حوار مع : رئيس مجلس التجمع الشبابي الإسلامي بمقدونيا
13-11-2007 إسلاميات
رئيس مجلس التجمع الشبابي الإسلامي بمقدونيا :
حراك ثقافي إسلامي يؤطر للمظاهر الإسلامية
الشيخ رفعت شريفي |
حوار : عادل صديق
3 ذو القعدة 1428 هـ
تقع مقدونيا في شبه جزيرة البلقان وتحدها عدد من الدول من الغرب ألبانيا ومن الشرق بلغاريا ومن الجنوب اليونان ومن الشمال صربيا وكوسوفو وهي دولة كانت سابقًا من ضمن جمهوريات يوغسلافيا السابقة، وفي سنة 1990م حصلت على استقلالها وتم الاعتراف بها من قبل الأمم المتحدة كدولة مستقلة و ذات سيادة، وتاريخياً هذه المنطقة كان لها دور مركزي وحساس، وكان لها دور مميز أثناء الخلافة العثمانية حيث الوجود الإسلامي الذي أتى إلى المنطقة قبل أكثر من خمسمائة عام واعتنق أهلها المحليين وخاصة الألبان الإسلام. انتشر الإسلام بسرعة في هذه المنطقة وتم اعتناق الإسلام من قبل المحليين وخاصةً للألبان.
يوضح لنا في هذا الحوار (الشيخ رفعت شريفي رئيس التجمع الشبابي الإسلامي بمقدونيا)، نحاول من خلاله التعرف أبعاد العمل الإسلامي، ومظاهر الصحوة الإسلامية، والإشكاليات والعقبات التي يواجهها المسلمون هناك، فإلى نص الحوار:
· سأبدأ معك من أهم معالم أو مظاهر الصحوة الإسلامية بمقدونيا.
أبرز مظاهر الصحوة الإسلامية في مقدونيا وجود مؤسسات إسلامية متعددة تعمل في المجال الإسلامي التي تعمل في الجانب الاجتماعي والاغاثي والدعوي التربوي والثقافي، وهناك المشيخة الإسلامية التي تعتبر المؤسسة الدينية الرسمية بمقدونيا.
والحمد لله نشهد صحوة عارمة جداً والمساجد التي قبل عشرين سنة لو زرتها لم تجد فيها من الشباب ولو 5 % والآن عدد المصلين في المساجد قد يتجاوز 70 % وعدد الطلاب الذين يتبنون الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل أصبح كبير جداً، وعدد المثقفين الذين تغيرت فكرتهم ونظرتهم إلى الإسلام يعتبر جيداً، بل أصبحوا من المدافعين والعاملين للقضية الإسلامية.
المعالم الإسلامية
· ماذا عن المعالم الإسلامية في مقدونيا؟.
مقدونيا تتميز عن الجمهوريات السابقة اليوغسلافية أن الإسلام كان له حضور قوي والالتزام بالإسلام كان له حضور قوي أيضاً وكان هناك عمل جبار تم انجازه من قبل العلماء سابقاً، وفي هذا الوقت ونستطيع أن نقول فيما يتعلق بالمجال الإسلامي هناك أكثر من خمسمائة وثلاثين مسجداً بعضها قديمة منذ الخلافة العثمانية وعدد كبير منها بنيت في الأوقات الأخيرة بنفقة المسلمين وبدعم من بعض المؤسسات الخيرية الإسلامية المتواجدة في الدول العربية، وهناك كلية للدراسات الإسلامية التي تعلم أبناء المسلمين الإسلام وهناك أربع ثانويات إسلامية تعلم الإسلام للمسلمين، وهناك عدد من المؤسسات الأخرى التي تعمل في المجال الإسلامي والدعوي والثقافي والتربوي ومجالات أخرى.
الحجاب الإسلامي
· وماذا عن التزام النساء المقدونيات بالحجاب الإسلامي؟.
نستطيع أن نقول أنه لا يزال موجود بأعداد لا بأس بها حالياً ولكن لا نستطيع أن ننكر أنه سابقاًَ كان أكثر كثافةً ولكن الآن بسبب الغزو الفكري والأخلاقي والثقافي الذي يمارس من قبل وسائل الإعلام المتعددة والكثيرة في بلادنا، فقد تأثرت الأجيال الجديدة بهذه الموجة التغريبية فنجد هناك حالات لترك هذه المظاهر الإسلامية، وفي الجانب الآخر نجد هناك التزاماً قوياً بالمظاهر والأسس الإسلامية.
تعامل الحكومة
· يدفعنا السؤال السابق، لتوضيح ما هية علاقة الحكومة المقدونية مع الإسلام؟.
تعامل الحكومة المقدونية مع الإسلام ليس بسيئ وهناك اعتراف بالمشيخة الإسلامية رسمياً كمؤسسة دينية رسمية تمثل المسلمين، في السابق كان الاعتراف المنصوص عليه في الدستور هو الكنيسة الأرثوذوكسية، والآن تم الاعتراف بمؤسسة رسمية للمسلمين.
· بعد الاعتراف بالمشيخة الإسلامية كمؤسسة تمثل المسلمين كيف ترى مساحة العمل والحرية لهذه المؤسسة؟
هناك مساحة لا بأس بها من العمل والحرية، ولكن المشكلة التي تعاني منها هذه المؤسسة هو قضية استرداد الأملاك الوقفية التي تم تعميمها في النظام الشيوعي والاشتراكي الذي كان سائد قبل ثمانية عشر سنة، ورغم أنه تم تمرير قانون ينبغي بموجبه استرداد الأملاك الوقفية والأملاك الخاصة للأفراد إلا أن هذا القانون لم يعطي ثماره بشكل كامل بل هناك بعض المبادرات لاسترجاع عدد من الأوقاف ولكن لم تسترجع الأملاك الوقفية بكاملها ، والمشيخة الإسلامية تعمل بقوة في استرجاعها لأن هذا يعتبر من المصادر القوية التي تمد العمل الإسلامي في هذه المؤسسة بالدعم المالي.
· ما هي مطالب ألبان مقدونيا في الوقت الراهن بعد منحهم ممارسة حقوقهم السياسية والدينية؟
في ما يتعلق بالوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمسلمين يمكن أن نتحدث عن عدد من الحقوق التي كنا نسعى إليها قد تحققت خلال الأزمة التي وقعت في مقدونيا عام 2001 حيث تم إنهاء هذه الأزمة بتوقيع معاهدة، حصل المسلمون والألبان من خلالها على عدد من المكاسب السياسية وغيرها من المكاسب، ومن ضمن المكاسب التي حصل عليها أن ألبان مقدونيا استطاعوا أن يحصلوا على ميزة أنهم أصبحوا شعب مؤسس للدولة وأصبحت اللغة الألبانية اللغة الثانية الرسمية في جميع البلديات التي يتجاوز عدد السكان فيها أكثر من 20 % وأصبح من المسموح به التحدث باللغة الألبانية تحت قبة البرلمان،و من ضمن المكاسب أنه سمح للألبان أن يكون هناك تعليم عالي بلغتهم حيث انه قبل هذه الفترة لم يكن مسموحاً بهذا رسمياً،ومن المكاسب أيضاً أن ألبان مقدونيا كانوا مهمشين وخاصة من الدوائر الرئيسية الحكومية وأخيراً بعد هذه الأزمات أصبح منصوص أنه لابد أن يكون للألبان تواجد في الدوائر الحكومية الرئيسية بنسبة 25% ففي جميع الوزارات لا بد أن يكون تواجد للعنصر الألباني على حسب هذه النسبة التي ذكرناها.
· وهل تم تطبيق هذه النسبة على أرض الواقع ؟
حقيقة إلى الآن لم يتحقق هذا، ولكن هناك خطوات تقام من قبل الحكومات التي أتت بعد هذه الفترة والتي تعمل في تنفيذ هذه البنود، على الرغم من وجود بعض الصعوبات سواء كانت سياسية واقتصادية لعدم تنفيذ هذه المطالب المتفق عليها.
في البرلمان
· هل يوجد حزب سياسي ذو طابع إسلامي؟ وماذا عن الوجود البرلماني للنواب المسلمين؟
ليس هناك حزبًا سياسيًا ذو طابع إسلامي، بل الأحزاب السياسة التي شكلت مدنية وقومية، وأسسوها المسلمون الألبان ولهم وجود في البرلمان ولهم نواب وعددهم تقريباً ثمانية وعشرون فقط من الألبان من مائة وعشرون نائب، وهناك نواب من أصول بوسنية وأتراك ويعتبرون من المسلمين، لذا فنستطيع القول أن نسبة النواب في البرلمان يتجاوز الربع من المسلمين في جميع العرقيات وهناك حزب سياسي مشارك حالياً في الائتلاف الحكومي ولديه خمس وزارات غير سيادية.
الدفاع عن القضايا
· ما هو الدور الذي تلعبه المؤسسات الإسلامية في الدفاع عن القضايا الإسلامية المحلية والأممية؟.
ما يتعلق في دور هذه المؤسسات في الدفاع عن القضايا الإسلامية بلا شك هذه المؤسسات تقوم بدور إيجابي في هذا المجال، ومن الأمور التي ينبغي ذكرها أزمة الرسوم الدنمركية،فقد تم معالجتها بطريقة حضارية وثقافية حيث تم طباعة كتابين تتحدث عن الإسلام ونبي الإسلام بصفة خاصة، عن مكانته، و الإنجازات التي قدمها، وكذلك تم ترجمة أكثر من مائة ألف مطوية نشرت عبر الصحف اليومية، وتم عقد طاولة مستديرة حضرها عدد من النخب الثقافية البارزة وتحدثوا عن هذه القضية وحرية الرأي وحدودها وتحدياتها وانعكاساتها في حياة الشعوب وكان هناك عدد من البرامج الأخرى التي أقيمت من قبل الإذاعة المحلية والتلفزة المحلية لمعالجة هذه القضية ، وهناك من ضمن القضايا التي ينبغي أن نذكرها هو قضية الحجاب والحجاب مسموح لباسه وارتداءه في حياة المسلمين ولكن هناك نوع من المشكلة ونحن نعاني منها مشكلة إصدار هويات للمسلمات بغطاء الرأس (أي حجابها) في الهوية ووثائق الإثبات فهناك محاولات من عدد من المؤسسات لتغيير هذا الوضع والسماح للمسلمات أن يرتدين الحجاب.
· بعد أحداث سبتمبر تعاملت الحكومات مع المؤسسات و الجمعيات الخيرية بأنواع مختلفة من التضييق إلى الإغلاق ، فكيف تعاملت الحكومة المقدونية مع المؤسسات الإسلامية ؟
هذا الحدث كان له أثره في تغيير كثير من الأمور، ولكن نحن بما يتعلق بمقدونيا لم نشهد تغييراً كبيراً في تعامل الحكومة مع المؤسسات الإسلامية، الذي حدث هو مراقبة هذه المؤسسات بشكل مباشر وغير مباشر.
· ما معنى ذلك ؟
ليس هناك تضييق مباشر على العمل الذي نمارسه في الساحة وذلك بلا شك ثقة منهم أن العمل الذي نقوم به – أتكلم عن مؤسستنا – ليس له أهداف مشبوهة وشعارنا في تجمع الشباب الإسلامي هو : نحو مجتمع مستقر وسليم ، فنحن نعمل لاستتباب الأمن واستقرار المنطقة، ومحاربة جميع المظاهر التي من الممكن أن تؤدي إلى عدم الاستقرار مثلاً الفساد والرذيلة والمخدرات والنهب والسرقة كل هذه الأمور نحاربها وأتوقع أنها تنعكس إيجابياً على الدولة ككل وعلى الحياة المدنية.
· أن أسأل بشكل عام وليس عن مؤسستكم فقط، هل تم إغلاق بعض المؤسسات الإسلامية؟
لا لم يتم إغلاق أي مؤسسة إسلامية بل كل المؤسسات تقوم بمزاولة عملها وحتى المعاملات المالية إذا كانت تجري بشكل قانوني فلا يمكن إغلاقها.
مع العرب
· لماذا تم حظر عمل المؤسسات الخيرية العربية في مقدونيا؟
ما بين أعوام 1993 إلى 1996 تم إبعاد بعض المؤسسات العربية الخيرية الإسلامية ولكن في الوقت الحالي هناك مؤسسة سعودية هي هيئة الإغاثة استطاعت أن تكون موجودة في الساحة ولكن نشاطها محدود جداً، ولكن الذي ينبغي أن نذكره أنه تم تسجيلها ولا يوجد قانون يمنع من تسجيل مؤسسات إسلامية تأتي من الخارج بل لا بد أن تخضع لجميع النظم والقوانين التي موجودة .
ونحن لا نريد أن نفهم خطأ وأننا لا نرحب بوجود الجمعيات العربية والإسلامية في الساحة ولكن نستطيع أن نقول أن المؤسسات الإغاثية والخيرية والدعوية والثقافية التي تعمل هناك أتوقع أنها تقوم بدور جيد جداً مجال إدارتها لشئونها فالمطلوب نتفهم الظروف التي يمر بها العمل الإسلامي وأن يكون هناك نوع من التعاون بين هذه الجمعيات التي لها وجود وإسنادها مادياً ومعنوياً طالما أن المجال يسمح بذلك.
· لماذا مقدونيا غائبة عن الساحة العربية؟
هي كانت غائبة سابقاً والآن فتحت سفارة لمقدونيا في دولة قطر ومصر، وهناك محاولات لفتح سفارات في دول أخرى، وبالنسبة للوجود العربي الرسمي في مقدونيا فلدى السعودية سفارة لها في مقدونيا مقرها في ألبانيا، وسفيرها غير مقيم، وكذلك بالنسبة لمصر وتركيا وإيران. ونقول رغم ذلك نقول أننا لا نكر أن تعامل الدولة المقدونية مع الدول العربية ليس على المستوى المطلوب وأتوقع أن إمكانيات الاستفادة الاقتصادية والسياسية وغيرها من وجوه الاستفادة متاحة ومطلوب منا أن نتحرك وكل يبذل جهوده لتغيير هذا الوضع الحالي.
الحراك الثقافي
· تشهد مقدونيا حراكاً ثقافياً إسلاميا واسع النطاق من خلال نشر وطباعة الكتاب الإسلامي، فكيف تقيم ذلك الحراك؟.
مؤسسة تجمع الشباب الإسلامي التي أنشئت في سنة 2000 تعتبر من المؤسسات الثقافية والتوعوية الكبرى، التي لها انتشار قوي جداً في مقدونيا من خلال أنشطتها الواسعة جداً وكذلك توجد هناك بعض المؤسسات التي تعمل في المجال الثقافي ومؤسسات أخرى تعمل في مجال ترجمة الكتاب الإسلامي وترجمة الثقافة الإسلامية وهنا يمكن أن نذكر مثلاً مؤسسة الفرقان للنشر والتوزيع التي أنشئت في سنة 1994 واستطاعت إلى الآن أن تطبع أكثر من 150 كتاب من الكتب الإسلامية وقامت بإصدار أكثر من 90 عدد من مجلة علمية ثقافية إسلامية تسمى مجلة العمل، وهناك دور نشر أخرى مثل مؤسسة العصر التي تعمل في هذا المجال، نستطيع القول من خلال ذلك الحراك أن نقول أن مقدونيا تعتبر دولة رائدة في ما يتعلق بالعمل الإسلامي واستفادت من الجهود الجبارة التي بذلت في مجالات متعددة وحتى دول الجوار مثلاً كوسوفو وألبانيا والجبل الأسود والمناطق الأخرى التي يسكن فيها الألبان استفادوا من هذه التجارب ومن هذه الانجازات الكبيرة التي كان منبعها مقدونيا .
المحور السياسي
· ما هو موقف ألبان مقدونيا في حال تم تقسيم كوسوفا ما بين الصرب والألبان، وأثر ذلك على الدول المجاورة ؟
تقسيم كوسوفو لن ينعكس سلبياً على مقدونيا فقط، بل على دول المنطقة ككل، لأنه إذا ما تم تغيير الحدود الحالية،فسنصل إلى ما لا يحمد عقباه،فالأزمات في المنطقة موجودة،فقضية البوسنة لم تستقر بعد، والصرب لا يزالوا يحلمون بالانضمام إلى صربيا الكبرى وحتى الجالية الهنغارية الموجودة في صربيا هي لا تزال ربما تحلم بعودتها إلى دولتها الأم هنغاريا (المجر)، هناك كثير من الأمور التي يمكن أن تحدث لو تم تقسيم كوسوفو وأتوقع أن تنعكس سلبياً على مقدونيا لأن الألبان يشكلون نسبة عالية جداً في هذه الجمهورية قد تبرز هناك نوايا وأفكار لتغيير الوضع الحالي في مقدونيا ، والحل الأفضل الذي يطالب به سكان كوسوفو وتطالب به كثير من الدول الأخرى استقلال كوسوفو في ظل الحدود القائمة.
تعليقات