رحم الله المخرج حاتم علي. يكفيه فخرا انه ترك لنا هذا الاثر الفني الكبير.ويبدولي سيطول انتظارنا حتى يظهر لنا اقتراح فني يقارب هذا العمل الاستثنائي

                                          



واحدة من أكثر الأفكار التي تبدو لي حقيقة ناصعة كالشمس، ومع ذلك أجد صعوبة في توصيلها، ويستغربها الكثيرون إذا قلتُها هي: هذه النظم الحاكمة في بلادنا العربية مجرد واجهات للاحتلال الأجنبي، وأنها لا تبقى مسيطرة إلا بهذا الدعم الأجنبي الكامل لها، وإذا تهددت، انهمرت إليها وسائل الدعم الأجنبي من خبراء أمنيين وعسكريين ومن مبعوثين سياسيين، وإذا أخفق هؤلاء جميعا فإن الدول الغربية تنزل بجيوشها لكي تحول دون سقوط الأنظمة التابعة لها. حدث هذا لأول مرة في الثورة العرابية، حيث نزلت قوات الاحتلال الإنجليزي لتحول دون نجاح الثورة المصرية وإسقاط نظام أسرة محمد علي، وظلت سبعين سنة في مصر، حتى خرجت تحت ضغط الأمريكان الذين كانوا قد صنَّعوا النظام العسكري الحالي.. ولا يزال يحدث ذات الأمر حتى لحظتنا هذه، والثورة السورية خير شاهد ودليل! فمع أن نظام بشار يزعم أنه نظام مقاومة ومعاداة لإسرائيل، فقد سمحت إسرائيل والأمريكان بكل الدعم للحيلولة دون سقوطه، سمحوا له بإدخال المقاتلين الشيعة من كل العالم، ولما عجزوا سمحوا بدخول الجيش الإيراني. (وتأمل في هذه اللحظة الخطيرة: فرغم كل العداء الإيراني - الأمريكي والإسرائيلي، إلا أن اتفاقهم على بقاء بشار كان موضع اتفاق اقتربت به القوات الإيرانية من حدود إسرائيل دون أن تُمَسّ.. فلما تحقق لهم بقاء النظام عادت إسرائيل تقصف القوات الإيرانية في سوريا، دون أي رد من إيران).ولما عجز الجيش الإيراني سمحوا بنزول الجيش الروسي.. ولو عجز الروس لجاء الأمريكان بأنفسهم!! لهذا، فإن العلامة الحقيقة على نجاح أي ثورة في عالمنا العربي هو نزول قوات الاحتلال! ورغم أن هذه الحقيقة قد عاشتها أوطاننا تاريخا وواقعا، وهو تاريخ وواقع ندفع ثمنه بالأرواح والدماء، إلا أن حجم الصدمة الكبير يجعل الكثيرين يفزعون إلى الإنكار، ربما خوفا من ضخامة المعركة، أو حفاظا على المكاسب الوقتية، فإن هذه الحقيقة لا يسمح بتردادها في وسائل الإعلام، وهي موضع اتفاق بين الأنظمة العربية وإن اختلفت في ملفات أخرى.. فلهذا يسكت عنها حتى المقتنع بها حفاظا على مكاسبه ومصالحه المباشرة. فماذا يكون الثمن المدفوع؟ الثمن أن ينشأ جيل جديد مرة أخرى يحسب أن هذه الأنظمة، أنظمة وطنية حقيقية، وأن مشكلتها مع الشعوب هي مشكلة فساد أو مشكلة فروق في التوقيت أو مشكلة اختلاف في وسائل النهوض... إلى آخره، وليست مشكلة خيانة وعمالة وحرب على الدين والناس والأخلاق والموارد.. وتعيش هذه الخدعة زمنا طويلا حتى يذوق الجيل المخدوع نفس ما ذاقه الجيل السابق المذبوح! ولربما استفاد من الدرس، ولكن: ربما فاتته الفرصة أيضا.. ونظل في الدائرة السوداء المغلقة!! جدَّد هذه الأحزان مرة أخرى، ما ينشره الأخ الصديق الباحث أحمد مولانا، من مذكرات نتنياهو.. فقد جاءت فيها هذه العبارة الكاشفة الفاضحة، يقول نتنياهو: "لقد أكدت له أن بقاء المملكة الأردنية الهاشمية بمثابة مصلحة حيوية لإسرائيل، ولو اقتضى الأمر، فسننزل بجيوشنا للحيلولة دون سقوطها" وهكذا لم يعد الأمر مجرد تاريخ نقرؤه بعد فوات الوقت، بل صار واقعا نقرؤه في مذكرات الساسة!! ليس الساسة السابقين الذين انقضت مهماتهم ويخبروننا بتجاربهم، بل الساسة الذين لا زالوا على رأس عملهم حتى اللحظة! لقد بلغ العجز منا مبلغا يجعل العدو لا يستحيي أن يكشف لنا عملاءه دون تردد، وبالعبارات الصريحة المتجردة من كل أسلوب تلميحي أو غلاف دبلوماسي! وبلغت الذلة والفجاجة بـ "زعمائنا" العرب أن يُنشر هذا عنهم، وهم لا اعتراض ولا استحياء ولا شعور بالمهانة.. نوع صفيق وضيع من العمالة لا يأبه فيه السيد بفضح عبده أمام من يرونه ملكا!! فهل يا ترى سنُخْدَع من جديد؟ وما جزاء الذين يخدعوننا، وهم من أنفسنا، ويحاولون الترويج بأن هذه أنظمة وطنية تعمل لصالح الناس والبلد؟!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان