من عظماء أمة الإسلام عمالقة البحرية الإسلامية
من عظماء أمة الإسلام عمالقة البحرية الإسلامية
حالة المسلمين المواركة في"غرناطة" كانت يرثى لها، فهم إما يقتلون في سبيل دينهم، أو يعتقدون دين الكافرين ويعتنقونه،ولم يجد هؤلاء إلا إرسال رسالة إلى "السلطان سُليمَان القانُونِي 1541م! ولأننا لا نعي التاريخ جيدا، فإن "السلطان سليمان القانوني" حمل عبء خلاص كثير من المسلمين، نقلهم إلى أرض السلام وتحت أمان السلطان .
وكانَ من وراء هذا الأمان الوزير المجاهد"خير الدين وناصر الدين وسيف الإسلام على الكافرين"
والحقيقة التي لا يراد لنا أن نعرفها أن"خيرالدين بربروسا" هذا الذي يصورونه لنا بهذه الصورة المخيفة وما هو إلا بطل إسلاميّ قلّ نظيرهُ في تاريخ الإنسانية جمعاء.
إنه رجل كلُّه عزةٌ وكرامةٌ، ومنعةٌ وسؤددٌ، ومجاهدٌ في سبيل الله، لم يكنْ قرصاناَ متعطشا للدماء كما يصورونه، بل كان بطلا يعملُ لإنقاذ دماء آلاف المسلمين التي كان يسفكها أجدادُهُم المجرمون!
والقصة تبدأ بذلك اللقاء الذي جمع السلطان العثماني (سليم الأول) رحمه الله بقائد بحريٍ فذٍ اسم (عُروج)، وهو قائد عثمانيّ من أبٍ ألبانيٍ وأمّ أوروبية أندلسية هربتْ منْ بطش أعدائنا بدينها من إرهابِ مَحاكمِ التّفتيشِ الصليبية في أقبية كنائس أسبانيا.
شاء الله أنْ تنجو هذه الأمّ البطلة من معسكراتِ التعذيبِ الصليبيةِ فيِ الأندلس لتَقصَ علَى السّلطان(سليمَ الأولْ) و إخوته قَصَصَ التعذيبِ البشعةِ التيِ تعرّضَ لها أخوالُهُم في الأندلسْ.
وتُرويَ حکایاتِ المقاومةِ الإسلامية الباسلةِ لمسلميِ الأندلسْ الذينَ رفضواُ عِبَادةِ الصليبِ وآثرواعبادةَ الله الواحد، فزرعت هذه الأم المجاهدة روح الجهاد في نفوس أبنائها منذ نعومة أظافرهم، وهنا يأتي دور الأم المسلمة صانعة الأبطال !
استدعى الخليفة العثماني "سليم الأول" القائد "عُروج" وأطلعه على رسائل الاستغاثة التي بعثَ بها مسلمو الأندلس منْ أقبيةِ الكَنائسِ المُظلِمة، فأوكلَ إليه مهمة هي في عرف الدّنيا مهمة مستحيلة، وأعطاه التوجيه الإستراتيجي لهذه المهمة.
المهمة المستحيلة
ـ الإبحارُ منْ أقصىَ شرقِ البحرِ المتَوسّط فيِ تُركيا إلى أقْصىَ غربِ المتوسط في الأندَلسْ ومُحاربَةُ أساطيلَ الجيوشِ الصّليبية (إسبانيّةً وبرتغاليّةً وإيطاليّةً وسُفنَ القِديسْ يُوحَنّا).
ـ التمكنُ من اختراق الحصون البحرية وبناء جدار بحرييّ حولَ الأندلس في إحدى المدن الأندلسية المحتلة من قبل القِشتَاليِيّن الصلِيبّييّن.
ـ تدمير الحَامِيةِ البحريةِ الإسبانية لتلك المدينة وشلّ قوة العدو إلى اليابسة وخوض حربِ شَوَارعْ ضدّ القواتِ البريّة الإسبانية .
ـ تحرير المدينة الأندلسية من جديد ورفع راية الإسلام العثمانية على قِلاعِها، ومباغتةِ الكنائسَ لعدمِ هروبِ القسَاوسةَ الكاثوليكْ الّذينَ يعرفونَ غُرفَ التعذيب.
ـ البحثَ فيِ أقْبيةِ الكنائسَ حتّى لايتمُ تَهرِ
بِ المُعَذّبين المسلمين والتعرف على الغرف السرية التي يعذبون فيها.
ـ العثور على غرف التعذيب وتحرير المسلمين مع ِ عدم نقلهم نهارا لتجنبِ إصابةِ الأسرَى بالعمىَ نتيجة عدم رؤيتِهم للشّمسِ منذ سنین.
ـ يتم نقل الأسرىَ للسفن العثمانية، مع مراعاة الحالة البدنية التي وصلوا إليها، مع تجنب تعرض جلودهم الهزيلة للتمزق أثناء الحمل.
ـ إخلاء المدينة على وجه السرعة لا تتجاوز6 ساعات لتجنب الاشتباك مع قوات للعدو الآتية من المدن المجاورة.
ـ الإبحار تحت جنح الظلام والتمكن من شلّ حركة العدوّ البحريةِ واعتبارالعودة لن تكون نحو تركيا، وإنما ستكون نحو الجزائرلإسعاف الأسرى لخداع بحرية العدو من جهة أخرى.
انتهت المهمة!
سليم الأول
مهمة مستحيلة في تاريخ البشر أصعب من هذه المهمة؟!الغريب أن القائد "عُروج" قام بتنفيذ هذه المهمة بنجاح منقطع النظير !والأعجب من ذلك أنه قام وإخوته بتكرارها مرات عديدة، أولئك الإخوةُ الألبانِ أنقذواعشراتِ الآلاف من أرواح المسلمين، الأندلسيين المسلمين فأسموه (بابا أروج) أو (بابا أرونس) إلى (بربروس) وتعني بالإيطالية الرجل صاحب اللحية الحمراء!
سقط (عُروج) في أسر فُرسان القدّيس يوحنّا في جزيرةِ رُودس، ولكن البطل (عُروج) وبعملية خيالية استطاع أن يحرر نفسه، واستولى على سفينة من سفن الجيش الصليبي ثم أبحر بها وحدهُ من إيطَالياَ إلى مصرَ،فقابلَ السلطانْ المملوكي (الغُوريّ) رحمه الله، فأهداه الغوريُّ سفينة بعتادها ومُجَاهِديها، لينطلقَ بها المجاهدُ الفذُّ(عُروج) إلى الجزائر ليلقَىَ أخاه (خير الدين).
ويواصل الأخَوانْ مسيرةَ الجهاد في سبيل الله بسفنهم (الأخوان بربروسا) إسما يُرعبُ سفن الصليبيين الغزاة ، قبل أن يتمكن أحدُ الخونة من الحكامِ الموالينَ لأسبانيا بفتح أبواب"مدينة تلمسانْ" للصليبيين، ليطلب الأسبانُ من القائد ومن معه من المجاهدين الاستسلام أو الهرب.
أبى القائد البطلُ (عُروج )وجنودهُ الأتراكُ الهروبَ أو الاستسلام، وفضلوا أنْ يلقوا الله شهداء في سبيله، فقاتل ببسالةُ بيدٍ واحدةٍ بعد أنْ كانَ قد فقد يدهُ الأولى من قبل، وهو يجاهدُ لإنقاذ نساءِ المسلمينَ وأطفالِهِمْ.
فلمّا علِمَ الإسبانْ أنّ القائد (عُروج) هو الذي يقاتلُ بنفسهِ، بعثوا بالإمدادَاتِ العسكريةٍ منْ مدريدَ لتحاصرَ هذا البطلَ منْ كلِّ اتجاهٍ وهو يقاتلُ بيدٍ واحدةٍ وهو ينظر إليهم وقلبهُ معلق في الجنّة ليُرفع القائدُ (عُروج) نظره إلى السماء متذكرا ابتِساماتِ الأطفالِ الأندلُسيينَ ويعيدهم إلى أحضان أمهاتهم.
والصليبيون يمزقونَه فحرّك شفتيه:وهو يرددُ الشهادتين، وسقط َالقائدُ المجاهدُ لم يكتفِ الصليبيون بقتله بل مثلوا به مُدنِ أوروبا الكاثوليكية التي دقت أجراس الكنائس رأس القائد (الكابوس) الذّي كانَ يذيقهمْ ألوانَ الهوان (بربروسا).
ليس المهمُّ مَنْ يحملُ الراية، بل تكونَ مرفوعةً دائماً! ففي كل وقت يسقط بطلٌ من أبطال الأمّة، يولدُ في هذه الأُمةُ الولودُ بطلٌ جدید!
فبعد ارتقاء القائد(عُروج) برزتْ على السَّطحِ بطولاتِ القائدُ (خيرَ الدِّين بَربَرُوسَا) شقيق القائد "عُروج" والذي صمم على الثأر لدم أخيه المجاهد ـ رحمه الله ـ، فجهز سفنه إلى تونس فدمر السُفنَ الإسبانية ، وحررّ تونسَ الغزاة ثم حرر الجزائرَ، ولم يكتفِ بذلك بل قام باحتلال "جزر البليار"الإسبانيّة بعد أن دمرَ الأسطولَ الإسبانيِّ هناك.
ولما سمع البابا "بُولس الثالثْ في رُومَا بانتصارات القائدِ المُسلِم أعلن من الفاتيكان" النفير في أوروبا ، فتكوّنَ تحالف ضخم من 600 سفينة تحمل نحو ستينَ ألف جنديّ، تحت قيادة أعظم قائد بحري في القرون الوسطى وهو (أندريا دوريا) وذلك للإجهازعلّى الإسلام كليًّة في البحر المتوسط.
بينما كانت القواتُ العُثمَانية الإسلامية 122 سفينةً تحملُ إثنين وعشرين ألف جنديّ فقط، 4 من جمادى الأولى 945 م 28 من سبتمبر 1538م
التقى الأسطُولانِ فيِ معركةٍ (بروزة)، وبالرغم من تفوق الصليبيين بالعُدِّة والعتاد،إلا أنّ القائدَ (خيرَ الدِّين بَربَرُوسَا ) انتصر انتصاراً كبيراً، ودُمّرَ الاسطولُ الأوُرُوبّي كليًّا، وهرب أسطورتُهم المزيفة "أندريّا دوريّا" من المعركة التي لم تستمر أكثر من خمس ساعات، وما ذكر التاريخ شيئاً عنه بعد تلك الهزيمة المخزية !
تعليقات