المسلمون في أستراليا.. أعراق ومذاهب وأيديولوجيات يحتل المسلمون المرتبة الثالثة بين معتنقي الأديان في أستراليا، بعد أتباع الدين المسيحي
يحتل المسلمون المرتبة الثالثة بين معتنقي الأديان في أستراليا، بعد أتباع الدين المسيحي، واللادينيين بنسبة 2.6% من إجمالي السكان 24 مليون نسمة عام 2016، وينتشر المسلمون -على اختلاف مذاهبهم وطرقهم وتوجهاتهم- في العديد من المدن الأسترالية.
ووفقًا لموقع (Australian Bureau of Statistics) تتكون هذه الأقليَّة من أعراق عدة ومذاهب مختلفة؛ نتيجة هجرة المسلمين إليها من الشرق الأوسط وبلاد البلقان وجنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية؛ إذ كانت بداية وصول الإسلام إلى القارة الجديدة من خلال التجار الإندونيسيين، الذين تركوا أثرًا على المواطنين الأستراليين في عدد من الأمور، أبرزها اللغة، وذلك قبل الهجرات الأوروبية إليها.
وازدادت أعداد المسلمين المهاجرين إلى أستراليا بعد وصول أساطيل بريطانية مُحَمَّلَة بمسلمين من البلدان المُحْتَلَّة لتعمير القارة الجديدة، والعمل كمرشدين بحريين.
استقدمت بعد ذلك الدول المحتلة مسلمي عدد من الدول التي احتلتها مثل أفغانستان، بدايةً من عام 1860 (جلبوا معهم الجمال إلى القارة الجديدة)، وسُميت بعد ذلك السكة الحديد بين أديليد وداروين باسم غان (اختصارًا لكلمة أفغان)، وبعد ذلك جاء غواصون مسلمون من مالايو للعمل في أستراليا الغربية، ووصل تعداد هؤلاء الغواصين المسلمين عام 1875 أكثر من 1800 غواص.
ازدادت -عقب ذلك- هجرات المسلمين من أصول مختلفة من ألبانيا وباكستان والشرق الأوسط، ويحمل كل واحد منهم منهجه الديني وطريقته الخاصة.
وترك المسلمون في أستراليا أثرًا بالغًا، واندمجوا في المجتمع الجديد، حتى برزت أسماء خاصة مثل «جون إلهان» (من أصول تركية: أغنى أسترالي شاب أصغر من 40 سنة عام 2003، صاحب شركة «كريزي جونز» للاتجار في الهواتف المحمولة) والممثل أسامة سامي، إيراني الأصل، وإدهوسيتش البوسني الأصل، نائب في مجلس النواب الأسترالي منذ 2010، ولاعب كرة القدم بشار حولي لبناني الأصل في نادي ريتشموند، ومواطنه أحمد فاعور المدير الإداري لشركة بريد أستراليا.
وتُوِّج هذا الوجود بفوز أربعة مسلمين دفعةً واحدةً، بينهم أول مُحَجَّبَة، بعضوية مجلس أكبر بلدية من حيث عدد السكان في أستراليا وسط مدينة سيدني سبتمبر 2017.
واقع الإسلام في أستراليا
يَذكر موقع «أحوال المسلمين muslimconditions» أنه نتيجة انتشار أبناء الأقليَّة المُسْلِمة في أستراليا، انتشرت كذلك المساجد والمؤسسات الدينية في أغلب المدن؛ إذ تَعْرف القارة نحو مائة مسجد في المدن الكبرى، ويَعتبر الدستور الأسترالي القارة ليست لها ديانة رسمية وفق المادة 116 التي تُحَرِّم منع حرية ممارسة أي دين، فإن معظم الجامعات، والمستشفيات الكبرى تحتوي على أماكن لأداء الصلاة، وفي هذه المساجد يتلقى المسلمون عددًا من الدروس الدينية واللغة العربية، وبعضها للأطفال.
وكان أول وجود للمؤسسات الإسلامية المُنَظَّمَة في القارة الجديدة في الخمسينيات من القرن الماضي؛ إذ أُسست في ولايتي «فكتوريا» و«نيوساوث ويلز» «الجمعية الإسلامية» التي بدأت نشاطها الفعلي عام 1957.
وينتشر الآن في أستراليا عدد من المؤسسات الدينية تخضع للمجلس الإسلامي الأعلى في أستراليا أو دار الفتوى، أهمها جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، والجمعية الصوفية الأسترالية (جمعية تهتم بإدارة شؤون المتصوفة من أبناء المسلمين في أستراليا، كما تشارك في أعمال عدة خيرية).
وجمعية المشروعات الخيرية الإسلامية تابعة للجمعية الأم في بيروت بلبنان، أسست عام 1989 بسيدني، ونالت الاعتراف بها عام 1991، ويتبع أبناء الجمعية المنهج الديني الذي أسسه الشيخ عبدالله الهرري، المعروف بتنظيم الأحباش، وقد أثاروا أزمة كبيرة مع مفتي القارة الجديدة الإمام الشيخ تاج الدين الهلالي عام 2006، حول فتوى له بخصوص غير المحجبات، أدت الفتنة إلى إعفاء المفتي من منصبه، بعد ضغط كبير، ليتولى مكانه مفتٍ جديد قريب من منهجهم.
وتشهد الحركة الإسلامية في الفترة الأخيرة بأستراليا تطورًا خاصًّا؛ إذ ظهرت جمعيات عدة إسلامية نسائية، أشهرها جمعية النساء المسلمات، والجمعية الوطنية للمسلمات، كما تنتشر العديد من الجمعيات الصغيرة في المدن، وفي مدينة سيدني وحدها ثلاث جمعيات نسائية أشهرها (جمعية الرفاهة النسائية الإسلامية «أيوا») وتتبع الفكر السلفي.
ولصحيفة «ذا أستراليان» إضافة مهمة إزاء تصنيف المسلمين الأستراليين، تكشف فيها أن نحو 15% من المسلمين في أستراليا يتبعون الفكر الإخواني.
الوجود الإعلامي
وعى المسلمون في أستراليا خطورة الإعلام في الدعوة والدعوة المضادة، فأسسوا بوابات عدة إعلامية؛ للانطلاق نحو الخارج ولحماية الداخل المسلم من الهجمات الخارجية على الإسلام، في محاولة لتقوية قواعد المنهج عند أبناء هذه المؤسسات الإعلامية، التي تنتشر في مدينتي سيدني وملبورن، اللَّتَيْن تحتويان على محطات راديو محدودة النطاق، إضافةً إلى مدينة سيدني التي تحتضن محطـة إذاعية إسـلامية تبث علـى مدار 24 ساعة، وإن كان يديرها طائفة الأحباش.
كما توجد مجلتان إسلاميتان، إضافة إلى المواقع الإلكترونية والصفحات الخاصة بهذه المؤسسات، فتصدر مجلة «سـلام» عن «اتحاد رابطة الطلبة والشباب المسلمين في أستراليا»، ومجلة «نداء الإسلام» عن «حركة الشباب الإسلامي».
ويُمثل المسلمون في الإعلام اللجنة الأسترالية للشؤون العامة للمسلمين المعروفة بـ«أمباك»، من خلال اتساع دائرة علاقاتها مع وسائل الإعلام، التي تستخدمها في نشر الدعوة للقارئ الأسترالي بطرق الإقناع التي يستسيغها.
محاربة الإرهاب
وتقدمت أستراليا طليعة الدول التي حاولت التصدي للإرهاب قبل انتشاره، فتصدت عام 2014 لمحاولات نشر التطرف الديني، بل وأسقطت الجنسية عن مواطن انضم إلى تنظيم «داعش».
وقالت وزيرة الخارجية الأسترالية «جولي بيشوب» في تصريح إعلامي لها: «إن عدد الأستراليين الذين يُقاتلون في صفوف تنظيم داعش في سوريا والعراق تضاعف خلال العام المنصرم»، وأضافت «بيشوب»: «نُقَدِّر عدد الأستراليين الموجودين حاليًّا في العراق في صفوف تنظيم «داعش» وغيره من المجموعات الإرهابية بنحو 120»، مستبعدةً أن يتواصل التزايد بهذه الوتيرة.
كما جاء في تقرير مُطَوَّل عرضه موقع «فرنسا 24»، أن أستراليا شهدت محاولات لإجراء عمليات متطرفة تصدت لها الشرطة، وأجرت حملات عدة ومداهمات على المتطرفين.
ورأى بعض الإسلاميين في هذه الحملات الأمنية اضطهادًا، وهذا ما صَرَّحَ به محامو الدفاع في القضايا الجنائية؛ إذ قالوا: إنه أصبح واضحًا بالفعل أنَّ تلك الإجراءات أسفرت عن تمييز بين المواطنين، وفقًا لتصريح نقلته وكالة رويترز، بينما باركت هذه المداهمات غالبية الحركات والجمعيَّات الإسلامية، التي تعيش في ظل الدولة الأسترالية.
تعليقات