وفاة المفكر الإسلامي المصري محمد عمارة:أرى أن النظم العربية أسهمت في ضرب العراق، وهم في جعلو المشروع الفارسي الصفوي يستبيح المنطقة العربية وخاصة المشرق العربي
الدكتور عمارة: أرى أن النظم العربية أسهمت في ضرب العراق، وهم الآن يسهمون في جعل المشروع الفارسي الصفوي يستبيح المنطقة العربية وخاصة المشرق العربي، لأن المشروع الفارسي والتشيع الصفوي استقطب التشيع العربي وحوّل قطاع من الزيدية إلى جانبه، وعندما قامت للتشيع دولة فارسية استقطبت هذه الجماعات سواء في البحرين أو السعودية أو في اليمن، وبدأ هناك توجه أن هناك دولة، بالضبط مثل المشروع (الاسرائيلي).
للرجل ثقافة واسعة بالديانات العالمية الكبرى السماوية والوصفين في شرق آسيا، وعلاوة على ذلك فالرجل مكانة مرموقة في المجتمع الدولي فهو أحد الشخصيات العشرين العالمية التي اختارها الأمين العام السابق لأمم المتحدة “كوفي عنان” ليكونوا بمثابة حكماء العالم المعاصر”. هذا جزء من مقدمة "لماذا مقاييس عالمية للاخلاق ..للدكتور محمد عمارة الدكتور:هانس كينج كاردينال كاثولوكي ألماني، من جيل بابا الفاتيكان الحالي بنديكوس السادس عشر، ولكن ناقد السلطات الدينية الصارمة للفاتيكان لثقافتة الدينية للكاردينال"هانس كينج"رحمه الله" ولقد نشر الكاردينال هانس كينج بالالمانية كتابًا كبيرًا عنوانه (لماذا مقاييس عالمية للأخلاق؟) تجلت في فصوله وصفحاته الثقافة الواسعة لهذا الكاردينال حيث عرض فيه لعشر قضايا بالغة الأهمية هي: أنه لا بقاء للبشرية بلا سلام عالمي ولا سلام عالمي بلا عدالة ولا عدالة عالمية بلا صدق وانسانية ولا سلام بين الامم بلا سلام بين الاديان ولا سلام بين الاديان بلا حوار بين الاديان -ولا توجد انسانية حقيقية بلا تعايش مبني على الشراكة ..
فلا يمكن أن تتغير أرضنا إلى الاحسن بدون تغيير وعي للأفراد وبدون مغامرة واستعداد للتضحية لا يوجد تغيير جوهري لحالتنا وإن عولمة الاقتصاد والتكنولوجيا والاتصالات تتطلب مقاييس عالمية للأخلاق وفي الاديان الكبرى توجد مقاييس للأخلاق الصالحة لأن تكون عالمية يتفق عليها حتى التدين بهذه الاديان.
ولأهمية هذا السفر الذي تميز بالعمق والشوك والهندسة الفكرية الممتازة قام الباحث ثابت عيد الذي يعيش في زيورخ بسويسرا بترجمته من الألمانية إلى العربية مع خدمة النص المترجم بتعليقات تتسم بثقافة القارئ العربي بالمعارف اللاهوتية والحضارية الغربية والشرقية حتى لقد قارب حجم التعليقات الفنية حجم الكتاب.
ولقد لاحظت أن مؤلف هذا الكتاب (لماذا مقاييس عالمية للأخلاق) قد اتخذوا الكاردينال الكاثوليكي من رسول الاسلام صلى الله عليه وسلم موقفًا موضوعيًا ايجابيًا عندما اعترف بنبوته وبتميزه بين الانبياء قال إن النبي محمد وإن كان جاء بعد المسيح إلا أنه لا يكن إنكار كونه نبيًا لقد كان أنجح من معظم الانبياء الآخرين وهو موقف ورأي وشهادة بالغة الاهمية .
أنها صادرة عن هذا الكاردينال الكبير زميل بابا الفاتيكان في الجيل والموطن فجاءت شهادته هذه وكأنها رد موضوعي على الافتراءات التي صدرت عن البابا بحق رسولنا صلى الله عليه وسلم..
ان الاهتمام بالقاء الاضواء على شهادات كبار اللاهوتيين الذين أنصفوا الاسلام ورسوله وحضارته فريضة شبه غائبة عن ثقافتنا العربية والاسلامية المعاصرة رغم أهمية هذه الشهادات في الرد الحاكم على هذه الافتراءات المعاصرة التي يتعرض لها الاسلام والتي اتخذت وتتخذ شكل الحرب العالمية المعلنة على الاسلام به ولذلك أهمية هذه الشهادات
بالنسبة للجالية المسلمة في الغرب التي تخوض معارك الدفاع عن الاسلام والتي تنهض بفريضة الحوار مع الغرب وإلى جانب التركيز في المقدمة التي تنهض بفريضة الحوار مع الغرب حول الاسلام وإلى جانب التركيز في المقدمة التي كتبها للترجمة العربية لهذا الكتاب على ايجابياته فلقد أدرت حوارًا حول نقاط الخلاف.
مما أحببته من الدكتور عمارة رحمه الله
الحرية أولا .
دمحمد عماره
بدون الحرية لن يكون هناك تدين حقيقي، فالإكراه يصنع منافقين لا مؤمنين، وهذا هو معنى “لا إكراه في الدين” (البقرة 256)، فهو نفي للإيمان مع الإكراه، كما هو نهي عن الإكراه على الدين.
ولهذه الحقيقة الإسلامية، كانت فتوحات الإسلام إزالة للقهر الروماني والفارسي لشعوب الشرق ولضمائر هذه الشعوب، حتى إن الذين يدينون بالإسلام من شعوب الشرق بعد قرن من هذه الفتوحات لم تتعد نسبتهم 20% من السكان – كما يقرر كتاب “المسيحيون واليهود في التاريخ الإسلامي العربي والتركي” الصادر عن المعهد الوطني للدراسات الديموقراطية بباريس.
ويشهد على هذه الحقيقة – حقيقة اقتران الفتوحات بالحرية والتحرير – المؤرخ القبطي “يعقوب نخلة روفيلة” (1847- 1905م) في كتاب “تاريخ الأمة القبطية” فيقول: “إن الفتح الإسلامي قد حقق للأقباط نوعا من الحرية والاستقلال المدني، وراحة لم يروها من أزمان، وهي ميزة كانوا قد جردوا منها في أيام الدولة الرومانية”.
ولقد استمرت سيادة هذا التحرير عبر التاريخ الإسلامي – ولم يكن وقفا على صدر الإسلام – فبعد خمسة قرون من الفتوحات الإسلامية يشهد البطرك السرياني “ميخائيل الأكبر” (1126- 1199م) على ذلك فيقول: “لقد نهيب الرومان الأشرار كنائسنا وأديرتنا بقسوة بالغة، واتهمونا دون شفقة، ولهذا جاء إلينا أبناء إسماعيل – (العرب المسلمون) – لينقذونا من أيدي الرومان، وتركنا العرب نمارس عقائدنا بحرية وعشنا في سلام”، فالفتوحات الإسلامية كانت “إنقاذا” لشعوب الشرق وديانتها، فتحت أمام هذه الشعوب أبواب الحرية الدينية والاجتماعية جميعا.
ولقد صدق المستشرق الإنجليزي الحجة "سير توماس أرنولد" (1864- 1930م) على هذه الشهادات الشرقية، فقال – في كتاب “الدعوة إلى الإسلام” -:إنه من الحق أن نقول إن غير المسلمين قد نعموا بوجه الإجمال في ظل الحكم الإسلامي، بدرجة من التسامح لا نجد لها معادلا في أوربا قبل الأزمنة الحديثة”.
ولم تكن الحرية الدينية فقط هي التي حملها الإسلام إلى شعوب الشرق، وإنما كانت هناك الحرية الاجتماعية والاقتصادية، فالمواطن كان يدفع للدولة الرومانية ثلاثين ضريبة- منها ضريبة على تنفس الهواء إذا ارتفع بالبنيان في الفضاء! – فاختزلت الدولة الإسلامية الضرائب الثلاثين في ضريبتين اثنتين:
الخراج على الأرض الزراعية، يستوي في قيمتها المزارعون مسلمين كانوا أم غير مسلمين، وضريبة الرأس (الجزية) وهي دراهم معدودة يدفها الذين لا يرغبون في الانخراط بالجيش، من القادرين على حمل السلاح، والذين لديهم قدرة مالية على دفع هذه الدراهم المعدودات، فهي بدل عن الجندية،
وليست بديلا عن الدخول في الإسلام، بدليل إعفاء القساوسة والرهبان والنساء والأطفال وكبار السن من دفع هذه الدراهم المعدودات، أما الذين ينخرطون في الجندية – من غير المسلمين – فإنهم تسقط عنهم هذه الضريبة، بل ويأخذون رواتبهم من الدولة، مثلهم في ذلك مثل الجند المسلمين.
ومع كل ألوان هذه الحريات، حمل الإسلام إلى شعوب الشرق – كما يقول الفيلسوف الأمريكي “جون تايلور” (1753- 1824م) -: “ثورة على المجادلة الجوفاء في العقيدة، ومنح العبيد رجاء والإنسانية إخاء، ووهب الناس إداركا للحقائق الأساسية التي تقوم عليها الطبيعة البشرية”.
هكذا كانت الحرية هي المقصد الأول في هذه الفتوحات التي وضعت عن المستضعفين الأغلال التي كانت عليهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حوار الدكتور محمد عمارة مع هيئة علماء المسلمين
كعادته في تلقي السؤال بهدوء وسكينة ينصت المفكر الإسلامي الدكتور (محمد عمارة) لمحدثه بكامل جوارحه ثم يجيب بتمكن الخبير العارف ببواطن الأمور المطّلع على مقدمات النكسات ومآلات الضياع، لكنه لا ينفك عن التحذير من الخطر الفارسي بعزم الفروسية العربية المنضبطة بتعاليم الاسلام.
فقد أكد الدكتور (محمد عمارة) في حوار مع (الهيئة نت ) ان هيئة علماء المسلمين التي ما زالت مرابطة على ثغرة بانها صوت صدق وحق تجاه المأساة التي يعيشها الشعب العراقي، كما انها تجمع الحس العربي مع الحس الإسلامي، وهي الصبغة التي تحتاجها الامة في هذا الوقت.
وجدد الدكتور (عمارة) اشادته وتثمينه العالي لمواقف الشيخ الراحل (حارث الضاري) رحمه الله، وقال: ان الرجل كان صامدا صابرا مثابرا، ومدركا لأبعاد الموقف الذي يعيشه العراق والأمة، كما كان مجاهدا ومناضلا في كل ما يقوم به وما يفكر فيه .. موضحا ان (الضاري) الذي يُعد من أصحاب الرسالات، كان يعيش لقضية، ويجاهد لقضية، ويحيا لقضية، ويتطلع الى قضية، ويقف على هذه الثغرة.
ووصف (عمارة) احتلال العراق في القرن الواحد والعشرين بمأساة فلسطين في القرن العشرين .. مشيرا الى ان مخطط ضرب العراق ـ الذي كان لديه مشروع تنموي وعلمي وثقافي وعسكري وتمكن من مواجهة المشروع الفارسي ـ يهدف الى تقسيمه والسيطرة على ثروات شعبه ولا سيما النفطية منها.
وفي ما يأتي نص الحوار:
الهيئة نت : كيف تنظرون الى احتلال العراق؟
الدكتور عمارة: أنا اعتبر احتلال العراق في القرن الواحد والعشرين يوازي مأساة فلسطين في القرن العشرين، لأن العراق كان لديه مشروع تنموي وعلمي وثقافي وعسكري يبشر بأن هناك مجال في الفكر والاطار، فالعراق كان لديه جيش جيد وكان على ثغرة في مواجهة المشروع الفارسي، فضرب العراق كان مخططا قديما.
وقد قرأت ونشرت ما كتبه (برنارد لويس) مع قيام (اسرائيل) وكيف كان يخطط لتقسيم العراق، وأن تقسيمه أهم من ضرب سوريا وتقسيمها؛ لأن العراق أخطر من سوريا، فضلا عن قوة اقتصاده وثروته النفطية، وقد قرأت دراسات وأشرت إليها في بعض ما كتبت، كدراسة عن سنوات بقاء النفط في البلاد النفطية يعني الكويت ينتهي سنة كذا، ونفط السعودية ينتهي سنة كذا، إلا أن آخر قطرة نفط تخرج من العراق، يعني ثروة العراق النفطية في مخزونها في التقديرات العلمية المدروسة غربيا هي كثيرة ومتميزة.
فضرب العراق واحتلاله كان يمثل مأساة كما قلت تعادل مأساة القضية الفلسطينية في القرن العشرين، وهو كان فاتحة لما نراه الآن يعمم في البلاد العربية والاسلامية، سحق التقدم القومي والإسلامي، والتجزئة وتفتيت المفتت وتجزئة المجزأ، مخطط (برنارد لويس) في الأربعينيات، قال إن هذا المخطط وهذا التقسيم هو الضمان لأمن (اسرائيل) والمحاولات الاسرائيلية لبعث الحركات الانفصالية بدءا بالمارونية في أوائل الخمسينيات منكرملو ديان ومشاريت، وكان مرحلة من مراحل هذا المشروع، وكانوا يركزون أيضا على العراق.
كما نشرت منظمة الحركة الصهيونية الندوة التي عقدت في (اسرائيل) سنة 1992م وشارك فيها الأكراد والأقباط وكل هذه الاقليات، هذا المخطط القديم كان يركز على موضوع العراق، ولذلك عندما حصل التطور من دخول العراق للكويت، ثم الحصار الذي فرض عليه وحاول النظام في العراق أن ينفتح على الإسلام وجعل عبارة (الله أكبر) في العلم، وعمل أيضا الحملة الإيمانية، كانت هذه محاولة أخيرة لمقاومة المخطط.
أقول إن العراق كان يحاول الخلاص من المأزق والفخ الذي وقع فيه، لكن الامبريالية الأمريكية والحركة الصهيونية كانت تركز على ضرورة الخلاص من العراق تمهيدا لاستباحة المنطقة؛ لأن العراق كان في ذلك الوقت يمثل مركز المقاومة بعد ضرب المشروع الناصري في سنة 1967م.
الهيئة نت: مما تقدم، ماذا يعني لكم العراق؟.
الدكتور عمارة: العراق شعب حي، وفيه جيش قوي له خبرة، تكونت من تاريخ طويل، وفيه قوة مقاتلة اختبرت في (8) سنوات خلال الصراع مع ايران، وفي العراق قاعدة علمية، وقد كتبت وقلت ذلك في بعض الفضائيات إن العراق كوّن أربعة آلاف عالم في الوقت الذي كان الآخرون يكونون الراقصات، فكانت هناك محاولة لبناء قاعدة انطلاق للمشروع العروبي، وهو مشروع عروبي كما قلت.
الهيئة نت: في ظل الظروف الراهنة، ما هو موقف العرب أزاء الخطر الإيراني وتدخلاته في المنطقة، وهل هو بالمستوى المطلوب؟
فاليهود كانوا يعيشون في البلاد المختلفة مواطنين في هذه البلاد لكن عندما قامت (الدولة) الصهيونية استقطبت الأقليات اليهودية وأغلبها في البلاد المختلفة، فنفس الشيء عندما قامت للتشيع دولة صفوية فارسية بحكم منظومة ولاية الفقيه استقطبت هذه الأقليات الشيعية وأصبح ولاؤها للمشروع الفارسي، وأصبح الكلام صريحا حول الامبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد، والاستيلاء على أربع عواصم عربية وأن الحجاز على المحك، فأقول إن هذا أحدث يقظة واستفاقة لدى جمهور الأمة من ناحية ولدى بعض الحكومات وبالذات الخليج من ناحية أخرى.
فأنا أتصور أنه أصبح الآن اتجاه ايجابي لمجابهة هذا المشروع، لكن يحدث هذا في ظل نظام عالمي معاد لوحدة العرب ووحدة المسلمين ومعاد لأهل السنة والجماعة، وكان هناك مشروع الوسطية الإسلامية، مشروع أهل السنة والجماعة الذين يمثلون 90% من المسلمين، وهذا المشروع العربي ضرب من الامبريالية الغربية؛ لأنهم لا يريدون نظاما إسلاميا وتضامنا إسلاميا يعيد قيادة الحضارة إلى الشرق مرة أخرى، وأيضا هم يريدون شغل المنطقة العربية والإسلامية بالصراعات الداخلية، فأصبح المخطط بعد ضرب المشروع العربي هو الاعتماد على الأقليات على الشيعة، على العلويين، على المسيحيين، على الأمازيغ، كل الأقليات أصبحت مؤيدة، ولذلك نحن نشهد الآن في العراق كل الأقليات تُضرب أهل السنة العرب وحتى اليزيديون يضربون أهل السنة.
اذن أصبح الاعتماد الامبريالي على الأقليات لمواجهة مشروع أهل السنة والجماعة الذين يمثلون 90% من المسلمين، يعني ضرب وحدة الأمة والمشروع الإسلامي بالأقليات، والغرب يدعمها ليس حبا بهذه الأقليات وإنما ليصبح الصراع بالمنطقة داخليا، الآن الحشد الشيعي يضرب أهل السنة والجماعة، الحوثيون يضربون أهل السنة والجماعة، اليزيديون الأكراد، يعني إحياء العصبيات والعنصريات والطائفيات الداخلية ليصبح بأسنا بيننا، وأيضا هذا المخطط وبالذات التشيع الفارسي الصفوي أثمر رد فعل للحركات المتشددة مثل (داعش) وأمثالها، لكن رد الفعل هذا أصبح يوظف للمشروع الغربي، أولا إن التشدد عمره قصير مثل الوتر المشدود ليس له مستقبل، التشدد يتيح التدخل الغربي في داخل البلاد الإسلامية والعربية يتيح التخوف من المشروع الإسلامي ويصبح الخيار أمام الناس كما هو حادث الآن إما (داعش) وإما (بشار الأسد وعلي عبد الله صالح).
اذن عندنا استثمار وتوظيف لحركات العنف العشوائي، الحركات التي هي رد فعل للعنف الشيعي، أصبحت تستخدم لتبرير التدخل في البلاد العربية مثلما يحصل للعراق وسوريا ومثل كل هذه البلاد تستثمر في تشويه صورة الإسلام، تستثمر في أن تجعل الشعوب تختار النظم العميلة والدول العميقة بديلا عن هذا التشدد والعنف العشوائي؛ ولذلك الرهان للخروج من هذا المأزق هو على مواصلة العمل بالحركات الوسطية الإسلامية والتيارات العقلانية الإسلامية التي تمثل الأمة لكي تكون هي البديل المستقبلي للمشروع الامبريالي ومشروع التجزئة والتفتيت والعنف العشوائي، هذا هو مشروع ومواصلة المشروع العربي، مشروع الثورات العربية هذا سيأخذ وقتا، خصوصا بعد المحنة التي تعيشها التيارات الإسلامية والفكر الإسلامي للمنطقة، لكن لا بديل للخروج عن أزمة استقلال الأقليات في الصراع الداخلي في منطقتنا العربية والإسلامية.
الهيئة:ما هو موقف النخب والمفكرين من هذا الاستقطاب؟
الدكتور عمارة:
للأسف اكتشفنا في السنوات الأخيرة أن النخبة تحولت إلى نكبة، يعني على سبيل المثال عندنا في مصر النخبة الناصرية أو القومية، هذه النخبة في فترات الخمسينيات والستينيات كان الماركسيون يعتبرون هذه النخب العلمانية والليبرالية والقومية بأنها ليس لديها نظرية، ويقولون لهم إن الماركسية مانعة جامعة، تفسر وتغير العالم، وأنتم لا تملكون هذا فأنتم لديكم خطب (عبد الناصر)، فهذه النخب قرأت الماركسية وأخذت منها الجانب المادي.
المادية الجذرية والمادية التاريخية دون الجانب الاجتماعي، يعني لم يصبحوا شيوعيين ويدفعوا أثمان النضال الشيوعي من سجون ومعتقلات، وإنما رشحت على هذه النخب الجانب المادي، فأصبحنا أمام ليبرالية تعادي الإسلام، وعلمانية تعادي الإسلام ونخب قومية تعادي الإسلام، ولذلك هذه نخب انحازت إلى الدولة البوليسية لمواجهة الإسلام، فهذه النخب انحازت للاستبداد ضد الشورى وضد الديمقراطية ولم يبق في الساحة إلا القليل من هذه النخب ـ طبعا التعميم دائما خاطئ ـ لكن النخب الإسلامية هي المؤهلة لأن ترى حقيقة ما يحصل في هذه المنطقة الآن، يعني أنت في بلد مثل العراق وسوريا أنت أمام خيار النخب العربية الإسلامية أو العروبية الإسلامية.
ونفس الشيء في سوريا ومثله في مصر، أنت تعتبر أن الدائرة العربية هي لبنة في البناء الإسلامي فهذه النخب التي تؤمن بهذا التوجه هي النخب التي يراهن عليها، أما النخب التي وقفت عند الإقليمية وحدودها الضيقة وانعزلت عن الدائرة العربية أو النخب التي فهمت العروبة كعرق وجنس، والنخب التي فهمت الليبرالية والعلمانية على أنها استعارة للنموذج الغربي، كل هذه النخب للأسف ليس لها جماهير، ونحن مأساتنا مع هذه النخب أنها تخشى التيار الإسلامي لأنها مفلسة بالشارع، فتخشى أن التيار الاسلامي سيأكلها في الانتخابات وفي النقابات وفي الديمقراطية؛ لذلك أصبح الرهان على النخب المعادية للاستعمار، المعادية للصهيونية المعادية، المعادية لمشروع التغريب والغزو الفكري، النخب الإسلامية التي تدرك أن لديها مشروعا حضاريا، مشروعا لتغيير المنطقة كلها، النخب العروبية التي هي مدركة علاقة العروبة بالإسلام.
هذه هي النخب التي يراهن عليها في الواقع الذي نمر به، يعني من لا يؤمن بالمشروع العروبي الإسلامي هذا أصبح ينحاز إلى الاستبداد المؤيد من الغرب، ونحن تاريخنا مع النظم المستبدة والبوليسية أنها صناعة غربية أو حراسة غربية، ولذلك أقول انكشفت أسطورة النخب العلمانية والناصرية في بلادنا ولم يُعد أمامنا خيار إلا الرهان على الإسلاميين العروبيين والعروبيين الإسلاميين؛ لأن العلاقة مع العروبة والإسلام هي علاقة قوية.
الهيئة نت : كيف تنظرون إلى دور هيئة علماء المسلمين خلال الـ(13) عاما الماضية؟
الدكتور عمارة:
أنا أتابعها، وهم يرسلون إلينا بالفاكس الأخبار والأنباء، أنا أرى أنها على ثغرة، وأنها مرابطة عليها، وأنها صوت صدق وحق تجاه المأساة التي يعيشها الشعب العراقي، وهي أيضا تجمع الحس العربي مع الحس الإسلامي، وهذه الصبغة التي نحن بحاجة إليها في هذا الوقت.
الهيئة نت : قلتم كلاما عن الشيخ حارث الضاري - رحمه الله - هل بالإمكان أن نسمعه مرة ثانية؟
الدكتورعمارة: أنا التقيته في عدة مؤتمرات، منها مؤتمر رابطة خريجي الأزهر، وحقيقة كان الرجل صامدا صابرا مثابرا، مدركا لأبعاد الموقف الذي يعيشه العراق والأمة، وأشهد أنه كان مجاهدا ومناضلا في كل ما يقوم به وما يفكر فيه، هذا الرجل من أصحاب الرسالات، يعيش لقضية، ويجاهد لقضية، ويحيا لقضية، ويتطلع لقضية، ويقف على هذه الثغرة، فهو من أصحاب الرسالات عليه رحمة الله تعالى.
تعليقات