار في أكثر من أربعين ساعة بفتات الخبز.

ويقوم بالزيارت التي يقطع فيها الساعات بين طرق وعرة وغابات مظلمة مخيفة، وأنهار موحشة في قوارب صغيرة، ومستنقعات منتنة.

كان هم الدعوة شغله الشاغل، حتى في اللقمة التي يأكلها، فإذا وصل إلى قرية واجتمع أهلها قال لهم السميط: ربي الله الواحد الأحد، الذي خلقني ورزقني وهو الذي يميتني ويحييني. أنتم أصلكم عرب مسلمون، وجاء أجدادكم من هناك إلى هنا قبل مئات السنين، ومع الزمن ومع الاستعمار قضي على الإسلام.

الحرب في الصومال

عندما اندلعت الحرب في الصومال، كان السميط في طلائع من هبوا لنجدة الصوماليين، ولا سيما فئة الشباب التي كانت معرضة لخطر الجهل والضياع.

تعلم الصوماليون القراءة والكتابة في مدارس جمعية العون المباشر، وحصل كثير من الطلبة على مؤهلات علمية عالية على نفقة السميط وجمعيته.

ليس هذا فحسب، بل يمكن القول دون مبالغة أن السميط هو مهندس النظام التعليمي المعمول به حالياً في البلاد، ومنشئ الكوادر التي وضعت الحجر الأساس للمؤسسات التعليمية الأهلية المنتشرة في الصومال.

كان السميط من أوائل من طالب بإعادة إحياء دورة الكوادر المحلية وتشجيعهم على المشاركة في تنمية المجتمع الصومالي من خلال تربية وتعليم الجيل الناشئ.

عبد الرحمن السميط : أغلب القبائل التي نستهدفهم، طبقات فقيرة فندرسهم في مدارس عندنا، راقية جداً ونرسلهم إلى الجامعة وندفع لهم حتى تكاليف معيشتهم في الجماعة ورسوم الدراسة.

وبدأ يتخرج منهم الآن أولاد وبنات بفضل اله سبحانه وتعالى، لذلك يحبوننا كثيراً.

التعليم يقضي على العنف في الصومال

في أوائل التسعينيات، بدأ السميط في الصومال حملة التعليم يقضي على العنف، تم من خلالها ترميم وإعادة فتح كبيرات المدارس في العاصمة مقديشو.

وجعل التعليم فيها مجاناً، لما عاد أبناء منطقة الضاحية الجنوبية لمقديشو إلى بيوتهم بعد عام تقريباً من النزوح، نتيجة الحرب التي أعقبت سقوط نظام سياد بري.

لم يكن يعرف كثيراً منهم من أين يبدأ، ومتى يعود إلى صفوف الدراسة، فقد أغلقت المدارس أبوابها، وطال التدمير والنهب جميع المؤسسات التعليمية في البلاد.

ولم يبق أمام هؤلاء سوى حمل السلاح والانخراط في صفوف المليشيات، وأما من حالفهم الحظ فلزموا بيوتهم، إلا أنهم كانوا على يقين بأنهم على شفا جرف هارٍ مالم تتغير الأوضاع في البلاد سريعاً.

قصته مع قرية في تشاد

يهمنا في دول افريقيا ألا يكون فيها قتال، يهمنا جداً، والأولوية لدينا المناطق التي نخشى أن تدور فيها المشاكل، نحاول تنميتها.

لأن أغلب القتال الذي يحدث بسبب أن المنطقة ليس مهتم بها وليس فيها مشاريع.

فذهبنا إلى قرية وبدأنا نوزع في رمضان طعاماً، فطبعاً بصفته سلطان وصله الخبر وقال لماذا هؤلاء يوزعون طعاماً؟

قالوا له: لأن أخوانهم مسلمين، فقال: هؤلاء الذين أرسلوا الطعام، هل رأوهم؟ قالوا:لا، لم يروهم. هؤلاء يعيشون في مكة وفي بلاد العرب.

فالرجل تأثر جداً من هذا المواقف، وبعدها بشهرين وزعنا أضاحي، وكانت نفس الأسئلة ونفس الأجوبة.

فقام الرجل وأمر بأن وسط المدينة التي هو فيها أن تفرغ بيوتها وتهدم، وأعطانا ثمانية آلاف متر مربع لنبني مسجداً.

حسب كلامه قال كنيسة لكم، لم  يعرف ما هو المسجد، قلنا له لا يمكننا أن نبني مسجداً لأن العدد قليل من المسلمين.

فقدر الله أن مثل ما عندنا متطرفين ويتصرفون تصرفات هوجاء عند الطرف الآخر أيضاً.

ردة فعل الشباب المسيحيين سبب إسلام إنسان

جاء بعض شباب الكنيسة ورفعوا مضخات المياه في الآبار التي حفروها، وأرادوا للناس أن يموتوا من العطش.

وذلك بسبب أنه أعطانا الأرض. فالرجل غضب غضباً شديداً وجمع الناس من أموالهم واشتروا مضخات وركبوها وبدأ ينشر الإسلام وأصر أن يسلم هو.

وأصر أن يسلم على يد من بنى المسجد، والذي بنى المسجد إمرأه عجوز عمرها ثمانين سنة في الكويت، فقلنا له هذا غير ممكن.

بعد يومين جاء إلى الكويت، الرجل أفريقي ومصر على رأيه، فتحدثنا مع أهلها ولم يكونوا مستعدين يستقبلون عملاقاً أفريقياً يخيفهم.

فاتصلنا بأمير الكويت الشيخ جابر جزاه الله خيراً فوافق أن يستقبله، وحادثه كلاماً طيباً، وأسلم الرجل وفي ليلة إسلامه أذكر أنه رفض أن ينام حتى يحفظ الفاتحة.

وهو رجل أعجمي لا يعرف الكلام العربي، فجلس مع أحد شبابنا إلى صلاة الفجر، يحفظ الفاتحة. وفعلاً حفظها. ثم أصر أن يحفظ سورة الصمد.

وفعلاً غادر أخونا بعد صلاة الفجر لأنه كان متعباً، سمى نفسه عبد العزيز وذهب إلى جدة واستقبلوه في السعودية استقبالاً جداً طيب واتصلنا ببعض الأخوة الأفاضل.

من الدول والشباب الإسلامي وبعض الأخوة المسؤولين ورحبوا به وتأثر تأثراً كبيراً بهذا الاستقبال، وترك أثراً في نفسه وهذا مصداقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: الدين المعاملة. وقام بالحج.

العودة إلى تشاد

عندما عاد إلى تشاد جمعنا 52 سيارة استعرناها من أناس نعرفهم وأرسلناها زفة إلى بلدته، ولمدة أسبوع كامل الدعوة تشتغل طوال اليوم.

والحمد لله الناس بدأوا يأتون من أماكن بعيدة من مائتين أو ثلاثمائة كيلومتر، لأنه شخص قوي ليهنؤونه بمناسبة عودته.

ثم أعطيناه عدة ألبومات وصور حتى يعرضها على أهله وترتفع مكانته، فأسلم على يده ستين ألف شخص. ومن بينهم ثمانية سلاطين قبائل.

وكلما أسلم سلطان نرسل له داعية خصيصاً له. لا يعلمه أمام الناس حتى لا يضحك الناس عليه وهو سلطانهم.

أي شخص يسلم نرسله للحج، فيرجعون متأثرين جداً ويبدأون في نشر الإسلام، أقل واحد أسلم على يده مائتي شخص.

هارون عبدول

واحد منهم هارون عبدول رحمه الله ذهبت إليه وكان لديهم مجاعة، ولم يكن لدي إمكانية كبيرة، قلت له أعطيك عشرين كيساً من الذرة وأناقشه كيف وأين أعطيه وهكذا وهو لديه عشرين ألف منكوب.

وأثناء النقاش رأينا غباراً من بعيد متجهاً نحونا فتوقفنا، واكتشفنا وجود عدة شاحنات كبيرة جداً لا أذكر عددها بها آلاف أكياس الذرة.

فقام السلطان وذهب إلى القسيس وكلمه وظل يؤشر له ونحن لا نفهم ما القصة. ومن ثم عاد ومشت الشاحنات.

فقلت له: عفواً لا اريد أن أتطفل عليك، من حقك أن لا تجيبني، رأيتك تشير بيدك والشاحنات وقفت ثم مشت. فقال: هذه الشاحنات جاءت لأوزعها على قبيلتي.

قلت له: لم لم تأخذها فأهلك سيموتون من الجوع؟ قال: لا يا شيخ هؤلاء يريدوني عبداً يشتروني بهذه الذرة، أنت لا تريدني عبداً أنت تعطيني المساعدة وما تفرض علي شيء.

لا أحد فرض علي الإسلام، هم لم يأتواإلي من بين كل الناس إلا لأني أنا مسلم، فيريدون أن يخرجوني من دين الإسلام.

والله  قلتها له وأقولها لك، أنا أموت جوعاناً مسلماً أفضل من أن أحيا بخيير وأنا غير مسلم.

وجوده في كينيا

كانت كينيا بالنسبة للسميط مستقراً لفترات طويلة خلال العام، حيث كان يشغل منصب المستشار الصحي لسفارة دولة الكويت في نيروبي.

وكان لديه سكن دائم بمقر السفارة بالعاصمة الكينية، وكان يتردد على فرع الجمعية بها بأربع زيارات سنوياً لا تقل الواحدة منها عن شهر.

الهجرة إلى مدغشقر

هاجر الدكتور عبد الرحمن السميط إلى مدغشقر هو وزوجته أم صهيب بشكل نهائي للتفرغ دعوة قبائل الأنتيمور. ومتابعة أنشطة جمعية العون المباشر في أفريقيا.

منذ سنوات قاد حب الاستطلاع السميط لزيارة قرية نائية إسمها مكة، ثم بدأ بحثاً علمياً موسعاً عن قبيلة الأنتيمور ذات الأصول العربية وهي نموذج من العرب والمسلمين الضائعين في أفريقيا.

مثلهم قبيلة الغبرا في شمالي كينيا وقبيلة البورانا في جنوب إثيوبيا وبعض قبيلة السكلافا في غرب مدغشقر وقبيلة الفارمبا في جنوب زيمبابوي.

توجب على السميط إنقاذهم من الضلال والشرك وأغلبهم ذوو أصول إسلامية، وشعوراً بعظم المسؤولية، قرر السميط أن يقضي أغلب وقته ونذر ما تبقى من حياته لصالح قبيلة الأنتيمور رغم أن الطريق ليس سهلاً.

قبيلة الأنتيمور

عبد الرحمن السميط : القبيلة خلال الثمانمائة سنة الماضية أو الألف ومائتين سنة الماضية، فقدت هويتها، فما عادت عربية ، ولا يعرفون اللغة العربية وما عادوا مسلمين.

البقية الباقية من المسلمين قضت عليهم فرنسا في الحرب الأهلية التي حدثت هنا في عام 1947، قتلت عدداً من المسلمين وعذبتهم ومن بقي من المسلمين غيروا أسمائهم إلى أسماء ملاغاشية.

الجهل عندهم وصل إلى مستوى كبير،والغالبية العظمى من القبيلة هم وثنيون، والمسيحيون هم المتعلمين والذين دخلوا المدارس، والمدارس كلها تتبع الكنيسة فتحولوا إلى المسيحية.

المسلمون لا أظن أنهم يزيدون عن 2% في القبيلة.

حالة السميط الصحية

أصيب السميط بثلاث جلطات، جلطة في القلب مرتين، وجلطة بالمخ، إضافة إلى أنه مصاب بداء السكري، ويعاني منه منذ فترة طويلة.

ويستخدم إبر الأنسولين خمس مرات في اليوم، ولديه أدوية لابد من وضعها في الثلاجة، وأصيب بالملاريا مرتين، عندما كان في الكويت، ومصاب بجلطة في القلب عندما كان في الصومال.

وأجريت له عملية في الرياض وكسرت فخذه واضلاعه والجمجمة أثناء قيامه بأعمال إغاثة ومساعدة المحتاجين في العراق.

فضلاً عن الآلام التي يعاني منها في قدمه وظهره، وتناوله لأكثر من عشرة أنواع من الأدوية يومياً، ومع ذلك لم تثنه هذه المعوقات عن السفر والترحال.

وأحاطت به كل هذه الأمراض حتى جعلته بعضها يهرب بعيداً عن الضيوف في حفلات الإفتتاح لبعض مشاريعه، ليحقن نفسه بإبر الأنسولين في الخفاء. ويتناول حبوب الضغط والكوليسترول ثم يعود مسرعاً إلى ضيوفه.

مفهوم السعادة الحقيقية

يقول: كنت أستطيع أن أشتغل بالمستشفى وأفتتح عيادة، ولي تلاميذي، فقد كنت من أوائل الأطباء الكويتيين المتخرجين.

تلاميذي كلهم الآن لديهم عمارات وملايين، الله يبارك لهم، ولكن والله يا إخوان أعطف عليهم، لأنهم يظنون أن السعادة في الجيب.

السعادة أعتقد أنها في قلبك، ابحث عن السعادة الحقيقية، ابحث عن حسابك ليس في بنك الراجحي، أم الجزيرة، أم الهولندي.

ابحث عن حسابك في بنك الله سبحانه وتعالى، إن كان الراجحي يعطيك 6% في السنة بنك الله يعطيك 700% .

المشكلة أننا نحن كمسلمين لا نثق بالله، بالصلاة نقول الله أكبر، لكن أول ما نخطو خارجين من المسجد، نقول الريال أكبر،والقرش أكبر.

الله سبحانه وتعالى وعدنا بجنة فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر.

ونقرأها ونقول ما شاء الله، لا إله إلا الله، وربما نفسرها، لكن في أعماق قلبي، أقول لا والله أصدق الريال، هو الذي يغير حياة الإنسان.


وفاة الداعية الكويتي عبدالرحمن السميط | صحيفة الاقتصادية
الوظائف والمسؤوليات  
الشيخ السميط طبيب ممارس في مستشفى مونتريال العام بكندا 74-1978، ثم طبيبا متخصصا في مستشفى كلية الملوك بلندن 79-1980. واشتغل بعد ذلك طبيبا متخصصا في أمراض الجهاز الهضمي بمستشفى الصباح في الكويت خلال 1980-1983.
وتولى العديد من المناصب والمسؤوليات في مؤسسات العمل الخيري، منها توليه الأمانة العامة لـ"جمعية مسلمي أفريقيا" عام 1981، وظل على رأس الجمعية بعد أن تغير اسمها عام في 1999 إلى "جمعية العون المباشر".
وكان السميط عضوا مؤسساً في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، والمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، وعضوا في جمعية النجاة الخيرية الكويتية، وجمعية الهلال الأحمر الكويتي، ورئيس تحرير مجلة الكوثر المتخصصة في الشأن الأفريقي.
حوار صحفي مع المدير العام لجمعية العون المباشر – جمعية العون المباشر
كما كان عضوا في مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية بالسودان، ومجلس أمناء جامعة العلوم والتكنولوجيا في اليمن، وتولى رئاسة مجلس إدارة كلية التربية في زنجبار، ورئاسة مجلس إدارة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في كينياا، ورئاسة مركز دراسات العمل الخيري.
لماذا أفريقيا؟
تعلق عبد الرحمن السميط بأفريقيا وأهلها، ويعود سبب ذلك إلى دراسة ميدانية قرأها الرجل تؤكد أن ملايين المسلمين هناك لا يعرفون عن الإسلام إلا خرافات وأساطير، وأن أغلبيتهم عرضة للتنصير.
وقد نتج عن ذلك أن عشرات الآلاف في تنزانيا وملاوي ومدغشقر وجنوب السودان وكينيا والنيجر وغيرها من الدول الأفريقية صاروا ينتسبون إلى النصرانية، بينما آباؤهم وأمهاتهم من المسلمين.
الدكتور عبدالرحمن حمود السميط – جمعية العون المباشر
كما يستشهد بما ذكره دافيد بارت خبير الإحصاء في العمل التنصيري بالولايات المتحدة من أن "عدد المنصرين العاملين في هيئات ولجان تنصيرية يزيدون على 51 مليون منصر، ويبلغ عدد الطوائف النصرانية في العالم 35 ألف طائفة، ويملك العاملون في هذا المجال 365 ألف جهاز كمبيوتر لمتابعة الأعمال التي تقدمها الهيئات التنصيرية ولجانها العاملة".
وأضاف "يملكون أسطولاً جوياً لا يقل عن 360 طائرة تحمل المعونات والمواد التي يوزعونها والكتب التي تطير إلى مختلف أرجاء المعمورة بمعدل طائرة كل أربع دقائق على مدار الساعة، ويبلغ عدد الإذاعات والتلفزات التي يملكونها وتبث برامجها يومياً أكثر من 4050 إذاعة وتليفزيون، وحجم الأموال التي تجمع سنويا لأغراض الكنيسة تزيد على 300 مليار دولار، وحظ أفريقيا من النشاط التنصيري هو الأوفر".
أكثر العقبات التي كانت تواجه مسيرة عبد الرحمن السميط ليس الفقر والأدغال الموحشة وإنما هجمة التنصير التي تنفق الكنائس في العالم الكثير لإنجاحها هناك، وفي ذلك يقول "ما زال التنصير هو سيد الموقف".
قناعات
يرى السميط أن "زكاة أموال أثرياء العرب تكفي لسد حاجة 250 مليون مسلم، ولو أخرج هؤلاء الأغنياء الزكاة عن أموالهم لبلغت 56.875 مليار دولار، ولو افترضنا أن عدد فقراء المسلمين في العالم كله يبلغ 250 مليون فقير لكان نصيب كل فقير منهم 227 دولاراً، وهو مبلغ كاف لبدء الفقير في عمل منتج يمكن أن يعيش على دخله".
لم يفرق السميط -في عمله الخيري طوال عقود- بين مسلم وغير مسلم في القارة الأفريقية، فلم يطعم المسلم ويحرم غيره بل جعلهم سواء لأنهم مشتركون في حق الإنسانية.
أصبحت "جمعية العون المباشر" التي أسسها السميط أكبر منظمة عالمية في أفريقيا كلها، يدرس في منشآتها التعليمية أكثر من نصف مليون طالب، وتمتلك أكثر من أربع جامعات، وعدداً كبيراً من الإذاعات والمطبوعات، وقامت بحفر وتأسيس أكثر من 8600 بئر، وإعداد وتدريب أكثر من 4000 داعية ومعلم.
وفي حديث لصحيفة كويتية؛ قال السميط "نادراً ما نقدم المال للفقراء، ولكن نقدم "مشروعات تنموية صغيرة" مثل فتح بقالات أو تقديم مكائن خياطة أو إقامة مزارع سمكية، فهذه تدر دخلاً للناس وتنتشلهم من الفقر، وغالباً تترك أبلغ الأثر في نفوسهم فيهتدون إلى الإسلام".
 قال "لست نادماً على المضي قدماً في هذا الطريق لأنني اخترته بقناعه تامة ورضا بقضاء رب العالمين، ولكنني أشفق على إخواني الذين اختاروا زينة الحياة الدنيا التي صرفت أبصارهم عن اللذة الحقيقية التي تحف بها المشاق والمكاره".
أثمرت هذه القناعات التي ترجمت إلى جهد ومشاريع عملية في تلك القارة -التي لم تعرف الغرب إلا مستعمرا أو منصرا- الكثير على أرض الواقع، ويكفي أن عبد الرحمن السميط كان سببا في إسلام أكثر من عشرة ملايين فرد هناك.   
الكتب والمؤلفات
من واقع خبرته العملية كتب السميط عدة كتب ضمنها عصارة خبرته ومشاهداته الميدانية، منها: "لبيك أفريقيا" و"رحلة خير في أفريقيا.. رسالة إلى ولدي"، و"قبائل الأنتيمور في مدغشقر"، و"ملامح من التنصير.. دراسة علمية"، و"إدارة الأزمات للعاملين في المنظمات الإسلامية".
كما ألف كتاب "السلامة والإخلاء في مناطق النزاعات"، و" قبائل البوران"، و"قبائل الدينكا"، و"دليل إدارة مراكز الإغاثة"، بالإضافة إلى العديد من البحوث وأوراق العمل ومئات المقالات التي نشرت في صحف متنوعة.
الجوائز والأوسمة
نال السميط عددا من الأوسمة والجوائز والدروع والشهادات التقديرية، مكافأة له على جهوده الخيرية، ومن أرفع هذه الجوائز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام التي تبرع بمكافأتها (750 ألف ريال سعودي) لتكون نواة للوقف التعليمي لأبناء أفريقيا، ومن عائد هذا الوقف تلقت أعداد كبيرة من أبناء القارة تعليمها في جامعات مختلفة.
نال "وسام فارس" العمل الخيري من إمارة الشارقة عام 2010، وجائزة العمل الخيري من مؤسسة قطر/دار الإنماء عام 2010. وجائزة العمل الخيرى والإنساني من محمد بن راشد آل مكتوم حاكم إمارة دبي، وشهادة تقديرية من مجلس المنظمات التطوعية في مصر، وجائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والإنسانية دبي عام 2006.
كما نال وسام رئيس جمهورية بنين، وجائزة الشارقة للعمل التطوعي والإنساني عام 2009، وجائزة الشيخ راشد النعيمي حاكم إمارة عجمان عام 2001، ووسام النيلين من الدرجة الأولى من جمهورية السودان عام 1999، ووسام مجلس التعاون الخليجي لخدمة الحركة الكشفية عام 1999، ووسام رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي عن العمل الخيري عام 1986. ومنحته جامعة أم درمان بالسودان الدكتوراه الفخرية عام 2003.
الوفاة  
تعرض السميط لعدة محاولات اغتيال في أفريقيا من قبل المليشيات المسلحة بسبب حضوره في أوساط الفقراء والمحتاجين، بالإضافة إلى معاناته جراء العيش في المناطق الفقيرة وتحمله لسعات البعوض والأمراض والأوبئة في بقاع متنوعة من أفريقيا.
وبعد مسير طويلة من العطاء ومعاناة طويلة مع المرض توفي عبد الرحمن السميط يوم 15 أغسطس/آب 2013.

...............................................

من قصص الداعيه عبدالرحمن السميط رحمه الله كنت أقف ذات يوم فسمعت بكاء سيدة إفريقية ونحيبها وتوسلاتها لأحد الأطباء القائمين على مساعدة الأطفال الصغار وعلاجهم في بعثتنا في إفريقيا" وللحق تأثرت لشدة إصرارها وتمسكها بتحقيق مطلبها، فتحدثتُ مع الطبيب،فقال لي: إن ابنها الرضيع في حكم الميت، ولن يعي، وهي تريدني أن أضمه إلى الأطفال الذين سنرعاهم.

والمال الذي سننفقه على طفلها لا فائدة له، إنه طفل لن يعيش إلا أياماً معدودات، والمال أولى به غيره، قال السميط : نظرت إليّ الأم والطبيب يحكي لي بنظرات توسل واستعطاف، فقلت للمترجم : اسألها كم تحتاج من المال كل يوم؟ فأخبرته بالمبلغ، ووجدته قليلاً يساوي ثمن مشروب غازي في بلدي!

فقلت:لا مشكلة سأدفعه من مالي الخاص، وطمنتها فأخذت تريد تقبيل يدي، فمنعتها
وقلت لها: خذي هذه نفقة عام كامل لابنك، وعندما تنفد النقود، أشرتُ إلى أحد مساعديَّ سيعطيك ما تحتاجينه، ووقعت لها صكاً لتصرف به المبلغ المتفق عليه.

تمر  والسنوات، وللحق أنا اعتبرته فعلاً طفلاً ميتاً، وما فعلته كان فقط لكي أهدئ الأم المسكينة و"أجبر خاطرها"، لاسيما أنها حديثة عهد بالإسلام،ثم نسيت الموضوع برمته.

وبعد أكثر من "12 عاماً" كنت في المركز وحضر لي أحد الموظفين، وقال لي :
هناك سيدة إفريقية تصر على لقائك وأتت عدة مرات، فقلت له: أحضرها، فدخلت سيدة لا أعرفها،ومعها طفل جميل الوجه هادئ، وقالت لي: هذا ابني عبدالرحمن أتم حفظ القرآن، والكثير من أحاديث الرسول-صلى الله عليه وسلم- ويتمنى أن يصبح داعية للإسلام معكم، تعجبت وقلت لها :ولماذا تصرين على هذا الطلب مني؟

ولم أكن أفهم شيئاً ونظرت إلى الطفل الهادئ فوجدته يتحدث اللغة العربية بهدوء،وقال لي : لولا الإسلام ورحمته ما كنت أنا أعيش وأقف بين يديك، فقد حكت لي أمي قصتك معها وإنفاقك علىّ طوال مدة طفولتي!

وأريد أن أكون تحت رعايتك، وأنا أجيد اللغة الإفريقية وأعرفها تماماً، وأحب أن أعمل معكم كداعية للإسلام، ولا أحتاج سوى الطعام فقط، وأحب أن أسمعك تلاوتي للقرآن!

 وأخذ يتلو آيات من سورة البقرة بصوت شجي وعيناه الجميلتان تنظران لي متوسلة أن أوافق،وهنا تذكرت وقلت لها :هل هذا هو ذلك الطفل الذي رفضوا ضمه إلى الرعاية؟

فقالت : نعم " نعم"وعقَّب هو : لذلك أصرت أمي أن تقدمني إليك، بل ولقبتني باسمك عبدالرحمن، يقول د. السميط : قدماي لم تحملاني، خررت على الأرض وأنا شبه مشلول لهول الفرحة والمفاجأة وسجدت لله شكراً.

وأنا أبكي وأقول : ثمن مشروب غازي يحيي نفساً ويرزقنا بداعية نحتاجه؟! هذا الطفل أصبح من أكثر دعاة إفريقيا بين قبائلها شهرة وقبولاً لدى الناس،كم من صدقة قليلة حوَّلت حياة ناس كثيرين وجعلتهم سعداء, وكم من أموال ننفقها بلا طائل " وكم نحن مسرفون بلا هدف؟! "

 سبحان الله الذي يحيي العظام وهي رميم، مبلغ زهيد من المال يساوي ثمن مشروب غازي أنقذ به حياة طفل رضيع(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ)، (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )



      

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان