عجائب عبد القدوس - رسالة تضامن وتأييد من نجيب محفوظ

 

تشرفت برسالته وإعلان تأييده لي ، كان هذا من ٢٦ عاما أو في سنة ١٩٩٥ عندما غامرت وقررت خوض إنتخابات مجلس الشعب عن دائرة "بولاق أبو العلا" !وإذا سألتني حضرتك ولماذا هذه الدائرة بالذات ؟ 

فالإجابة لأن فيها كبرى المؤسسات الصحفية في مصر .. الأهرام والأخبار .. وكانت شعبيتي والحمد لله واسعة بين الصحفيين ، فقد خضت أربع إنتخابات لمجلس نقابة الصحفيين منذ عام ١٩٨٥ وكنت الأول في كل مرة ، وهذا أمر لم يحدث من قبل أبدا في نقابتنا العريقة.

وللأسف لم أكتشف إلا متأخراً أن الإنتخابات النيابية مختلفة تماماً ، وكانت تجربة صعبة جداً ولم أوفق فيها رغم أن العديد من القوى الوطنية وأحزاب المعارضة في ذلك الوقت ، وكذلك العديد من الشخصيات المستقلة البارزة أعلنت تضامنها معي ! 

وعلى رأس نجوم المجتمع المدني الذين أعلنوا وقوفهم إلى جانبي كاتب مصر العملاق "نجيب محفوظ" ، الذي كتب رسالة إلى أهالي "بولاق" يدعوهم فيها إلى إنتخابي ، وقمت بطبعها وتوزيعها على نطاق واسع وهذه نص رسالته 

إلى أهالي بولاق الحي الشعبي الأصيل ..

أسأل الله أن يوفق جميع ناخبين مصر إلى إختيار الوطنيين الشرفاء الأصلاء المعنيين بالشئون العامة والإصلاح والخير وإقامة المعوج حيث يجدونه ، وهم بذلك يصلحون أن يكونوا قدوة للأجيال الصاعدة ، تعرض لهم المثل الأعلى في إلتزام الصدق والموضوعية والنزاهة والوقوف إلى جانب ما ينفع الناس.

والحق أن جميع الشروط المذكورة متوفرة في صديقي وأبن صديقي رحمه الله "إحسان عبدالقدوس" متوفرة في الصديق "محمد عبدالقدوس" .. إنه يحب الحق والحقيقة ويسعى  إلى الخير دائماً وأبدا ، وهو مثال جيد لمن نود أن يمثل الشعب ويخدمه ، وهو في مقدمة المجاهدين ..

نفعنا الله به ولكل هذه الأسباب أدعوكم لإنتخابه ، وفقنا الله جميعا إلى ما فيه خير البلاد ، والسلام عليكم ورحمة الله.

   نجيب محفوظ

هذه هي الحلقة الثالثة والأخيرة في حواري المتميز مع كاتبنا العملاق "نجيب محفوظ".

وقد أجريته مع بدايات القرن الحادي والعشرين ورآه الكثيرون يدخل في دنيا العجائب لأنه أول حوار معه محوره التدين الصحيح والإيمان بالله برغم كثرة الأحاديث التي أجريت معه.

وهذه الحلقة تبدأ بسؤال ساخن جدا..قلت الحائز جائزة نوبل : كلامك العظيم والجميل عن الإيمان .. لماذا لم ينعكس على قصصك .. يرى البعض وأرجو أن تسامحني أنك كاتب لا ديني !! ويظهر ذلك خاصة في رواية "أولاد حارتنا".

أجاب في هدوء وبحسم ودون تردد : التشكيك في إيماني أرفضه بقوة، وأنا والحمد لله أعرف الله جيداً، ورواية "أولاد حارتنا" فهمها البعض بطريقة خاطئة ، وقصصي وحياتي ذاتها تشهد بأهمية الدين كعامل أساسي في شخصيتي.

طلبت منه مزيدا من الشرح حول جملته الأخيرة فرد قائلا : في العديد من الأعمال التي كتبتها تجد كلاما في الدين وشخصيات لها مواقف مختلفة منه ، سواء مع أو ضد ، فأنا أعمل على تصوير الواقع بخيال أدبي ولا ألقي مواعظ ! 

أما في حياتي فقد بدأت علاقتي بالقرآن الكريم مبكراً ، وقرأته أكثر من مرة ، وتعلقت بأصوات كبار المقرئين في صباي مثل الشيخ "علي محمود" ، والشيخ "البربري" ، وقد بلغ من تأثير بالقرآن والكتابات الإسلامية أنني إخترت لرسالة الماجستير التي كنت أنوي إعدادها بعد تخرجي في قسم الفلسفة بكلية الآداب موضوعا عنوانه : "فلسفة الجمال في الإسلام".

وعرضت الموضوع على أستاذي الشيخ "مصطفى عبدالرازق" ، فوافق عليه وتحمس له ، لكنني صرفت النظر عن ذلك ، وإنصرفت إلى الأدب كلية.

سؤال أخير : ومن يعجبك من علماء الدين المعاصرين ؟ 

أجاب : تعجبني الإستنارة في العالم الإسلامي ، وفهم ما يجري حوله ، فلا يعيش منعزلا عن عصره ، وفي ذات الوقت تكون له قدم راسخة في مجال الدين ، وأرى هذه الشروط تتوافر في عدد من العلماء على رأسهم الشيخ "مصطفى عبدالرازق" أستاذي وكنت وثيق الصلة به ، وكذلك الشيخ "محمد الغزالي" الذي زارني في المستشفى بعد الإعتداء الذي تعرضت له ، إختلفت معه أحياناً ، لكنني رأيت آراءه تمثل الفهم الصحيح المستنير للإسلام في معظم الأحيان.

كلمة أخيرة : كنت معه في هذه الزيارة التي أشار إليها والتي طلبها مني شيخنا الجليل بإلحاح ، وربنا يرحم هؤلاء العمالقة التي تفتقد مصر حالياً لأمثالهم.

محكمة فرنسية فاجئت الرأي العام الفرنسي بحكم فريد من نوعه ، ويدخل في دنيا العجائب يقضي بحبس أم في فرنسا قتلت ثمانية من أطفالها لمدة تسع سنوات فقط !! المتهمة إسمها "دومينيك كوتريز" وتعيش في مدينة "دويه" شمال البلاد.كانت النيابة تطالب بسجنها مدى الحياة (عندهم مفيش إعدام) .

وبررت المحكمة حكمها المخفف ضد تلك المرأة التي قتلت أولادها الصغار "بالسم" بأنها تعاني من إضطرابات نفسية تصل بها إلى حد الجنون ! 

رغم أنها أنكرت ما كانت قد ذكرته من قبل من تعرضها للإغتصاب على يد والدها وهي صغيرة.وأسألك : إيه رأيك في هذا الحكم الذي لم يسبق له مثيل في جرائم القتل ! 

لكي تكون دعايتنا لتعاليم السماء مثمرة ، يجب أن تتوافر في رجال الدين والعلماء والدعاة إلى الله .. خصلتان : "الذكاء والنقاء".

أعني ذكاء العقل ، ونقاء القلب ، ولا أريد بالذكاء عبقرية فائقة ، يكفي أن يرى الأشياء كما هي .. دون زيادة أو نقص ، فقد رأيت بعض الناس مصابا بحول فكري !! 

لا تنضبط معه حقائق الدين ، ومن ثم يضطرب علاجه للأمور ، وتصاب الدعوة على يديه بهزائم شديدة ! 

كما أني لا أريد بنقاء القلب : صفاء الملائكة ، وإنما أنشد قلبا محبا للناس ، عطوفا عليهم ، لا يفرح في زلتهم ، ولا يشمت في عقوبتهم ، بل يحزن لخطئهم ويتمنى لهم الصواب .

إن الداعية الذي لا يجمع بين "الذكاء والنقاء" .. يثير مشكلات معقدة أمام إنتشار الإيمان في العالم ويؤدي لزياده الذين ينكرون الدين كله .. أليس كذلك ؟؟

الشيخ محمد الغزالي رحمه الله

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان