حوار مع : د. وهبة الزحيلي

19-06-2007 إسلاميات
فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي:
الإسلام يتعرض للعداء منذ بزوغ شمس الرسالة


- إلى دعاة تجديد الفقه: في الشريعة ثوابت لا مجال لتغييرها
- لا بد لهيئات مستقلة أن تدير الأوقاف!


الدكتور وهبة الزحيلي

حوار: عادل صديق
4 جمادى الثاني 1428 هـ
فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي عضو المجامع الفقهية في المملكة العربية السعودية والسودان والهند وأمريكا، وهو رجل له قدره وتجاربه وعطاؤه ،لقد نشأ وترعرع في بيت علم، وكان تأثير والده فيه كبيرا فدعم توجهه للدراسة الشرعية، وهو من العلماء الذين كان لهم أثر علمي وفقهي على نطاق واسع خارج سورية على مدى أربعين عاما من العمر المبارك، عمل  في التدريس والإرشاد والتأليف، وصدرت له العديد من البحوث والمؤلفات بلغت ما يقارب الـ  500 عنوان، منها: الموسوعات الثلاث في الفقه الإسلامي وأدلته في 11 مجلداً، والتفسير المنير للقرآن الكريم في 16 مجلداً، وأصول الفقه الإسلامي في مجلدين كبيرين، وشارك في أكثر من مائة وخمسين مؤتمر، وله نشاط  في الدعوة الإسلامية، والعناية بعرض الإسلام عرضاً شيقا  يتفق مع العصر، وهو رئيس هيئة الرقابة الشرعية في بعض البنوك الإسلامية في البحرين، وعضو المجامع الفقهية في أمريكا وجدة والهند والسودان، وهو رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق منذ سنة 1989م. التقيناه في مكة المكرمة وكان لنا معه هذا الحوار: 

- منذ بزوغ شمس الإسلام وهو يتعرض للعداء، وكان رهنا بمؤامرات عدة نأمل منكم تسليط الضوء على هذا العداء وأسبابه؟
ـ الإسلام منذ أن بدأت دعوته في العهد النبوي تعرّض لمؤامرات ومضايقات ومكائد خسيسة من اليهود لمحاولة القضاء على هذه الدعوة في مهدها فكانوا في مبدأ الأمر يؤلبون القبائل العربية على هذه الدعوة المباركة وكانوا يشاركون في الحروب وكانت لهم مخططات منها كما فعلت بنو قريظة حين حاولت اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم حينما طالبهم بديات قتلى.
ثم برزت الاغتيالات السياسية الأخرى سواء ما كان متعلقاً باستشهاد ثلاثة من الخلفاء وكانت أصابعهم الخفية وراءها، والآن المحاولة مستمرة في محاولة إزالة الوجود الإسلامي في فلسطين ألذي أقض مضاجعهم وفي العصور اللاحقة كل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين حيث تآمروا مع قوى الشر والعدوان والبغي والطغيان من الصليبية الحاقدة في محاولة إحكام السيطرة على  القدس الشريف وفلسطين، كان دورهم تخريبياً فيما يتعلق بالمؤسسات الإسلامية والوجود الإسلامي على مستوى الفرد والجماعة.
وهذا واضح في مخططاتهم، ذلك بأنهم لا يجدون غير الإسلام عدواً قويّاً يحاولون النيل منه، لكن تدبير الله فوق كل تدبير وهذه المساعي الخبيثة لا تقتصر على المسلمين يقول الله تعالى (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) فهم يفسدون على مدى مراحل التاريخ الطويل ليس فقط بالنسبة للمسلمين وإنما يتعداهم لغيرهم.

- زخرت المكتبة الإسلامية بمؤلفاتكم، وتراوحت بين التفسير والفقه والدعوة، ولكن نلحظ أن هناك ثلاثة من كتب التفسير لماذا؟
ـ نعم  هناك المنير والوسيط والوجيز وهي على مستويات ثلاثة، يأخذ الإنسان منها ما يتناسب مع ثقافته، ومن أراد الإلمام بجميع ما يتعلق بالتفسير من لغة وبلاغة ونحو وصرف وأسباب نزول ومناسبات للآيات والسور وقصص القرآن وبيان الأحكام، وما يستنبط من هذه الآيات من آداب وتوجيهات وتشريعات، فعليه بالتفسير المنير الذي يمكن فيه الاستغناء عن كل ما كتب في التفسير قديماً وحديثاً، وأما التفسير الوسيط الذي أذعته على مدى ثلاث سنوات في الإذاعة السورية كل يوم، ثم صار في يوم دون يوم، فهو أبسط أيضاً من ((المنير)) على الرغم من بساطة الأسلوب في كل منهما، لكن حرصت على أن يكون هذا التفسير لمتوسطي الثقافة من خلال تبسيط الكلمات وتوضيح الآيات وربط بعضها ببعض وتأييدها بالأحاديث النبوية، أما التفسير الوجيز فهو التفسير المختصر الذي لا يحتاج إليه أكثر من هذا القدر، وهو لأغلب الناس (فئة العوام) بحيث يقرؤون الآية ثم يجدون برقمها تفسيراً لها مع سبب النزول يوضح مدلول الآية بحيث تدفعه إلى إدراكها والعمل بها وتطبيق مقتضاها دون استطراد ودون إخلال بالمعنى كذلك، وقد ترجم تفسيرا المنير والوجيز لأكثر من لغة، والوسيط على الطريق حيث يعتبر أحدث هذه التفاسير.

- هناك دعوة  إلى تجديد الفقه على أساس اختلاف الأفهام، وتجدد المسائل والقضايا وتفاوتها بين الماضي والحاضر، ما رأيكم في هذه الدعوة و سبل ترشيدها؟
 ـ لقد صدر لي كتاب حول هذا الموضوع عن "تجديد الفقه الإسلامي"، وبحثت هذه الرغبة الظاهرة التي يتعلق بها بعض الناس السذّج والذين هم لا يعرفون من الفقه شيئاً ويريدون - تأثراً برغبات الشباب - تجديد كل شيء.
 الإسلام شرع الله ودينه، وأحكامه منها الثوابت ومنها المتغيرات، فالثوابت هذه لا مجال لتغييرها وتبديلها فهي شرع الله أحكم الحاكمين، ولا يملك أحد في الدنيا أن يغيّر جزءاً من هذه الأحكام لأنها أساس بقاء الشريعة وخلودها إلى يوم القيامة، وهناك زاوية أخرى من الأحكام الأصلية على مسايرة العرف ومراعاة المصالح الزمنية وأحوال القياس والمصالح المرسلة، هذه يمكن أن تتغير بتغير الزمان والمكان، وتتجاوب مع مقتضيات الحياة، وحينئذ الجمع بين الثوابت والمتغيرات هو الذي يحقق لهذه الشريعة خلودها وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وهؤلاء الذين يدعون إلى تجديد الفقه الإسلامي لا يدركون حقيقته.
 إنه نظام للحياة الإنسانية برمتها، والدليل على ذلك أن غير المسلمين منذ مؤتمر لاهاي في عام 1937 وفي مؤتمر باريس عام 1951م ومؤتمرات عمداء كليات الحقوق في السبعينيات والثمانينيات في القاهرة وبيروت والرياض، كلهم أجمعوا على أن الشريعة الإسلامية - يريدون بها الفقه لا العقيدة - شريعة حية صالحة لكل زمان ومكان وأنها من مصادر التشريع العالمية الكبرى، وأنها تصلح للتطبيق.
هذا الحكم دليل على أن هؤلاء بعقليتهم القانونية الفذّة أدركوا ما في هذا الفقه من عظمة ونظام شامل لكل أنواع الحياة ومجالاتها، فالدعوة إلى تجديد الفقه، على هذا الإطلاق، دعوة غير سليمة، لأنهم حينما يريدون التجديد فكأن الإسلام فيه قديم وجديد، الإسلام لا قديم فيه ولا جديد، والتجديد بمعنى هدم ما كان بالسابق وبناء شيء جديد هذا يمكن أن يقال في القوانين الوضعية، أما الفقه الإسلامي فلا يقبل ذلك .

- كثير من الأمور التي نعايشها في معاملاتنا لم تكن موجودة لدى الفقهاء ، كيف يتم توصيفها في عصرنا مثل: البنوك والأحكام  المتعلقة بالعلوم التجريبية في مجالات الطب كأطفال الأنابيب والاستنساخ البشري ، وإجهاض الحمل لمرض الجنين ..وغيرها كيف يكون التعاطي معها ؟
ـ هذه الأمور  تخضع للاجتهاد الجماعي الآن، هناك مجمع البحوث الإسلامية في مصر، والمجمع الفقهي في مكة المكرمة، ومجمع الفقه الإسلامي في الهند، هذه المجامع - التي أنا عضو فيها كلها - تتبنى قضايا 90% منها اقتصادية حديثة ، أو علوم طبية أو علوم فلكية أو علوم كيماوية، كل ذلك نحن نتجاوب مع العصر فيما هو مسموح لنا أن نتجاوب فيه، ونجتهد ونجدّد فيه، نطبق قواعد الشرع وأصوله ومقاصد هذه الشريعة من الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسب والعرض والمال، ولكن هناك من لا يعرف ولا يطلّع على قرارات هذه المجامع - والتي صدرت عنها منذ أكثر من عشرين سنة - في تلك القضايا المعاصرة بسبب أن الدول الإسلامية التي تبلّغ بهذه القرارات تحبسها في الأدراج ولا تسهم في نشرها، الناس يظنون أننا جامدون على القديم لا نتجاوب مع الحديث، هذه تهمة باطلة، ونحن نوجد البدائل، ففي جانب المصارف الإسلامية أوجدنا عشرات البدائل حتى لا تنغمس هذه المصارف في المحرمات والربا وفي عقود باطلة أو فاسدة، ونجحت هذه المصارف ولله الحمد.
والمصارف تحقق الأنشطة التي تقوم بها البنوك العادية وشركات التأمين ولكن بالطريق المباح، وقد يظن بعض الجهلة أن النتيجة واحدة، ولكن الواقع أن هناك فرقاً بين أن نسلك طريقاً حلالاً يكون العقد فيه صحيحاً والكسب مباحاً ويكون - ما يسمونه - بالفوائد حراماً، وبين أن ننغمس في مبدأ العمل بعقد فاسد أو باطل، إذن نحن نملأ الساحة بهذه الاجتهادات الجديدة، وإن أردتم الاطلاع على كتابي في هذا الموضوع، الذي ذكرته آنفاً - تجدون فيه هذه القضايا.

- هناك من يدعي أن الإسلام لم يرع حقوق الإنسان وحريته .. ما وجهة نظركم في هذا؟
ـ لا يوجد في أي شرع من شرائع العالم قيمة كبرى للإنسان مثلما نجدها في القرآن الكريم وفي الشريعة الإسلامية الخالدة، فعلى مدى الزمان حاولوا طمس معالمها وحجبها عن الوجود المتفاعل بين شرائع الأمم الوضعية لأنها أسمى من هذه الشريعة التي تحمي حقوق أبناء الجنس البشري في أي مكان وأي زمان لكنهم لا يريدون هذه المفاهيم لأنها تصطدم مع أطماعهم وتطلعاتهم ومآربهم الدنيئة. والجهاد في الإسلام "الجهاد" هو دفاع عن القيم العليا وإعلان بأن المسلمين يحافظون على عزتهم وكرامتهم وأمجادهم وأنهم يريدون نشر قيمهم الإسلامية الرفيعة في أنحاء مختلفة من العالم فهو إذن وسيلة لإعلاء كلمة الحق والعدل ونشر ألوية الحرية والمساواة وإبراز قيمة الإنسان وإجلاء معالم وجوده في هذا العالم.

- ننتقل إلى موضوع الوقف بين الماضي والحاضر، وهو موضوع يلقى اهتمامكم بشكل كبير، فلو نظرنا له لوجدناه تغير كثيراً، والقابض عليه كالقابض على الجمر، لقد تم تفريغه من معناه في كثير من البلدان ما وجهة نظركم؟
ـ أن الوقف أدى دوراً مشرّفاً في الحياة المدنية الاجتماعية الإسلامية وفي الحياة العلمية والصحية والبيئية ومحاولة القضاء على الثالوث الهدام الخطير الجهل والفقر والمرض .
الأنظمة الإسلامية سواء كانت زكاة أو وصية أو أوقافا كلها علاج للسلبيات التي تبرز في المجتمع المسلم، ونجد  أن اليهودية العالمية تحاول الانقضاض على كل شيء مثل انقضاضها على الحكم والتعليم فيريدون هدم صرح الأوقاف الإسلامية وأمثلتهم الحاضرة في القدس الشريف وفلسطين حيث هدموا المساجد وقضوا على الأوقاف الإسلامية في أرض الإسراء.
إن الوقف قد أدى خدمات جليلة في مختلف القطاعات فاستفاد المسلمون سواء فيما يتعلق بالعلم والصحة الثقافة والتأليف والمعاهد والجامعات والمدارس حيث كان يتربى العلماء على عطاء وجود المحسنين الواقفين، فقد  قدموا الخير طوعا لينتفع به الكثيرون من شرائح المجتمع وكانت النية أن يدوم العمل إذا انقطعت الأعمال كصدقة جارية، وفي الحديث الصحيح "إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له" والعلم الذي ينتفع به حيث كان طلاب العلم يتلقونه على إحسان الصالحين.

- للأسف فقد الوقف بعدما تولت أموره وزارات الأوقاف في كثير من البلدان الإسلامية، وأصبحت الأوقاف موردا من موارد الدولة، ووجهت إلى غير ما أوقفت له، ما رؤيتكم في هذا؟
ـ وزارات الأوقاف لم تقم بما يجب عليها من دور مطلوب في رعاية الأوقاف وإنما كان موظفوها أدوات طيّعة في توجيهات بعض رجال الحكم في الكثير من الدول العربية والإسلامية فأهدروا الكثير من أموال الوقف، وحاولوا إضعاف الوقف وحاولوا سلخ الأوقاف عن مهامها الإنسانية والاجتماعية والتعليمية، وإن إضعاف الأوقاف والكثير من ممتلكاتها، كان ذلك من تدخّل الدول في هذا الشأن وكانت وزارة الأوقاف هي الأداة لتنفيذ هذه المخططات إما بحسن نية أو بسوء قصد.
إنهم يتذرعون بأنهم لا يملكون شيئاً أمام السلطات ومؤسسات الدولة وتنفيذ بعض أطماع المتنفذين وأطماع المستغلين لأموال الأوقاف، ضعف هذه الوزارات للأسف دعا الكثير من الناس إلى ضرورة إلغائها لأنها لم تحقق للأهداف المنشودة في رعاية شؤون الوقف بل إنهم يحرصون على أن تكون فوائض الأموال الموقوفة موجهة لصناديق وميزانية الدولة كل عام، ويحرمون منها المستحقين من الأئمة والخطباء والفقراء والمعوزين وغير ذلك.
أن هؤلاء يقطعون رواتب بعض من يقيم الشعائر الدينية، والأئمة لتتوفر مبالغ ضخمة تعطى بسخاء لميزانيات الدول ، وهذه الظاهرة - مع الأسف- منكرة، وتعد خيانة لله وللرسول لأنّ الأصل في الوزارات والحكّام أن يكونوا عمّالاً وحراساً على مصالح الناس وأحوالهم لا أن يكونوا أدوات تخريب وجشع وسلب ونهب وخطف لهذه الأموال التي تدخل تحت مظلة الأوقاف.

- من وجهة نظركم ما هو سبيل الإصلاح  المنشود لإعادة الأوقاف لسابق عهدها؟
- أدعو إلى إعادة النظر في وضع الأوقاف في يد مؤسسات وهيئات مستقلة عن الدولة بحيث لا يكون لها أي سلطان على الأوقاف، وأن يكون هناك راع عام للأوقاف له صلة مباشرة برئيس مجلس الوزراء ويساعد نظّار الأوقاف لتنفيذ خططهم التطويرية للوقف والتحكم في مسيرة الأموال لصالح ما وقفت له، وهذا الاقتراح يزيل المرض  الذي أصاب الأوقاف وعلاج ما نشاهده في غالب الدول العربية.

- وهل ترون استجابة الحكومات لرؤيتكم، ويتركون هذه الغنيمة الباردة التي تعد كلأ مباحاً في أيدي بعض المتنفذين يمنحون به ويمنعون؟
- للأسف لا أعتقد أن وزارات الأوقاف تتخلى عن مكانتها لجهات مستقلة لأنهم يعتبرون الأوقاف غنائم فما أن يعرفوا أن بقرية أو مدينة وقفاً إسلامياً له دخل يسارعون للانقضاض عليه ووضع أيديهم على هذه الأوقاف من أجل التسلط عليها وإدخالها تحت نفوذهم، لذلك تعد هذه الممارسات التي تقوم بها وزارات الأوقاف – مع الأسف - معادية لأصل ومشروعية الوقف فهم ينفذون مخططات الأعداء سواء كانوا مدركين أو غير ذلك، ولكن أكثرهم لا يدركون.
- من وجهة نطر فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي مارؤيتكم المستقبلية للوقف في العالم الإسلامي؟
- أدعو لأن يبدأ الإصلاح من قبل المخلصين الذين يخافون الله، لأنّ ما فيه الأوقاف مرض عضال ولا بد من علاجه وعقب العلاج لا بد من وضع المخططات والمشاريع والطرق والوسائل التي تؤدي إلى تفعيل دور الوقف أنحاء الحياة لذلك هذه الأوضاع الشائنة التي نجدها في وزارات الأوقاف لا بد من التخلص منها وما نجده يعد عبأً ليس من السهل التخلص منه، لأن الدول احتضنت هذه الوزارات وأصبحت جزءا من منظومتها وخططها المرسومة  فليس من السهل أن يكون هناك إصلاح إلا إذا وجد نظام يقوم على أساس من شرائع الإسلام ومخططاته وأهدافه ودون تأثر بضغط خارجي عندئذ يرجى الإصلاح.
أما الأحوال التي نحن عليها  فينبغي أولاً وقبل كل شيء ألا نقرّ أن تكون الأوقاف وسيلة، ولا وزراء الأوقاف وسيلة في توجهات السلطة، حتى في غير الأوقاف يتحدثون بما يريد الحكام وأصحاب النفوذ والمتسلطين، القضية أنه توجد سرطانات تهيمن على كل هذه الأشياء.
إن المخلصين في هذه الأمة يعوّل عليهم في إنصاف الوقف الإسلامي، هؤلاء يدركون أهمية الوقف ودوره في الحياة الإسلامية والثقافية والصحية والاجتماعية هؤلاء مطالبون أن تعلوا أصواتهم لإنقاذ الأوقاف من هذه الآفات التي وقعت فيها، لا بد أن يكون لهم أصوات قوية في الدفاع عن الأوقاف.

- هل يمكن أن يتحقق ذلك ؟
في رأيي أن الناس في بعض البلاد الإسلامية يعانون من تسلط الدولة وخاصة رجال الأمن الذين لا يعطون فرصةً لأحد ليتكلم عن الإسلام أو من يحاول أن يقدم مشروعاً فكرياً أو عملاً إسلامياً ويتسلطون على الوقف، ولا بد أن نرفع سطوة الفئة المتسلطة عن الوقف أو غيره من تلك الأنشطة ، وينبغي أن يعلموا أننا دعاة تقدّم وحضارة وإصلاح، وأننا لا نحاول ـ إذا تكلمنا عن الإسلام ـ أن نطلب سلطة، أو ننتزع حكماً أو نسحب البساط من تحت أرجلهم، نحن لا مطمع لنا في ذلك، نحن حين نطالب بالتواجد الإسلامي نريد أن نتعاون مع الدول للإصلاح وتحقيق الخير للشعوب، ولكل من يحسّ بمعاناة ويحاول رفع الإصر عن هذه الأمة.



الدكتور وهبة الزحيلي في سطور :
- ولد في بلدة دير عطية من نواحي دمشق عام 1932م، وكان والده حافظاً للقرآن الكريم عاملاً بحزم به، محباً للسنة النبوية، مزارعاً تاجراً.
- متزوج وله خمسة أولاد أكملوا الدراسة الجامعية ما عدا الأخير في منتصف الدراسة.
- درس الابتدائية في بلد الميلاد، ثم المرحلة الثانوية في الكلية الشرعية بدمشق مدة ست سنوات وكان ترتيبه الامتياز والأول على جميع حملة الثانوية الشرعية عام 1952م، وحصل فيها على الثانوية العامة الفرع الأدبي أيضاً
- تابع تحصيله العلمي في كلية الشريعة بالأزهر الشريف،فحصل على الشهادة العالية وكان ترتيبه فيها الأول عام 1956م.
- ثم حصل على إجازة تخصص التدريس من كلية اللغة العربية بالأزهر، وصارت شهادته العالمية مع إجازة التدريس.
- درس أثناء ذلك علوم الحقوق وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس بتقدير جيد عام 1957م.
- نال دبلوم معهد الشريعة "الماجستير" عام 1959م من كلية الحقوق بجامعة القاهرة.
- حصل على شهادة الدكتوراة في الحقوق "الشريعة الإسلامية" عام 1963م بمرتبة الشرف الأولى مع توصية بتبادل الرسالة مع الجامعات الأجنبية، وموضوع الأطروحة (آثار الحرب في الفقه الإسلامي ـ دراسة مقارنة) بين المذاهب الثمانية والقانون الدولي العام.
- عين مدرساً بجامعة دمشق عام 1963م ثم أستاذاً مساعداً سنة 1969م ثم أستاذاً عام 1975م وعمله التدريس والتأليف والتوجيه وإلقاء المحاضرات العامة والخاصة، وقد يعمل في اليوم 16 ساعة.
- التخصص الدقيق في الفقه وأصول الفقه، ويدرّسهما مع الفقه المقارن في كلية الشريعة ومواد الشريعة في كلية الحقوق بجامعة دمشق والدراسات العليا فيهما
- أعير إلى كلية القانون بجامعة بنغازي ـ ليبيا لمدة سنتين 1972 ـ 1974م، ثم كلّف بعدئذ بمحاضرات فيها في الدراسات العليا.
- أعير إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات لمدة خمس سنوات من 1984 ـ 1989م.
- أعير بصفة أستاذ زائر إلى جامعة الخرطوم ـ قسم الشريعة وإلى جامعة أم درمان الإسلامية لإلقاء محاضرات في الفقه وأصول الفقه على طلاب الدراسات العليا.
- أعير لمدة سنتين للدراسات العليا بكلية القانون في ليبيا بصفة أستاذ زائر لمدة شهر.
- أعير إلى قطر والكويت للدروس الرمضانية عام 1989ـ 1990م.
- أعير بصفة أستاذ زائر إلى المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب في العام الدراسي 6/11/1993 لمدة أسبوعين.
- يدرّس كتابه "الفقه الإسلامي وأدلته" بصفته مرجع أساسي في كثير من الجامعات لطلبة الدراسات العليا كالباكستان والسودان وغيرهما.
- يدرّس كتابه "أصول الفقه الإسلامي" في الجامعات الإسلامية بالمدينة المنورة وفي الرياض ـ قسم القضاء الشرعي ـ سابقاً

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان