طه حسين.. من الإسلام إلى الإسلام والإخوان الإجابات لا تجدها في كتاب واحد من كتبه التي تجاوزت الخمسين كتابا.. لا الشعر الجاهلي وحده ولا مرآة الإسلام وحده

 

ذكرى العميد..
طه حسين..من الإسلام إلى الإسلام
من هو طه حسين، وماذا يريد؟
، الإجابات لا تجدها في كتاب واحد من كتبه التي تجاوزت الخمسين كتابا.. لا الشعر الجاهلي وحده ولا مرآة الإسلام وحده.، لا مستقبل الثقافة في مصر ولا الشيخان لا في مقالاته قبل البعثة الفرنسية ولا في مقالاته بعدها مباشرة، ولا في مقالاته ومراجعاته قبل ثورة يوليو (1952) بقليل وبعدها، بل بمشروعه كاملا..

فهو الرجل الذي يساوي فكرهُ، وهو المشروع الذي لا يقرأ إلا بترتيبه الزمني كما كتبه صاحبه، واستدعاء سياقات الممارسات الدينية والسياسية والثقافية التي أنتجت الأفكار، هنا يصبح لطه حسين ولمشروعه دلالة ثقافية وحضارية أعمق بكثير من الدلالات الأحادية التي تشبث بها مريدوه وخصومه على حد سواء.

بدأ الشيخ طه بالتعليم الشرعي الكُتاب، حفظَ القرآن طفلا، ووعاه - على قدر ما يحتمل شبابه - شابا، وآمن به، متحمسا، بلا أسئلة كبرى، ولا قلق، سوى الرغبة في تجاوز الكبوة الحضارية. كتابات طه حسين الأولى سلفية تقليدية، بامتياز، لكنها لا تخلو من بذور القلق والحيرة والتقلب والسؤال التي ستثمر فيما بعد.

يكفيك أن تعرف أن حبيب سوزان الفرنسية المسيحية، وزوجها، كتب في بدايات حياته الفكرية يحرّم (من موقع الشيخ الأزهري) زواج المسلم بالمسيحية، ويقول إن الظرف التاريخي والحضاري اختلف، وأن الزواج من المسيحية، رغم كونه حلالا، إلا أنه في هذا الزمن (زمانه) خطر على دين الأسرة المسلمة وهويتها!
سافر طه إلى فرنسا، بيقينه الأزهري،التراثي التقليدي، وعاد بيقين جديد، أوروبي، حداثي،لا يختلف عن سابقه إلا في اتجاه بوصلته، ودون ذلك فهو اليقين التسليمي التبشيري، أما المقصد فقد كان هو المقصد: تجاوز نكبة الأمة الحضارية، وارتقائها.. سؤال طه وجيله، الذي لم يزل سؤالنا: كتب طه حسين كتابه الأزمة في الشعر الجاهلي ووضع كل ما تربى عليه على طاولة السؤال.

رفض طه حسين أن يكون القرآن مصدرا تاريخيا معتمدا، وألمح إلى حاجة الكتاب إلى التصحيح في بعض سطوره وعباراته. صدم طه حسين الرأي العام، لكنه رفض بوضوح أن يرميه أحدٌ بالكفر، أو بالانسلاخ عن الإسلام،رغم أن السياق وقتها كان يحتمل ذلك،ربما أكثر من سياقنا الأقل تسامحا الآن، إلا أن طه رفض لأنه بالفعل لم يفقد إيمانه بالكلية، إنما تمرد على أفكاره القديمة حول هذا الإيمان، لم ينكر الطريق إنما أنكر الطريقة، ولا فارق هنا بين العميد وبين الكثير من أبناء جيله، سوى أنه جهر بما يعتمل في عقله ونفسه ووجدانه.

فكّر بصوت عال،ورفض أن يعيش بين الناس بالتقية، فكانت أفكاره سببا لإنتاج المزيد من الأفكارمن حوله، وساهم في صقل نقاده بقدر ما أسهموا جميعا في إنضاجه وصقله من بعد. ولعل أقرب وصف لهذه المرحلة من حياة الشيخ طه هو ما قاله المحقق، الذي استجوبه بشأن كتابه في الشعر الجاهلي.

بعد أن أخذوه بكلامه إلى المحكمة، كما هي عادتنا الذميمة، حيث ذهب الرجل القانوني الذي كان أنضج كثيرا في صياغاته وأكثر انضباطا من مشايخ هذا الزمان؛ إلى أن طه "يتخبط"، ولم يقاضه، لأنه لم ير في ما حدث جريمة، إنما رأى أن الباحث طرح السؤال ولم يصل ببحثه إلى الجواب.
كانت مرحلة الأسئلة الصادمة العنيفة التي أتعبت صاحبها لأنه لم يجد لها جوابا، فقرر أن يتعب معه أبناء هذه الثقافة التي أنجبته وأحبها فآلمته، ولم تزل. هذه هي المرحلة التي يتوقف عندها أغلب الإسلاميين في زماننا، ليقيموا طه حسين بوصفه كافرا ملحدا، فيما يتوقف عندها أيضا، خصوم الإسلاميين، نكاية، ليقيموه بوصفه حامل مشعل التنوير الذي هو بالضرورة غير إسلامي.

والحق، أن القارئ المتمهل لهذه المرحلة من حياة صاحب الوعد الحق؛ يدرك أن صاحبها مسلم قلق الإيمان؛ لا هو كافر ولا هو لا ديني، ولا هو متغرب بالمعنى الحقيقي، إنما هو المسلم الغاضب من تخلف حضارته، المعبر عن هذا الغضب بطرق ومسالك شتى تتناقض في صياغاتها وتتفق في مقاصدها: النقد من أجل النهضة.

بعدها، بدأ طه مرحلة جديدة، على مهل - كما القهوة - يرتشف رشفة رشفة، فيكمل في طريق النقد، والخصومة مع الخرافات التي لحقت بالفكر الديني، لكنه يتجاوز القرآن الكريم، الذي يسلم بإلهية مصدره، ويراه نصا وحيدا متفردا في بابه؛ لا شيء يشبهه مما يسبقه ولا شيء يجاريه مما يليه، فلا هو شعر ولا هو نثر، بل هو المعجزة التي لا يملك "العقل" جحودها وإنكارها، والتي لا يصلح للعقل الحديث إلها، بعد أن مل هذا العقل المعجزات الحسية، ولم يعد في حاجة إليها.

يتجاوز النقد الطهوي كتاب الله إلى التاريخ، ويكتب في الإسلاميات، رافضا الكثير من مثاليات الرواية التاريخية التقليدية لصدر الإسلام، متقدما ببطء من إسلام آخر غير الذي بدأ به، وقناعات أخرى غير التي مر بها.

ولم يستقر، فمثله في حركة دائبة، كالكون،لا يتوقف،ولا يستقر،وينشغل طه بالإسلاميات كتابة ونقدا، فيتناول مؤلفات العقاد وهيكل وتوفيق الحكيم، الإسلامية، بالنقد والتحليل، كما يكتب عن التجارب والدعوات الإسلامية، في العصر الحديث، فتراه يحتفي بالوهابية في سياقها التاريخي، ويقول إنه لولا تكالب المصريين والأتراك على هذه الدعوة، لكان لها أثر فعال في توحيد كلمة العرب.

نتحدث عن طه حسين، من كتبه ومقالاته، لا من كتب نقاده من الإسلاميين،الانفعالية المتسرعة، أو مجاذيبه من أصحاب دكاكين التنوير العصابي نعم، امتدح طه حسين الحركة الوهابية وصاحبها، وسواء اتفقنا معه في نظرته التاريخية أو اختلفنا، لأننا رأينا من مآلات هذه الدعوة ما لم يره طه، فهذا ما حدث.

ليس ذلك فحسب، إنما تجاوز طه ولعه بقادة الفكر الغربي ليحدثنا عن ابن تيمية المناضل الذي أنكر عليه علماء عصره وتعقبه الساسة والحكام، ولم يثنه ذلك عن مسيره، وكأن العميد حين يرى نفسه هذه المرة لا يراها في قادة الفكر اليوناني، إنما في ابن تيمية!

وفي صوت أبي العلاء، يتحدث العميد إلى طلابه لافتا نظرهم إلى عدم الاكتفاء بالتماس الفكر النقدي عند نيتشة أو شوبنهاور، فعندهم صوت أبي العلاء يدوي قبل ميلاد الحضارة الغربية، ناقدا، صارما، وشاعرا عظيما، لاحظ:

أبو العلاء في سياقه التاريخي كان طه حسين آخر، الأعمى، رهين المحبسين، الناقد، المتشائم، القلق، الغاضب، الذي تفنن فقهاء زمانه في إساءة الظن به ورميه بالكفر، فيما اعتبره من قرأوه بعين التاريخ البعيد وليا من أولياء الله، ووضعه بعض المعاصرين، ومنهم الشيخ عبد المتعال الصعيدي، من "المجددين في الإسلام".

في المحطة الأخيرة، وقبل موته، وفي غمرة انشغالنا بحرب أكتوبر، كان الشيخ طه قد عبر خط السؤال المنيع، وكتب "مرآة الإسلام" و"الشيخان"، قناعاته الأخيرة، قبل أن يسلم الروح، وفيهما رؤيته الإسلامية الهادئة، وثمرة مخاضاته الطويلة مع الفكر والأدب والحياة، وبذلك يكون طه حسين قد بدأ بالإسلام وانتهى بالإسلام.

وما كانت رحلته إلا انتقالا من اليقين المغلق إلى الإيمان المنفتح على السؤال اقرأوه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليت أعدائي مثل حسن البنا؟ إذن لمددت لهم يدي من أول يوم
 يبقى عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين أحد أهم الأصوات الأدبية فى الوطن العربى فى القرن الماضى، فهو صاحب بصمة ثقافية واضحة، وواحد من رواد الثقافة المصرية الحديثة، جعلته أول مصرى يترشح لجائزة نوبل فى الآداب، ورغم منتجه الأدبى والنقدى والعلمى الكبير الذى تركه قبل رحيله، إلا أن ذلك لم يشفع له ذلك أمام لجنة الأكاديمية السويدية لتمنحه الجائزة الأرفع فى العالم.
ورغم شهرة عميد الأدب العربى الكبيرة عالميا، باعتباره رائدا من رواد التنوير فى الثقافة العربية، والأفريقية، وأبرز من أثروا فى تلك الثقافة، بكتاباته وأعماله الأدبية، إلا أن إعلان القائمين على جائزة نوبل بالكشف عن أسماء المرشحون للجائزة بعد مرور 50 عاما من سنة الترشح حمل مفاجآت عديدة تجاه عميد الأدب العربى، والذى وجد أنه تم ترشيحه لتلك الجائزة 14 مرة، دون أن يحصل عليها. ولعل عدم فوز شخص بقيمة عميد الأدب بمثل جائزة نوبل يفسر حالة الجدل المستمرة تجاه تلك الجائزة، خاصة فى السلام والأدب، وظهر العديد من الأدباء الذين أمهلهم العمر للفوز بها، ومنهم من لم يمهله العمر للفوز بتلك الجائزة رغم أنه رشح لها عشرات المرات من بينهم طه حسين. الترشح الأول لـ طه حسين لجائزة نوبل كان عام 1949، وهى المرة التى رشحه فيها الدكتور أحمد لطفى السيد، عقب أزمة طه حسين وتخليه عن عمادة كلية الأداب بعد رفضه منح الدكتوراه الفخرية لعدد من أصحاب المواقف السياسية المثيرة للجدل، وهو العام الذى قررت فيه اللجنة المسئولة عن الجائزة تأجيل الجائزة عاما كاملا لعدم توافر الشروط المطلوبة فى أى من المرشحين، ثم أُعلن فوز الروائى الأميركى ويليام فوكنر بالجائزة لاحقًا. ووفقا للكاتب المسرحى الكبير محمد سلماوى فى مذكراته "يوما أو بعض يوم"، فإن الدكتور طه حسين كان أقرب المرشحين للفوز فى تلك السنة، لكن يبدو أن اللجنة كانت تحاول تقديم الجائزة لفوكنر، فاضطرت لتأجيلها لعام آخر حتى يتم ترشيحه ومن ثم إعلان فوزه، أوأنها رفضت فوز طه حسين نفسه بعد علمها أو توقعها فوزه بالتصويت من قائمة المرشحين، بجانب أن هذا العام كان العام التالى لقيام دولة إسرائيل وشنها حربًا على الدول العربية قبل ذلك بعام واحد 1948، واحتياجها لطمس الهوية العربية فى العالم وعدم ذكرها. وفى العام التالى 1950 رشح البروفيسور الفرنسى برنارد جويان الدكتور طه حسين للفوز بالجائزة، وعمل الفرنسى كأستاذ للأدب الفرنسى فى جامعة مارسيليا، وكان أحد المهتمين بالمنجز العلمى لطه حسين خاصة رسالتى طه حسين عن أبى العلاء المعرى وابن خلدون، واعتبر أن طه حسين صاحب تأثير كبير فى فهم الثقافة العربية التاريخية، لكن الفوز هذه المرة كان لصالح الفيلسوف الإنجليزى بيرتراند راسل. وفى المرة الثالثة تم ترشيح طه حسين عام 1951 لجائزة نوبل عن طريق أساتذة جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا) التى كان لها حق الترشيح هذا العام، وخسر طه حسين الجائزة أمام المرشح السويدى بار لاغركفيست الذى ساعدته جنسيته السويدية كثيرًا لحسم مسألة فوزه، خاصة أن أعماله لم تترجم لأى لغة قبل فوزه بجائزة نوبل، وهو أمر كان مثار عجب كثيرين وقت إعلان فوزه. وفى عام 1952 كان طه حسين على موعد لترشيح رابع من قبل المستشرق السويدى كارل زترستين الذى ترجم القرآن للسويدية، وكان له اهتمام كبير بتاريخ الفلسفة الإسلامية، وكان يقدر أعمال طه حسين كثيرا فى هذا الجانب، لكنه تم حسم الجائزة لصالح الفرنسى فرنسوا مورياك، والذى كان وقتها مسار سخرية كبيرة، لكونه لم يكن من أعلام الأدب أو الفلسفة فى وقته، ولم يكن له من إنجاز حقيقى يذكر!. توقف الترشح لـ طه حسين للحصول على جائزة نوبل لمدة 8 سنوات، حتى تم ترشيحه للمرة الخامسة عام 1961 من قبل السويدى جديد هو هيدبرج، وهو الشخص ذاته الذى رشح طه حسين مرتين أخريين أعوام 1961 و1962، إلا أنه فى عام 1961 كانت المرة الاولى التى يحوز فيها طه حسين على ثلاث ترشيحات فى عام واحد من قبل السويدى هيدبرج الذى رشحه فى العام السابق، ومحمد خلف الله، أستاذ اللغة العربية بجامعة الإسكندرية، وهنريك صاموئيل نايبرج، الأكاديمى السويدى أحد أعضاء أكاديمية العلوم الملكية السويدية المسئولة عن اختيار الجائزة، إلا أنه ورغم تلك الترشيحات وارتفاع حظوظه لم يفز بالجائزة فى هذا العام وذهبت للصربى إيفو أندريتش الذى تخلى عن جنسيته البوسنية لصالح الصربية إبان الحرب بين الدولتين. فى عام 1963 على يد المستشرق الفرنسى شارل بلا الذى كان واحدًا من المهتمين بالفلسفة الإسلامية، وخاصة الجاحظ، وكتب عنه عدة مؤلفات،وكان متقنًا للغة العربية، وعيِن أستاذًا للدراسات الشرقية فى جامعة باريس، وكان هذا الترشيح الحادى عشر لـ طه حين، لكن الجائزة كانت من نصيب الشاعر اليونانى الشهير جيورجيوس سفريادس الذى عرف باسمه المستعار جيورجوس سفريس. وفى عام 1963من جديد للفوز بجائزة نوبل للأدب، والذى تم ترشيحه على يد البروفيسور السويسرى سيزار دوبلير، أستاذ اللغات الشرقية بجامعة زيورخ السويسرية، والمستشرق الفرنسى ريجى بلاشير الذى ترجم القرآن للفرنسية وكانت له اهتمامات واسعة بالفلسفة والشعر الإسلامى، لكن الجائزة فاز بها الفرنسى جون بول سارتر الذى رفض استلامها وقال، إنه يرفض أن يتحول لمؤسسه وإن الجائزة قد تعيقه عن استكمال عمله. الترشح الرابع عشر والأخير لعميد الأدب العربى للفوز بجائزة نوبل كان عام 1964 كان الترشح الأخير لطه حسين، كان على يد المستشرق الفرنسى شارل بلا للمرة الثانية، لكن الجائزة فاز بها السوفيتى ميخائيل شولوخوف الذى واجهته كثير من الصعوبات والجدل، خاصة حقيقة كتابته لروايته الشهيرة "الدون الهادئ" التى صاحبها الجدل حتى بعد وفاته بسبب ادعاء الكثيرين ملكيتهم الأصلية للنص لكن العديد من الدراسات والأبحاث زعمت بعد ذلك أنه من كتب الرواية بمقارنة باقى رواياته وأسلوبه، معها.

لا يزال طه حسين، وقد مرّت على رحيله قرابة نصف قرن، علامة بارزة في الثقافة العربية بعدد غير قليل من قطاعاتها: الفكر والأدب والتاريخ والدين والسيرة الذاتية. يُجدّد "العربي الجديد" احتفاءً لم ينقطع بـ"عميد الأدب العربي"، وله أسباب كثيرة كي لا ينقطع.

كان طه حسين حاضراً في سجالات عصره الكبرى، أبرزها معركة التحديث التي خاضها كمؤلف ثمّ كرجل دولة، وكان له رأي في مسألة علاقتنا، نحن المعاصرين العرب، بالتراث، وكان يدعو في هذا السياق إلى أخذ مسافة نقدية، وهو ما تجلّى في كتابه الشهير "في الشعر الجاهلي".

هذه السجالات كانت مثل محطّات في مسيرة شاقة عاشها الكاتب المصري، وهو في كتابه "الأيام" قد أبرز أن المشقات التي عاشها لم تبدأ حين دخوله معترك الحياة العامة، بل منذ الطفولة الأولى، ولعل المقولة الرئيسية لهذا الكتاب هي انتصار طه حسين على "الظلام"، في أكثر من مناسبة، بدءاً من ظلام العين إلى ظلام العقل.

هناك مستوى آخر، لعله غير مرئي كفاية، في الثقافة العربية المعاصرة، وهو أن خياراته المنهجية، وأبرزها النزعة الديكارتية العقلانية، باتت الإطار الذي تتحرّك فيه معظم البيئة الأكاديمية العربية بعده في المجالات التي تحرّك ضمنها مثل الدرس التاريخي أو النقد الأدبي. 

أخيراً، لا يزال نص طه حسين، مهما كان موضوعه، يحافظ على شبابه ورونقه بلغة صافية وبريئة قائمة على إيجاز الفكرة في العبارة الأكثر دقة وجمالاً في آن واحد، ولعل ذلك سبب آخر من أسباب تجديد ذكرى طه حسين بيننا باستمرار. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموت القليل!
وفي 15 نوفمبر من عام 1889م، أي منذ (132 عاما) ولد عميد الأدب العربي، طه حسين.
تعرفت على الدكتور طه حسين عن قرب في السنوات الأخيرة، من خلال كتبه ورواياته وترجماته التي جاوزت الخمسين مؤلفا.
وفي ذكراه هذه، لا أريد أن أتحدث عن العميد، فالحديث عنه ليس بمقدوري - الآن - إطلاقا.. إنما أنا هنا أنقل (موقفا) واحدا سريعا من مواقفه.
ففي عام 1964م، و حين كان يتحدث (العميد) إلى منزل صديقه العبقري (عباس العقاد)؛ أخبروه بوفاته، حينها تأثر (العميد) وحزن، وكتب مقالا لجريدة الجمهورية ينعى فيه (العبقري) .. ثم اختلى في حجرته بمفرده، غير أن زوجته (سوزان) اقتحمت عليه تلك الخلوة، وتساءلت عن السبب، فقال لها حزينا:
"نموت قليلا عندما يغادرنا في هذه الدنيا الأهل والأصدقاء. لقد كنتُ بالأمس أذكر الأعضاء العشرة الذين دخلت معهم المجمع عام 1940، لقد ودعنا الآن لطفي، وهيكل،وعبدالعزيز فهمي،ومصطفى عبدالرازق، كما ودعنا؛عليإبراهيم، والمراغي، وعبدالقادر حمزة، وأحمد أمين، والآن العقاد، ولم يبقَ على قيد الحياة من الزملاء العشرة سواي"

#حسين_دقيل

(رحم الله الجميع)



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار مع الشيخ : عثمان حاج مصطفى

أسامة خليفة ..إنتاج فيلم الطفل انطلاقا من قيمناِ لاء للإنتاج الفني، تقف على خط المواجهة، وبصدق نقول هذا، فقد كانت المبادرة إلى هذا العالم الرحب في وقت كان هَمّ الآخرين أن يقوموا بدبلجة ما يقدم، نريد من يؤمن بالفكرة

موسى ابن نصير قائد عسكري عربي في عصر الدولة الأموية. شارك موسى في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان