جدة القديمة وشارع قابل
جدة القديمة لها أريج، ورائحة، خاصة وذكريات،منذ وطئت أرضها وانا أشتم هذا الأريج الذي يتابعني كظلي، رائحة البخور الخاص بها، والتي تعرف به "العود الكمبودي" الذي يتابعك كظلك، وكأنه يقول للزئرين :أنا هنا، أتبعك أينما حللت أو ارتحلت.
حين نزلت لأول مرة وحدي شعرت بأني من تراب هذا المكان،ربما كان خاطري يلح علىّ حيث أجدادي الذين يلقبون"بالأنصاري"كانوا هنا،وجدي المنّسب هناك في مصر ـ رحمه ـ الله .
والتقيت مع شخصية "أنصارية" إبان تواجدي في "جريدة المدينة" الأخ الكريم "محمد علاو" الفلسطيني الذي استطاع عبر مصر أن يدلف إلى(جدة بوابة الحرمين) التي أحببتها لأول مرة،وكان معي الزاكي عبدون السوداني،الرجل السوداني الذي تعرفت عليه عملنا خمسة سنوات.
وكانت أول رحلة إصطحبني صديق إلى"البيت الحرام" لأداء العمرة"الفريضة"بعد أسبوع فقط أخي"ماهر حواس" "شعرت أنّي عدت إلى هذا المكان بعد غياب،ربما من أجل طهر المكان، وطي الزمان.
من الاشياء التي كنت أحرص أن أسمعها وتعلق ذاكرتي بها أن إحدى"جدّاتتي" ـ رحمها الله ـ كانت متشوفة للحج وماتت ودفنت هنا،ويقال أنها دفنت في"بقيع الغرقد"في المدينة المنورة،وفي رأيٍ آخر أنها دفنت في مقابر"المعلاة"في مكة المكرمة وأنا لا أصدق أو أكذب، لأني أكتب إنطباعاتي وما رأيت .
كنت أنتهي من عملي وأفرغ لجولاتي،لأتعرف على الناس،وكيف يعيشون، والأماكن التي يرتادونها، وخاصة أن كثيراً من العاملين الأجانب كانوا يحبون التجوال في الأسواق والتعرف على العادات والتقاليد المرعية.
كنت أقوم بدور السائح، وأول ما انتبهت أن البائعين كانوا عند الأذان يضعون غطاء على بضاعتهم فقط ولا يغلقون المتاجرولا يخافون من لصوص أو عبث الأطفال، وكنت أسارع معهم بالصلاة .
ومن أوائل التزامي بالتقاليد"الثوب السعودي"، كنت في صلاة الجمعة أصلي بالثوب الخليجي، دون تغطية الرأس..والثوب الخليجي له أكثر ممن شكل، ومما اذكر أن ثوب العيسى ، وثوب الدفة ، وكان الثوب الخليجي مميزا، ويختلف عن الثوب الإماراتي..
الثوب الإماراتي
أدركت التغيير السريع الذي في السعودية خلال حقبة الملك فهد،وخاصة في الحجاب لم يكن إيجابيا، اليمنيون يعيشون لجانب السعوديين، ويعملون بأريحية ..
كان المعلمون يبذلون الجهد من أجل إيجاد 5% من الإيجابية ولا يلاقونها، كنت أقترب من طلاب المدارس العادية، فلا أجد رغبة في التعليم الجاد إلا قليلا، كانت المدارس الخاصة للأسف.
وأتجهدت إلى تعليم أبناء الذين يريدون أن يكون أبناؤهم لهم مستقبلٌ في التعليم العالي ليس لتخريج موظفين، سعدت بشباب بذلوا الجهد ودخلوا سلك الجامعات، وخاصة جامعة الملك عبد العزيز.
وتم افتتاح مدارس خاصة للبنات على استحياء، وكانت البنات يذهبن بالسيارات الخاصة بهن إلى المدارس، بينما الأولاد يركبون الباص..وكان في هذا العهد بدء التقليد الغربي،وجانب الحرية إيجابي، ولكن الانفلات كان الكثيرون يفهمونه فهما خاطئا، وخاصة حول العلاقة بين الشاب والشابة،وسقط الكثير منهم في الغواية، بل علاقات سيئة،وخاصة التواجد مع الخادمات بعيدا عن اعين الرقباء.
عموم السعوديين كانوا من المحافظين، ويستقدمون المعلمين المحترمين من أجل مستقبل أبنائهم بنات، وبنين ،السوريون واللبنانيون والحضارمة خاصة التجار كانوا يحرصون على تعليم أبنائهم،واستقدام معلمين للعناية بأبنائهم، وأيضاً بعض الحضارمة الذين حصلواعلى"التابعية"وهي أرقى من الإقامات التي كنا نأخذها، وكان هناك شخصيات حضرمية وسورية ولبنانية يقدمون خدمات عالية للدولة السعودية،فيمنحون الجنسية،وزرت بعضهم في مساكن مميزة يعيشون فيها .
التقيت بالراحلة "حصة عبد الرحمن العون" بعدما عرّفني عليها الصحفي المصري"أحمد حسن"، كانت تريد شخصية لعمل كتاب لها،وعرّفني عليها كسيدة أعمال!
وفي الحقيقة كانت أطروحاتها جيدة وعقليتها متزنة،وظننت أن لها أعمالاً في البزنس(business) وأنها تحتاج متحدثا لبقاً، ومتكلما فبدأت معها، ولكن خاب ظني، حيث كانت تريد أن تجعلني مجرد شخصية للوجاهة تعرّفني على الشخصيات المرموقة وأحصل منه على (business card)
كانت تحاول أن تستقطب رجال أعمال،على أساس أنها سيدة أعمال،لإيجاد شراكة ما، بعدما تكون فكرت في عمل ما جيد ونقوم بكتابته وطبعه، وتعرضه على رجال الأعمال مناصفة ولكن فشلت مع رجال الأعمال،وربما تكوت أخذت منهم مالا ما نظير فكرتها .
وللأسف رجال الأعمال عرفوها، وأنها تريد الشراكة(بالفكرة التي تطرحها عليه) وللأسف لم تنجح وكنت أساعدها،على أساس أنّي صحفيٌ ،رحمها الله ،وأظن أنها لم تحقق ما تصبوا إليه .
مواقف عجيبة
في جدة أماكن كثيرة، وبحرها يشبه الإسكندرية لذا أحببتها وقلما يمر يوم دون أن أقترب من البحر، والشاعر حمزة شحاتة قال عن جدة :
النُّهى بين شـَـاطئيك غـَـــريقُ ** والهَوى فيك حــالمٌ ما يفيقُ
ورؤى الــحبِّ في رحابك شتَّى ** يستفز الأسير منها الطليقُ
ومغانيك في النفوس الصاديا ت ** إلى ريِّــها الــمنيع رحــيقُ
دعاني صديق على مأدبة،وانتظرته فوق الكوبري حتى يراني،وللأسف طال الانتظاروإذا بشرطي يلقي القبض على، ويصطحبني إلى المخفر، حقيقة تعاملوا معي بـأدب ولم يكن معي جوال، وحين غبت ذهب الصديق إلى المخفر وسأل عني، فوجدني، والإقامة هي التي عرفت الكفيل بي.
كوبري بريمان
كنت مكلفا أن أقوم بعمل من بلدية شرق جدة بعمل مبسط عن البلدية ، وهو بروشور Brochure للإحتفال بفعاليات البلدية، ولم أجد صورا ملائمة، فقررت أن أقوم بالتصوير بنفسي، من أجل أن يكون العمل مشرفاً، ولم أدرك أن حدثا كبيرا لم أعرفه جعل جدة والسعودية جميعا تتكهرب وتقوم على قدم وساق، (أن القنصلية الامريكية في جدة تعرضت لاستهداف الأمريكيين في 1991 من قبل إرهابيين.
لم أكن عرفت هذا الحدث، وقمت بتصويرأفضل المعالم في مدينة جدة، ولم أكن أعرف أن المعالم ممنوع تصويرها من الأمن، ورُصدتُ من قبل الاستخبارات،وعندما اقتربت من بيتي فوجئت بسيارة شرطة نزل منها إثنان من رجال الأمن وألقوا القبض علىّ وتم وضع القيود في يدي، أخذوني بعد تقييدي إلى اقرب مخفر في شرق جدة..ودخلت المخفر، وأخِذوا مني الإقامة، ومن حسن الحظ أني كان لي معارف كثر.
حقق معي ضابط سعودي محترم، وكان معي مستند بالمهمة، وكلمته بالوضع الخاص بي، فقال لي أعطني الكاميرا، ففتحت الكاميرا، قال لي:أعطني الفيلم،أعطيته الفيلم، فعرض الفيلم للضوء وأتلفه، وجاء يقول لي:انت قمت بالتصوير، والفيلم احترق، وليس عليك قضية..
قال لي مطمئنا سوف تذهب إلى أمن الدولة بالإسكان، وإن شاء الله تخرج الليلة والله معك، حقيقة دخل الخوف في قلبي، لأن أمن الدولة تعني مشكلة كبيرة كنت ساعتها في شركة إعلامية صغيرة للدراسات والاستشارات، يديرها الدكتور حبيب الله التركستاني 2005 م..
قام شرطي الترحيل بتغمية عيني،وأنا في سيارة الشرطة،وأدخلوني لمبنى أمن الدولة، ودخلت، سألني ضابط أمن الدولة بهدوء: انت كنت تقوم بالتصويرفي الأماكن العامة ؟ قلت نعم
لصالح من ؟ لبلدية شرق جدة .
هل كان معك إذن بالتصوير؟
للأسف لم أطلب منهم ذلك للاستعجال لأنّ لديهم مناسبة ولم يكن هناك شخصيات كبيرة.
سألني عزام ..عزام كان أيضا يصور، قلت له الوضع يختلف، أنا أصورمن أجل الإعمار، وعزام يصور من أجل الهدم والدمار.
هل أنت خائف؟
قلت له لست خائفا ..الأعمار بيد الله، أنا أمام حضرتك لا أملك لنفسي شيئا حتى النيجاتف للأسف ضاع مني..قال لي: أمك عايشة ؟
قلت له نعم ، وأنا عايش بوجودها ..
قال لي: ألظاهر إنها تدعيلك ..قلت :الحمد لله ..
تعرف شخصيات عامة :
نعم :مثل مين ؟
: سموالأمير نايف ابن سعود بن عبد العزيز آل سعود
ومن :الأستاذ أسامة أحمد السباعي
ومن :الشيخ أحمد صلاح جمجوم
ومن : الأستاذة حصة العون
ومن : الأستاذ أسامة خليفة
ومن : أحبابنا من الأدارسة كفاية .. إن شاء الله ستمشي آمنا، ولكن أنت جئت في وقت بالغ الخطورة،وواجبنا التحري، قلت له أنا حريص على السعودية، وأنا رجل مصري عشت هنا فترة طويلة قلت له عندي طلب عند حضرتك ؟عايز أشوف حضرتك
قال ليش: من أجل إن التقيت بك سلمت عليك لأنك رجل محترم ..
قام شرطي برفع الغطاء عن وجهي وسلم على الضابط وسلمت على الضابط ..
وذهب الجندي بي إلى المخفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتاريخ ..بدأت منذ عام 1991.. قصة استهداف الأمريكيين في السعودية
وأحبطت القوات الأمنية السعودية محاولة تفجير القنصلية بحزام ناسف، بعد أن ترجل الانتحاري من سيارة بموقف سيارات تابع لمستشفى سعودي يقع بالقرب من مبني القنصلية، وعندما شك الأمن فيه فجر نفسه بالحزام.
قد يحمل توقيت الانفجار، الذي وقع قبيل صلاة الفجر، رسالة، حيث يوافق اليوم ذكرى إعلان الاستقلال في الولايات المتحدة في الرابع من يوليو.
تاريخ من الاستهداف
استهداف السفارة والقنصليات الأمريكية السعودية أمر ليس جديدا، فمنذ أن وطأ الجنود الأمريكيون ودبلوماسيو أمريكا أرض المملكة منذ مطلع التسعينات وللهجمات عليهم لم تتوقف.
ففي 3 فبراير من العام 1991 تعرضت حافلة كانت تقل أمريكيين في مدينة جدة لهجوم تسبب في إصابة 3 منهم.
وبعد مرور نحو الشهر وتحديدا في 28 مارس/ىذار 1991 أطلق شخص في مدينة الجبيل النار على جنود المارينز، ليصيب ثلاثة منهم.
في نوفمبر 1995، عرفت المملكة مصطلح تفجيرات ضد الأجانب، حيث هز العاصمة الرياض تفجير استهدف مكاتب البعثة العسكرية الأمريكية وأسفر عن مقتل 5 أمريكيين وهنديَين وجرح 60 آخرين.
انفجار مكاتب البعثة العسكرية الأمريكية في الرياض، الذي أسفر عن مقتل 5أمريكيين وهنديَين وجرح 60 آخرين.
وبعد عام، وتحديدا في 25 يونيو 1996 حدث انفجار وصف بأنها ثاني أكبر عمل إرهاب ضد الولايات المتحدة في تلك الفترة، فانفجار مدينة الخبر شرق السعودية، الذي استهدف الأجانب المقيمين قتل 19 أمريكيا وجرح 109 منهم.
وفي عام 2001، انفجر طرد ملغوم في وجه طبيب أمريكي بمدينة الخبر، ما أصابه بجروح في الوجه واليدين والركبة، وفي نفس العام قتل شخصان أحدهما أمريكي وأصيب 6 بجروح في الانفجار الذي وقع في شارع تجاري مزدحم بمدينة الخبر.
في أبريل من العام 2003، أعلنت الولايات المتحدة أنها بصدد سحب كل قواتها العسكرية من السعودية، منهية بذلك وجودا عسكريا يعود لعام 1991، وهو نفس العام الذي تعرض فيه مواطنون أمريكيون لثلاثة حوادث إرهابية.
أول هذه الحوادث كان خلال تفجيرات الرياض في 12 مايو 2003، عندما هاجم 9 مسلحين وانتحاريين بأربع سيارات مفخخة 3 مجمعات سكنية للأجانب في وقت متزامن، وكان من ضمن الضحايا 9 أمريكيين.
وفي نفس العام، توفي أمريكي أصيب بجروح خطيرة بالرصاص في قاعدة بحرية متأثرا بجروحه والذي كان يعمل في قاعدة الملك عبد العزيز في الجبيل.
الحادثة الثالثة كانت انفجارا كبيرا حدث في 8 نوفمبر 2003، حيث قام أفراد من جماعة تنظيم القاعدة بمهاجمة مجمع المحيا السكني الذي يقطنه الآلاف من الجاليات الأمريكية والأوروبية، وقتل 18 منهم.
وانتقل الهجوم في 2004 للمقار الدبلوماسية ففي 6 ديسمبر 2004 كان هناك محاولة اقتحام فاشلة لمبنى القنصلية الأمريكية في جدة، انتهت بمقتل 3 مسلحين، وإلقاء القبض على 2 آخرين، وسقوط عدد من القتلى.
وفي 12 مايو 2006، تعرضت القنصلية الأمريكية بجدة إلى إطلاق نار من مسلح.
في مارس 2015، أغلقت السفارة الأمريكية في الرياض والقنصليتان الأمريكيتان في جدة والظهران شرق السعودية، عدة أيام لأسباب أمنية لم تعرف.
تعليقات