اللواء عمر سليمان ذئب الاستخبارات قصة رجل كان له سطوة وقتل على الأرجح ، أو أغتيل على الارجح!
30 عاما من حكم الرئيس السابق مبارك أنهتها ثوانى معدودة القى خلالها اللواء الراحل عمر سليمان خطاب التنحى فى مشهد أكثر مالفت أنظار المصريون خلاله هو اللواء حسين كمال الذى اشتهر بـ"الراجل اللى ورا عمر سليمان"، ولم يكن اللقب من فراغ ، خاصة وان كمال رافق اللواء سليمان سنوات طويلة عمل خلالها مديرا لمكتبه أثناء رئاسته للمخابرات العامة ، أو فى الأيام القليلة التى تولى خلالها منصب نائب الرئيس .
وفى ذكرى التنحى حاورت الأهرام اللواء حسين كمال، والذى كشف عن أسرار جديدة عن ما حدث خلال ذلك اليوم ، ومفاوضات الإخوان مع سليمان لإخلاء الميادين، وكيف حاولت الجماعة التفاوض مع سليمان لإقناعه بالترشح للرئاسة .
لم يكن الرئيس مبارك فى القصر فقد غادر مبكرا إلى شرم الشيخ من مقر إقامته وليس القصر،ويومها شاهدت من شرفة مكتبى المطلة على شريط الترام تجمعات المتظاهرين قبل صلاة الجمعة، وطلبت من اللواء عمر سليمان أن نغادر القصر،حرصا على عدم حدوث أى صدام أو أعمال فوضى أو اقتحام للقصر مما يؤدى إلى سقوط الدولة ،والحرس الجمهورى يومها كانت لديه تعليمات واضحة وصريحة بعدم إطلاق النار نهائيا على المتظاهرين.
وغادرنا قصر الاتحادية واتجهنا إلى قيادة الحرس الجمهورى، وشارك اللواء سليمان فى اجتماع ، أعقبه اتصال بين نائب الرئيس والمشير حسين طنطاوى – وزير الدفاع- والذى طلب من سليمان التوجه إلى وزارة الدفاع .
عندما وصلنا إلى الوزارة التقى سليمان بطنطاوى والفريق أحمد شفيق والفريق سامى عنان – رئيس الأركان- ، ودار حوار بينهم حول كيفية التصرف مع الغضب الشعبى الجارف، وتهدئة الأوضاع حفاظا على الدولة والشعب من تطور الأمور بشكل يصعب السيطرة عليه، ليتفقوا فى النهاية على تنفيذ اقتراح الفريق شفيق بضرورة أن يتنازل الرئيس مبارك عن السلطة.
وتم تكليف اللواء عمر سليمان بإبلاغ الرئيس مبارك بالقرار، وأجرى اتصال هاتفى بالرئيس وابلغه أن هناك حالة غضب شعبى جارف فى الميادين، والأوضاع ملتهبة ، وسأله مبارك "أنت شايف إيه يا عمر" ، فابلغه سليمان إنهم اتفقوا على عدم وجود بديل غير تنحيه عن السلطة.
وطلب مبارك بعد تفكير لم يستمر لثوان أن يرسلوا له الأستوديو ليقوم بتسجيل خطاب إلى الشعب يعلن فيه تنحيه السلطة، إلا أن سليمان رد أن الوقت لن يسعفنا حتى يتم إرسال فريق لتسجيل خطاب فى شرم الشيخ ، ويعود لإذاعة الخطاب ، وان الأوضاع لا تحتمل الانتظار وطلب منه متابعة الموقف ومشاهدة التظاهرات على شاشات التليفزيون .
وقال مبارك "أنا أعمل أى حاجة عشان مصر"، افعلوا ما تريدون واكتبوا صيغة الخطاب وأبلغونى بها فى التليفون، وهو ما حدث بالفعل ، حيث طلب مبارك من سليمان أن يقوم بتغيير كلمة واحدة فى الخطاب المقتضب وهى التنحي، وطلب أن تكتب "تخلي" .
غرفة العمليات المركزية كانت تتابع الأوضاع وحالة الغضب فى الشارع ، والمشير حسين طنطاوى خرج فى جولة بالسيارة لمتابعة الأوضاع فى الميادين بعد تسجيل الخطاب وقبل إذاعته، ووجد صعوبة فى الوصول إلى وسط القاهرة إلا أن التظاهرات لم تمكنه من ذلك واكتفى بالتجول فى شوارع مصر الجديدة ، وعاد لتتم إذاعة البيان .
عقب إذاعة البيان غادرنا إلى مقر الإقامة، وحضر اللواء سليمان اجتماع فى المساء لمناقشة الأوضاع ، وفى اليوم التالى كان من المفترض عقد اجتماع بين نائب الرئيس والمشير وشفيق وعنان، إلا انه تم إبلاغنا هاتفى ونحن فى الاتحادية بتأجيله إلى مساء نفس اليوم،وأبلغ خلاله اللواء سليمان أن المجلس العسكرى هو من سيتولى إدارة شئون البلاد، وكان هناك اقتراحا بتشكيل مجلس رئاسى ، إلا انه تم إلغائه ، لينسحب اللواء عمر سليمان من المشهد تماما، ولم يطلب منه شيء رسمى .
ما يثار عن خلافات أخذ أكبر من حقه إعلاميا، فالعلاقة بينهم كانت طيبة أثناء خدمتهما فى القوات المسلحة، وخدموا فى كتائب متجاورة فى الجيش فى فرقة واحدة، والمشير تسلم قيادة الفرقة من اللواء سليمان ، واذكر ان قبل 25 يناير زار المشير طنطاوى مقر المخابرات العامة 5 أو 6 مرات، وكان بينهم تنسيق دائم، إلا انه بحكم مناصبهم القريبة من الرئيس شعر البعض انه من الطبيعى وجود حالة من التنافس بينهم ، خاصة أن قبل يناير كانت الأقاويل تتردد أن كلا منهما كان قريبا من منصب النائب.
بشكل قريب جدا، لم يعرض عليه اقتراح إلا ووافق عليه سواء من المشير طنطاوى أو اللواء سليمان ، وهم من اقترحوا عليه تعيين الدكتور حسام بدراوى أمينا عاما للجنة السياسات، ونزول القوات المسلحة لمساعدة الشرطة ، وإقالة وزير الداخلية ، حتى التفويض وتخليه عن السلطة كان اقتراح منهم ومن الفريق شفيق ، واجتماع نائب الرئيس مع الشباب والقوى السياسية أو الاجتماع مع قيادات الإخوان المسلمين .
اللواء سليمان اجتمع مع محمد مرسى و سعد الكتاتنى وعلى ما أتذكر كان معهم عصام العريان، لإيجاد مخرج للأزمة،وطالبوا وقتها بإنشاء حزب والاعتراف بالجماعة، ولم يشترطوا رحيل مبارك وأكدوا إنهم لا يمانعوا حتى فى تولى جمال مبارك رئاسة الجمهورية .
واتفقوا على آن يقوم سليمان بعرض الأمر على الرئيس مبارك، وانخفضت أعداد المتظاهرين نسبيا فى ميدان التحرير،إلا أنهم خونة لمصر وليس للنظام، وكانوا على اتصالات مباشرة مع أمريكا، وخططوا لخطف الثورة من الشباب بوعود زائفة ، وزادت تطلعاتهم ، لينفذوا موقعة الجمل لتنفيذ أغراضهم .
لا يوجد دليل أو يقين على أن جمال مبارك هو من قام بالتخطيط لاغتيال اللواء سليمان، والمنطقة التى شهدت الحادث كان إطلاق النيران فيها مستمر قبل وبعد مرور ركاب اللواء سليمان، ولا اعتقد أن القصد كان اغتيال نائب الرئيس، إلا أن المناخ العام كان يريد اتهام جمال مبارك ، ومشاهد التوريث دعمت افتراض تورطه .
كان تقديرى ان محمد مرسى لم يستمر بعد 30 يونيو، وكنت اشعر أن استمراره فى الحكم كان يعنى تدمير كافة مؤسسات الدولة، وحاولت فعل شيء يساهم فى كشف الحقائق أمام الناس أن 30 يونيو هو التوقيت الحاسم لإنقاذ مصر! وقررت عقد المؤتمر دون إفشاء لأى أسرار تؤذى الأمن القومى للدولة رغم التهديدات الكثيرة التى لاحقتني، ومعظم الفنادق التى اتفقت معها على حجز احدى قاعاتها كانت توافق فى البداية ، ثم تلغى الاتفاق بعد دقائق ، وحجزت قاعة بنقابة الصحفيين إلا أن الدكتور ضياء رشوان – نقيب الصحفيين- أكد لى انه يجب الحصول على موافقة مجلس النقابة ، وساعدنى على عقد المؤتمر فى مركز إعداد القادة .
وخلال المؤتمر لم أحاول التطرق إلى أمور منظورة أمام القضاء، وكان هناك بعض الأشخاص الموجودين فى القاعة حاولوا التشويش وإفساد المؤتمر.
حسن البرنس هومن التقى باللواء سليمان فى المسجد بمجلس معه ، ونقل له انه مكلف من مكتب الإرشاد لإبلاغه بان الجماعة ترشحه للرئاسة، بشرط ان يترك لهم اختيار نائب الرئيس وفريقه الرئاسى بما فيه مدير مكتبه وأمهلوه ثلاثة أشهر للتفكير حتى نهاية شهر سبتمبر .
قال لى ضاحكا ، كانوا عايزنى ديكور يا حسين، وأنا مينفعش أكون ديكور، أو خائن، وراوغهم لفترة طويلة وتجاهل اتصالات البرنس ولم يعطيهم الرد، حتى يئسوا .
لم يكن لدى اللواء سليمان هذه النية، ولم يكن ينتوى الترشيح ومن معرفتى القريبة من سليمان لم يكن يسعى للسلطة وحبه لمصر كان تجريدي، وخلال احدى رحلاته العلاجية الأخيرة قال لى نفسى قبل الموت أن أرى البسمة على وجوه المصريين، وقبل ترشحه كان يريد الاكتفاء بحياته الخاصة، إلا ان من يخدم فى القوات المسلحة لمدة طويلة يعتبر ان عدم استجابته لنداء الشعب خيانة، والتظاهرات التى نادت بترشحه فى العباسية كلفنى أن أطالب المتظاهرين بتجميع 30 ألف توكيل خلال اليومين الباقيين فقط على إغلاق باب الترشح، وكنا نشعر ان ذلك مستحيل، حتى فوجئنا ان أمامنا أكثر من 48 ألف توكيل ، وعملنا بلا نوم لفرزها .
ويوم تسليم التوكيلات بذل الإخوان أقصى جهودهما لمنع سيارة التوكيلات من الوصول إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات وبالضبط اعترضتنا 50 سيارة عطلة فى الطريق لدرجة أن السائق مشى على الرصيف حتى نتمكن من الوصول،ووصلنا قبل إغلاق الباب بخمس دقائق فقط ، حيث كان اللواء سليمان سبقنا إلى اللجنة، وتردد وقتها ان اللواء سليمان تقدم بدون توكيلات واضطر رئيس اللجنة العليا لإخراج الصناديق أمام المراسلين وسرق صندوق من محافظة السويس لكنه لم يكن مؤثر.
وقامت اللجنة بإلغاء عدد من التوكيلات الغير قانونية ليتبقى فى محافظة أسيوط 969 توكيل، وعندما عرفت بالأزمة طلبت من أعضاء الحملة استكمال توكيلات أسيوط حيث وصلنا فى نفس اللحظة 400 توكيل من أسيوط وحدها.
اللجنة اعتذرت عن قبول التوكيلات لأسباب مختلفة، وفهمنا إنهم من الممكن ان يقبلوا التوكيلات فى فترة تقديم التظلمات، وهو ما فعلناه وتسلموه بإيصال استلام رسمي، والتقيت المستشار فاروق سلطان وشرحت له الأمر، ولكن فى المساء عرفنا بقرار الاستبعاد.
كل من يعمل فى المخابرات العامة يمتلك كنز معلومات، لكنه لديه الإدراك الكافى بما يسمح له البوح به أو كتمانه ،حرصا على الأمن القومى ، وما قصده معلوماته الشخصية وليس المخابراتية التى تعد ملك الدولة وجهاز لمخابرات ، ومعظم تلك المعلومات يتم تداولها الآن فى اتهامات يواجهها الإخوان أمام القضاء، وللعلم لقد تلقى تهديدات كثيرة بالقتل و بشكل مباشر حتى يتراجع عن قرار الترشيح .
شعر بالحزن لكنه رد إلى نفسه سريعا وقال انه فعل ما عليه ، و الهدف كان أن تنجو مصر من مأزقها وحتى لا نذهب لانهيار اقتصادى وسياسى وامنى كما عانينا،وأتذكر ما قاله فى عزاء زوجة الفريق شفيق عسى ان تكرهوا شيئا يحمل خيرا كثيرا.
كنت بجانبه فى أبو ظبى عندما أصيب بمياه فى الرئة،وتم نقله إلى المستشفى العسكرى هناك، ووقتها أجرى محمد مرسى اتصال هاتفى ناعم بسليمان، اطمئن فيه على صحته وطلب منه العودة إلى مصر، وكنا نعلم انه يريد إعادته إلى مصر من أجل إدخاله إلى السجن، لأنهم كانوا يشعروا بان بقائه بالخارج مصدر قلق دائم عليهم فى الحكم.
أجاب مبتسما، ربنا قادر على كل شيء ويحى العظام وهى رميم ، يبدو ان البعض فهم متأخرا كما قلت أن اللواء سليمان هو من كانت لديه القدرة على إدارة الأزمة التى نعيشها،وأصبح لديهم شكوك انه من الممكن ان يعود مرة أخرى ، واوك ان ما يقال عن وفاة سليمان فى سوريا أمر غير صحيح بالمرة .
عملت فى رئاسة الجمهورية خلال عهد مرسي،كيف تعامل معك فريقه الرئاسى ؟
عينت بقرار جمهورى فى فبراير 2011 مديرا لمكتب نائب رئيس الجمهورية ،واستمررت فى منصبى حتى تولى الرئيس محمد مرسى الرئاسة ، وحصلت على إجازة بدون راتب ، قطعتها بعد أيام بعد نصيحة من اللواء عمر سليمان، وعندما عدت إلى عملى تم إبعادى مع كل من عملوا مع الرئيس مبارك وأبنائه إلى مبنى قريب من قصر الاتحادية ، وهو نفسه المبنى الذى أدى فيه المشير عبد الفتاح السيسى القسم ليتولى وزارة للدفاع ، بينما كان يجلس المشير طنطاوى فى قصر الاتحادية ، وظللت لأشهر بلا عمل وكان يجلس معى 3 من الإخوان فى المكتب ولم يكونوا معينين فى رئاسة الجمهورية رسميا.
والتقيت بالدكتور ياسر على وأكدت له أننى أحصل على راتبى بلا عمل، ورفضت عرضه بالعودة إلى جهاز المخابرات،وتهرب منى بعدها لأيام طويلة ، وفوجئت بخطاب من الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء بنقل المجموعة كاملة إلى مجلس الوزراء ، لأتقدم بعدها بطلبين للحصول على إجازة بدون راتب،وأخر لا حالتى إلى المعاش مبكر، ورفعت قضية تنظر حتى الان فى مجلس الدولة ، وفوجئت بأنه لا يوجد أصل لقرار نقلى إلى مجلس الوزراء .
تعليقات