الداعية سلمان فهد العودة داعية سعودي سجن أكثر من مرة ومن أكثر علماء الدين السعوديين جرأة

 

سلمان العودة عالم شرعي وداعية سعودي، يعتبر أحد رموز الوسطية الإسلامية ومن أكثر علماء الدين السعوديين جرأة، فقد كلفته آراؤه الفقهية السياسية السجن وعرضته لمضايقات، وله إسهامات كبيرة في الدعوة والفتوى والعمل الخيري.

المولد والنشأة
ولد سلمان بن فهد العودة يوم 14 ديسمبر/كانون الأول عام 1956 في قرية البصر التابعة لمدينة بريدة (منطقة القصيم) بوسط السعودية. قضى جزءا من طفولته في قريته ثم انتقل إلى بريدة لمتابعة تعليمه.

الدراسة والتكوين
درس العودة المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية في بريدة، ثم التحق بجامعة الإمام محمد بن سعود في القصيم حيث نال شهادة بكالوريوس في الشريعة. وحصل على الماجستير من قسم السنّة وعلومها في كلية أصول الدين عن موضوع "أحاديث الغربة".

تتلمذ العودة على علماء بارزين من أمثال عبد العزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين وعبد الله بن جبرين والشيخ صالح البليهي.

وفي عام 2004، نالَ العودة شهادة الدكتوراه في الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود عن بحث من أربع مجلدات حول جزء الطهارة من كتاب "بلوغ المرام". وأحيط البحث بزخم علمي حيث شارك في مناقشته علماء بارزون من أمثال عبد الله بن جبرين وعبد الله بن بيه وخلدون الأحدب.

الوظائف والمسؤوليات
بدأ العودة حياته العملية مدرسا للمعهد العلمي ببريدة، وعمل معيدا ثم أستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود في القصيم حتى أقيل منها عام 1994 بسبب مواقفه السياسية.

يتولى العودة حاليا (2016) عدة مسؤوليات دعوية ذات طابع دولي، فهو نائب رئيس منظمة النصرة العالمية، والأمين المساعد لاتحاد علماء المسلمين. كما يعمل عضوا بمجلس الإفتاء الأوروبي، إلى جانب أدواره في عدد من الجمعيات والمؤسسات العلمية والخيرية بالعالم الإسلامي.

أسس عام 2000 مجموعة "الإسلام اليوم" وأشرف عليها مدة عشر سنوات.

التجربة العلمية
برز اسم العودة في ثمانينيات القرن العشرين كأحد أهم رموز الصحوة الدينية. وفي 1991 كان ضمن مشايخ انتقدوا بشدة تعاون السعودية مع الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية.

فقد تولى حينها جمع توقيعات العلماء على بيان يرفض أن تطأ أقدام الجنود الأجانب أرض الجزيرة العربية، ونادى بذلك في إحدى خطبه مما تسبب في استدعائه للتحقيق أكثر من مرة.

وفي يونيو/حزيران 1992 كان العودة واحدا من بين الموقعين على "مذكرة النصيحة" التي وجهها علماء وأساتذة جامعات للملك الراحل فهد بن عبد العزيز، وتضمنت المطالبة بإصلاحات قانونية وإدارية واجتماعية وإعلامية في الإطار الشرعي الإسلامي.

وفي سبتمبر 1993 مُنع العودة من إلقاء الخطب والمحاضرات العامة، ثم أودع السجن يوم 16 أغسطس 1994 فقضى فيه خمس سنوات دون محاكمة.

قبل الإفراج عنه في أبريل 1999 راجع العودة أفكاره على أيدي عدد كبير من العلماء حاوروه داخل السجن. وبعد خروجه منه طور العودة خطاباته وأصدر نصا مصورا بعنوان "نعم أتغيَّر".

يقول العودة إن العزلة في السجن منحته الحرية ونقلته من الضيق إلى السعة ومن الانكفاء إلى الحياة، وجعلته يرى الوجوه الناصعة وقراءة الجانب الإيجابي لدى الآخرين.

وفي مرحلة ما بعد السجن، باتت الدعوة إلى "الوسطية الإسلامية" تحتل حيزا هاما بخطب ومحاضرات العودة حتى صار يُنظر إليه بوصفه أحد أهم رموزها في السعودية. وقد عبر أكثر من مرة عن رفضه للتطرف والغلو ومعارضته لتيارات العنف في العالمين العربي والإسلامي.

وقف العودة مع التغيير في أحداث "الربيع العربي" وأيد الشعوب في حراكها السلمي، مما ترتب عليه حرمانه من المنابر التي كان يخاطب من خلالها جمهوره، ومنع من السفر إلى الخارج.

وفي 15 مارس 2013، وجّه العودة خطابا مفتوحا للنظام السعودي مطالبا بإطلاق سراح معتقلي الرأي، وامتصاص الغضب الشعبي المتعاظم فيما يتعلق بملف المعتقلين درءا لخطرا لفتنة.

وفي ذات العام أطلق قناة خاصة له على يوتيوب باسم (DrSalmanTv) قدم فيها برنامجا بعنوان "وسم" كما أنشئت قناة فضائية تحمل اسم "سلمان.تي.في".

كما رثى زوجته وابنه وإحدى قريباته بفيديو مؤثر بعنوان "أكملي الحكاية" عزى فيه نفسه بذكراهم وطيفهم الذي يجول في عقله، ويصور لحظات حزن شديد، إذ قال "السلام على روحك هيا.. السلام على روحك هشام.. السلام على روحك أسماء الشعلان.. كانت لحظة غروب".

وقدّم العودة -خلال برنامجه #وسم على يوتيوب- حلقة في مواساة وسلوان النفس الإنسانية، فيها عبرة لكل مكلوم أو مفجوع بقريب وغال، وحقق الفيديو قرابة مليون ومئة ألف مشاهدة خلال 48 ساعة، بنسبة متابعة مرتفعة جدا.

واستعرض اللحظات التي مرَّ بها بعد فراق أحبابه ودفنهم تحت التراب، وتأثير فقدانهم عليه وعلى حياته، واستعرض الفراغ الذي خلفوه بجولة في منزله، يتذكر ما تفعله زوجته، وهو من أكثر مشاهد القصة تأثيرا لدى المتابعين.

ويوم 10 سبتمبر/أيلول 2017 تداول مغردون ووسائل إعلام متعددة نبأ اعتقاله من طرف السلطات السعودية في خضم أزمة عميقة بين قطر ودول خليجية تتصدرها الرياض.

وقال المغردون إن اعتقال الشيخ -مع نحو عشرين آخرين- جاء إثر تغريدة دعا فيها إلى "تأليف القلوب" إثر نشر نبأ الاتصال الهاتفي بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ولم يصدر بعد أي تأكيد لنبأ الاعتقال من مصادر رسمية سعودية.

ويعتبر العودة من أكثر علماء الدين المسلمين استغلالا لمواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام، ويحظى بمتابعة مئات الآلاف من مستخدميها.

المؤلفات
ألف العودة عشرات الكتب في الفقه والتفسير والحديث والسياسة والإصلاح الاجتماعي. وتعكس العديد من هذه المؤلفات توجهه السياسي والديني.

ومن أبرز مؤلفاته: العزلة والخلطة، من أخلاق الداعية، أدب الحوار، عشرون طريقة للرياء، الأمة الواحدة، حوار هادئ مع الغزالي، شكرا أيها الأعداء، كيف نختلف، طفولة قلب، أنا وأخواتها.

وبعد اندلاع ثورات الربيع العربي أواخر 2010، أصدر العودة كتابا بعنوان "أسئلة الثورة" عبر فيه عن رؤيته للثورات والموقف منها، لكن السلطات السعودية حظرت تداول الكتاب. كما منعت تداول كتابه "زنزانة" وهو مصنف ثقافي يتناول العادات وأثرها وتغييرها.





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان