أيمن هدهود اختفاء وتحقيقات ثم مستشفى أمراض عقلية،وفاة غامضة لباحث مصري ومطالبات بكشف الحقيقة،أسرة الباحث الاقتصادي المصري، وفاته بطريقة مفاجئة وغامضة

 

اختفاء وتحقيقات ثم مستشفى أمراض عقلية وفاة غامضة لباحث مصري ومطالبات بكشف الحقيقة القاهرة بعد ما يزيد على شهرين من الاختفاء، أعلنت أسرة الباحث الاقتصادي المصري، أيمن هدهود، وفاته بطريقة مفاجئة وغامضة أثارت غضب وتساؤل نشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفقا لموقع "المنصة" الإخباري، فقد أصدرت نيابة مدينة نصر (شرق القاهرة) اليوم الأحد قرارا بتشريح جثمان أيمن هدهود، لمعرفة سبب الوفاة، بعد اختفائه لأكثر من شهرين في مكان غير معلوم.

وقال المحامي عمر هدهود إن شقيقه أيمن تعرّض للإخفاء القسري منذ مساء الثالث من فبرايرشباط الماضي، بعد تناول العشاء معه في حيّ الزمالك بقلب العاصمة القاهرة، موضحا أن شقيقه احتجز بعد أيام من اختطافه في قسم خاص بمستشفى العباسية للصحة النفسية، على خلفية إصابته بحالة من الاضطراب النفسي عقب احتجازه في أحد مقار الشرطة وتعرضه للتعذيب، بحسب وصفه.

جدير بالذكر أن أيمن هدهود خريج الجامعة الأميركية بالقاهرة، وعضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح والتنمية (ممثل في البرلمان المصري الحالي)، وكان مستشارا اقتصاديا لرئيس الحزب محمد أنور السادات عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان.

والمثير أن السادات من أبرز الناشطين حاليا في الوساطة مع الأجهزة الأمنية لحلحلة ملف المعتقلين، ونجح بالفعل في الإفراج عن بعضهم خلال الشهور الماضية، كما بشّر مرات عدة بقرب حدوث انفراجة في ملف حقوق الإنسان، وخاصة أزمة المعتقلين على خلفية سياسية.

من جهتها، قالت الشبكة المصرية لحوق الإنسان إن أحد أمناء الشرطة حضر إلى منزل الأسرة بعد أيام من اختفاء أيمن وأبلغهم بتحفظ الأجهزة الأمنية عليه، ولكن من دون تفاصيل، لتعلم الأسرة لاحقا أنه كان محتجزا في قسم شرطة منطقة الأميرية لعدة أيام، ثم احتجز في مبنى الأمن الوطني بالمنطقة ذاتها لاستجوابه والتحقيق معه، ثم تأكدت الأسرة من مصادر لها بوجوده في مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية.

وقال بيان للشبكة إن شقيق هدهود عندما ذهب إلى المستشفى لزيارته، أنكرت المستشفى وجوده في البداية، ثم أقروا بالأمر بعد إلحاح شديد، وأُبلغ بأنه محتجز بأوامر من الشرطة تحت الملاحظة لمدة 45 يوما، ولن يسمح بزيارته من دون إذن النيابة العامة.

توجهت أسرته إلى مكتب النائب العام لاستخراج تصريح بالزيارة، وقوبل الطلب بالرفض، وعدم إمكانية استخراج تصريح زيارة له، لأن أيمن هدهود ليس محبوسا على ذمة أي قضية.

تقدمت الأسرة مرة أخرى ببلاغات إلى النائب العام ووزارة الداخلية والمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان، لإعلامهم باختفاء ابنهم والمطالبة بالكشف عن مصيره، ولكن من دون جدوى.

غضب وتساؤلات

وتداول عدد من النشطاء منشورا لصفحة "الموقف المصري" على فيسبوك -وهي صفحة معنية بالشأن العام والتحليل السياسي- حيث قدمت معلومات مفصلة عن هدهود، وما تم معه منذ لحظة اختفائه، وحتى إعلان وفاته الغامضة، مطالبة السلطات بالكشف عن مكان إخفائه وملابسات وفاته.

وحسب الصفحة، فإن أسرة هدهود كانت تعرف باحتجازه لدى أحد الأجهزة الأمنية في منطقة الأميرية بالقاهرة من خلال "اتصالات غير رسمية"، وأن أسرته لم تكتب عن تفاصيل احتجازه حرصا على حياته، وبعد تطمينات بأن الأمر سينتهي بسلام قريبا، إلا أنها فوجئت بوفاته.

وتساءلت الصفحة "ما الخط الأحمر للنظام الحالي؟ وكيف لم يعد مسموحا حتى الكلام في الاقتصاد بشكل منطقي وموضوعي؟"، خاصة أن الراحل كان متخصصا في الاقتصاد وخريج جامعة كبرى وعمل في مجال التنمية ومكافحة الفساد في الشركات الصغيرة والمتوسطة، وكان مستشارا للهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية.

وربط المنشور بين حادث أيمن هدهود وبين اختفاء وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في مصر قبل سنوات، الذي تسبب في توتر العلاقات بين روما والقاهرة، إذ تتهم إيطاليا الأمن المصري بتعذيب ريجيني وقتله، في حين تنفي السلطات المصرية ذلك.

ورأى المنشور أن ما حدث كان يمكن أن يتسبب في تغيير أنظمة وحكومات ومحاكمة العديد من الأشخاص، لكن لو كان هناك حد أدنى من القانون، داعيا إلى الاهتمام بقضية الاعتقال والإخفاء القسري، لأنه لا أحد بات بعيدا عن التعرض للأزمة نفسها، بحسب وصف المنشور.

حزن مواقع التواصل

وأعرب عدد من النشطاء ورواد مواقع التواصل عن حزنهم لوفاة هدهود بهذا الشكل الغامض والمفاجئ، وأشاد عدد منهم بالباحث الراحل.

وقال مغردون إن رحيل هدهود بهذا الشكل يؤكد ما يتعرض له المصريون من ظلم في عهد النظام الحالي، الذي ترك الأجهزة الأمنية تبطش بالمواطنين من دون حساب، وتستخدم سلاح الإخفاء القسري ضد خصوم السلطة السياسيين في مخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية، بحسب وصف بعضهم.

وطالب النشطاء بالكشف عن تفاصيل ما حدث مع الباحث الراحل، منذ القبض عليه وحتى وفاته، بما فيها أماكن احتجازه، وحقيقة تعرضه للتعذيب، وسبب نقله لمستشفى الأمراض العقلية وملابسات وفاته هناك.

وتأخر صدور تعليق رسمي حتى مساء اليوم الأحد، إذ نقلت وسائل إعلام حكومية عن مصدر أمنى -لم تكشف عن هويته- نفيه صحة ما تداولته بعض الصفحات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية (على حد وصف المصدر) بشأن الزعم باختفاء المواطن أيمن هدهود قسريا.

وقدم المصدر رواية أخرى تفيد بأنه بتاريخ السادس من فبراير/شباط 2022، قام حارس عقار في منطقة الزمالك بالقاهرة بإبلاغ الشرطة عن وجود هدهود داخل العقار ومحاولته كسر باب إحدى الشقق وإتيانه بتصرفات غير مسؤولة، وهو ما دفع الشرطة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية في حينه، وإيداعه بأحد مستشفيات الأمراض النفسية، بناءً على قرار النيابة العامة.

من يوقف "مختلا عقليًا" في القاهرة؟
"مختلّ عقلياً"... صفة، وتبرير، لمرتكبي أغلب جرائم القتل على الهوية الدينية ضد المسيحيين في مصر. هل يحتاج النظام المصري إلى تبرير؟ بالقطع، النظام مسؤول بشكل مباشر عن "تصنيع" مناخ طائفي، شبه دائم، وتعهّده، ورعايته، وتغذيته بين حين وآخر، والحفاظ على وجوده واستمراره واستثماره وقت اللزوم.
مجزرة ماسبيرو في 2011، مجرّد مثال شهده أبناء هذا الجيل، ويمكن الإحالة عليه، من دون حاجة لاستعراض الجرائم المتكرّرة، والمتنوعة، في حق الأقباط، والتي يرتكبها طائفيون بمعرفة النظام، أو بتحريضه، أو بعلمه وتفويته. ولا يعني "كذب" النظام بشأن الفاعل ودوافعه أحيانا، أن السيد "مختلّ عقليا" غير موجود.

على العكس، القتل على الهوية، في حد ذاته، محض اختلال عقلي، و"حالة" تحتاج علاجاً، وما الفاعل، هنا، سوى "عرَض"، لا تنهي محاصرته المرض، ولا تحول دون تكرار الجريمة. يتمثّل المرض في "خلق" المناخ الطائفي، وأسبابه الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية، وأيضاً القانونية، من دون التقليل من أي سببٍ منها، فلا العنف وليد خطابات أو نصوص، فقط، ولا هو نتاج سياسات الفقر والإحباط باليأس وغياب المنجز أو المشروع وتغييب القانون، مع سبق الإصرار، بل هو نتاج هذه الأسباب مجتمعة.
في أسبوع واحد، شهدت مصر جريمتي قتل على الهوية، الأولى على الهوية الدينية والأخرى على الهوية السياسية (بالأحرى الاقتصادية). والفاعل، بالضرورة، مختلّ عقلياً. قتل القمص أرسانيوس وديد بالإسكندرية، وقتل الباحث الاقتصادي أيمن هدهود.

الأول قتله "مختلّ عقليا" وأخبرنا النظام بذلك، والثاني قتله النظام قبل أن يخبرنا بأنه لم يفعل طبعا، وبأن المجني عليه شخصيا "مختلّ عقلياً"، ولذلك تم القبض عليه، واتهامه مرة بسرقة شقة وأخرى بسرقة سيارة، وإيداعه مستشفى المجانين، وقتله. القاتل مختلّ عقلياً، إذا كان مدنياً، والمقتول "مختلّ عقلياً" إذا كان القاتل عسكرياً، والقارئ والمشاهد، بالضرورة "مختلان عقلياً" إذا تعاملا مع رواية الدولة، في الحالتين، بوصفها صادقة!

في حالة القمص أرسانيوس، الجريمة واضحة. قسّيس اعترضه "مختلّ"، ونفث فيه مشاعر الغضب والغلّ التي تحملها خطابات دينية. تعمّدت السلطة التي تملك منافذ التعبير كافة أن تخلي لها الجو والطريق، من دون منافس حقيقي يكشفها ويعرّيها، ويعيدها إلى "هامشٍ" يليق بها، ويضع أصحابها في دائرة الاتهام والمساءلة القانونية.

ناهيك عن توفر بيئة توالد فيروسات الكراهية، من فقر وغلاء وأفق مسدود، ما يعني إمكانية تحول و"تحور" فيروس طائفي إلى رصاصة أو نصل سكين في رقبة أحدهم، أما الجريمة الثانية فهي جنون "رسمي"، الضحية باحث اقتصادي، خرّيج الجامعة الأميركية، ماجستير إدارة أعمال من الجامعة نفسها، عضو في الهيئة العليا لحزب الإصلاح والتنمية، وهو حزب سياسي مصري معترف به من الدولة المصرية، مستشار اقتصادي لرئيس الحزب محمد أنور السادات.

والحزب ورئيسه شريكان حقيقيان للنظام المصري في ملفات عدة، منها ملفات حقوقية. يظهر رئيس الحزب في الإعلام المصري، بمعرفة النظام، وتحت عينه، ويتحدّث عنها، وبها. ومع ذلك، تعرّض أيمن هدهود للقبض عليه، ثم قتله.
جريمة القمص أنّه مسيحي، وهو سببٌ كافٍ بالنسبة إلى "مختلّ عقلياً" لقتله.

وجريمة هدهود أنّه يكتب آراءه فيما يحدث في الاقتصاد المصري، بوصفه "مختصاً" و"دارساً" ما يقول، كما اشترط فخامة الرئيس على معارضيه، ليسمح لهم بمعارضته. وهذا أيضاً سبب كافٍ للقبض عليه وإخفائه وتعذيبه وقتله وإنكار قتله وإلحاق صفة مختلّ عقلياً به من الجهة الأكثر اختلالاً عقلياً وسياسياً وقانونياً وإنسانياً في مصر.

لا يمكننا، وغير مسموح لنا، أن نُسائل النظام في الحالتين، وفي غيرهما، بشأن الجريمة وأسبابها وإمكانية محاسبة الفاعل، وضمانات عدم تكرّر ذلك، أو الحدّ منه.

كلّ ما نطمع فيه، بشكل واقعي، السؤال: ما المطلوب ليتوقف النظام عن السماح بالقتل أو التحريض عليه أو اقترافه؟ ما معايير استمرار صاحب الهوية المختلفة على قيد الحياة في مصر؟ والتي أرى أنّ هدهود اجتهد في استيفائها كاملة، وفق القانون والدستور الأصليين، أو قانون الأمر الواقع، المتجاوز للقانون الرسمي، ورغم ذلك كان مصيره مصير أيّ إرهابي أو مجرم، سواء كان إرهابياً بشكل حقيقي، أو في رواية "مختلّ عقلياً".

 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان