بواعث العنف لدى المراهقين : تيارالتربية يمتد منذ الطفولة إلى المراهقة وما بعدها على غرار نهر جارٍ بلا انقطاع، والأسباب التي تؤدي إلى نمو العنف لدى المراهق تشكل مراحل متوالية، منها الذي يتعلق بالعوامل الطبيعية physiology،ومنها ما يتعلق بالعوامل النفسية Psychology، ولا نستطيع الجزم بأن سببا ما بعينه يؤدّي إلى السلوك العنيف لدى المراهق. ومع الرسول صلى الله عليه وسلم المعين الذي لا ينضب حيث أرسى قاعدة في التعاطي التربوي مع مراحل النمو البشري، بما يتلاءم مع القدرات والإستعدادات، عندما أطلق تحديده للمراحل العمرية للولد منذ أكثر من 1400 سنة، ولم يكن في دائرة النصيحة التوجيهية العابرة، بل لتعليمنا سراً من أسرار الخلق، وليوفر علينا تجارب الإستكشاف والخطأ والتصحيح ويسهّل طريق تنمية معارفنا (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوْحَى) 3-4 ـ سورة النجم، ودعائم إسلامية لعلم النفس التربوي الحديث. ونأسف أن يكون لدينا هذا المعين التربوي الغني المتمثّل في كلّيات القرآن الكريم والتي لخصت في كليات لقمان التي أوصى فيها بحُسن الصلة تجاه الخالق والمخلوق في سورة لقمان الآية 13 وما بعدها ، وتفصيل الكتاب الذي جاء به رسولنا من الحكمة إذ كان يوجّه الشباب في سن المراهقة الخطِر ، فترشيدُ السلوك في الطعام والشراب للصغار مع البدء بالبسملة، وعدم الأثرة واحترام جُلساء الطعام، إلى دفعهم إلى الرياضة التي تكسبهم شدة البأس، والإجابة على المراهق الذي يطلب الإذن في ارتكاب المحرّم وعلاجه صلى الله عليه وسلم للموقف وغيرها. الكثيرون يتساءلون عن دوافع العنف لدى المراهق، ونجد إجابات عديدة كلّها تفسرالتغييرات في جسم ونفس المراهق، وكلها تحتاج منا إلى التوجيه المباشر وغير المباشر والصبر، فتركيبة الإنسان ينتج عنها سلوك قد لا يتضح سببُه للكثيرين، وقد يعجز المربون عن الإجابة فيلجأون إلى تخمينات Speculation أو تفسيرات نظرية ربما تكون قائمة على تجارب معملية فنردها إلى عواملها، وربما نجد الإجابة يكتنفها الغموض Ambiguity، فحتى السلوكيات غير المبررة يذكر العماء أنها نتاج لعوامل كيميائية في الجسم، تدعمها عوامل خارجية، ويستمر السلوك العام وسط تدارك من المربين حتى الوصول إلى مرحلة المراهقة . العوامل الجينية تكوين الإنسان ناتج عن المورثات Genes التي اختلطت في مراحل تكونه في الرّحم كما قال ربنا في محكم تنزيله (إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) 2ـ سورة الإنسان، فكما يرث الإنسان لونه، وشكله، وطوله، ليكون نسخة معدّلة عن أبويه؛ يرث أيضا سلوكياته عنهما !. ويأتي تفسير تواجد العنف من قبل فريق من الباحثين بجامعة نورث كارولاينا الأمريكية مؤخرا بأن ثلاثة جينات قد تكون مسؤولة عن التسبب في عنف وجنوح المراهقين، وأشار الدكتور جوانج جو أستاذ علم الاجتماع ورئيس فريق البحث، إلى أن أفراداً يحملون نوعاً خاصاً من جين m.a.o.a"ام.ايه.او.ايه" يطلق عليه 2.r"2 ار" و d.r.d.2"دي.ار.دي.2" هؤلاء كانوا أكثر عرضة للسلوكيات العنيفة التي قد تؤدي لسلوكيات تجنح إلى الجريمة من غيرهم من الذين لايحملون هذا الجين،وأوضح جوانج أنّ 1% من البشر يحملون هذا الجين، وقد سجل مستويات عالية جداً في العنف والجنوح لديهم. ولكن هذا السلوك يظهر فقط عندما يعاني الأطفال من ضغوط خرى مثل المشاكل الأسرية والفشل في الدراسة. ورغم الكشف العلمي الجديد،لا نجد سلوك الكثيرين ضمن نسبة الـ 1% العنيف مُعلنا، فمن الممكن أن يحمل مراهق الجينات المذكورة، ولكن لا يبدي سلوكا عنيفا، بل يعاني غليانا داخليا يقوم باختزانه، وتفريغه في خياله بأحلام اليقظة والانطواء، وهذا السلوك وإن كان سلبيا إلا أنّه يكون بمثابة صمام أمان نسبي للمراهق ولكن إلى حين، لأنه يكتم ذلك حيث يذكر النفسيون أن لدى كل منا حيل أو دفاعات نفسية مثل "الكبت" والذي يعرّف بأنه: إبعاد الأفكار المؤلمة إلى حيز اللاشعور، و"القمع" من الحيل النفسية كحيل نفسية يلجأ إليها الإنسان هربا من واقع موجود، وهما يتدخلان للحد من الجنوح، فالكبت ظاهرة لا شعورية، بمثابة مقبرة مهملة مؤقتة لما يعانيه المراهق ويعجز عن إظهاره، ويميز الكبت اللاشعوري عن القمع الذي هو فعل شعوري وإرادي يتخلى الفرد بواسطته عن رغبة تدينها أخلاقه الشخصية والأخلاق العامة في المجتمع. السلبية في التربية الأسرية بدوافع وظروف عدّة يهمل الأبوان تربية الأبناء، فيعيش الصغير في كنف الخادمة، أويربّي الأبناء بعضهم بعضا، التربية هي ملاحظة دائمة لسلوك الأبناء من الأبوين، ونكرر من الأبوين، فالأم وحدها لا تربي، وفارق بين التربية وتلبية مقتضيات الجسد من طعام وشراب، ونظافة وكساء، وبالطبع عن مرحلة تخلّي الأم عن هذه الوظائف لا يبقى إلا إعداد الطعام والشراب، فإذا قامت الخادمة بهذا الواجب افتقد دور الأم ! للأسف لن يكون دور الخادمة تربويًا حتى لو نالت الثقة من الأسرة تعليميا وتربويا وأخلاقيا، فالطفل الصغير يحتاج إلى الحنان والأحضان والقبلات والمناجاة من أمّه، والأهم هوالصبر، ونبرات الفرحة والتشجيع وهي تعلّمه المشي والكلام والحلال والحرام، حتى أغنية الحمام وتدليله عند النوم كل هذه أدوار تحتاج إلى الأم فقط، وإذا قامت الخادمة بهذا الدور فقد دور الأم بلارجعة. كنت أتجول على شاطيء البحر فوجدت أسرة أمن أب وأم وأطفال متدرجي الأعمار، والخادمة التي كانت تحمل طفلا لا يتجاوزعامًا ونصفًا، تحتضنه الخادمة بحنان بالغ وتضاحكه ويلمس خدّه خدّها في حميمية عجيبة، رأى الأب المنظر فلم يعجبه، فاستدار إلى زوجته في كلمات حازمة لم أسمعها، فسارعت الام إلى حمل ابنها الذي سرعان ما انخرط في البكاء ! ، فنظرت الزوجة إلى زوجها شزرا في غضب باد، وسرعان ما ألقى الرضيع نفسه في أحضان الخادمة تارة أخرى ليعود إلى وداعته وسروره ولو كره الأبوان!، وقد تتكرر الصورة بشكل أو آخر، وسجل الأخطاء التربوية يطفح بما فيه، ولن يتم الإصلاح بين يوم وليلة بل يحتاج إلى صبر وتدرج . دور الأب بمثابة "قفزة الثقة" أو الذي يعلم أبناءه التحليق!، أو هو يحمل الراية عقب انسلاخ الطفل عن أمه باكتمال اعتماده على نفسهه في الاحتياجات الاساسي ويحتاج الأب القدوة في التعامل مع الخارج والتدرب على صقل ذكائه الاجتماعي، والأب خزانة الأسرار للذكور والإناث ـ وبالطبع ليست كل الأسرارحيث تحتفظ الأم ببعض أسرار الإناثالخاصة جدا. إضافة إلى افتقاد الشعور الديني ودوره في تربية الأبناء، فلا نجد تنمية لمعرفة الله في نفس الأبناء، فالرقابة الذاتية مفتقدة، وهذه تنمو بالتربية التدريجية ، "فالله يسمعني ويراني" تعبير بسيط لو تم غرسه في نفس الصبي منذ الصغر ، "والله سيحاسبني إن ارتكبت معصية في السر والعلن" من الروادع التي تنمو تدريجيا، والتي لو افتقدت لأسرع الابن إلى الانهيار السريع، وبالطبع سيخطئ الصغير، فنعلمه أن الله رحيم بنا، فلنسارع إلى الرجوع إليه، كما يفعل الابن خطأ ما في البيت أو يكسر كأسا، أو حين يضرب أخاه، أو يكسر لعبته ويعتذر عن ذلك وتقبل الأم العذر. وتعاني الأسر من جنوح الأبناء، لأنهم عاشوا يتما خطيرًا في حياة الأبوين فالأب مشغول والأم تخلّت طواعية للخادمة عن مهام الأمومة، وانشغلت بالأفلام و المسلسلات الدرامية، وحديث الجارات الفارغات فيما يفيد أحيانا وما يعود بالضرر على الجميع غالبا، مثل الانشغال بالملابس والعطور، والخروج مع الصاحبات، وأحاديث القيل والقال، وكثيرا ما يجرهنّ الشيطان للحرام، والأب غرق في عمله ليل نهار، ثم رغباته في جوار الصّحبة أو البشكة سمها كيفما شئت!! عبّر عن ذلك الشاعر: /إن اليتيمَ هو الـّذي تلْقى له أمّـًا تخلّت أو أباً مشغولاً / ثم يحدث الزلزال حين يقع الابن في الجريمة أيا كانت صورتها. وسائل الإعلام والعنف يسهم الإعلام بجانب كبير في سلوك العنف لدى المراهق تلجأ الأم إلى دفع لأبناء إلى مشاهدة التلفزيون، بل ربما يكون لهم تلفزيون خاص بهم ، في الغرف المغلقة بلا رقيب ولا حسيب، ويحدث فيها ما يحدث، فلا متابعة من أحد لما يؤخذ وما يترك، وغالب ما يهوى الأبناء في مرحلة الطفولة المتأخرة أفلام الأكشن التي تتسم بالعنف، والعنف الدموي، فكلنا كنا نهوى أفلام المغامرات ونحب أن نشاهدها، ولكن السينما الحديثة غلب عليها الدموية والعنف، ودقة الوصف للجريمة، وكيفية قتال المجرمين للشرطة، وكيف يخرب المجرم من الشرطة بذكاء نادر، وكيف يقاتلهم ويهرب بالغنائم في ظرف ، حُسن حيلة لا توجد في فظاظة الشرطي، كل هذا إشارات سلبية تغرس في مخيلة الصغار، ولا نتحدث عن الجنس، ولا الحانات التي يلجأ إليها اللصوص، وتعاطي المخدرات والخمر. إضافة إلى ذلك ألعاب الكمبيوتر والبلاي ستيشن التي تؤدي دورا كبيرا في نمو العنف لدى المراهق، وإن كانت تتميز بالتفاعلية Interactive وليس التلقي فقط، وتعد لعبة الأكشن لدى المراهقين أفضل من مشاهدة الفيلم الذي يشاهده سلبيا لأنه يتدخل ويحقق انتصارا وإن كان وهميا. كل هذا يغرس في نفس المراهق قيمًا مغلوطة كما يقول الدكتور رائد الركابي الاستاذ المساعد والأخصائي النفسي بجامعة بغداد: إن وسائل الإعلام والدور الذي تلعبه في تحريض الطفل على العنف وخاصة التلفزيون وما يعرض من أفلام الحركو أو ما يطلق عليها الاكشن Action والرعبTerror فضلا عن الالعاب الرياضية الخطرة أوالعنيفة وكذلك الرسوم المتحركة هذه الوسائل تشجع على العنف حيث الاطفال المراهقون يميلون الى تقمّص شخصيات هذه الافلام والرسوم، وبالتالي يؤثر كل هذا على عقول المراهقين عامة والأطفال خاصة. وأضاف قائلا:" إن العديد من الدراسات أكدت على أن هناك ارتباطا ايجابيا قويا بين مشاهدة البرامج التليفزيونية العنيفة والسلوك العدواني، وفي عصر السماوات المفتوحة استطاعت وسائل الإعلام أن تشكل لدى غالبية المجتمعات ثقافة (تليفزيونية) خاصة وتنشئ جيلاً (تليفزيونياً) خاصا، والمشكلة الأكبر التي ترسم خطوات الصغار نحو العنف الرسوم المتحركة التي تشجع على العنف وسفك الدماء.ومن أجل ضبط السلوك العدواني عند الطفل الناتج من مشاهد العنف التي يمر بها او يشاهدها يكون في أن تعمل الأسرة على تهيئه بيئة اجتماعية غير عدوانية، وذلك من تنشئه اجتماعية تغرس الحب وتنمى مهارات التعاون عن الطفل رفقاء المدرسة والعنف رفقاء السوء لهم دور تطبيقي لتكريس العنف!، فحين المراهق يخرج إلى المدرسة أو الشارع يكون مؤهلا جينيا، وأسريا، وإعلاميًا، ولكن يفتقد الإرادة لممارسة العنف، فقد كان يتعامل بعنف من خلال المسببات المختلفة، ولكن يفتقد الإرادة للإعلان حتى لا يفقد ثقة من حوله، ذلك حتى يخرج للشارع أو المدرسة ـ فإن افتقد أيضا الموجّه والمدرس المربي ـ وكثير من مؤسساتنا التعليمية افتقدت لجانب القدوة التربوي ـ وإن لم تنزع بعد لافتة " وزارة التربية والتعليم ". تبدأ التطبيقاتApplications منذ الخروج إلى جماعة الأصحاب، في الشارع والمدرسة، وتنمو تدريجيا السلوكيات العنيفة إن كان قادرا على الالتحام ومتمتعا بقوة بدنية، وجرأة، فتبدأ صراعات القوى، وتكوين جماعات اللعب، ثم تتجه من اللعب إلى المشاغبات، أما إن كان المراهق لا يتمتع بالقوة والجرأة فيلجأ إلى الانسحاب والانطواء، أو "الانضواء" تحت زعامة قوية خاصة إن كان لديه ما يميزه من تفوّق دراسي وذكاء، أو القدرة على التفكير والتخطيط. وتتفاوت العدوانية لدى أطفال المدارس ما بين تحطيم زجاج السيارات والمباني، إلى تكوين مجموعات عنف تتجلى عدوانيتها إلى صراع مع مجموعات أخرى معادية، وقد تتطور أعمال العنف إلى سلب الآخرين ممتلكاتهم، وقد يكون هذا السطو تجسيدا للسيادة على الآخرين وتعاد إليهم ممتلكاتهم لأنهم لا يستطيعون مواجهة مدير المدرسة والمدرسين، الذين يتحكمون في درجات الطالب، ويستطيعون نسبيا عقابهم، وبالتالي إبلاغ أولياء الأمور، وهذه ستجرهم إلى مشكلات لا يتحملونها في هذه السن . ومن الممكن أن يتطور السلوك العدواني إلى إلحاق الأذى بالآخرين في أماكن بعيدة لا يُعرفون فيها، "ومن أمن العاقبة أساء الأدب" ، ولكن الخطر كل الخطر في تطور الأمر غلى شكل من أشكال الانحراف مثل الإدمان، والسرقة من أجل ذلك، والوقوع في إغواء طالبات المدارس؛ ومن ثمّ نشوب الصراع من أجل المنافسة على الحب، وقد يصل في كل ذلك إلى القتل والاغتصاب بلا تفاصيل أكثر . ونتساءل: ما هو الحل للعنف لدى المراهقين ؟ حقيقة تشابكت الأسباب في نشوء الظاهرة وإن أجملناها في التربية المجتمعية الخاطئة ، وعدم احتواء الأبناء منذ البداية ، لذا لا بد من إيجاد منظومة مجتمعية للإصلاح تشارك فيه الأسرة إلى جوار الجمعيات الخيرية ، والمدرية إلى جانب مؤسسات وزارة الداخلية ، والإعلام لجانب المسجد ، لأن الخطر والانحراف عواقبه وخيمة. ويمكن اختصار اجراءات القضاء على العنف داخل المؤسسات التعليمية كما اقترحها الخبيرفي مجال التعليم بمصر صلاح مصطفى على بيومى مدير ادارة تنسيق وظائف التعليم الفنى على النحو التالى : 1. نشر ثقافة الإستماع والإنصات باهتمام و التواصل بين المراهق والأبوين والبيئة المحيطة وبينهم وبن الأساتذة و تنشئة الأطفال منذ الصغر عليها. 2. امتصاص حالات العنف عند الشباب والمراهقين بإيجاد أنشطة رياضية و فنية وثقافية داخل المؤسسات التعليمية والخيرية، والاجتماعية . 3. إيجاد التواصل بين المؤسسات التعليمية والأسرة؛ والمعلمين؛ والأبناء. 4. إيجاد مركز للإنصات لمشاكل وهموم التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية؛ وتفويض أمر تدبيره للمعلم لينال ثقة التلاميذ و الأساتذة و الإدارات التعليمية . 5. الوقاية من العنف بمعالجة الانحرافات السلوكية التي قد يقع فيها التلميذ من شرب الخمر أو التدخين أو التوتر النفسي. 6. المعالجة بقيام كل من الأسرة و المؤسسة التعليمية، والمؤسسات المؤثرة كالمساجد، والنوادي وجمعيات تحفيظ القرآن، وترشيد الإعلام المحلي للعلاج لا مجرد عرض مشكلات الانحراف، فحين تقوم هذه المؤسسات بدورها في التنشئة الاجتماعية من أجل اجتناب أسباب المشكلة سيكون العلاج الفعلي فعالا. 7. الوقاية الاجتماعية بالتصدّي لمشكلة الانحراف بل للظروف الاجتماعية و القاسية التي تعيش فيها الجماعات المعرّضة للعنف و الانحراف. 8. توضيح حدود واجبات وحقوق كل من مكونات العملية التعليمية في المدارس: إدارة وتلاميذ وأساتذة. 9. إجراءات عقابية تأديبية تسمح للمعاقَب بإجراء حسابات الربح و الخسارة من جرّاء قيامه بأعمال عنيفة... 10. ضرورة توفير الأجواء المناسبة لممارسة العملية التعليمية بحل المعوقات المؤدية لها 11. إعداد الطالب والمعلم وأولياء الأمور لدور "تربية اللاعنف" من خلال ترسيخ المفاهيم الصحيحة في التعامل مع الآخرين. 12. توفير الأجواء والظروف المناسبة والملائمة لممارسة العملية التربوية بشكل خاص، كما يقع عليها حلّ العديد من المشاكل التي يواجهها أطراف العملية التربية الأربعة، المعلم، المدرسة، الطالب، والأسرة. 13. الابتعاد عن ممارسة الفعل ورد الفعل في الاستجابة لأحداث عنيفة قد تقع هنا وهناك في حياتنا اليومية بل التعامل بهدوء من قبل المعلمين وأولياء الأمور في الاستجابة للمؤثرات الخارجية التي تزيد من حالة العنف وتؤدي إلى زيادة استخدامه من قبل الطالب تجاه الآخرين
هناك ظاهرة تُهدد البناء السليم للأسرة؛ هي ظاهرة العنف الأسري، والتي تُعتبر من أكثر الظواهر الاجتماعية التي دعت العديد من الباحثين لإجراء البحوث المتعلقة بدوافع هذه المشكلة وأسبابها وأضرارها على الفرد والمجتمع، فأضرار العنف الواقع على الأطفال من قبل الوالدين أو أحدهما عديدة منها؛ التقصير الدراسي والهروب من المنزل أو الانتحار أو الصدمة العقلية أحياناً
ما المقصود بالعنف الأسري
العنف في استخدام القوة المادية والمعنوية لإلحاق الأذى بالآخر استخداماً غير مشروع.
العنف ضد الأطفال
تُشير منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أنّ الأطفال أيّ الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 عام حسب تعريف الأمم المتحدة قد يكونوا عرضةً لنوعين أساسيين من العنف؛ يتمثّل النوع الأول بسوء المعاملة من قِبل الوالدين أو غيرهم من مُقدّمي الرعاية، وعادةً ما يتعرّض لهذا النوع من العنف الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 14 عام، أمّا النوع الثاني من العنف فيُقصد به ذلك العنف الذي يحدث في البيئات المجتمعية بين المراهقين، وعادةً ما يتعرّض لهذا النوع من العنف الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عام.
آثار العنف ضد الأطفال
يشمل العنف ضد الأطفال كافّة أشكال الإساءة ضدّ الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 عام، سواء كانت هذه الإساءة والتعنيف موجّهةً من قِبل الآباء، أو من مقدّمي الرعاية للأطفال، أو غيرهم من الأقران، والأصدقاء، والغرباء.
وتُعتبر حماية الأطفال من مختلف أشكال العنف حقّاً أساسيّاً من حقوقهم كما هو منصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل, فعادةً ما يُعاني الأطفال الذين يتعرّضون لأيّ شكل من أشكال العنف من عواقب عاطفية ونفسية وسلوكية، تترك مجموعةً كبيرةً من الآثار والتبعات السلبية طويلة الأمد على الأطفال وعلى المجتمع كاملاً، وذلك من خلال تسبّبها بالألم الجسدي للطفل بشكل مهين لكرامته وهو ما يُعيق نموّه لاحقاً.
الآثار النفسية للعنف ضد الطفل
يُمكن أن يتسبّب تعنيف الأطفال أو إساءة معاملتهم أو إهمالهم بمجموعة كبيرة من المشكلات والعواقب النفسية لهم؛ كالشعور بالتهميش، والخوف، وانعدام الثقة، والاكتئاب، وهو ما يُمكن أن يتحوّل لاحقاً إلى صعوبات تعليمية وصعوبة في تكوين العلاقات والحفاظ عليها.
وحدّد الباحثون أهم الآثار النفسية الناتجة عن إساءة معاملة الأطفال وهي كالآتي:
ضعف المهارات الإدراكية والوظائف التنفيذية:
فالأطفال الذين يُعانون من العنف وسوء المعاملة معرّضون لمواجهة مشكلات إدراكية، مثل: صعوبات التعلّم وضعف الانتباه أو التركيز، كما أنّهم معرّضون لإعاقات في الوظائف التنفيذية للدماغ، مثل: الذاكرة العاملة، وضبط النفس، والمرونة المعرفية.
خلل في الصحة العقلية والعاطفية:
فالأطفال المعنَّفون من الأشخاص المقرّبين لهم يكونون أكثر عُرضةً للاضطرابات النفسية خاصةً في مرحلة البلوغ، مثل: الاكتئاب، والقلق، ممّا قد يدفعهم إلى التفكير ببعض السلوكيات السلبية، مثل: الانتحار وتعاطي المخدرات.
مواجهة بعض الصعوبات الاجتماعية:
حيث يُعاني الأطفال الذين يتعرّضون للعنف والإساءة من بعض الصعوبات والاضطرابات الاجتماعية التي قد تؤثّر عليهم بشكل سلبي مستقبلاً، خاصةً فيما يتعلّق بقدرتهم على تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية إيجابية في وقت لاحق من حياتهم، ومن أهم الاضطرابات الاجتماعية التي يواجهها الأطفال المعنَّفون التعلّق الزائد بأشخاص مُعيّنين خلال مرحلة الطفولة وفي الغالب يكونوا من الأشخاص المقرّبين، واكتساب سلوكيات عدوانية وعنيفة خلال مرحلة البلوغ.
اضطراب ما بعد الصدمة:
يُقصد بهذا الاضطراب ظهور أعراض معينة لدى الأطفال الذين تعرّضوا لسوء المعاملة، مثل: المعاناة المستمرّة من الأحداث الصادمة ذات الصلة بالعنف، وتجنّب الأشخاص والأماكن والأحداث المرتبطة بواقعة العنف، بالإضافة إلى ما ينتابهم من مشاعر سلبية، مثل: مشاعر الخوف، والغضب، والخجل، والمزاجية، وغيرها.
الآثار الاجتماعية للعنف ضد الطفل
وُجد أنّ تعرّض الأطفال لمواقف وظواهر سلبية وغير آمنة يؤدّي إلى إحداث تغيير في عملية النمو الطبيعية للأطفال، الأمر الذي قد يؤثّر بشكل كبير على قدرتهم على التواصل والتفاعل مع الآخرين وتكوين علاقات صحية معهم خلال مراحل حياتهم المختلفة.
ومن أبرز المشاعر والاضطرابات التي تظهر على الأطفال الذين تعرّضوا لإساءة المعاملة أو العنف والتي تؤثّر على حياتهم الاجتماعية سلباً ما يأتي:
فقدان إحساس الأمان الذي توفّره الأسرة الطبيعية.
افتقارهم للمهارات اللازمة لحلّ المشكلات والسيطرة على الغضب والسلوك العدواني.
مشاعر الاستياء تجاه الطرف الجاني (المعنِّف)
العزلة عن الأصدقاء والأقارب، والخجل، والقلق المفرط من أيّ خطر محتمل.
مواجهة صعوبة في الثقة بالبالغين.
تجنّب المشاركة الاجتماعية، أو الانخراط في أيّة فعاليّات وأنشطة اجتماعية لتجنّب إمكانيّة التعرّض للمواقف المحرجة.
فقدان الشعور بالتعاطف مع الآخرين أو محاولة فهم شعورهم.
بواعث العنف لدى المراهقين
بقلم : عادل صديق
c
physiology،ومنها ما يتعلق بالعوامل النفسية
Psychology، ولا نستطيع الجزم بأن سببا ما
بعينه يؤدّي إلى السلوك العنيف لدى المراهق.
ومع الرسول صلى الله عليه وسلم المعين
الذي لا ينضب حيث أرسى قاعدة في التعاطي التربوي مع مراحل النمو البشري، بما يتلاءم
مع القدرات والإستعدادات، عندما أطلق تحديده للمراحل العمرية للولد منذ أكثر من
1400 سنة، ولم يكن في دائرة النصيحة التوجيهية العابرة، بل لتعليمنا سراً من أسرار
الخلق، وليوفر علينا تجارب الإستكشاف والخطأ والتصحيح ويسهّل طريق تنمية معارفنا (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوْحَى)
3-4 ـ سورة النجم، ودعائم إسلامية لعلم النفس التربوي الحديث.
ونأسف أن يكون لدينا هذا المعين التربوي الغني
المتمثّل في كلّيات القرآن الكريم والتي لخصت في كليات لقمان التي أوصى فيها بحُسن
الصلة تجاه الخالق والمخلوق في سورة لقمان الآية 13 وما بعدها[1]، وتفصيل الكتاب الذي جاء به رسولنا من الحكمة
إذ كان يوجّه الشباب في سن المراهقة الخطِر ، فترشيدُ السلوك في الطعام والشراب للصغار
مع البدء بالبسملة، وعدم الأثرة واحترام جُلساء الطعام، إلى دفعهم إلى الرياضة التي
تكسبهم شدة البأس، والإجابة على المراهق الذي يطلب الإذن في ارتكاب المحرّم وعلاجه
صلى الله عليه وسلم للموقف وغيرها.
الكثيرون يتساءلون عن دوافع العنف لدى المراهق،
ونجد إجابات عديدة كلّها تفسرالتغييرات في جسم ونفس المراهق، وكلها تحتاج منا إلى التوجيه
المباشر وغير المباشر والصبر، فتركيبة الإنسان ينتج عنها سلوك قد لا يتضح سببُه للكثيرين،
وقد يعجز المربون عن الإجابة فيلجأون إلى تخمينات Speculation
أو تفسيرات نظرية ربما تكون قائمة على تجارب معملية فنردها إلى عواملها،
وربما نجد الإجابة يكتنفها الغموض Ambiguity،
فحتى السلوكيات غير المبررة يذكر العماء أنها نتاج لعوامل كيميائية في الجسم، تدعمها
عوامل خارجية، ويستمر السلوك العام وسط تدارك من المربين حتى الوصول إلى مرحلة المراهقة
[2].
العوامل الجينية
تكوين الإنسان ناتج عن المورثات Genes التي اختلطت في مراحل تكونه في الرّحم كما قال ربنا
في محكم تنزيله (إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ
فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) 2ـ سورة الإنسان، فكما يرث الإنسان لونه، وشكله،
وطوله، ليكون نسخة معدّلة عن أبويه؛ يرث أيضا سلوكياته عنهما !.
ويأتي تفسير تواجد العنف من قبل فريق من الباحثين
بجامعة نورث كارولاينا الأمريكية مؤخرا بأن ثلاثة جينات قد تكون مسؤولة عن التسبب في
عنف وجنوح المراهقين، وأشار الدكتور جوانج جو أستاذ علم الاجتماع ورئيس فريق البحث،
إلى أن أفراداً يحملون نوعاً خاصاً من جين m.a.o.a"ام.ايه.او.ايه"
يطلق عليه 2.r"2 ار" و d.r.d.2"دي.ار.دي.2" هؤلاء
كانوا أكثر عرضة للسلوكيات العنيفة التي قد تؤدي لسلوكيات تجنح إلى الجريمة من غيرهم من الذين لايحملون هذا الجين،وأوضح جوانج
أنّ 1% من البشر يحملون هذا الجين، وقد سجل مستويات عالية جداً في العنف والجنوح لديهم.
ولكن هذا السلوك يظهر فقط عندما يعاني الأطفال من ضغوط خرى مثل المشاكل الأسرية والفشل
في الدراسة.
ورغم الكشف العلمي الجديد،لا نجد سلوك
الكثيرين ضمن نسبة الـ 1% العنيف مُعلنا، فمن الممكن أن يحمل مراهق الجينات المذكورة،
ولكن لا يبدي سلوكا عنيفا، بل يعاني غليانا داخليا يقوم باختزانه، وتفريغه في
خياله بأحلام اليقظة والانطواء، وهذا السلوك وإن كان سلبيا إلا أنّه يكون بمثابة
صمام أمان نسبي للمراهق ولكن إلى حين، لأنه يكتم ذلك حيث يذكر النفسيون أن لدى كل
منا حيل أو دفاعات نفسية مثل "الكبت"
والذي يعرّف بأنه: إبعاد الأفكار المؤلمة إلى حيز اللاشعور، و"القمع" من
الحيل النفسية كحيل نفسية يلجأ إليها الإنسان هربا من واقع موجود، وهما يتدخلان للحد
من الجنوح، فالكبت ظاهرة لا شعورية، بمثابة مقبرة مهملة مؤقتة لما يعانيه المراهق
ويعجز عن إظهاره، ويميز الكبت اللاشعوري عن
القمع الذي هو فعل شعوري وإرادي يتخلى الفرد بواسطته عن رغبة تدينها أخلاقه الشخصية
والأخلاق العامة في المجتمع.
السلبية في التربية الأسرية
بدوافع وظروف عدّة يهمل الأبوان تربية الأبناء،
فيعيش الصغير في كنف الخادمة، أويربّي الأبناء بعضهم بعضا، التربية هي ملاحظة دائمة
لسلوك الأبناء من الأبوين، ونكرر من الأبوين، فالأم وحدها لا تربي، وفارق بين التربية
وتلبية مقتضيات الجسد من طعام وشراب، ونظافة وكساء، وبالطبع عن مرحلة تخلّي الأم عن
هذه الوظائف لا يبقى إلا إعداد الطعام والشراب،
فإذا قامت الخادمة بهذا الواجب افتقد دور الأم !
للأسف لن يكون دور الخادمة تربويًا حتى لو
نالت الثقة من الأسرة تعليميا وتربويا وأخلاقيا، فالطفل الصغير يحتاج إلى الحنان والأحضان
والقبلات والمناجاة من أمّه، والأهم هوالصبر، ونبرات الفرحة والتشجيع وهي تعلّمه المشي
والكلام والحلال والحرام، حتى أغنية الحمام
وتدليله عند النوم كل هذه أدوار تحتاج إلى الأم فقط، وإذا قامت الخادمة بهذا الدور
فقد دور الأم بلارجعة.
كنت أتجول على شاطيء البحر فوجدت أسرة أمن
أب وأم وأطفال متدرجي الأعمار، والخادمة التي كانت تحمل طفلا لا يتجاوزعامًا ونصفًا،
تحتضنه الخادمة بحنان بالغ وتضاحكه ويلمس خدّه خدّها في حميمية عجيبة، رأى الأب
المنظر فلم يعجبه، فاستدار إلى زوجته في كلمات حازمة لم أسمعها، فسارعت الام إلى
حمل ابنها الذي سرعان ما انخرط في البكاء ! ، فنظرت الزوجة إلى زوجها شزرا في غضب
باد، وسرعان ما ألقى الرضيع نفسه في أحضان الخادمة تارة أخرى ليعود إلى وداعته
وسروره ولو كره الأبوان!، وقد تتكرر الصورة بشكل أو آخر، وسجل الأخطاء التربوية
يطفح بما فيه، ولن يتم الإصلاح بين يوم وليلة بل يحتاج إلى صبر وتدرج .
دور الأب بمثابة "قفزة الثقة"
أو الذي يعلم أبناءه التحليق!، أو هو يحمل
الراية عقب انسلاخ الطفل عن أمه باكتمال اعتماده على نفسهه في الاحتياجات الاساسي
ويحتاج الأب القدوة في التعامل مع الخارج والتدرب على صقل ذكائه الاجتماعي، والأب خزانة الأسرار للذكور والإناث ـ وبالطبع ليست كل
الأسرارحيث تحتفظ الأم ببعض أسرار الإناثالخاصة جدا.
إضافة إلى افتقاد الشعور الديني ودوره في تربية الأبناء، فلا نجد تنمية لمعرفة
الله في نفس الأبناء، فالرقابة الذاتية مفتقدة، وهذه تنمو بالتربية التدريجية ،
"فالله يسمعني ويراني" تعبير
بسيط لو تم غرسه في نفس الصبي منذ الصغر ،
"والله سيحاسبني إن ارتكبت معصية في
السر والعلن" من الروادع التي تنمو تدريجيا، والتي لو افتقدت لأسرع الابن إلى
الانهيار السريع، وبالطبع سيخطئ الصغير، فنعلمه أن الله رحيم بنا، فلنسارع إلى
الرجوع إليه، كما يفعل الابن خطأ ما في البيت أو يكسر كأسا، أو حين يضرب أخاه، أو
يكسر لعبته ويعتذر عن ذلك وتقبل الأم العذر.
وتعاني
الأسر من جنوح الأبناء، لأنهم عاشوا يتما خطيرًا في حياة الأبوين فالأب مشغول والأم
تخلّت طواعية للخادمة عن مهام الأمومة، وانشغلت بالأفلام و المسلسلات الدرامية، وحديث
الجارات الفارغات فيما يفيد أحيانا وما يعود بالضرر على الجميع غالبا، مثل الانشغال
بالملابس والعطور، والخروج مع الصاحبات، وأحاديث القيل والقال، وكثيرا ما يجرهنّ الشيطان
للحرام، والأب غرق في عمله ليل نهار، ثم رغباته في جوار الصّحبة أو البشكة سمها كيفما
شئت!! عبّر عن ذلك الشاعر:
/إن اليتيمَ هو الـّذي
تلْقى له أمّـًا تخلّت أو أباً مشغولاً
/
ثم يحدث الزلزال حين يقع الابن في الجريمة أيا كانت صورتها.
وسائل الإعلام والعنف
يسهم الإعلام بجانب كبير في سلوك العنف لدى
المراهق تلجأ الأم إلى دفع لأبناء إلى مشاهدة التلفزيون، بل ربما يكون لهم تلفزيون
خاص بهم ، في الغرف المغلقة بلا رقيب ولا حسيب، ويحدث فيها ما يحدث، فلا متابعة من أحد لما يؤخذ وما يترك، وغالب ما يهوى الأبناء
في مرحلة الطفولة المتأخرة أفلام الأكشن التي تتسم بالعنف، والعنف الدموي، فكلنا
كنا نهوى أفلام المغامرات ونحب أن نشاهدها، ولكن السينما الحديثة غلب عليها
الدموية والعنف، ودقة الوصف للجريمة، وكيفية قتال المجرمين للشرطة، وكيف يخرب المجرم
من الشرطة بذكاء نادر، وكيف يقاتلهم ويهرب بالغنائم في ظرف ، حُسن حيلة لا توجد في
فظاظة الشرطي، كل هذا إشارات سلبية تغرس في
مخيلة الصغار، ولا نتحدث عن الجنس، ولا الحانات التي يلجأ إليها اللصوص،
وتعاطي المخدرات والخمر.
إضافة إلى ذلك ألعاب الكمبيوتر والبلاي
ستيشن التي تؤدي دورا كبيرا في نمو العنف لدى المراهق، وإن كانت تتميز بالتفاعلية Interactive وليس التلقي فقط، وتعد لعبة الأكشن لدى
المراهقين أفضل من مشاهدة الفيلم الذي
يشاهده سلبيا لأنه يتدخل ويحقق انتصارا وإن كان وهميا.
كل هذا يغرس في نفس المراهق قيمًا مغلوطة
كما يقول الدكتور رائد الركابي الاستاذ المساعد والأخصائي النفسي بجامعة بغداد: إن وسائل الإعلام والدور الذي تلعبه
في تحريض الطفل على العنف وخاصة التلفزيون
وما يعرض من أفلام الحركو أو ما يطلق عليها الاكشن Action والرعبTerror فضلا عن الالعاب الرياضية الخطرة أوالعنيفة وكذلك
الرسوم المتحركة هذه الوسائل تشجع على العنف
حيث الاطفال المراهقون يميلون الى تقمّص شخصيات هذه الافلام والرسوم، وبالتالي يؤثر
كل هذا على عقول المراهقين عامة والأطفال خاصة.
وأضاف قائلا:" إن العديد من الدراسات
أكدت على أن هناك ارتباطا ايجابيا قويا بين مشاهدة البرامج التليفزيونية العنيفة والسلوك
العدواني، وفي عصر السماوات المفتوحة استطاعت وسائل الإعلام أن تشكل لدى غالبية المجتمعات
ثقافة (تليفزيونية) خاصة وتنشئ جيلاً (تليفزيونياً) خاصا، والمشكلة الأكبر التي ترسم خطوات الصغار نحو العنف الرسوم المتحركة التي تشجع على العنف
وسفك الدماء.ومن أجل ضبط السلوك العدواني عند الطفل الناتج من مشاهد العنف التي يمر
بها او يشاهدها يكون في أن تعمل الأسرة على تهيئه بيئة اجتماعية غير عدوانية، وذلك
من تنشئه اجتماعية تغرس الحب وتنمى مهارات التعاون عن الطفل
رفقاء المدرسة والعنف
رفقاء السوء لهم دور تطبيقي لتكريس العنف!،
فحين المراهق يخرج إلى المدرسة أو الشارع يكون مؤهلا جينيا، وأسريا، وإعلاميًا،
ولكن يفتقد الإرادة لممارسة العنف، فقد
كان يتعامل بعنف من خلال المسببات المختلفة، ولكن يفتقد الإرادة للإعلان حتى لا
يفقد ثقة من حوله، ذلك حتى يخرج للشارع أو المدرسة ـ فإن افتقد أيضا الموجّه
والمدرس المربي ـ وكثير من مؤسساتنا التعليمية
افتقدت لجانب القدوة التربوي ـ وإن
لم تنزع بعد لافتة " وزارة التربية والتعليم ".
تبدأ التطبيقاتApplications
منذ الخروج إلى جماعة الأصحاب، في الشارع والمدرسة، وتنمو تدريجيا السلوكيات
العنيفة إن كان قادرا على الالتحام ومتمتعا بقوة بدنية، وجرأة، فتبدأ صراعات
القوى، وتكوين جماعات اللعب، ثم تتجه من اللعب إلى المشاغبات، أما إن كان المراهق
لا يتمتع بالقوة والجرأة فيلجأ إلى الانسحاب والانطواء، أو "الانضواء"
تحت زعامة قوية خاصة إن كان لديه ما يميزه من تفوّق دراسي
وذكاء، أو القدرة على التفكير والتخطيط.
وتتفاوت العدوانية لدى أطفال المدارس ما
بين تحطيم زجاج السيارات والمباني، إلى تكوين مجموعات عنف تتجلى عدوانيتها إلى
صراع مع مجموعات أخرى معادية، وقد تتطور أعمال العنف إلى سلب الآخرين ممتلكاتهم،
وقد يكون هذا السطو تجسيدا للسيادة على الآخرين وتعاد إليهم ممتلكاتهم لأنهم لا
يستطيعون مواجهة مدير المدرسة والمدرسين،
الذين يتحكمون في درجات الطالب، ويستطيعون نسبيا عقابهم، وبالتالي إبلاغ أولياء
الأمور، وهذه ستجرهم إلى مشكلات لا يتحملونها
في هذه السن .
ومن الممكن أن يتطور السلوك العدواني إلى
إلحاق الأذى بالآخرين في أماكن بعيدة لا يُعرفون فيها، "ومن أمن العاقبة
أساء الأدب" ، ولكن الخطر كل الخطر في تطور الأمر غلى شكل من أشكال الانحراف
مثل الإدمان، والسرقة من أجل ذلك، والوقوع في إغواء طالبات المدارس؛ ومن ثمّ نشوب
الصراع من أجل المنافسة على الحب، وقد يصل في كل ذلك إلى القتل والاغتصاب بلا
تفاصيل أكثر .
ونتساءل: ما هو الحل للعنف لدى المراهقين
؟
حقيقة تشابكت الأسباب في نشوء الظاهرة وإن
أجملناها في التربية المجتمعية الخاطئة ، وعدم احتواء الأبناء منذ البداية ، لذا
لا بد من إيجاد منظومة مجتمعية للإصلاح تشارك فيه الأسرة إلى جوار الجمعيات
الخيرية ، والمدرية إلى جانب مؤسسات وزارة الداخلية ، والإعلام لجانب المسجد ، لأن
الخطر والانحراف عواقبه وخيمة.
ويمكن اختصار اجراءات القضاء على العنف داخل
المؤسسات التعليمية كما اقترحها الخبيرفي مجال التعليم بمصر صلاح مصطفى على بيومى
مدير ادارة تنسيق وظائف التعليم الفنى على النحو التالى :
1. نشر ثقافة الإستماع والإنصات باهتمام و
التواصل بين المراهق والأبوين والبيئة المحيطة وبينهم وبن الأساتذة و تنشئة الأطفال
منذ الصغر عليها.
2. امتصاص حالات العنف عند الشباب والمراهقين
بإيجاد أنشطة رياضية و فنية وثقافية داخل المؤسسات التعليمية والخيرية،
والاجتماعية .
3. إيجاد التواصل بين المؤسسات التعليمية والأسرة؛
والمعلمين؛ والأبناء.
4. إيجاد مركز للإنصات لمشاكل وهموم التلاميذ
داخل المؤسسات التعليمية؛ وتفويض أمر تدبيره للمعلم لينال ثقة التلاميذ و الأساتذة
و الإدارات التعليمية .
5. الوقاية من العنف بمعالجة الانحرافات السلوكية
التي قد يقع فيها التلميذ من شرب الخمر أو التدخين أو التوتر النفسي.
6. المعالجة بقيام كل من الأسرة و المؤسسة
التعليمية، والمؤسسات المؤثرة كالمساجد، والنوادي وجمعيات تحفيظ القرآن، وترشيد
الإعلام المحلي للعلاج لا مجرد عرض مشكلات الانحراف، فحين تقوم هذه المؤسسات بدورها
في التنشئة الاجتماعية من أجل اجتناب أسباب المشكلة سيكون العلاج الفعلي فعالا.
7. الوقاية الاجتماعية بالتصدّي لمشكلة الانحراف
بل للظروف الاجتماعية و القاسية التي تعيش فيها الجماعات المعرّضة للعنف و الانحراف.
8. توضيح حدود واجبات وحقوق كل من مكونات العملية
التعليمية في المدارس: إدارة وتلاميذ وأساتذة.
9. إجراءات عقابية تأديبية تسمح للمعاقَب بإجراء
حسابات الربح و الخسارة من جرّاء قيامه بأعمال عنيفة...
10. ضرورة توفير الأجواء المناسبة لممارسة
العملية التعليمية بحل المعوقات المؤدية لها
11. إعداد الطالب والمعلم وأولياء الأمور لدور
"تربية اللاعنف" من خلال ترسيخ المفاهيم الصحيحة في التعامل مع الآخرين.
12. توفير الأجواء والظروف المناسبة والملائمة
لممارسة العملية التربوية بشكل خاص، كما يقع عليها حلّ العديد من المشاكل التي يواجهها
أطراف العملية التربية الأربعة، المعلم، المدرسة، الطالب، والأسرة.
13. الابتعاد عن ممارسة الفعل ورد الفعل في
الاستجابة لأحداث عنيفة قد تقع هنا وهناك في حياتنا اليومية بل التعامل بهدوء من قبل
المعلمين وأولياء الأمور في الاستجابة للمؤثرات الخارجية التي تزيد من حالة العنف وتؤدي
إلى زيادة استخدامه من قبل الطالب تجاه الآخرين
[1] )وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ
وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
(13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ
وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ
(14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا
تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ
إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
(15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي
صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ
لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
(17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ
اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ
مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)( لقمان ـ 13 : 19
[2] العنف قد يكون من الابن
المصاب بصدمة تجاه الوالدة بالذات ، كأنه كان يتوقع منها الحماية ولم تفعل، فيحاول
الانتقام لأنها لم تقم بما يجب نحوه في وقت كان يحتاج إلى الحماية ولا يدرك أن الأم تكون كثيرا في موقف ضعف هي أيضا ، وماذا
ستفعل في مواطن الخطر وكيف تتصرف في مناطق الحروب ، وكيف تحمي نفسها مهما أوتيت من حب غريزي تجاه طفلها لتعطيه الأمان .
طفل تلقى صدمة عصبية حين وجد قريبا له قد مزقه المجرمون بالسكاكين انتقاما من أهله، فيقع
في انهيار عصبي ، وتنتابه نوبات هياج ، وعنف يصل غلى التكسير والحرق لمتعلقات البيت ، بل
بيوت الجيران ، وتصل نوبات الغضب إلى ضرب أمه بعنف شديد، ومع ذلك تسامح ، وتسعى
لعلاجه وهذا ما رأيته بنفسي.
تعليقات