حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا، معلم للغة العربية وداعية إسلامي مصري، ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 والمرشد الأول لها ورئيس تحرير أول جريدة أصدرتها الجماعة

                                            
                                    
 حسن البنا (14 أكتوبر 1906- 12 فبراير 1949م (25 شعبان 1324هـ - 13 ربيع الآخر 1368هـ) واسمه بالكامل حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا، معلم للغة العربية وداعية إسلامي مصري، ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 والمرشد الأول لها ورئيس تحرير أول جريدة أصدرتها الجماعة عام 1933، وصاحب الفكر الرئيسي المؤثر في أفرادها من خلال العديد من الرسائل التي ألفها ويلقب بين أنصاره "بالإمام الشهيد"، 

نشأ في أسرة متعلمة مهتمة بالإسلام كمنهج حياة حيث كان والده عالماً ومحققاً في علم الحديث، تأثر بالتصوف عن طريق احتكاكه بالشيخ عبد الوهّاب الحصافي شيخ الطريقة الحصافية الشاذلية في عام 1923 لكنه تركها فيما بعد كما تأثر بعدد من الشيوخ منهم والده الشيخ أحمد البنا الذي كان شيخا في الأزهر وصاحب كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، والشيخ رشيد رضا صاحب مجلة المنار، والشيخ محمد زهران - صاحب مجلة الإسعاد، وصاحب مدرسة الرشاد التي التحق بها لفترة وجيزة بالمحمودية - ومنهم أيضًا الشيخ طنطاوي جوهري صاحب تفسير القرآن الجواهر.

تخرج في دار العلوم عام 1927 ثم عين مدرساً للغة العربية في مدينة الإسماعيلية في نفس العام ونقل إلى مدينة قنا بقرار إداري عام 1941 ثم ترك مهنة التدريس في عام 1946 ليتفرغ لإدارة جريدة الشهاب. أسس في عام 1928 جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة سياسية إسلامية تهدف إلى إعادة الخلافة الإسلامية، وإعادة الحكم الإسلامي وتطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة اليومية وتحرير البلاد الإسلامية من الإحتلال الأجنبي مستنداً إلى آرائه وأطروحاته لفهم الإسلام المعاصر حيث قال:«إن الإسلام عقيدة وعبادة ووطن وجنسية ودين ودولة وروحانية ومصحف وسيف.» 


وعبر النهج الإصلاحي بدءا من الفرد المسلم ثم الأسرة المسلمة ثم المجتمع المسلم ثم الحكومة الإسلامية فالخلافة الإسلامية والوصول أخيراً إلى أستاذية العالم حيث يحكم الإسلام العالم كله، في ظل تشتت الأمة الإسلامية ووقوعها تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والغزو الفكري الأوروبي والعلماني للوطن العربي والعالم الإسلامي أخذ يدعو الناس إلى العودة إلى الإسلام ونشر مبادئ الإسلام في جميع المدن المصرية والريف وقد بلغ عدد المنضمين للإخوان وقتها أكثر من نصف مليون فرد من جميع أطياف المجتمع المصري.


له نتاج أدبي ومؤلفات منها رسائل الإمام الشهيد حسن البنا وتعتبر مرجعًا أساسيًّا للتعرُّف على فكر ومنهج جماعة الإخوان بصفة عامة، ومذكرات مطبوعة عدة طبعات أيضًا بعنوان مذكرات الدعوة والداعية ولكنها لا تغطِّي كل مراحل حياته وتتوقف عند سنة 1942. وله عدد كبير من المقالات والبحوث القصيرة جميعها منشورة في صحف ومجالات الإخوان المسلمين التي كانت تصدر في الثلاثينيات والأربعينيات،أوّل مقال نشره كان سنة 1928 في جريدة الفتح تحت عنوان الدعوة إلى الله وآخر مقال نشره قبل اغتياله كان بين المنعة والمحنة ونشر في كانون أول عام 1948 في جريدة الإخوان اليومية قبيل صدور قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين في نفس الشهر.


وُلِد البنا في المحمودية من أعمال محافظة البحيرة بدلتا النيل في يوم الأحد 25 من شعبان سنة 1324 هـ وهو ينتسب إلى أسرة ريفية متوسطة الحال، كانت تعمل بالزراعة في إحدى قرى الدلتا هي قرية شمشيرة قرب مدينة رشيد الساحلية. كان جَدُّه عبد الرحمن فلاحًا، ونشأ والده أحمد بعيدا عن العمل بالزراعة، فدرس علوم الشريعة في جامع إبراهيم باشا بالإسكندرية. والتحق أثناء دراسته بمحلٍّ لإصلاح الساعات في الإسكندرية، وأصبحت بعد ذلك حرفة له وتجارة، ومن هنا جاءت شهرته بالساعاتي. 


أصبح والده من علماء الحديث وله فيه مصنفات عديدة أهمها "ترتيب مسند الإمام أحمد" مع مفتاح له يسهل الوصول إلى أحاديثه، وله أيضاً كتاب بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي وفي كنفه نشأ حسن البَنَّا فتطبع بالكثير من طباعه، كما درس البنا على أبيه العلوم الشرعيَّة، وقد كان والده يدرك الأهميَّة الإيجابيَّة للاختلافات الفقهيَّة بين أصحاب المذاهب المتعددة، فجعل كل واحد من أبناءه يدرس واحدا من المذاهب الفقهيَّة، فكان المذهب الحنفي من نصيب حسن، وكان يعلمه دروس الفقه في المنزل، وكان يحثُّه على حفظ المتون في فروع العلوم الشرعيَّة، ويشجعه على القراءة واقتناء الكتب، وبالإضافة إلى هذا فقد علَّمه صنعة الساعات، وحرفة تجليد الكتب.


اشترك الأستاذ حسن البنا منذ وقت مبكر من عمره في بعض الجمعيات الدينية، وانضم لطريقة صوفية تُعرف بالطريقة الحصافية، حتى صار سكرتيراً للجمعية الحصافية للبر وهو في الثالثة عشرة من عمره. تميز حسن البنا بفهم واسع، وذكاء متقد، وذاكرة قوية، وكان حريصًا على الصلاة وأدائها في المسجد، مداومًا على تلاوة القرآن الكريم، يهتم بأداء الشعائر الدينية ويدعو زملاءه إليها، يُجيد فنَّ الحوار والإقناع، ويتميز بالشجاعة الأدبية واللباقة في الأسلوب، والأهم كانت لديه فكرة لتغيير النظم بما يتوافق مع رؤيته للإسلام.

دخل حسن البنا الكتاب في الثامنة من عمره، وبدأ تعليمه في مكتب تحفيظ القرآن بالمحمودية، وتنقل بين أكثر من كُتَّاب حتى إن أباه أرسله إلى كتّاب في بلدة مجاورة، وكانت المدة التي قضاها في الكتاتيب وجيزة فحفظ نصف القرآن الكريم، كما تعلم القراءة والكتابة على يد معلمه الشيخ محمد زهران المحمودي صاحب كتّاب مدرسة الرشاد الدينيَّة وتأثر به، وكان دائم التبرُّم من نظام الكُتّاب ولم يُطِق أن يستمر فيه فالتحق بالمدرسة الإعدادية رغم معارضة والده الذي كان يحرص على أن يحفِّظه القرآن ولم يوافق على التحاقه بالمدرسة إلا بعد أن تعهّد له حَسَن بأن يُتِمَّ حفظ القرآن في منزله.


كون مع زملائه الذين كانوا يشتركون معه في الصلاة جمعية سماها "جمعية محاربة المنكرات"، فكانوا يرسلون خطابات للمخطئين لنصحهم وإرشادهم حتى يعودوا إلى الطريق الصحيح. وبعد إتمامه المرحلة الإعدادية التحق بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور وهو في الرابعة عشرة من عمره، واصل البنا دعوته إلى التمسك بالإسلام فكان يوضح لزملائه في المدرسة فضل الصلاة المفروضة وأدار حلقة لقراءة القرآن الكريم قبل دخول التلاميذ لفصولهم ولم يمنعه ذلك من الاهتمام بدروسه بل كان متفوقًاً في دراسته.


ثم التحق البنا سنة 1923 وهو في السادسة عشرة من عمره بكلية دار العلوم بالقاهرة، بعد أن حصل في السنة النهائية من مدرسة المعلمين على المركز الأول فكان ترتيبه الخامس بين جميع طلاب مصر. وعندما دخل دار العلوم وتقدم لامتحانها كان يحفظ ثمانية عشر ألف بيت من الشعر وكثيرًا من النثر. أعجب البنا بالدراسة في دار العلوم وأساتذتها وأخذ يذاكر بجد ونشاط ويجتهد في دراسته فكان الأول فيها. وتلقى دروس علم الحياة ونظم الحكومات والاقتصاد السياسي إلى جانب الدروس الأخرى في اللغة والأدب والشريعة وفي الجغرافيا والتاريخ. حتى تخرَّج منها سنة 1927. 


وفي هذه الفترة اتصل البنا بالشيخ محب الدين الخطيب و رشيد رضا، جمع البنا مكتبة ضخمة تحتوي على عدة آلاف من الكتب في المجالات المذكورة إضافةً إلى أعداد أربع عشرة مجلة من المجلات الدورية التي كانت تصدر في مصر مثل مجلة المقتطف ومجلة الفتح ومجلة المنار وغيرها، ولا تزال مكتبته إلى الآن في حوزة ابنه سيف الإسلام.


عُين البنا مدرساً للغة العربية بإحدى المدارس الابتدائية بالإسماعيلية، ومنها إنطلق بدعوة الإخوان المسلمين، ثم عاد البنا في عام 1932 إلى القاهرة مرة أخرى ليزاول عمله مدرسا بمدرسة عباس بالسبتية، وأخذ يؤسس لجماعته تأسيساً واسع النطاق وينتقل بها من مرحلة إلى مرحلة أمضى البَنّا ما يقرب تسعة عشر عامًا مُدرِّسًا بالمدارس الابتدائية؛ في الإسماعيلية ثم في القاهرة، وعندما استقال من وظيفته كمدرس في سنة 1946. 

كان قد نال الدرجة الخامسة في الكادر الوظيفي الحكومي، وبعد استقالته عمل لمدة قصيرة في جريدة الإخوان المسلمون اليومية، ثم أصدر مجلة الشهاب الشهرية ابتداءً من سنة 1947؛ لتكون مصدرًا مستقلاًّ لرزقه ولكنها أغلقت بحل جماعة الإخوان المسلمين في 8 من ديسمبر 1948.

 مساهمة البنا في العمل الدعوي

عندما تألفت جمعية الأخلاق الأدبية وقع اختيار زملائه عليه ليكون رئيسًا لمجلس إدارة هذه الجمعية، ثم أنشأوا جمعية أخرى خارج نطاق مدرستهم سموها جمعية منع المحرمات، ثم تطورت الفكرة في رأسه بعد أن التحق بمدرسة المعلمين بدمنهور. فأنشأ الجمعية الحصافية الخيرية التي زاولت عملها في حقلين أساسيين هما: نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة ومقاومة المنكرات والمحرمات المنتشرة. 


والثاني: مقاومة الإرساليات التبشيرية، بعد انتهائه من الدراسة في مدرسة المعلمين انتقل إلى القاهرة وانتسب إلى مدرسة دار العلوم العليا فاشترك في جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية. ويبدو أن فكرة تكوين جماعة الإخوان قد تبلورت في رأسه أول ما تبلورت وهو طالب بدار العلوم، فقد كتب موضوعًا إنشائيًا كان عنوانه ما هي آمالك في الحياة بعد أن تتخرج؟ فقال فيه:

(إن أعظم آمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أمل خاص وأمل عام. فالخاص: هو إسعاد أسرتي وقرابتي مااستطعت إلى ذلك سبيلاً. والعام: هو أن أكون مرشدًا معلمًا أقضي سحابة النهار في تعليم الأبناء وأقضي ليلي في تعليم الآباء أهداف دينهم ومنابع سعادتهم، تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة).


بعد إلغاء الخلافة الإسلامية سنة 1924 أصبح الدين من وجهة نظر البعض علامة على الجهل والتأخر والبعد عن الحضارة، وخلع الكثير من نساء مصر الحجاب، فعمل حسن البنا على تكوين جماعة من الدعاة المتحمسين من طلبة دار العلوم والأزهر، وخرجوا إلى الناس في المساجد والمقاهي يخاطبونهم بأسلوب بسيط، ويرشدونهم إلى التمسك بدينهم واتباع سنة الرسول،حتى عندما تم تعيينه مدرساً

 عام 1927 بمدارس الإسماعيلية للبنين، لم يتوقف عن دعوته، واختار أن يتوجه بالدعوة للناس في المقاهي التي تزدحم بهم فكان يصور لهم الحياة الإسلامية على أنَّها بناء يقوم على أربعة أعمدة؛ الحكومة، والأمة، والأسرة، والفرد.


 تأثر بدعوته الكثيرون، فأسس البنا جمعية الإخوان المسلمون في الإسماعيلية، ثم تم نقله ليعمل مدرساً في القاهرة، وأخذ يدعو المسلمين إلى العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله ، حتى عظم أمر الإخوان المسلمين وبلغ عددهم في ذلك الوقت أكثر من نصف مليون فرد.

تأسست جماعة الإخوان في مارس - سنة 1928، حيث زار حسن البنا في منزله، حافظ عبد الحميد، أحمد الحصري، فؤاد إبراهيم، عبد الرحمن حسب الله، إسماعيل عز، وزكي المغربي، الذين تأثّروا من محاضراته، وقالوا له - كما يروي البنا في مذكراته -:


وافق البنا، وكانت البيعة، فتم تأسيس مدرسة التهذيب لحفظ القرآن وشرح السور، وحفظ وشرح الأحاديث النبوية وآداب الإسلام، فصارت المدرسة مقراً للإخوان، وخرّجت الدفعة الأولى من الإخوان وكان عددهم أكثر من سبعين، بدأ عمل الإخوان ينتشر في نواحي حياتية واسعة مثل بناء المساجد ونشر العلم ومساعدة المحتاجين، وجاء في خطبة البنا الأولى في مسجد الإخوان:

"إذا كان أحدنا يحرص على محبة الكبراء وإرضاء الرؤساء، والأمة تجتلب مرضاة الدول، وتوثيق العلائق فيما بينها وبين الحكومات الأخرى، وتنفق في ذلك الأموال، وتنشىء له السفارات والقنصليات، أفلا يجدر بنا ويجب علينا أن نترضّى دولة السماء، وعلى رأسها رب العالمين الذي له جنود السموات والأرض، وبيده الأمر كله؟! نترضاه بإنشاء المساجد وعمارتها، وأداء الصلوات فيها لأوقاتها فيمدّنا بجنده الذي لا يغلب وجيشه الذي لا يقهر."


ما أوجد للبنا ولأصحابه أعداءا حاولوا دسّ الدسائس بواسطة تقديم عرائض إلى رئيس الحكومة آنذاك، صدقي باشا، تتهمه بأنّه مدرّس شيوعي يتصل بموسكو، أو وفدي يسعى للإطاحة بالحكومة، أو يتفوّه ضد الملك فؤاد، أو يجمع المال بصورة غير قانونية.

ودعي حسن البنا الملوك والحكام إلى تطبيق الشريعة الإسلاميّة في شؤون الحياة سنة 1948م ، وبشر المسلمين بالدولة الإسلامية في صورة الخلافة، وقال: "إذا لم تقم الحكومة الإسلامية فإن جميع المسلمين آثمون".

الإنتشار والهدف


تطورت جماعة الإخوان وانتشرت في مختلف فئات المجتمع، حتى أصبحت في أواخر الأربعينيات أقوى قوة اجتماعية سياسية منظمة في مصر، كما أصبح لها فروع في عدد من البلدان العربية والإسلامية، كان البَنّا يؤكِّد دومًا على أن جماعته ليست حزبًا سياسيًّاٍ، بل هي فكرة تجمع كل الأفكار الإصلاحية، وتسعى إلى العودة للإسلام واتخاذه منهجًا شاملاً للحياة، ويقوم منهجه الإصلاحي على التربية والتدرج في إحداث التغيير ويتلخص هذا المنهج في تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة ثم المجتمع المسلم ثم الحكومة المسلمة فالدولة فالخلافة الإسلامية وأخيرًا الوصول إلى أستاذية العالم. والمعنى هو أن يكون الإخوان هم القدوة والقِبلة التي يجب أن تتجه إليها كافة الأنظار لتتعلم منها وتنهل من علومها وتجاربها

العمل السياسي

خاض البنا وجماعة الإخوان المسلمين على مدى عقدين من الزمان (1928 - 1949) العديد من المعارك السياسية مع الأحزاب الأخرى، وخاصةً حزب الوفد والحزب السعدي فقد قاومت الأحزاب المصرية فكر حسن البنا وحالت دون توسع الإخوان المسلمين سياسياً، كما خاض البنا الانتخابات المصرية أكثر من مرة بدائرة الدرب الأحمر بالقاهرة، وكان بها المركز العام لجماعته وكان يقطن بها بـحي المغربلين، لكنه لم يفز في أي مرة في أي دائرة لا هو ولا زملاؤه بما فيهم أحمد السكري سكرتير الجماعة وكان مرشحًا بالمحمودية مقر ولادته.


في الأعوام التالية لنهاية الحرب العالمية الأخيرة اتجه إلى القيادة الشعبية العامة وعدم انحصاره في دائرة جماعته حيث إنه كان يخاطب جماهير الشعب ويحثها على الالتزام بتعاليم الإسلام والعمل له تحت لواء جماعته، على أن الترشيح للانتخابات البرلمانية سنة 1944 كان بداية للتحرك بين جماهير الشعب، استفاد البنا من الظروف السياسية في مصر عقب الحرب العالمية خاصة بعدما اهتزت زعامة حزب الوفد الشعبية بعد قبوله الحكم نتيجة للتدخل البريطاني سنة 1942 ولم تستطع الأحزاب السياسية الأخرى أن ترث هذه الزعامة، في حين تزايدت أعداد الإخوان ومناصريهم وبرزت مطالب قومية عامة بعد انتهاء الحرب، وتطلع الشعب لمن يقوده لتحقيق جلاء الإنجليز عن البلاد، ثم جاءت قضية فلسطين وقرار تقسيمها والإحتلال الصهيوني فزاد من سخط الشعب وهياجه.


فانطلق البنا يقود المظاهرات الشعبية العامة التي خرجت من الأزهر بعد قطع المفاوضات وعرض قضية مصر على مجلس الأمن وخطب في الجموع إلى جانب كبار رجالات مصر والعروبة عام 1947 وقد جرح في إحداها. 

وفي المظاهرة الشعبية الكبرى التي تجمعت بميدان الأوبرا في القاهرة تأييداً لفلسطين في ديسمبر 1947 بعد تقسيم فلسطين خطب البنا إلى جانب رياض الصلح والأمير فيصل بن عبد العزيز والشيخ محمود أبو العيون وجميل مردم وصالح حرب وإسماعيل الأزهري والقمص متياس الأنطوني مندوب بطريركية الأقباط الأرثوذكس.


الإخوان وفلسطين اهتم البنا بقضية فلسطين واعتبرها قضية العالم الإسلامي بأسره ودعى إلى الثورة والقوة والدم، في مواجهة ما يسميه التحالف الغربي الصهيوني ضد الأمة الإسلامية ودعا إلى رفض قرار تقسيم فلسطين الذي صدر عن الأمم المتحدة سنة 1947 ونادى بالجهاد في فلسطين؛ "حتى يمكن الاحتفاظ بها عربية مسلمة"، وقال:«إن الإخوان المسلمين سيبذلون أرواحهم وأموالهم في سبيل بقاء كل شبر من فلسطين إسلاميًّا عربيًّا، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.»

بدأت صلة البنا بفلسطين بصداقته للحاج أمين الحسيني عندما كان طالباً في القاهرة فكانا يتجاذبان أطراف الحديث عن فلسطين، فشرع البنا يرسل شباب الإخوان في مساجد القاهرة والمحافظات يحدثون الناس عن ظلم الإنجليز وبطشهم وتآمرهم على أهل فلسطين، ثم دعا بعد ذلك إلى مقاطعة المجلات اليهودية في القاهرة، فطبع قائمة كشوف بأسماء هذه المجلات وعناوينها، والأسماء الحقيقية لأصحابها وذيلت الكشوف بعبارة إن القرش الذي تدفعه لمجلة من هذه المجلات، إنما تضعه في جيب يهود فلسطين ليشتروا به سلاحاً يقتلون به إخوانك المسلمين في فلسطين





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى