اللواء عمر سليمان ذئب الاستخبارات قصة رجل كان له سطوة وقتل على الأرجح ، أو أغتيل على الارجح!

 


مدير مكتب عمر سليمان يكشف أسرارا جديدة :
مبارك طلب إلقاء بيان التنحى بنفسه وسليمان رفض "‬أيها المواطنون.. ‬فى هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد، ‬قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، ‬وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، ‬والله الموفق والمستعان"وبعدها صار مبارك رئيسا سابقا، ‬واختفى عمر سليمان تماماً ‬عن المشهد السياسي، ‬وظل حتى وفاته يذهب أحياناً ‬إلى مقر عمله السابق بالمخابرات ويجلس بعض الوقت فى مكتب قديم له، ‬حيث صار للمخابرات العامة رئيس جديد.

30 عاما من حكم الرئيس السابق مبارك أنهتها ثوانى معدودة القى خلالها اللواء الراحل عمر سليمان خطاب التنحى فى مشهد أكثر مالفت أنظار المصريون خلاله هو اللواء حسين كمال الذى اشتهر بـ"الراجل اللى ورا عمر سليمان"، ولم يكن اللقب من فراغ ، خاصة وان كمال رافق اللواء سليمان سنوات طويلة عمل خلالها مديرا لمكتبه أثناء رئاسته للمخابرات العامة ، أو فى الأيام القليلة التى تولى خلالها منصب نائب الرئيس .


وفى ذكرى التنحى حاورت الأهرام اللواء حسين كمال، والذى كشف عن أسرار جديدة عن ما حدث خلال ذلك اليوم ، ومفاوضات الإخوان مع سليمان لإخلاء الميادين، وكيف حاولت الجماعة التفاوض مع سليمان لإقناعه بالترشح للرئاسة .

لم يكن الرئيس مبارك فى القصر فقد غادر مبكرا إلى شرم الشيخ من مقر إقامته وليس القصر،ويومها شاهدت من شرفة مكتبى المطلة على شريط الترام تجمعات المتظاهرين قبل صلاة الجمعة، وطلبت من اللواء عمر سليمان أن نغادر القصر،حرصا على عدم حدوث أى صدام أو أعمال فوضى أو اقتحام للقصر مما يؤدى إلى سقوط الدولة ،والحرس الجمهورى يومها كانت لديه تعليمات واضحة وصريحة بعدم إطلاق النار نهائيا على المتظاهرين.


وغادرنا قصر الاتحادية واتجهنا إلى قيادة الحرس الجمهورى، وشارك اللواء سليمان فى اجتماع ، أعقبه اتصال بين نائب الرئيس والمشير حسين طنطاوى – وزير الدفاع- والذى طلب من سليمان التوجه إلى وزارة الدفاع .


عندما وصلنا إلى الوزارة التقى سليمان بطنطاوى والفريق أحمد شفيق والفريق سامى عنان – رئيس الأركان- ، ودار حوار بينهم حول كيفية التصرف مع الغضب الشعبى الجارف، وتهدئة الأوضاع حفاظا على الدولة والشعب من تطور الأمور بشكل يصعب السيطرة عليه، ليتفقوا فى النهاية على تنفيذ اقتراح الفريق شفيق بضرورة أن يتنازل الرئيس مبارك عن السلطة.


وتم تكليف اللواء عمر سليمان بإبلاغ الرئيس مبارك بالقرار، وأجرى اتصال هاتفى بالرئيس وابلغه أن هناك حالة غضب شعبى جارف فى الميادين، والأوضاع ملتهبة ، وسأله مبارك "أنت شايف إيه يا عمر" ، فابلغه سليمان إنهم اتفقوا على عدم وجود بديل غير تنحيه عن السلطة.


وطلب مبارك بعد تفكير لم يستمر لثوان أن يرسلوا له الأستوديو ليقوم بتسجيل خطاب إلى الشعب يعلن فيه تنحيه السلطة، إلا أن سليمان رد أن الوقت لن يسعفنا حتى يتم إرسال فريق لتسجيل خطاب فى شرم الشيخ ، ويعود لإذاعة الخطاب ، وان الأوضاع لا تحتمل الانتظار وطلب منه متابعة الموقف ومشاهدة التظاهرات على شاشات التليفزيون .


وقال مبارك "أنا أعمل أى حاجة عشان مصر"، افعلوا ما تريدون واكتبوا صيغة الخطاب وأبلغونى بها فى التليفون، وهو ما حدث بالفعل ، حيث طلب مبارك من سليمان أن يقوم بتغيير كلمة واحدة فى الخطاب المقتضب وهى التنحي، وطلب أن تكتب "تخلي" .


غرفة العمليات المركزية كانت تتابع الأوضاع وحالة الغضب فى الشارع ، والمشير حسين طنطاوى خرج فى جولة بالسيارة لمتابعة الأوضاع فى الميادين بعد تسجيل الخطاب وقبل إذاعته، ووجد صعوبة فى الوصول إلى وسط القاهرة إلا أن التظاهرات لم تمكنه من ذلك واكتفى بالتجول فى شوارع مصر الجديدة ، وعاد لتتم إذاعة البيان .

عقب إذاعة البيان غادرنا إلى مقر الإقامة، وحضر اللواء سليمان اجتماع فى المساء لمناقشة الأوضاع ، وفى اليوم التالى كان من المفترض عقد اجتماع بين نائب الرئيس والمشير وشفيق وعنان، إلا انه تم إبلاغنا هاتفى ونحن فى الاتحادية بتأجيله إلى مساء نفس اليوم،وأبلغ خلاله اللواء سليمان أن المجلس العسكرى هو من سيتولى إدارة شئون البلاد، وكان هناك اقتراحا بتشكيل مجلس رئاسى ، إلا انه تم إلغائه ، لينسحب اللواء عمر سليمان من المشهد تماما، ولم يطلب منه شيء رسمى .


ما يثار عن خلافات أخذ أكبر من حقه إعلاميا، فالعلاقة بينهم كانت طيبة أثناء خدمتهما فى القوات المسلحة، وخدموا فى كتائب متجاورة فى الجيش فى فرقة واحدة، والمشير تسلم قيادة الفرقة من اللواء سليمان ، واذكر ان قبل 25 يناير زار المشير طنطاوى مقر المخابرات العامة 5 أو 6 مرات، وكان بينهم تنسيق دائم، إلا انه بحكم مناصبهم القريبة من الرئيس شعر البعض انه من الطبيعى وجود حالة من التنافس بينهم ، خاصة أن قبل يناير كانت الأقاويل تتردد أن كلا منهما كان قريبا من منصب النائب.


بشكل قريب جدا، لم يعرض عليه اقتراح إلا ووافق عليه سواء من المشير طنطاوى أو اللواء سليمان ، وهم من اقترحوا عليه تعيين الدكتور حسام بدراوى أمينا عاما للجنة السياسات، ونزول القوات المسلحة لمساعدة الشرطة ، وإقالة وزير الداخلية ، حتى التفويض وتخليه عن السلطة كان اقتراح منهم ومن الفريق شفيق ، واجتماع نائب الرئيس مع الشباب والقوى السياسية أو الاجتماع مع قيادات الإخوان المسلمين .


اللواء سليمان اجتمع مع محمد مرسى و سعد الكتاتنى وعلى ما أتذكر كان معهم عصام العريان، لإيجاد مخرج للأزمة،وطالبوا وقتها بإنشاء حزب والاعتراف بالجماعة، ولم يشترطوا رحيل مبارك وأكدوا إنهم لا يمانعوا حتى فى تولى جمال مبارك رئاسة الجمهورية .


 واتفقوا على آن يقوم سليمان بعرض الأمر على الرئيس مبارك، وانخفضت أعداد المتظاهرين نسبيا فى ميدان التحرير،إلا أنهم خونة لمصر وليس للنظام، وكانوا على اتصالات مباشرة مع أمريكا، وخططوا لخطف الثورة من الشباب بوعود زائفة ، وزادت تطلعاتهم ، لينفذوا موقعة الجمل لتنفيذ أغراضهم .


لا يوجد دليل أو يقين على أن جمال مبارك هو من قام بالتخطيط لاغتيال اللواء سليمان، والمنطقة التى شهدت الحادث كان إطلاق النيران فيها مستمر قبل وبعد مرور ركاب اللواء سليمان، ولا اعتقد أن القصد كان اغتيال نائب الرئيس، إلا أن المناخ العام كان يريد اتهام جمال مبارك ، ومشاهد التوريث دعمت افتراض تورطه .


كان تقديرى ان محمد مرسى لم يستمر بعد 30 يونيو، وكنت اشعر أن استمراره فى الحكم كان يعنى تدمير كافة مؤسسات الدولة، وحاولت فعل شيء يساهم فى كشف الحقائق أمام الناس أن 30 يونيو هو التوقيت الحاسم لإنقاذ مصر! وقررت عقد المؤتمر دون إفشاء لأى أسرار تؤذى الأمن القومى للدولة رغم التهديدات الكثيرة التى لاحقتني، ومعظم الفنادق التى اتفقت معها على حجز احدى قاعاتها كانت توافق فى البداية ، ثم تلغى الاتفاق بعد دقائق ، وحجزت قاعة بنقابة الصحفيين إلا أن الدكتور ضياء رشوان – نقيب الصحفيين- أكد لى انه يجب الحصول على موافقة مجلس النقابة ، وساعدنى على عقد المؤتمر فى مركز إعداد القادة .

وخلال المؤتمر لم أحاول التطرق إلى أمور منظورة أمام القضاء، وكان هناك بعض الأشخاص الموجودين فى القاعة حاولوا التشويش وإفساد المؤتمر.

حسن البرنس هومن التقى باللواء سليمان فى المسجد بمجلس معه ، ونقل له انه مكلف من مكتب الإرشاد لإبلاغه بان الجماعة ترشحه للرئاسة، بشرط ان يترك لهم اختيار نائب الرئيس وفريقه الرئاسى بما فيه مدير مكتبه وأمهلوه ثلاثة أشهر للتفكير حتى نهاية شهر سبتمبر .


قال لى ضاحكا ، كانوا عايزنى ديكور يا حسين، وأنا مينفعش أكون ديكور، أو خائن، وراوغهم لفترة طويلة وتجاهل اتصالات البرنس ولم يعطيهم الرد، حتى يئسوا .

لم يكن لدى اللواء سليمان هذه النية، ولم يكن ينتوى الترشيح ومن معرفتى القريبة من سليمان لم يكن يسعى للسلطة وحبه لمصر كان تجريدي، وخلال احدى رحلاته العلاجية الأخيرة قال لى نفسى قبل الموت أن أرى البسمة على وجوه المصريين، وقبل ترشحه كان يريد الاكتفاء بحياته الخاصة، إلا ان من يخدم فى القوات المسلحة لمدة طويلة يعتبر ان عدم استجابته لنداء الشعب خيانة، والتظاهرات التى نادت بترشحه فى العباسية كلفنى أن أطالب المتظاهرين بتجميع 30 ألف توكيل خلال اليومين الباقيين فقط على إغلاق باب الترشح، وكنا نشعر ان ذلك مستحيل، حتى فوجئنا ان أمامنا أكثر من 48 ألف توكيل ، وعملنا بلا نوم لفرزها .


ويوم تسليم التوكيلات بذل الإخوان أقصى جهودهما لمنع سيارة التوكيلات من الوصول إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات وبالضبط اعترضتنا 50 سيارة عطلة فى الطريق لدرجة أن السائق مشى على الرصيف حتى نتمكن من الوصول،ووصلنا قبل إغلاق الباب بخمس دقائق فقط ، حيث كان اللواء سليمان سبقنا إلى اللجنة، وتردد وقتها ان اللواء سليمان تقدم بدون توكيلات واضطر رئيس اللجنة العليا لإخراج الصناديق أمام المراسلين وسرق صندوق من محافظة السويس لكنه لم يكن مؤثر.


وقامت اللجنة بإلغاء عدد من التوكيلات الغير قانونية ليتبقى فى محافظة أسيوط 969 توكيل، وعندما عرفت بالأزمة طلبت من أعضاء الحملة استكمال توكيلات أسيوط حيث وصلنا فى نفس اللحظة 400 توكيل من أسيوط وحدها.


اللجنة اعتذرت عن قبول التوكيلات لأسباب مختلفة، وفهمنا إنهم من الممكن ان يقبلوا التوكيلات فى فترة تقديم التظلمات، وهو ما فعلناه وتسلموه بإيصال استلام رسمي، والتقيت المستشار فاروق سلطان وشرحت له الأمر، ولكن فى المساء عرفنا بقرار الاستبعاد.


كل من يعمل فى المخابرات العامة يمتلك كنز معلومات، لكنه لديه الإدراك الكافى بما يسمح له البوح به أو كتمانه ،حرصا على الأمن القومى ، وما قصده معلوماته الشخصية وليس المخابراتية التى تعد ملك الدولة وجهاز لمخابرات ، ومعظم تلك المعلومات يتم تداولها الآن فى اتهامات يواجهها الإخوان أمام القضاء، وللعلم لقد تلقى تهديدات كثيرة بالقتل و بشكل مباشر حتى يتراجع عن قرار الترشيح .


شعر بالحزن لكنه رد إلى نفسه سريعا وقال انه فعل ما عليه ، و الهدف كان أن تنجو مصر من مأزقها وحتى لا نذهب لانهيار اقتصادى وسياسى وامنى كما عانينا،وأتذكر ما قاله فى عزاء زوجة الفريق شفيق عسى ان تكرهوا شيئا يحمل خيرا كثيرا.


كنت بجانبه فى أبو ظبى عندما أصيب بمياه فى الرئة،وتم نقله إلى المستشفى العسكرى هناك، ووقتها أجرى محمد مرسى اتصال هاتفى ناعم بسليمان، اطمئن فيه على صحته وطلب منه العودة إلى مصر، وكنا نعلم انه يريد إعادته إلى مصر من أجل إدخاله إلى السجن، لأنهم كانوا يشعروا بان بقائه بالخارج مصدر قلق دائم عليهم فى الحكم.


أجاب مبتسما، ربنا قادر على كل شيء ويحى العظام وهى رميم ، يبدو ان البعض فهم متأخرا كما قلت أن اللواء سليمان هو من كانت لديه القدرة على إدارة الأزمة التى نعيشها،وأصبح لديهم شكوك انه من الممكن ان يعود مرة أخرى ، واوك ان ما يقال عن وفاة سليمان فى سوريا أمر غير صحيح بالمرة .

عملت فى رئاسة الجمهورية خلال عهد مرسي،كيف تعامل معك فريقه الرئاسى ؟

عينت بقرار جمهورى فى فبراير 2011 مديرا لمكتب نائب رئيس الجمهورية ،واستمررت فى منصبى حتى تولى الرئيس محمد مرسى الرئاسة ، وحصلت على إجازة بدون راتب ، قطعتها بعد أيام بعد نصيحة من اللواء عمر سليمان، وعندما عدت إلى عملى تم إبعادى مع كل من عملوا مع الرئيس مبارك وأبنائه إلى مبنى قريب من قصر الاتحادية ، وهو نفسه المبنى الذى أدى فيه المشير عبد الفتاح السيسى القسم ليتولى وزارة للدفاع ، بينما كان يجلس المشير طنطاوى فى قصر الاتحادية ، وظللت لأشهر بلا عمل وكان يجلس معى 3 من الإخوان فى المكتب ولم يكونوا معينين فى رئاسة الجمهورية رسميا.

 والتقيت بالدكتور ياسر على وأكدت له أننى أحصل على راتبى بلا عمل، ورفضت عرضه بالعودة إلى جهاز المخابرات،وتهرب منى بعدها لأيام طويلة ، وفوجئت بخطاب من الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء بنقل المجموعة كاملة إلى مجلس الوزراء ، لأتقدم بعدها بطلبين للحصول على إجازة بدون راتب،وأخر لا حالتى إلى المعاش مبكر، ورفعت قضية تنظر حتى الان فى مجلس الدولة ، وفوجئت بأنه لا يوجد أصل لقرار نقلى إلى مجلس الوزراء .

عمر سليمان كان من أبرز رجال مبارك ومساعديه لسنوات طويلة (وكالات)

زهير حمداني

جدد  اللواء المتقاعد من المخابرات الحربية المصرية محمود زاهر الجدل حول ملابسات مقتل المدير السابق للمخابرات عمر سليمان، مشيرا إلى أنه قتل في تفجير الخلية الأمنية في دمشق عام 2012  حينما كان يحضر اجتماعا أمنيا "دوليا" على مستوى عال، وهي رواية تجد مبرراتها في الظروف الملتبسة لوفاة سليمان.

زاهر، الذي قال إنه خدم مع اللواء سليمان عندما كان رئيس أركان اللواء 116 وفي أماكن أخرى،  أكد أن الراحل "استشهد" ومعه مجموعة ضخمة من مسؤولي مخابرات العديد من الدول، وحدثت خيانة داخل المركز حصل خلالها التفجير.

وكان تفجير الخلية الأمنية -الذي تبنته المعارضة السورية المسلحة- قد حصل داخل مبنى الأمن القومي في دمشق في 18 يوليو/تموز 2012، وقتل فيها وزير الدفاع داود راجحة ونائبه العماد آصف شوكت ومدير مكتب الأمن القومي هشام بختيار ورئيس خلية الأزمة العماد حسن تركماني، بينما نجا وزير الداخلية اللواء محمد الشعار.

وزير الدفاع الأسبق داود راجحة (يسار) ونائبه آصف شوكت قتلا في تفجير مبنى الأمن القومي في دمشق (الفرنسية)

اجتماع مصيري
ويؤكد  زاهر أن الكثيرين نصحوه بعدم  التطرق لهذه الواقعة، ولكنه أصر على الحديث، لافتا إلى أن اللواء سليمان -الذي أصبح رئيسا لجهاز المخابرات عام 1991- كان في ذلك الاجتماع لوضع خطط للمنطقة لو تمت ما شهدت ما تشهده الآن"، حسب  تعبيره

ويدور الحديث منذ عام 2012 عن تصفية سليمان، وتفيد الرواية الرسمية بوفاته في 19 يوليو/تموز 2012 -بعد يوم من تفجير دمشق- في مستشفى كليفلاند بالولايات المتحدة أثناء خضوعه لعملية جراحية بالقلب، بعد معاناته من اضطرابات في الصمام وتدهور صحته المفاجئ.

وكانت مصادر مختلفة غير رسمية قد أشارت منذ عام 2012 إلى مقتل سليمان في تفجير دمشق. وأكد المعارض السوري البارز هيثم المالح يوم 4 ديسمبر أنه يمتلك معلومات تفيد بإصابة اللواء عمر سليمان إصابة بالغة في تفجير الخلية الأمنية في دمشق، وأنه نقل على وجه السرعة إلى الولايات المتحدة حيث توفي هناك.

وأشار المالح  إلى أن سليمان حضر الاجتماع -الذي كان آنذاك من أجل بحث ملف الأسلحة الكيميائية في سوريا- بتكليف مباشر من حاكم دبي، وضم مسؤولي أجهزة استخبارات من عدة دول منها تركيا والولايات المتحدة وإسرائيل.

وأكد  المعارض السوري أن الصورة التي تناقلتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي لجثة اللواء عمر سليمان وهي شبه متفحمة صحيحة.

عمر سليمان أثناء إلقاء الخطاب الذي أعلن تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن السلطة (الجزيرة)

النهايات الغامضة
ويوصف عمر سليمان -الذي ولد عام 1934 لعائلة ميسورة في قنا وانضم للقوات المسلحة عام 1954- بأنه "عيون وآذان مبارك" و"رجل الظل" و"حقيبة الأسرار"، حيث تولى منصب مدير المخابرات العامة، وأدار ملفات حساسة للسياسة الخارجية المصرية في عهده، وأعلن تنحيه عن السلطة في 11 فبراير 2011 إثر ثورة 25 يناير.

واستلم  سليمان "مهمات خاصة"، بينها ملف النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث رعى العديد من الاتفاقات بين الجانبين، كما لعب دورا مهما في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إثر الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2009.

وإذا كانت فرضية مقتل سليمان في تفجيردمشق تجد مسوغاتها في إعلان وفاته بعد يوم من تفجير دمشق الغامض بدوره ومع خبر مقتل بن عوزيز شامير قائد جهاز المعلومات الخارجية في جهازالشاباك الاستخباري الإسرائيلي في النمسا، فإن الحديث المتواتر عن تصفيته في دمشق أو الولايات المتحدة تجد مبرراتها في دور الرجل ووزنه، وعلاقته بالولايات المتحدة وإسرائيل، وعيونه وآذانه التي لم تغفل ملفا من ملفات الداخل والخارج.

وكان رئيس مصلحة الطب الشرعى المصري سابقا الدكتور فخري صالح أكد بدوره أن هناك شبهات ودلائل على مقتل اللواء عمر سليمان، وشبهات بتورط إسرائيل. وأكد أن سليمان كان رجلا رياضيا، وأن نتيجة التقارير الطبية حول مقتله لا تتناسب مع حالته الصحيه ونشاطه المعروف.

وتشير التقديرات إلى أن عمر سليمان كان بحكم عمله وعلاقاته أكبر مخزن معلومات عن أسرار التعاون الاستخباري الأميركي المصري، كان بعضه بعلم القيادة المصرية، بينما كانت أنشطة أخرى في الخفاء.

وكما في إزاحة  الكثير من السياسيين ورجال المخابرات -ربما أبرزهم رجل الأعمال المصري أشرف مروان الذي قيل إنه انتحر في ظروف غامضة بـلندن وتؤكد الموساد أنه كان عميلا لها بينما تؤكد القاهرة أنه كان عميلا مزدوجا- يفترض أنه باختفاء اللواء سليمان تجفف أهم روافد المعلومات عن حقبة مهمة كان فيها حامل مفاتيح دولة مبارك السرية والعلنية و"شاهد ملك" على "تصرفات" وتحولات و"صفقات" في مصر والمنطقة.عمر سليمان.. الصندوق الأسود الصامت

محمد أعماري

مثل باقي العسكريين والأمنيين في كل بلاد الدنيا، أمضى اللواء عمر سليمان حياته صامتا، وكانت كلماته معدودة جدا، ولشدة ما تكون هذه الكلمات محسوبة بدقة فإنها غالبا ما تنسى في اليوم التالي لخروجها من فم قائلها.

فقد جرت العادة بأن يخرج من شغلوا مناصب -مثل التي شغلها سليمان- عن صمتهم ويتكلمون بعد موت أو سقوط من كانوا أذرعهم اليمنى، لكن سليمان ظل علبة مغلقة على أسرار النظام المصري السابق إلى أن مات في 19 يوليو 2012 بمستشفى كليفلاند بالولايات المتحدة.

غير أن الله كتب لعمر محمود سليمان -وهو اسمه الكامل- أن يقرأ يوم 11 فبراير 2011 أمام الكاميرا كلمات هي بدورها معدودة ومحسوبة بدقة، لكنها ستبقى محفورة في ذاكرة التاريخ المصري.

خيوط كثيرة
سيذكر المصريون عن عمر سليمان أشياء ومواقف كثيرة، لكن أشهر ما سيرسخ عنه في الأذهان وستتناقله الأجيال هو هذه الكلمات: "بسم الله الرحمن الرحيم. أيها المواطنون، في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، والله الموفق والمستعان".

وكما كان غامضا وصامتا في حياته، اعتبر البعض وفاته غامضة، حيث جاءت مفاجئة، إذ لم يسبق أن أُعلن عن إصابته بمرض أو خضوعه لعلاج، ويزيد من غموضها -حسب أصحاب هذا الرأي- غموض ظروف خروجه من مصر.

كان لنظام مبارك أركان كثيرة يعتمد عليها، لكن عمر سليمان -الذي ولد بمحافظة قنا بصعيد مصر في بداية ثلاثينيات القرن الماضي- تميز عن باقي هذه الأركان بكونه كان يمسك بملفات عديدة، ويحرك خيوطا كثيرة.

ففي يده كان ملف المصالحة الفلسطينية التي ظل النظام المصري السابق يرفض أن يزاحمه فيها أي نظام عربي أو إقليمي آخر، وعلى مكتبه كانت تطبخ قرارات التعامل مع الإسلاميين، من جماعة الإخوان المسلمين المصرية إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية وحزب الله اللبناني، حتى إن بعض من طالبوه بالترشح للانتخابات الرئاسية الماضية رفعوا شعار "انزل انزل ماتسيبناش للإخوان".

ومن تحت أنظاره أيضا كانت تمر السياسات التي تعامل بها النظام السابق مع إيران والسودان وسوريا ولبنان، وكذا العلاقة مع دول حوض النيل ودول الخليج، وغيرها من القضايا الساخنة التي كانت ولا تزال تعج بها المنطقة، حتى صار ينافس وزير الخارجية في مهامه.





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان