غزاليات : ” يأيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
قال تعالى : ”تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا ٬ وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا“ . فالليل يخلف النهار ويخلفه النهار مع حركات الأفلاك الدائرة السائرة٬ ورب العالمين لم يخلق ذلك عبثا٬ وقبيح الناس أن يظنوا محياهم في هذا الوجود الرتيب سدى٬ إنه الميدان الذي أعد للسباق الطويل٬ السباق الذي لا يتقدم فيه إلا من يعرف ربه ويذكر حقه٬ ويشكر نعمه٬ ومن يجعل من تواصل السنين تواصل دأب ونصب لإحراز الراحة الكبرى . أما الذاهلون عن هذه المعاني٬ الهائمون وراء منافعهم المعجلة٬ فهم حمقى لا ينتصحون من حكمة٬ ولا
يستفيدون من درس .
”أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون“ . إن عمرك رأس مالك الضخم٬ ولسوف تسأل عن إنفاقك منه٬ وتصرفك فيه. قال رسول الله ـ صلى االله عليه وسلم ـ : ” لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه ؟ وعن شبابه فيم أبلاه ؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ وعن عمله ماذا عمل فيه ” .
والإسلام نظر إلى قيمة الوقت في كثير من أوامره ونواهيه. فعندما جعل الإعراض عن اللغو من معالم الإيمان٬ كان حكيما في محاربة طوائف المتبطلين الذين ينادي بعضهم بعضا: تعال نقتل الوقت بشيء من التسلية !! وما درى الحمقى أن هذا لعب بالعمر٬ وأن قتل الوقت على هذا النحو إهلاك للفرد٬ وإضاعة للجماعة . ومن الحكم التي تغيب عن بال الجماهير: ” الواجبات أكثر من الأوقات الزمن لا يقف محايدا٬ فهو إما صديق ودود٬ أو عدو لدود ” .
ومن كلمات الحسن البصرى: ” ما من يوم ينشق فجره إلى نادى مناد من قبل الحق : يا ابن آدم ٬ أنا خلق جديد ٬ وعلى عملك شهيد ٬ فتزود مني بعمل صالح فإنى لا أعود إلى يوم القيامة ” . وهذه الحكم تنبع من روح الإسلام ومن تفقه تعاليمه العظيمة في الإفادة من الحياة الأولى للحياة الكبرى.
وإنه لمن فضل الله ودلائل توفيقه أن يلهم الرجل استغلال كل ساعة من عمره في العمل٬ أو الاستجمام من جهد استعدادا لجهد آخر . ”ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون“ ومن المؤسف أن العوام لا يبالون بإضاعة أوقاتهم سُدى٬ ويضمون إلى هذه الجريمة السطو على أوقات غيرهم لإراقتها على التراب٬ وإنهم ليقتحمون على رجال الأعمال خلواتهم الجادة ليشغلوهم بالشئون التافهة . وصدق رسول االله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ“. ومن استغلال الإسلام للوقت بأفضل الوسائل حثه على مداومة العمل وإن كان قليلا وكراهيته للكثير المنقطع. وذلك أن استدامة العمل القليل مع اطراد الزمن وسيره الموصول يجعل من التافه الضئيل زنة الجبال من حيث لا يشعر المرء .
أما أن تهيج بالإنسان رغبة سريعة فتدفعه إلى الإكثار والإسراف٬ ثم تغلب عليه السآمة فينقطع٬ فهذا ما يكرهه الإسلام : وفى الحديث: ” يأيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون ٬ فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا ٬ وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل.
محمد الغزالي
خلق المسلم
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات