أسد بانشير"أحمد شاه مسعود" ورجال كابل وبعد مرور 20 عاما، كان اغتيال مسعود وهجمات 11 سبتمبر التي استهدفت الولايات المتحدة بالنسبة إلى العديد من الأفغان
وبعد مرور 20 عاما، كان اغتيال مسعود وهجمات 11 سبتمبر التي استهدفت الولايات المتحدة بالنسبة إلى العديد من الأفغان، الكارثتين التوأمين اللتين أطلقتا حقبة جديدة من عدم اليقين وسفك الدماء عادت أصداؤها إلى التردد في الأجواء بعد عودة طالبان إلى الحكم.
ومسعود ذو الشخصية الجذابة الملقب أسد بانشير نسبة إلى اسم وادي بانشير مسقط رأسه، ذاع صيته خلال الثمانينات كقائد حرب عصابات بارع صد القوات السوفياتية.
وبحلول أواخر التسعينات، كان يقاتل حركة طالبان وحليفها تنظيم القاعدة كلاهما أراد التخلص منه.والهجوم الجريء الذي نفذه التنظيم، أمر به أسامة بن لادن نفسه.
تظاهر منفذو الهجوم بأنهم يصورون وثائقيا وحصلوا على مقابلة مع مسعود من خلال تقديم قصة ملفقة مطبوعة على ورق رسائل من مركز إسلامي في بريطانيا. وقد استخدموا جوازات سفر بلجيكية مسروقة للسفر.
لكنهم لم يتمكنوا من مقابلة مسعود عند وصولهم في أغسطس 2001 إلى قاعدته في قرية خواجة بهاء الدين، بسبب انشغالاته الكثيرة، وقال فهيم دشتي، وهو صحافي ومساعد مقرب من مسعود لوكالة فرانس برس بعد أسابيع قليلة من الاغتيال " أمضوا عشرة أيام معنا بهدوء وصبر، ولم يصروا بتاتا على إجراء المقابلة".
كان دشتي يجهز كاميرته الخاصة لتسجيل المقابلة فيما كان اثنان من عناصر القاعدة ينقلان أسئلتهما باللغة العربية إلى المساعد المقرب من القائد، مسعود خليلي، لترجمتها.
وروى خليلي لوكالة فرانس برس في تشرين الاول/أكتوبر 2001 "لم نكن نشعر بارتياح" خصوصا لأنهم طرحوا أسئلة عن بن لادن.
وأضاف "كان +المصور+ يظهر ابتسامة شريرة. أما +الصحافي+ فكان هادئا جدا".
وبمجرد سماع مسعود ترجمة الأسئلة،انفجرت العبوات الناسفة تسبب مقتل مسعود بصدمة في كل أنحاء أفغانستان والعالم.
"قائدكم قتل"
وكان ينظر الأفغان المناهضين لطالبان في ذلك الوقت والحكومات الغربية إلى مسعود على أنه الأمل الأخير لمحاربة الإسلاميين الذين كانوا وقتا أكثر تشددا.
ومع استمرار التحالف الشمالي مقاومة طالبان، أخفى مساعدوه خبر مقتله لأيام.
بعد أسبوع من مقتله، دفن مسعود في منزله في مقاطعة بازارك بولاية بانشير فيما شارك الآلاف من أتباعه في موكب الجنازة.
وبني قبر رخامي اجتذب أعدادا كبيرة من أنصاره.
وقال أحد سكان المنطقة لوكالة فرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه بسبب مخاوف أمنية "عندما قتل (مسعود) كنت في بانشير. كانت قوات المقاومة... محاصرة من كل الجهات".
وأضاف "حتى أن طالبان أعلنت عبر الراديو: زعيمكم مات وأنتم انتهيتم. لكن... وفاة الزعيم أعطت الشعب سببا آخر للقتال بقوة أكبر".
إلا أن الأمور انقلبت رأسا على عقب في غضون أسابيع بعدما غزت الولايات المتحدة التي كانت تتطلع إلى معاقبة طالبان لإيوائها مرتكبي هجوم 11 سبتمبر، أفغانستان.
سقط نظام طالبان بحلول نهاية العام 2001 بعدما استهدفته قاذفات أميركية بتوجيه من مقاتلي التحالف الشمالي
وكان تنظيم القاعدة الذي كان يأمل في تعزيز مكانته عبر الهجومين في الولايات المتحدة وفي أفغانستان، هاربا.
سقوط بانشير
شنت طالبان هجوما خاطفا مع مغادرة آخر القوات التي تقودها الولايات المتحدة أفغانستان، متوجة تمردها المستمر منذ 20 عاما مع الاستيلاء على كابول في15 أغسطس.
ومجددا، ظهرت حركة المعارضة الرئيسية في بانشير وهذه المرة بقيادة أحمد مسعود الذي كان يبلغ 12 عاما عندما قتل تنظيم القاعدة والده.
لكن طالبان سرعان ما أرسلت مقاتلين لتطويق المنطقة وقد أعلنت الاثنين أنها سيطرت على وادي بانشير.
ومن بين قتلى المقاومة الذي لقوا حتفهم في القتال العنيف، فهيم دشتي الصحافي الذي نجا من العملية التي استهدفت مسعود قبل 20 عاما.
ونشر حساب تابع لحركة طالبان صورة لمقاتلين في بانشير أمام ملصق مُخرّب لأحمد شاه مسعود.
وقال أحمد والي شقيق أحمد شاه مسعود في جنيف الثلاثاء إنه رغم أن جبهة المقاومة الوطنية "أصيبت"، يمكن آلاف المقاتلين العودة في أي وقت.
إنه سيناريو صعب لمحمد سناء صفا البالغ 63 عاما والذي عمل مع مسعود خلال الثمانينات عندما كانت القوات السوفياتية تشن هجمات يومية على بانشير
وقال صفا الاثنين "أحمد مسعود شاب ووطني لكن ليس لديه خبرة عسكرية مثل والده. لو كان (والده) على قيد الحياة اليوم، لما شهدنا... سقوط بانشير في أيدي طالبان".
رحب زعيم المقاومة الأفغانية أحمد مسعود الأحد على فيس بوك باقتراح مجلس العلماء لإجراء محادثات لإنهاء القتال في بانشير. وأعرب مسعود عن استعداده لوقف القتال إذا انسحبت طالبان من بانشير على أن يجري حينها محادثات مع مجلس العلماء. وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام أفغانية أن مجلس العلماء المؤلف من رجال دين دعا طالبان لقبول التفاوض من أجل تسوية سلمية ووقف القتال في بانشير.
أعلن زعيم المقاومة الأفغانية أحمد مسعود الأحد أنه يرحب باقتراح مجلس العلماء لإجراء محادثات لإنهاء القتال في بانشير. وأعرب مسعود عن استعداده لوقف القتال إذا انسحبت طالبان من بانشير على أن يجري حينها محادثات مع مجلس العلماء.
وقال مسعود في منشور على فيس بوك: "جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية توافق من حيث المبدأ على حل المشكلات الحالية وإنهاء القتال على الفور ومواصلة التفاوض".
وتابع: "من أجل التوصل إلى سلام دائم، الجبهة مستعدة لوقف القتال بشرط وقف طالبان أيضا لهجماتها وتحركاتها العسكرية في بانشير وأنداراب" في إشارة لمنطقة مجاورة تقع في إقليم بغلان.
وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام أفغانية أن مجلس العلماء المؤلف من رجال دين دعا طالبان لقبول التفاوض من أجل تسوية سلمية ووقف القتال في بانشير.
وكانت حركة طالبان الأحد قد أشارت إلى أن قواتها دخلت عاصمة إقليم بانشير. وقال المتحدث باسم طالبان بلال كريمي على تويتر إن الحركة سيطرت على مقر الشرطة ومركز منطقة رخة قرب بازاراك عاصمة الإقليم وإن قوات المعارضة تكبدت خسائر فادحة في صفوفها إضافة لأسر العديد وضبط مركبات وأسلحة وذخائر.
لكن فهيم داشتي المتحدث باسم جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية، التي تضم قوات معارضة موالية للزعيم المحلي أحمد مسعود، اعتبر أن "آلة الدعاية" التابعة لطالبان تحاول نشر رسائل مضللة، مشيرا إلى أن قوات المعارضة طردت قوات طالبان من جزء آخر من الوادي. وقال "قوات المقاومة جاهزة للتصدي لأي شكل من أشكال العدوان".
ونبدأ عرض الصحف من صحيفة الغارديان وتحليل لمحرر الشؤون الدبلوماسية، باتريك ونتور، بعنوان "حكاية جيشين: لماذا أثبتت القوات الأفغانية أنها لا تضاهي طالبان؟"
ويبدأ الكاتب مقاله بالإشارة إلى أنه "لدى طالبان 80 ألف من المقاتلين مقارنة بـ300 ألف و699 جنديا بالاسم يخدمون الحكومة الأفغانية، ومع ذلك فقد تم اجتياح البلاد بأكملها فعليا في غضون أسابيع، بينما استسلم القادة العسكريون دون قتال في غضون ساعات".
ويضيف قائلا "إنها حكاية جيشين، أحدهما ضعيف التجهيز ولكن لديه دوافع إيديولوجية عالية، والآخر مجهز بشكل جيد من الناحية الشكلية، ولكنه يعتمد على دعم الناتو، وقيادته سيئة وينخرها الفساد".
ويلفت الكاتب إلى أن هيئة مراقبة الإنفاق على المساعدات الأمريكية في أفغانستان "حذّرت الشهر الماضي من أنه ليس لدى الجيش الأمريكي وسائل كافية، أو لا توجد بالأساس، لمعرفة قدرة قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية عند الحاجة للعمل بشكل مستقل عن القوات الأمريكية، على الرغم من إنفاق 88.3 مليار دولار أمريكي على جهود إعادة الإعمار ذات صلة بالأمن في أفغانستان حتى مارس 2021".
نبدأ الجولة على الصحف البريطانية من تقرير أعدته كبيرة مراسلي الشؤون الخارجية في صنداي تايمز، كريستينا لامب من اسلام اباد، بعنوان: "قيل للغرب: اعملوا مع طالبان أو استعيدوا رعب التسعينيات".
ونقلت لامب عن مستشار الأمن القومي الباكستاني تحذيره من أن الغرب يجب أن يعترف على الفور بنظام طالبان أو المجازفة "بارتكاب نفس الأخطاء التي أدت إلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول".
وقال مؤيد يوسف للصحيفة: "سجلوا كلامي. إذا ارتُكبت أخطاء التسعينيات مرة أخرى وتم التخلي عن أفغانستان، فستكون النتيجة واحدة تماما - فراغ أمني تملؤه عناصر غير مرغوب فيها ستهدد الجميع، باكستان والغرب".
وأضاف يوسف: "قلنا للغرب مرارا وتكرارا أن هذه حرب لا يمكن الانتصار فيها. لو كانوا قد استمعوا لباكستان لما كانوا في هذا الوضع".
وتقول الكاتبة إن باكستان "قد تكون سعيدة برؤية مجموعة في السلطة ساعدت في إنشائها ومنحتها منذ فترة طويلة ملاذًا ضد القوات الغربية"، إلا انها تستعد أيضا لموجة جديدة من اللاجئين مع انتهاء رحلات الإجلاء.
تعليقات