المؤامرة على الإسلام في أفريقيا
الكتاب "الإعلام الغربي والمؤامرة على الإسلام في أفريقيا " صادر عن رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية ،وطبعته الأولى تعود إلى العام 1418 هـ ـ 1997 م ضمن سلسلة "دعوة الحق " قام بإعداد المادة العلمية الدكتور عبد العليم عبد الرحمن خضر، والكتاب يقع في 202 صفحة من القطع المتوسط A5 ويوضح حقائق غائبة عن الكثيرين فالحقبة الاستعمارية لم تنته، ولا تزال الكثير من الجهات العاملة في شتّى الحقول تعمل لصالح الاستعمار وبالوكالة عنه
عادل صديق ـ محيط
الفاتيكان أعلن في خطط واضحة وصريحة أن العام 2000 من الميلاد هو عام تنصير أفريقيا، ولكن يشاء الله ألا يحققوا هذا النصر المزعوم، لقد استطاعوا أن يكسبوا أرضا بالحديد والنار تارة، و إرساليات التنصير التي تعتمد على المدارس الراقية والمستشفيات المتقدمة تنشرها المؤسسات التنصيرية في كل مكان في القارة السوداء وتقوم كذلك بدورها التنصيري في كل أرجاء العالم دون حياء وفي أوساط المسلمين ،ورصد في العام 1999 م وحده ميزانية لجمعيات التنصير فاقت 200 مليار دولار، و هذا المبلغ متواضع جدا مقارنة بالمبلغ الحقيقي الذي تنفقه الدول النصرانية في تسيير سياسات العالم بما يصب في مصلحة المنصرين لا محالة . يدعم كل ذلك إمكانيات إعلامية لا حدود لها من التلفاز عبر الفضائيات،ومحطات الراديو ، والمطبوعات ولا يزال الجهد يتضاعف يوما بعد يوم( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)
غزو شرس للبلدان الإسلامية
تعرضت المجتمعات المسلمة لغزوات عنيفة،وهجمات شرسة، تهدف إلى اقتلاعه من جذوره، تمثلت في الغزو التنصيري، الذي بدأ مع الاستعمار الغربي، والذي لا يزال يمارس نشاطه في العالم الإسلامي، وفي الجاليات والأقليات الإسلامية، ومن أهدافه: تنصير المسلمين في العالم، كما وضح ذلك في مؤتمر" كلورادو" الذي عقد هناك سنة 1978، وقُدِّمت له أربعون دراسة حول الإسلام والمسلمين، وكيفية نشر النصرانية بينهم، ورصد لذلك ألف مليون دولار، وأسس لذلك معهد "زويمر" لتخريج المتخصصين في تنصير المسلمين، كل ذلك يحدث والعالم الإسلامي في استضعاف وثبات عميق، كل مشغول بشأنه، والإسلام لا يسعى لنصرته أهله وبنوه كما كان حال صحابة رسول الله وتابعيهم . الكتاب الوثيقة والكتاب الذي بين أيدينا وثيقة هامة عن دور الإعلام في دعم التنصير في القارة الأفريقية حيث يذكر المؤلف أن التنصير دخل أفريقية في منتصف القرن السابع عشر على يد الدكتور كريف أول من دخل أفريقيا ودخل إلى الحبشة ثم طرده أهلها منها في العام 1844 فغادرها إلى مومباسا على الساحل الكيني وكان أكثر أهلها من المسلمين ، ومن هذا يتضح ادعاؤهم ، فمن المفترض لولديهم حسن نوايا أن يتجهوا إلى الوثنيين في العمق الأفريقي ، لقد كانت توجهاتهم إلى المسلمين، وتبع هذا المنصّر آخرون منذ 1874 م حيث كانوا يؤسسون قرى للعتقاء في مناطق النفوذ الألماني في أوغندا، ثم أسسوا إرساليتين للتنصير عند جبل كليمنجارو وسفح جبل كانيا ، وكانت البداية متواضعة إذ كانوا يملكون 22 معهدا في مناطق المستعمرات البريطانية . لقد كان هذه الإرساليات تعطي للأسر الفقيرة في السنغال الأرز نظير قيامها بتعلم أحد أبنائها وتنصيره ليعود وقد حصل على حقوق المواطن الفرنسي وما يتبع ذلك من امتيازات ومستوى اجتماعي تغري الآخرين، ولمعت أسماء مثل ليوبول سنجور" سلن جورج "رئيس السنغال الأسبق كان المسيحي الوحيد لأسرة كل أفرادها مسلمون .. ويذكر المؤلف أن أثيوبيا كانت ضحية للتنصير منذ وطأت أقدام "سبحات ليب دركو"لمدينة أديجرات الذي كان شديد الرغبة في إقامة لقاءات دينية للسيدات اللاتي يعملن في المجال الاجتماعي من ذوات الأصل الأثيوبي تساعده راهبات مسيحيات من كندا وأسبانيا وأمريكا وبلجيكا، وفي العام 1980 افتتح مركزا للفتيات المسيحيات . ويعلق الكاتب الدكتور خضر على هذه الغارة الحديثة للتنصير بأنها : كانت أعنف من موجة الحروب الصليبية، وتحت دعاوى المدنية والترفيه وأمثالها ." ، لقد كانوا أشد خطرا على الإسلام من جيوش الاحتلال العسكري لقد كان الهدف هو التغريب بكل معانيه ، فقد جلبت الغارة الإغراءات من السينما وما بها من أدوات إغراء ، وافتتحوا دور المسرح ، والبغاء والمراقص والملاهي ، إضافة لوسائل التعليم ، وإرسال الأكثر ولاء إلى بعثات في الغرب ، وإنشاء مدارس حديثة " إسلامية المظهر أجنبية المخبر " . أضف إلى ذلك وسائل الإعلام التي تدعم خططهم ، ويؤكد المؤلف على أن قضية "الغزو الثقافي "في مقدمة الأخطار التي تواجه الدعوة الإسلامية في أفريقيا ، وصدق الله العظيم ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ) سورة النساء (89) الإعلام التنصيري المعاصر ويؤكد خضر على أن منطلق الإعلام التنصيري من الآتي : 1. أن الإسلام لا يصلح عقيدة متجددة، وينوه بأفضلية المسيحية واليهودية عليه . 2. ترويج مفاهيم تافهة عن الإسلام تثير شكوك الشعوب الإسلامية في دينها على غرار : ما وجد في الكتب الدراسية عن أن العرب استمروا في الرق عكس القوانين الدولية وهذا مدخل مغرٍ للسود، فقد كانت الحكومة الإنجليزية تعمل جنبًا إلى جنب مع الهيئات التنصيرية،واستطاع التنصير اصطياد كثير من القبائل الأفريقية، ويقدمون مساعداتهم حتى يلمس الفقراء غنى الحضارة الغربية التي تمنح وتمنع وتكشف الضر، لقد كان للإمبراطور هيلاسلاسي" أسد الحبشة" دور في دعم التنصير، كما كان له دور في إيذاء المسلمين واضطهادهم بل صارت الحبشة أكبر مقبرة في أفريقيا للمسلمين . لقد كانت محاصرة الإسلام في أفريقيا من الموضوعات المدرجة في قائمة مذكرة مؤتمر التبشير العالمي الذي عقد في أدنبرة عاصمة اسكوتلندا حيث جاء فيها " إنّ التسابق بين الإسلام والمسيحية في أفريقيا هو الأمر الذي ينبغي أن تكون له الأولوية على كل ما عداه بين القضايا التي تواجه المبشرين " دور الاستعمار في دعم التنصير كما كان للاستعمار دور في دعم المنصرين الشيوعيين، والجيزويت وغيرهم من الطوائف على ما قاموا به من تخريب ، بل استطاع الاستعمار أن يقضي على معنويات المسلمين ويشعرهم أنهم غرباء في بلادهم بما منحه من امتيازات للأجانب والمتغربين مما جعلهم كأنهم أصحاب البلاد ، واستطاع الاستعمار أن يقيم الإدارات السياسية داخل بلاد المسلمين ممن يطبق سياسته الرامية إلى القضاء على كل نزعة إسلامية أو دعوة إلى توعية المسلمين للقيام بحركة استقلالية، كما استطاع بقوة إعلامه في أفريقيا استقطاب بعض الجهلاء من أبناء المسلمين ،وحسبنا المذبحة الكبرى التي قضت على 23 ألفا من إجمالي 26 ألف مسلم في زنجبار وتسلّط فرنسا ـ رغم رحيلها ـ على رقاب الأغلبية المسلمة في تشاد . لقد كان للكنيسة دور واضح في الدول الأفريقية هو تعميق الخلاف بين الزنوج والمسلمين المنافسين الوحيدين للكنيسة هذا الدور لم يكن قاصرا على دولة دون أخرى بل امتد إلى كافة الدول وظهرت آثاره للتدليل على قبح الخطط الاستعمارية واستغلال الدين كوسيلة غير مقبولة خاصة أنها لا تعتمد على إرادة وخيار الإنسان وهو في كامل قواه العقلية ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) البقرة (256) . ثم يعقب على ذلك بتوضيح رسالة الإعلام الإسلامي ـ المفترض ـ أن يكون قد أدرك دوره من التعريف بالنصرانية ومكائد المنصرين وخداعهم ، وتقديم الدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية في قالب مقبول موجّه إلى الغرب لتوضيح الإسلام كبديل، وتقديم البحث العلمي لإثبات اضطراب المستشرقين في آرائهم وبعدهم عن البحث العلمي ، ولا بدمن أن يكون ذلك موجها نحو الغرب بالوسائل الملائمة ،وتعريف مراكز البحث المهتمة بالإسلام أن البعثات لم تكن تتصل بمصادره الأساسية بل تعتمد على آراء خصومه وعملاء الاستعمار ،كما يدعو المؤلف إلى توعية الدعاة بحقائق التنصير والاستشراق وجعلهم قادرين على فضح هذه الجيوش من المنصرين . منهج الدعوة في الإسلام ثم يتحدث المؤلف عن منهج الدعوة للدين الخاتم بأنه لا بد أن يكون بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأن الإنسان المسلم لا بدأن يستشعر المسؤولية نحو ذلك ويبلغها بالطرق الشرعية مع إرادته للخير تجاه الناس كافة ، ويؤكد على أن الإسلام سلك أفضل السبل للوصول إلى النفس البشرية تتلخص في ( .. وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) وأن الدعوة إلى الله يجب أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) وأن الدعوة لا بدأن تفند أباطيل ومفتريات العدو، وتأكيد قدرة الإسلام على العطاء. ثم يؤكد أن القاعدة الإيمانية للعبادة في الإسلام وأن التوحيد الخالص هو الأصل العظيم الذي يهيمن على مواضيع الحياة في الدنيا والآخرة ،وحث الإسلام الناس على جعل أعمالهم كافة عبادةً لله ،كما أوضح الإسلام أن رسالة رسول الله جاء ليتمم مكارم الأخلاق ، وجاء آمرا بالعدل مع الناس كافة ،وكذلك الصدق وأداء الأمانة ، كما يتحدث المؤلف عن الملامح الإيمانية للداعية في الإسلام الذي يجب أن يكون واعيا بعصره وواقعه ، ويجب أن يدرس الواقع ، وأن يكون خبيرا بأسلوب الدعوة والتعليم، كما أمره الإسلام أن يكون على خلق كريم كسلاح في نجاح الدعوة . ثم يعقب الكاتب بأن الإسلام اليوم في أمسّ الحاجة دعاة إلى الله في كل مكان ولكل الشرائح ، فالإسلام يحرر الناس من سلطان الفكر البشري الزائف المضطرب و الفاسد ، حيث كان العالم في حاجة ملحة لدين جديد بعد أن خفت صوت الرسل السابقين وضاعت معالم الرسالات الربانية ،وأنّ الإسلام جاء لخير العباد، وقد حملت الرسالة الخاتمة وسائل النجاح في بساطتها ، وسهولتها ، ومرونتها ، وأنه الدين الذي يصلح لحكم الإنسانية ، وفيه علاج كافة أمراضها وكلمن يحاول تدمير البشرية . ثم يتحدث الدكتور عبد العليم عبد الرحمن عن معوقات الدعوة إلى الإسلام التي منها الحملات المسمومة من قبل الغرب ، وافتراءات المستشرقين في حقل الدراسات الإنسانية في الغرب على اعتبار الاستشراق منهجا ومحاولة فكرية لفهم الإسلام وإن كان دافعه إنكار مقومات الأمة الثقافية والروحية في ماضي الأمة والتنديد والاستخفاف بها ، ويعجب المؤلف من اتصاف الباحث الأوروبي بالحياد والرصانة والاتزان عند دراسته للأديان والحضارات الأخرى ،ويتنكر لحياده هذا حين يدرُس الإسلام فينقلب ضد الحق . ثم يذكر بعض افتراءات المستشرقين بعد أن يؤكد على أنهم حاولوا تحقيق أهدافهم بكافة لوسائل منها التأليف ، والمحاضرات ، والتبشير ، ومع الأموال ، وإنشاء الجمعيات والجامعات، وعقد المؤتمرات ، وإصدار الصحف .فيرى المؤلف أن المسلمين أسهموا ـ من حيث لا يدرون ـ ف تسهيل مهمة الغزو الفكري بإرسال أبنائهم إلى الغرب لتعلم اللغة العربية والإسلام . ويعتبر المؤلف أن جولد تسيهر من أكثر المستشرقين الذين أساءوا للإسلام بما ذكره في "دائرة المعارف الإسلامية "،وأيضا نجد فون جروبناوم اليهودي من ألد أعداء الإسلام، ومن الأعمال الأخرى التي أساءت للإسلام "موسوعة تاريخ الجنس البشري وتقدمه الثقافي والعلمي " حيث أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة للأسف ( اليونيسكو ) حيث اتهم الإسلام بالعديد من الافتراءات مثل أنه دين ملفق من الديانات الأخرى، وأن الأحاديث النبوية وضعت بعد رسول الله، وأن الفقه الإسلامي مقتبس من القانون الروماني، وأن الإسلام لم يجعل للمرأة كيانا، وكذلك لأهل الذمة . أما الفريد جيوم البريطاني فقد كان حاقدا على الإسلام ، وتتلمذ علي يديه الكثير من أبناء المسلمين ثم عادوا بأفكاره الهدامة التي زرعها في عقولهم ،ويخلص الكاتب بقوله إن المستشرقين لن يستطيعوا تقديم الإسلام صحيحا لأنهم متعصبون للاستعمار أو الكنيسة أو غير فاهمين أصلا للإسلام لعجزهم عن فهم البيان العربي . حركة التبشير ثم كانت حركة التبشير التي كانت تهدف في بدايتها لـ " تنصير العالم الإسلامي " حيث ظهرت آثارها في بعض البلدان الإسلامية التي يشكل المسلمون فيها أغلبية فصارت الكنائس تزرع فيها كما تزرع الأشجار ، لقد استخدم التنصير المعطيات الاستشراقية الذي كان المستكشف الذي رافق الاستعمار في حقب عمله الأولى وأنتج عددا من المراجع ذات الأسماء اللامعة وكلها يحوي التشكيك في الدين الخاتم ، استخدم التنصير كل هذا بل عرف العالم الإسلامي المذاهب والنظريات الغربية في الاقتصاد، وعلم النفس والاجتماع والسياسة بل المذاهب الداعية إلى الإباحية والماركسية ، والشيوعية عن طريق الاستشراق الذي قدم أيضا تفسيرات غريبة للتاريخ الإسلامي كتفسير مادي للتاريخ .
وركزت العديد من المؤتمرات الاستشراقية ـ على غرار المؤتمر الذي عقد في " بلتيمور " في أمريكا ـ وركز على " إثارة الشبهات في محيط الفكر الإسلامي والتاريخ الإسلامي ، بل كانوا يبرزون الحركات المنحرفة كحركة القرامطة ، والمذاهب المختلفة كالدهرية ، والحلولية،والداعين لوحدة الوجود، وفتنة الزنج ، والباطنية كل هذه صورت كحركات تحرر .
ثم وجدت الماسونية وما نتج عنها من نوادي الروتاري واللايونز مرتعا خصبا في الكثير من البلدان الإسلامية وهي الحركة ذات الأصل الصهيوني والتي تعد من أقدم الحركات الهدامة الداعية إلى إلغاء الأديان وإيجاد كيان يدعي الإنسانية والإخوة، وتدعو إلى الإلحاد، ومحاربة الولاء للوطن، وقطع أواصر الأخوة الإسلامية ، و ونتج عن كل ذلك انحلال عرى المقاومة والجهاد ،وانتشار روح التراخي والاستسلام والارتماء في أحضان الغرب ، ويؤكد المؤلف على أن وعد الله لنصرة هذا الدين لا ريب فيه ولو كانت المكائد ملء السمع والبصر (هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ ، فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ) (38 ـ 39) المرسلات
جمل محمد يغلب حضارة القرن العشرين يذكر المؤلف أن الإسلام والمسلمين في أفريقيا كانوا أثرا لتبليغ الدعاة لهذه الدعوة المباركة ،ورغم أن أفريقيا جنوب الصحراء كادت أن تكون مسلمة إلا أن المد الإسلامي توقف وتخاذل المسلمين ، لقد انتشر الإسلام في أفريقيا حيث أدهشت سرعة انتشاره موظفي الدولالتي كانت تستعمر أجزاء من هذه القارة ، كما أدهشت المبشرين والكتاب والباحثين ، لقد تركتهم في شبه جنون مما يرون وما يسمعون وهم في وجل على مستقبل هذه القارة ،لقد زاد نشاطهم فيها ، وزاد نشاط إسرائيل كذلك وكثرت وفودهم وأخذوا في وضع مخططات جديدة لمكافحة الإسلام في هذه القارة ، لقد أفصحت مجلة الجيش الأمريكي عن مثل هذه المخاوف بمقال ملئ بالسموم، كان عنوان المقال " جمل محمد يغلب حضارة القرن العشرين " لقد كانت دعوة رسول الله هي الغالبة ،وجند الله هم الغالبون، وستظل كلمة الله هي العليا . ولكن بدأت مخططات المناوئين تأخذ أشكالا جديدة،وليت المسلمين يدركون هذا، مثل : المخططات لتشويه الإسلام ، والنشاط التنصيري، والاستعمار الغربي، وكان التواجد الإسرائيلي المناوئ للإسلام في أفريقيا قد بدأ في أفريقيا منذ حقبة الخمسينات مثلما أوضح كتاب الحكومة الإسرائيلية للأعوام 1960 ـ 1964 الذي ذكر ضرورة مساعدة الجالية اليهودية في الاتصال بالأفريقيين وبالقوى المؤيدة ، ويدعم ذلك مجلس الصداقة الإسرائيلية الأفريقية ، الذي يعد عاملا مباشرا في الجانب الدعائي ، وقد أسست إسرائيل إذاعة موجهة باللغة الأمهرية، والسواحلية، كما أرسلت شرائط دعائية في العام1965 إلى أريتريا إضافة إلى استغلال المحطات الإذاعية المحلية لإذاعة مواد إسرائيلية موجهة ، إضافة للمؤتمرات، والمعارض،والنشرات الدعائية والدروس لتعلم اللغة العبرية . وقد استغلت إسرائيل كثيرا من الصحف للكتابة عن إسرائيل وجندت العديد من الإعلاميين مثل بيترإيناهورو Petr Enahoro رئيس تحرير الديلي تايمز النيجيرية ،كما كانت تعد مواد سينمائية توزع في أفريقيا باللغات العبرية،والإنجليزية ، والفرنسية ،والأسبانية ، كما حرصت على دعم الجانب السياحي المتبادل ، وكل ذلك أدى إلى إيجاد رأي عام أفريقي رسمي يؤيد إسرائيل ببث صور مغالطة عن العرب والمسلمين وقضاياهم رسخت مع التكرار صورة نمطية عن العرب المسلمين Stereotype .
وبدأ التغلغل اليهودي في أفريقيا مما أثار مخاوف الكثيرين من أبناء القارة فقد حذر الزعيم الراحل أحمدو بللو من مخاطر التغلغل الإسرائيلي بالدعم الغربي ، والسياسة اليهودية في أفريقيا ، مما أدى إلى أن قامت قوى مناوئة باغتياله ، ومنذ ما يقارب من خمسين عاما أذل هيلاسلاسي حاكم أثيوبيا المسلمين هناك ، فصادر أملاكهم ،وحرمهم من ذواتهم،من ممارسة شعائرهم، وهدم مساجدهم، وتنصير أبنائهم ،ونشر الهيئات التبشيرية والمؤسسات اليهودية ، والاستعانة بالخبراء الإسرائيليين ففي مؤسسات الدولة كان ذلك في مثل هذا الوقت المبكر من العلاقات المعلنة ولا شك أنه تطور في عصر الفضائيات .
النشاط التنصيري في أفريقيا جنوب الصحراء ذكر المؤلف أن المد التنصيري يزداد ضراوة بحرب التشويه المتنامية ،والتخريب للإسلام في منهجه وتاريخه ، ورث ذلك المنصّرون عن المستشرقين، فهم لم يحرزوا نجاحا يكافئ الجهد المبذول ، والمليارات التي أنفقت ، والملايين المبشرين الذين انتشروا حول العالم في كل بقعة ، لأن التنصير يثير حساسية المسلمين ،ويكفي أن نذكر أن عدد البروتستانت يبلغ 98.000 منصّر تعضدهم لجان دعم ووسائل وآليات يبلغ عدد أعضائها 5.500.388 شخصا، كان ذلك في العام 1948 م ويبلغ عدد الذين يوزعون التوراة ويشاركون في التنصير والمواعظ 92.923 وعدد المعاهد الكنسية 16.681 .
وقد خصصت الجمعية التنصيرية تحت سلطة التنصير أكثر من خمسمائة جامعة ، وكلية ومعهد ، وأصبح لدى المنصرين 489 مدرسة دينية ، تهيمن على 2594 مدرسة ثانوية ، وعلى 83900 مدرسة ابتدائية ، ويديرون 1113 روضة أطفال ، وما يفوق الحصر من جمعيات ، وملاجئ ،ومدارس لذوي الاحتياجات الخاصة ، و مستوصفات لمدمني المخدرات ، وملاجئ لمصابي الجذام .لقد كان هذا في الماضي فماذا عن الحاضر ؟؟
لقد شاركت الدول الغربية جميعا في دعم المنظمات التنصيرية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إما بالدعم المباشر بإرسال المنصرين أ وإرسال المطبوعات التي تطعن في الإسلام، وقيمه مثلما فعل الاتحاد السوفييتي السابق أثناء الحقبة الشيوعية الملحدة ، مما يدلل على أن الكفر مله واحدة .
الإعلام الغربي في أفريقيا
الإعلام لم يفارق التنصير لحظة واحدة ، فالإعلام يمثل دعوة جديدة أو وسيلة للدعوة، وهكذا يفعل أهل الديانات الأخرى وما أجدرنا نحن ـ كمسلمين ـ أن نبتكر الوسائل التي تصل بهذا الدين إلى الناس كافة،ونحن حين نسعى للإعلام الذي يدعو إلى الخير فإننا نحقق به إبلاغ رسالة الله للناس ، ويذكر المؤلف الدكتور عبد العليم خضر أن مؤتمر التنصير الشامل الذي عقد في كلورادو في العام 1979 الذي نظم له بابا الفاتيكان تحت شعار استراتيجية العمل التنصيري حتى العام 2000 م أنه لا بدمن إحلال الإنجيل محل القرآن في أيدي المسلمين ، وترجمته إلى لغاتهم ، ولهجاتهم المحلية في عالمهم الإسلامي كافة ، مع التركيز على القارة الأفريقية ومنع إذاعة القرآن الكريم ، وتحفيظ الإنجيل عبر البث الإذاعي التنصيري الموجه للعالم الإسلامي . وقد نشرت مجلة لا فيد الإيطالية نقلا عن التقرير الصادر عن ( دائرة تنصير الشعوب ) في الفاتيكان تقريرا حول نشاط الدائرة فيالقارة الأفريقية المسلمة جاء فيه " إنّ للإعلام في حياة الأفريقي قوة هائلة وتأثيرا عظيما ، وحبذا لو قمنا بالتشويش على الإذاعات الأفريقية والعربية التي تزيع القرآن الكريم ، وتصميم برامج للمجون والجنس ولموسيقى لتذاع في هذه القارة الفقيرة ". ويؤكد المنصّـر الفرنسي م. شاتيليه M.Chatilie أن للإعلام الغربي في ديار المسلمين عامة وأفريقيا خاصة قوة هائلة ،وسلطانا عظيما على الشباب المائع حيث يعمل على توجيهه نحو الفساد ، وقد أدار بعض الشباب ظهورهم للإسلام ، والحقيقة أنه نجح فعلا إل حد ما في جذب شباب القبائل الأفريقية في غرب أفريقيا إل النصرانية بعيدا عن الإسلام طامعين في الجوائز والهبات النصرانية في مسابقات الإنجيل التي تذيعها إذاعات بشتّى اللغات واللهجات مثل إذاعة الشرق الأقصى F.I.B.A الموجهة من جزيرة سيشل مكتسحة مجالات الشرق الأوسط وأفريقيا الشرقية " بل إن عددا من الكنائس أطلقت رجالها لترويج هذه السموم في المناطق المكتظة بدور السينما والمواخير ، وفتحت بعض الكنائس والمواخير وفتحت بعض الكنائس نوادي للشباب الساقط للهو والرقص والغناء . لقد جندت مؤسسات التنصير فريقا من العلماء ورصدت له ملايين الدولارات لتنفيذ مشروع " لومين 2000 "لإقامة أكبر محطة تلفزيونية للتنصير ، ومحاربة القرآن الكريم ، وبث الإنجيل والترويج له ولتعاليمه في شتى بقاع العالم، ولا سيما القارة الأفريقية وجنوب خط الصحراء حتى مدينة الكاب تاون في جنوب أفريقيا ، ويعتمد المشروع في الأداء الفني والتكنولوجي على ثلاثة أقمار صناعية كبرى للبث التلفزيوني الفضائي المباشر ..
وبعد ..
هذا غيض من فيض ، والكتاب والكاتب يحترقان من تخاذل المسلمين نحو دعوتهم،وأذكر كلمة قالها الصديق فهد السنيد المذيع في قناة المجد ، وإذاعة القرآن الكريم السعودية نقلا عن بعض العاملين في الدعوة في غرب أفريقيا " لقد أوشك التنصير أن يحقق غاياته في أفريقيا،وحين انطلقت إذاعة القرآن الكريم في مصر عرقلت المد التنصيري هناك " ،إن إذاعة واحدة تعمل على موجات الـ F M لا تبلغ تكلفتها ثلاثمائة ألف دولار كفيلة أن توقف المد التنصيري في أماكن شاسعة من أفريقيا .
فهل نجد من يحقق أحلام المستضعفين ؟؟
|
تعليقات