النزاع في كشمير.. تحد للضمير العالمي

 
كشمير.. القصة من البداية
محمد سرحان
قضية كشمير تمثل واحدة من النقاط المهمة في فهم طبيعة الصراع في شبه القارة الهندية، ومع استمرار تصاعد الانتهاكات ضد مسلميها ونقصد هنا المسلمون في ولاية "جامو وكشمير" وهي الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير ككل، لكن مسببات هذه المأساة تعود إلى عقود طويلة..

كلنا نعرف"وعد بلفور 1917" ( وعد من لا يملك لمن لا يستحق )عندما بموجبه منحت بريطانيا لليهود حق إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، أما بخصوص كشمير فكثير منا لا يعرف أنها بيعت فعليا في صفقة مقابل 75 لكهـ (يعرفها الباكستانيون)، فدعني أرجع معك بالزمان إلى عام 1339م.

يقول كاظم هيلان محسن في كتابه "كشمير..التاريخ السياسي للصراع الهندي الباكستاني" إن الإسلام دخل كشمير في عام 1339م عندما أعلن حاكم وادي كشمير آنذاك البوذي "انجاندرا" إسلامه، وبمرور الوقت تم ضم وادي كشمير وجزء كبير من "جامو" إلى الدولة المغولية عام 1586م، ومع ضعفها تمكن الأفغان من ضم "كشمير" 1752م، لاحقاً توسع السيخ في دولتهم التي بنوها في البنجاب 1799م بقيادة "رانجيت سنغ" وتمكنوا من ضم كشمير عام 1819م.

رؤية أخرى

تتم مناقشة أسباب الصراع على كشمير بين المتنافسين في عدة نقاط تتمحور في كثير من الأحيان حول خدمة المصالح العالمية بدلًا من الاحتياجات أو الرغبات الأساسية للكشميريين أنفسهم.

والتحدي الذي يواجه أولئك الذين يتحدثون عن السلام والاستقرار والحقوق الديمقراطية في منطقة جنوب آسيا هو استمرار تفاقم المشكلة منذ 74 عامًا.

والدليل الأكثر صلة بهذا الصراع هو أن الهند لديها في السنوات الأخيرة ما يصل إلى 900 ألف من القوات العسكرية وشبه العسكرية المتمركزة على قطعة صغيرة من الأرض لا تزيد مساحتها عن ولاية تينيسي الأمريكية.


وبالمقارنة فإنه خلال ذروة حرب العراق في أكتوبر 2007، كان عدد القوات الأمريكية يزيد قليلاً عن 166 ألف، ومساحة العراق تقارب مساحة ولاية كاليفورنيا.

من الواضح أن عدد القوات المتمركزة في كشمير مهم للغاية، ولكن لا يوجد هناك حرب، ولا يوجد تهديد خارجي وشيك من غازي أجنبي يحشد قواته على الحدود، فلماذا هذا العدد الكبير من القوات؟

كثيرًا ما تبرر الهند وجودها العسكري من خلال التأكيد أولاً على أن كشمير"جزء لا يتجزأ" منها، والتأكيد ثانيًا أن باكستان المتواجدة على الحدود تشكل تهديدا لها.


ومن الملاحظ أن كلا الدولتين مسلحتان نوويًا، وتحدث بينهما مناوشات عبر الحدود بشكل دوري بين مجموعة من القوات المتمركزة على طول خط وقف إطلاق النار الذي أنشأته الأمم المتحدة.

ومع ذلك، وبغض النظر عن مدى وجود مثل هذا التهديد، فإن هذا الحجم الهائل من القوات يتجاوز بكثير أي حاجة لمقاومة مثل هذه الغارات هناك، فأفضل طريقة للتأكد من عدم وجود مثل هذا التسلل هو السماح للأمم المتحدة بمراقبة خط وقف إطلاق النار.


الحقيقة أن شعب كشمير نفسه كان دائما معاديا لوجود القوات الهندية على أرضه وقاوم مثل هذا القمع، حيث مات أكثر من مئة ألف كشميري خلال الثلاثين عامًا الماضية فقط، وفي الواقع فإن الاتفاقيات السارية طويلة الأمد في الأمم المتحدة منحت للشعب الكشميري الحق في تقرير مصيره.


محصلة ما لدينا هو حالة لدولة كبيرة تتنمر على دولة صغيرة لإخضاعها في انتهاك ليس فقط لحقها في السيادة، ولكن أيضًا للاتفاقيات الدولية وعشرين قرارًا من قرارات الأمم المتحدة التي تمنحها الحق في تقرير مصيرها السياسي.

إن هدف هذا العدد الكبير من القوات المتمركزة في هذا البلد الصغير ليس لأي غرض آخر سوى القمع الصارخ، فوجودهم يجعل من كشمير مكاناً لأكبر تمركز للجيوش في أي مكان في العالم.


 لامبالاة دولية

كتب الدكتور سيد نذير جيلاني عن هذا الموضوع قائلاً: "لقد عَرَّفت الأمم المتحدة شعب جامو وكشمير بأنهم شعب الأسطورة والأغنية والقصة، مرتبطون بالجبال المغطاة بالثلوج والوديان الجميلة والمياه الواهبة للحياة. ولكننا اليوم نربطهم بالعيش في منطقة شديدة التسلح ومحاصرين داخل منازلهم، نربطهم بموطن يتم فيه تجنيد الأطفال لتنفيذ عمليات تجسس لصالح قوات الأمن الهندية (جريمة حرب)".

قد يُعتقد أن المجتمع الدولي سينفجر بسبب مثل هذه الانتهاكات، لا سيما في ضوء حقيقة أن الكشميريين أظهروا تصميمًا حديديًا على مقاومة عشرات الآلاف من عمليات القتل، وآلاف عمليات الاغتصاب والاختفاء والتعذيب التي يتعرض لها السكان على أيدي هؤلاء المحتلين الأجانب.


وفي وضع أكثر مثالية قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في 4 فبراير/شباط 2021: "يجب أن نبدأ بالدبلوماسية المتجذرة في القيم الديمقراطية الأكثر اعتزازًا في أمريكا: كالدفاع عن الحرية، وتأييد الفرص، ودعم الحقوق العالمية، واحترام سيادة القانون، ومعاملة الجميع بكرامة"، وقال مرة أخرى في 13 سبتمبر2021:"لقد كنت واضحًا أن حقوق الإنسان ستكون مركز سياستنا الخارجية".

في وقت سابق تناول الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الذي اختار حين كان يشغل منصبه بايدن نائبًا له: "مشكلة كشمير في واحدة من لحظات الصراحة النادرة، ربما ينبغي أن نحاول تيسير تفاهم أفضل بين باكستان والهند، ومحاولة حل أزمة كشمير". أصبحت التجارة بين الهند والولايات المتحدة منذ ذلك الحين تقدر بقيمة 100 مليار دولار، مع توقعات نموها على المدى القريب لتصل إلى 500 مليار دولار.


وبالنظر إلى مثل هذه التفاهات، وفي حين أنه من المفترض أن تقوم السياسة الخارجية الأمريكية على القيم الأخلاقية والمثل الديمقراطية والمبادئ العالمية، يبدو أنه في أي مكان تحصل فيه مجموعة المصالح التجارية على مكانة كبار الشخصيات، يتم تنحية مثل هذه المُثل والمبادئ جانبًا وبسهولة، فالمال يتحدث بينما المثل العليا تذهب بعيداً، وأخلاقيات الموقف هو اسم هذه المسرحية.

من الواضح تمامًا أن القوى العالمية تشعر بالحرج وعدم الاستعداد للتدخل في أي صراع دولي لأن الدولة المعنية قوية جدًا ولا تأبه بالأخلاقيات، بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن رفض الهند قبول الوساطة أو التسهيلات الدولية يغلق الباب أمام أي نوع من الحوار الدولي بشأن كشمير. فالكشميريون محاصرون، والعالم الخارجي لا يتدخل.

 معايير مزدوجة

هذا يدعونا للتساؤل، ألا يدرك المجتمع الدولي هذه المعايير المزدوجة؟ كيف يمكن خلق المصداقية والثقة الدولية من خلال هذا السلوك؟ ألا يزرع هذا بذور الكراهية والصراع الدائم؟

قال أوباما عندما تحدث إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر 2014: "لا ينبغي أن تتنمر الدول الكبرى على الدول الأصغر.. يجب أن يكون الناس قادرين على اختيار مستقبلهم"، مضيفاً: "فشلنا في تطبيق المعايير الدولية عندما يكون القيام بذلك غير ملائم".

كان من الجميل لو أن أوباما ذكر كشمير في نفس الوقت. ومع ذلك، فإن خطابات رئيس الولايات المتحدة حول السياسة الخارجية عادة ما تنطوي على قضايا تتعلق بالمخاوف والأهداف الفورية، وبدا أكثر اهتمامًا بتوجيه أصابع الاتهام إلى روسيا لدعمها الحرب الانفصالية في أوكرانيا والحاجة إلى فرض عقوبات.

في حين أن الولايات المتحدة تفرض عقوبات على روسيا لتدخلها في الاستقرار والسلام في بلد يبعد عنها أكثر من 5 آلاف ميل، ولا يمت بصلة استراتيجية للأمن أو الحريات الأمريكية، لكنها تشارك في التجارة مع الهند ولا تقول شيئًا عن فشل الهند في إنفاذ "المعايير الدولية" حيث يبدو من غير الملائم القيام بذلك. من الواضح أن تجاوزات الهند في كشمير أكثر صلة بقضية المعايير الدولية أكثر من أي شيء يحدث الآن في أوروبا الشرقية.

في خطاب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أمام نفس منتدى الأمم المتحدة في 26 سبتمبر 2020، قال: "داخل قاعات الأمم المتحدة، كثيرًا ما يسمع المرء عبارة العالم أسرة واحدة، نتعامل مع العالم بأسره كعائلة واحدة، إنه جزء من ثقافتنا وشخصيتنا وتفكيرنا"، هذه بالتأكيد تصريحات كبيرة، لكن مودي لا يتمتع بمصداقية كبيرة في مواجهة السياسات المستمرة من قبل الهند ضد شعب كشمير الأعزل.

ومع ذلك، فإننا نقبل تحدي مودي، "بالمثل العليا التي تأسست على أساسها الأمم المتحدة، والفلسفة الأساسية للهند التي لديها الكثير من القواسم المشتركة، لا يختلفون عن بعضهم البعض"، يجب أن يوافق مودي على أن نقطة الانطلاق لحل نزاع كشمير، يجب أن تكون نقطة الانطلاق بالعودة إلى الأمم المتحدة التي حددت حل مشكلة كشمير من خلال طريقة ديمقراطية لإجراء استفتاء حر ونزيه.

كيف تبرر القوى العالمية ومن بينها الولايات المتحدة إدراج الهند كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وحاليًا عضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خاصة عندما يرى العالم كله أنها تنتهك ميثاق الأمم المتحدة؟ وهذا يعد استهزاء بالالتزامات الدولية.

يجب الإشادة بالسيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، لتصريحه الذي أدلى به بشأن كشمير في 18 فبراير 2020 قائلاً: "تظل الدبلوماسية والحوار هما الوسيلتان الوحيدتان اللتان تضمنان السلام والاستقرار من خلال الحلول وفقًا لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن".

وأضاف: "لقد عرضت مساعي الحميدة منذ البداية، أنا على استعداد للمساعدة إذا وافق كلا البلدين على الوساطة".

لقد تم تشجيع الهند وباكستان على الحوار من خلال العديد من القرارات على مدار الـ 73 عامًا الماضية، وربما حان الوقت لأن تؤخذ السلطات المنوط بالأمم المتحدة على محمل الجد.

ألم يحن الوقت أيضًا لأن يلفت غوتيريش انتباه مجلس الأمن إلى الوضع في كشمير بموجب أحكام المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة. ففي منطقة جنوب آسيا، كانت القوتان النوويتان محط الأنظار طوال العامين الماضيين. كما تخول المادة 99 الأمين العام "لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين".

أخيرًا، يتعين على القوى العالمية والقوى الأكثر عقلانية في كل من الهند وباكستان أن تدرك أن مشاركة القيادة الكشميرية في عملية الحوار مع الهند وباكستان هي شرط لا غنى عنه للمساعدة في تحقيق السلام والهدوء الدائمين في منطقة جنوب آسيا.


كانت كشمير مقسمة إلى3وحدات إدارية هي إقليم وادي كشمير، وإقليم جامو، وإقليم الحدود، وكان المسلمون يمثلون الأغلبية في وحداتها الثلاثة، في الوقت ذاته كان "رانجيت سنغ" مؤسس دولة السيخ يضم في خدمته أحد العاملين من قبيلة "الدوغرا" الهندوسية ويقربه منه ويسمى "جولاب سنغ"، وعينه حاكماً على إقليم "جامو"، وبعد وفاة "رانجيت سنغ" 1839 بدأت دولة السيخ تضعف وفي نفس الفترة يزداد نفوذ البريطانيين من خلال "شركة الهند الشرقية"، ووقعت بينهما معركة "سبراون" وبدلاً من أن يكون "جولاب سنغ" في جانب السيخ، كان يتواصل سراً مع الإنجليز بحثاً عن مصلحته الخاصة فدعم الإنجليز في حربهم مع الأفغان 1841م.

صفقة البيع
ثم وقعت حرب عام 1845م بين البريطانيين والسيخ الذين طالبوا "جولاب سنغ" بقيادتهم ضد الإنجليز، وهو أوهمهم بالموافقة لكنه ناور بجيشه وطلب من جنوده عدم مهاجمة الإنجليز حتى ينضم إليهم وخسر السيخ الحرب بسبب خيانته، ثم طالبه السيخ بالتفاوض عنهم مع البريطانيين وبوساطته وقعت معاهدة لاهور في 8 مارس/آذار 1846م، وتنازل السيخ عن جزء كبير من ممتلكاتهم من الأراضي ومنها "وادي كشمير".
ماذا تعرف عن معاهدة أمريتسار؟

في 16 مارس/آذار 1846 وقعت معاهدة "أمريتسار" بين البريطانيين و"سنغ"، وشملت 10 بنود نصت على نقل كشمير إلى المهراجا "جولاب سنغ" مقابل دفع 7.5 ملايين روبية أي 75 لكه (ما يعادل خمس مئة ألف جنيه إسترليني وقتها) للحكومة البريطانية، التي تشترط موافقتها لحدوث أي تغيير في الحدود وتحكيمها من قبل "سنغ" في أي نزاع قد ينشأ بينه وبين الدول المجاورة، مقابل انضمامه وقواته إلى جانب بريطانيا في أي معارك، على أن تساعده بريطانيا في حماية أراضيه، ونص بندها العاشر على أن يقدم المهراجا هدية سنوية للبريطانيين، وكأن كشمير قطعة أرض للإيجار.

معاهدة "أمريتسار" كانت رسالة من شركة الهند الشرقية إلى الحكام الآخرين في المنطقة بأن من يخدم مصالح الإنجليز يحصل على مكافأة كبيرة، والأمر اللافت أيضاً في إبرام مثل هذه الاتفاقية أن منح "كشمير" ذات الأغلبية المسلمة لحاكم هندوسي يجعل منه خادماً لمصالح بريطانيا على حساب سكان المنطقة التي يحكمها، ومن هنا فهو في حاجة مستمرة إلى مساندة الإنجليز للحصول على دعمهم، فالحاكم هنا باختلافه في المعتقد عن سكان منطقته وخدمته للمحتل كل هذا يحول بينه وبين أن يلتقي مع طموحات شعبه.

‏ويبدو أن الإنجليز كانت لهم أهداف أخرى من المعاهدة، حتى إن الحاكم البريطاني العام للهند وقتها "اللورد هاردنغ" أرسل رسالة إلى الملكة "فيكتوريا" عن المعاهدة، أوردها "د.كاظم هيلان محسن" في كتابه جاء نصها: "إن من المرغوب إضعاف دولة السيخ التي بدت قوية، وأن نثبت لآسيا قوة بريطانيا بطريقة لا يمكن إساءة فهمها، وضرورة تقليص وسائل المحاربين السيخ ومنعهم من تكرار الاعتداء، وبعد ثلاث سنوات سنقوم بضم كشمير لنا إذا تكررت أعمال العنف وقتل الضباط البريطانيين، وإن شركة الهند الشرقية في الوقت الحالي لا تفكر في توسيع ممتلكاتها بل رغبت فقط في قمع قوة جيرانها المعتدين ومكافأة الرجل الذي قدم لها الخدمات، عبر حرمان السيخ ومنحها لحاكم من دين مختلف عنهم".

اضطهاد المسلمين
ومن هنا تحولت كشمير بسكانها إلى ملكية خاصة للمهراجا الهندوسي الذي اتبع سياسة تمييزية ضد مسلميها فأرهقهم بالضرائب وكبل أياديهم بالقوانين والأحكام، حتى إن كل الحكام الذين تناوبوا على كشمير من بعده، كانوا من قبيلة الدوغرا الهندوس ولم يكن أي منهم مسلماً، بل إن أي هندوسي كان يعتنق الإسلام كانت تتم مصادرة ممتلكاته.

اتسع النفوذ البريطاني ممثلاً في شركة الهند الشرقية حتى عام 1947م عندما استقلت شبه القارة الهندية عن بريطانيا، لكن الاحتلال أبى إلا أن يزرع الانقسام من ورائه فوضع خطة تقسيم شبه القارة الهندية إلى بلدين أحدهما للمسلمين والآخر للهندوس فكانت باكستان والهند، على أن تنضم الولايات ذات الأغلبية المسلمة إلى باكستان، والمناطق ذات الأغلبية الهندوسية تؤول للهند مع مراعاة عقلانية التقسيم الجغرافي.

بدأت معك من البداية حتى نمضي معا في التأريخ لمأساة كشمير بدءاً من معاهدة "أمريتسار" التي حولت كشمير إلى ملكية خاصة للحكام الهندوس من قبيلة الدوغرا، الذين توارثوا سياسة القمع والتمييز ضد سكانها ذوي الأغلبية المسلمة، الذين تضاعفت عليهم المعاناة والتهميش، طمعاً في استراتيجية الموقع وثروات الأرض.

النزاع الهندي الباكستاني
يمثل المسلمون أغلبية سكان كشمير بنسبة تتراوح من 65 إلى 69%، وبالتالي فوفق قواعد التقسيم فإنها من المفترض أن تؤول إلى باكستان، إلا أن حاكمها الهندوسي المهراجا "هاري سنغ" تجاهل رغبة الأغلبية المسلمة واتجه إلى الهند التي تدخلت عسكرياً واحتلت ثلثي الولاية عام 1947م، كما تدخلت باكستان أيضاً دفاعاً عن كشمير، تبع ذلك تدخل أممي، وأصدر مجلس الأمن قراراً في 18 أغسطس/آب 1948م ينص على وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو ما لم يتم تطبيقه حتى الآن، كما تجددت المواجهة بين البلدين خلال عام 1965م، لكن الجهود الدولية نجحت في وقف القتال بينهما.

ومع بداية عام 1971م تجدد النزاع بينهما، عندما اتهمت وقتها باكستان الهند بدعم باكستان الشرقية (بنجلاديش) التي انفصلت لاحقاً في العام نفسه، ثم وقعت معاهدة "شِملا" 1972م بينهما ونصت على اعتبار خط وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين في 17 ديسمبر/كانون الأول 1971 هو خط هدنة، وأصبح الشطر الهندي من كشمير نحو 106.5 ألف كيلومتر، ويسمى "جامو وكشمير" ذات أغلبية مسلمة، أما الشطر الباكستاني فنحو 78 ألف كيلومتر، ويعرف باسم "ولاية كشمير الحرة آزاد كشمير"، إلى جانب أكثر من 38 ألف كيلومتر تسيطر عليها الصين وتسمى "أكساي تشين".

إلغاء الحكم الذاتي
طبعا الإجراءات الهندية التي تستهدف المسلمين لم تتوقف، إلا أنه خلال السنوات الأخيرة اشتدت القبضة الهندية على "جامو وكشمير" والانقضاض على الميزات التاريخية للولاية، إذ أعلنت السلطات الهندية في 5 أغسطس 2019م إلغاء الحكم الذاتي للولاية، وقسمتها إلى منطقتين تديرهما مباشرة حكومة نيودلهي، أعقبتها بتغييرات قانونية تسمح لغير سكان "جامو وكشمير" بشراء أراضٍ في الولاية، وأيضاً منح صفة "مواطن محلي" لآخرين من غير سكانها، وهي خطوة تعد مقدمة لتغيير ديمغرافي على حساب الأغلبية المسلمة التي تمثل أكثر من 65% من سكان الولاية، الذين تتراوح أعدادهم بين 13 و15 مليون نسمة، وهم من أجناس متعددة منهم آريون ومغول وأفغان وأتراك.

مسجد بابري
في الذكرى الأولى لإلغاء الحكم الذاتي لولاية جامو وكشمير، اقامت الحكومة الهندية حفلا ضخما لوضع حجر أساس معبد "رام" الهندوسي محل مسجد بابري الذي هدمه الهندوس في 6 ديسمبر 1992.
وفي مطلع 2021م عممت نيودلهي مرسوماً حكومياً ينص على إرسال موظفين إلى الولاية من خارجها، وإمكانية نقل موظفيها إلى مناطق أخرى ضمن تغييرات في الإطار البيروقراطي الذي يدير الجهاز الإداري، وهي خطوة تفتح الباب أمام مزيد من تهميش سكان الولاية.

اليوم الأسود
في مقابلة مع "الأناضول" قال "سردار مسعود خان" رئيس "آزاد كشمير" الجزء الخاضع لسيطرة باكستان: "إن نحو نصف مليون كشميري كانوا ضحية مذابح الهند خلال7 عقود، منهم 250 ألفاً عندما اقتحمت القوات الهندية "سريناجار" عاصمة الولاية في27 أكتوبر/تشرين الأول 1947م لاحتلالها".

قد نكون أبحرنا في العرض التاريخي، مع الإشارة إلى بعض تداعيات السياسات الهندية على سكان كشمير لا سيما المسلمين منهم، لكن واقع الأمر والمعاناة التي يعيشونها طوال كل تلك العقود من تهميش وتضييق يصب بالنهاية في اتجاه تضييق الخناق على مسلمي كشمير بهدف تحويلهم من أغلبية إلى أقلية،، وللحديث بقية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان